للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَاحِيَةٍ عَلَى عُرْفِهَا الْغَالِبِ.

ثُمَّ قَالَا: وَهَذَا الْخِلَافُ إذَا عَلِمَ الْمُتَعَاقِدَانِ الْعُرْفَ الْمَحْمُولَ عَلَيْهِ، فَإِنْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا، وَجَبَ التَّفْصِيلُ قَطْعًا انْتَهَى وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ: وَإِنْ قَالَ: خُذْهَا وَتَعَهَّدْهَا عَلَى كَذَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِتَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ، وَإِنْ قَالَ: عَامَلْتُك عَلَيْهَا بِكَذَا فَفِي التَّفْصِيلِ تَرَدُّدٌ (وَذِي) أَيْ: الْمُسَاقَاةُ (لَازِمَةٌ) فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخُهَا كَالْإِجَارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ الْعَمَلَ فِيهِمَا فِي أَعْيَانٍ تَبْقَى بِحَالِهَا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ لَا تَبْقَى أَعْيَانُهُ بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَشْبَهَ الْوَكَالَةَ (وَيَعْمَلُ مُكَرَّرًا وَكُلَّ مَا احْتَاجَ الثَّمَرْ لَهُ) أَيْ: وَيَعْمَلُ وُجُوبًا الْعَامِلُ مَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الثَّمَرُ لِتَنْمِيَتِهِ وَصَلَاحِهِ (كَحِفْظٍ وَجِدَادٍ) لَهُ أَيْ: قَطْعِهِ، وَكَتَجْفِيفِهِ وَسَقْيِهِ، وَإِدَارَةِ الدُّولَابِ وَإِصْلَاحِ الْحُفَرِ الَّتِي يَقِفُ فِيهَا الْمَاءُ حَوْلَ الشَّجَرِ، وَتَنْحِيَةِ حَشِيشٍ وَقُضْبَانٍ مُضِرَّةٍ بِالشَّجَرِ وَتَنْقِيَةِ الْأَنْهَارِ، وَالْآبَارِ، وَسَدِّ رَأْسِ السَّاقِيَّةِ وَفَتْحِهَا وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ وَتَكْرِيمِهَا وَتَقْوِيَتِهَا بِالزِّبْلِ وَتَلْقِيحِ النَّخْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حِفْظٌ لِلثَّمَرِ فَيَلْزَمُهُ كَمَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ حِفْظُ مَالِ الْقِرَاضِ (لَا) كَحَفْرِ (نَهَرْ) وَبِئْرٍ وَإِصْلَاحِ مَا انْهَارَ مِنْهُمَا وَبِنَاءِ الْحِيطَانِ وَنَصْبِ الْأَبْوَابِ، وَالدُّولَابِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ حِفْظُ الْأَصْلِ وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ فَلَا تَلْزَمُ الْعَامِلَ؛ إذْ فِي تَكْلِيفِهِ إيَّاهَا إجْحَافٌ بِهِ فَهِيَ عَلَى الْمَالِكِ وَعَلَيْهِ الْأَعْيَانُ كَالطَّلْعِ الَّذِي يُلَقَّحُ بِهِ.

وَلَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ غَيْرُ الْعَمَلِ، فَلَوْ شَرَطَ مَا عَلَيْهِ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ بِالْعَكْسِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَوْ فَعَلَ الْعَامِلُ مَا عَلَى الْمَالِكِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، أَوْ بِإِذْنِهِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ، وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ لَا يَقْتَضِي الْأُجْرَةَ فَالْمُتَّجَهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ: اغْسِلْ ثَوْبِي، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَابِعٌ لِعَمَلٍ تَجِبُ فِيهِ الْأُجْرَةُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: اغْسِلْ ثَوْبِي وَقَوْلِهِ: لَا نَهْرٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَسَهْمُهُ) أَيْ: الْعَامِلِ مِنْ الثِّمَارِ (يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ) إنْ عُقِدَتْ الْمُسَاقَاةُ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَيَمْلِكُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَإِنَّمَا الْمَجْهُولُ النَّوْعُ وَالصِّفَةُ وَفِي تِلْكَ الْقَدْرِ مَجْهُولٌ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ ثَمَرَةِ النَّوْعَيْنِ فِي الْقَدْرِ فَيَكُونُ قَدْرُ مَالَهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْكُلِّ مَجْهُولًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى تَقْدِيرٍ نِصْفُ الْأَكْثَرِ وَثُلُثُ الْأَقَلِّ وَعَلَى تَقْدِيرٍ بِالْعَكْسِ، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ مِنْ الثَّانِي. اهـ. وَأَقُولُ فِي قَوْلِهِ: وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ مِنْ الثَّانِي فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ؛ إذْ قَدْ تَكُونُ ثَمَرَةُ الْأَقَلِّ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَرَةِ الْأَكْثَرِ بِحَيْثُ يَكُونُ نِصْفُ الْأَقَلِّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْأَكْثَرِ بَلْ مِنْ جَمِيعِ الْأَكْثَرِ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَعْرِفَةُ قَدْرِ نَفْسِ الْأَشْجَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لِإِثْمَارِهَا، وَإِلَّا فَلَا نَظَرَ. (قَوْلُهُ: إذَا عَلِمَ الْمُتَعَاقِدَانِ الْعُرْفَ الْمَحْمُولَ عَلَيْهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ بَعْضَ مَا قَطَعُوا، أَوْ صَحَّحُوا أَنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ فِي الْعُرْفِ مُطْلَقًا أَوْ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ إلَّا إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ عَرَفَا الْعُرْفَ وَكَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ) هَلْ يَشْكُلُ بِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ لِلْخِدْمَةِ وَلِبَيْعِ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدِ وَأَنْ يَشْتَرِيَ كَذَا مِنْ الدَّوَابِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ بَطَلَ الْعَقْدُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: إلَّا لِشَرْطِ السَّقْيِ عَلَى الْمَالِكِ فَيَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ؛ إذْ تَجَوُّزُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْبَعْلِيِّ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا تَابِعٌ إلَخْ) هَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِنْ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ؛ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَقُلْنَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ) سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ عَنْ شَخْصٍ سَاقَى آخَرَ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً، ثُمَّ سَقَطَ مِنْ نَوَى الْمُسَاقَى عَلَيْهِ شَيْءٌ وَنَبَتَ فَهَلْ تَكُونُ ثَمَرَتُهُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا أَمْ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ؛ إذْ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ كَوْنِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ مَرْئِيًّا مُعَيَّنًا مَغْرُوسًا. اهـ. وَكَانَ مُرَادُهُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْعَامِلَ لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ ثَمَرَةِ مَا نَبَتَ مِنْ النَّوَى السَّاقِطِ لَكَانَ بِسَبَبِ الْمُسَاقَاةِ فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ مُسَاقَاةِ هَذَا النَّابِتِ قَبْلَ غَرْسِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الرَّافِعِيُّ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: الْفَرْقُ أَنَّ قَدْرَ حَقِّهِ فِي هَذِهِ مَعْلُومٌ بِالْجُزْئِيَّةِ وَإِنَّمَا الْمَجْهُولُ النَّوْعُ، وَالصِّفَةُ وَفِي تِلْكَ الْقَدْرُ مَجْهُولٌ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ ثَمَرَةِ النَّوْعَيْنِ فِي الْقَدْرِ فَيَكُونُ قَدْرُ مَالَهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْكُلِّ مَجْهُولًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى تَقْدِيرٍ نِصْفُ الْأَكْثَرِ وَثُلُثُ الْأَقَلِّ وَعَلَى تَقْدِيرٍ بِالْعَكْسِ، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ مِنْ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ الْوَكَالَةَ) أَيْ: فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ مَثَلًا وَإِنْ شَمَلَتْ الْوَكَالَةُ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي غَسْلِ ثَوْبِهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: مَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ) أَيْ: فِعْلُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ كَالْفَأْسِ، وَالْمِنْجَلِ فَعَلَى الْمَالِكِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: رَأْسِ السَّاقِيَّةِ) أَيْ: الْقَنَاةِ. اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ: مَا عَلَيْهِ) أَيْ: بِالنَّصِّ، أَوْ الْعُرْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>