بِالْعَقْدِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الثِّمَارَ لَيْسَتْ وِقَايَةً لِلْأَشْجَارِ بِخِلَافِ الرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ فَلَا يَمْلِكُ الْعَامِلُ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يَسْلَمَ الْأَصْلُ مِنْ الْخُسْرِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي الْجَرِيدِ، وَاللِّيفِ، وَالْكِرْنَافِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْبَابِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّهُ أَنَّ الشَّمَارِيخَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ.
وَفِي دُخُولِ الْعُرْجُونِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ: أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ لِلْمَالِكِ (وَاتْبَعْ) أَنْتَ (لِرَدْمِ) أَيْ: سَدِّ (مَوْضِعٍ يَسِيرِ) مِنْ جِدَارِ الْحَدِيقَةِ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ الْعَامِلِ (عُرْفًا) وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَصَحَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَقَالَ: إنَّهُ نَصُّ الْأُمِّ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ تُتُبِّعَ فَوُجِدَ اطِّرَادُ ذَلِكَ فِيهِ عَلَى الْمَالِكِ. وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُتَّبَعُ فِي وَضْعِ الشَّوْكِ عَلَى رُءُوس الْجُدَرَانِ الْعُرْفَ أَيْضًا
. (وَيَسْتَقْرِضُ لَوْ ذَا هَارِبُ قَاضٍ عَلَيْهِ وَاكْتَرَى) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى لُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَلِهَذَا فَرَّعَهُ الْحَاوِي، وَغَيْرُهُ بِالْفَاءِ أَيْ: إذَا ثَبَتَ لُزُومُهَا، فَلَوْ هَرَبَ ذَا أَيْ: الْعَامِلُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ الْمَالِكُ، أَوْ غَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي، فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مُسَاقَاتُهُ اكْتَرَى مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الثَّمَرَةِ وَإِلَّا بَاعَ نَصِيبَهُ، أَوْ بَعْضَهُ بِقَدْرِ مَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ وَاكْتَرَى بِهِ إنْ كَانَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَإِلَّا اقْتَرَضَ مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَعْمَلُ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ مُدَّةَ إدْرَاكِ الثَّمَرَةِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِ نَصِيبِهِ وَحْدَهُ لِلْحَاجَةِ إلَى شَرْطِ قَطْعِهِ وَتَعَذُّرِهِ فِي الشَّائِعِ وَاكْتَرَى بِمَا اقْتَرَضَهُ وَيَقْضِيهِ الْعَامِلُ إذَا رَجَعَ، أَوْ الْقَاضِي مِنْ نَصِيبِهِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَلَوْ لَمْ يَقْتَرِضْ لَكِنْ أَذِنَ لِلْمَالِكِ فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ فَوَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: أَصَحُّهُمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي هَرَبِ الْجَمَّالِ الْجَوَازُ كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ مِنْهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَ غَيْرَهُ بِالْإِنْفَاقِ.
وَقَوْلُهُمْ: اكْتَرَى عَنْهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ عَنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَالْهَرَبِ فِيمَا ذُكِرَ: الْمَرَضُ وَنَحْوُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَكْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ وَارِدَةً عَلَى الْعَيْنِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْتَرِي لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ الْفَسْخِ، أَوْ يُقَالُ: الْفَسْخُ حَقُّهُ وَطَلَبُ الْعَمَلِ حَقُّهُ، فَإِذَا لَمْ يَفْسَخْ يَكْتَرِي الْحَاكِمُ وَيَتَعَيَّنُ هَذَا فِي الْحَاضِرِ الْمُمْتَنِعِ انْتَهَى وَبِعَدَمِ الِاكْتِرَاءِ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُعِينِ الْيَمَنِيُّ وَالنَّشَائِيُّ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (فَالصَّاحِبُ) أَيْ: فَإِنْ تَعَذَّرَ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي
ــ
[حاشية العبادي]
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَمَّا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً كَانَ النَّوَى مُشْتَرَكًا فَيَكُونُ مَا سَقَطَ مِنْهُ مُشْتَرَكًا وَيَلْزَمُ أَنَّ مَا نَبَتَ مِنْهُ وَثَمَرَتَهُ مُشْتَرَكَانِ؛ لِاسْتِحْقَاقِهِ فِي هَذَا الثَّمَرَةَ لِكَوْنِهَا ثَمَرَةَ مِلْكِهِ لَا لِكَوْنِهَا ثَمَرَةَ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي الْجَرِيدِ إلَخْ) فَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْأَوَّلُ وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَوْجَهُ الثَّانِي، وَفَسَادُ الْعَقْدِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ وَهُوَ شَرْطُ مَا لِأَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الشَّمَارِيخَ مُشْتَرَكَةٌ) وَكَذَا الْقِنْوُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَالْقِنْوُ وَشَمَارِيخُهُ بَيْنَهُمَا. اهـ. وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِنْوِ الْعُقْدَةُ الَّتِي أَصْلُ الشَّمَارِيخِ عَلَيْهَا وَبِالْعُرْجُونِ الْمُسْتَطِيلِ بَعْدَهَا
(قَوْلُهُ: وَتَعَذُّرِهِ فِي الشَّائِعِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ. (قَوْلُهُ: وَبِعَدَمِ الِاكْتِرَاءِ إلَخْ) هَذَا لِكَوْنِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَنْعِ الْمُسَاقَاةِ عَنْهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُسَاقَاتُهُ عَلَى الذِّمَّةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَإِذَا لَمْ يُسَاقِ عَنْهُ إذَا كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ فَكَذَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْعَيْنِ بَلْ أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: جَزَمَ صَاحِبُ الْمُعَيَّنِ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي، أَوْ لَمْ يَجِدْ إلَخْ) قَدْ يَشْكُلُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ هَذِهِ الرُّتْبَةَ مُؤَخَّرَةٌ عَمَّا قَبْلَهَا بِدَلِيلِ التَّعْبِيرِ بِالْفَاءِ وَقَدْ أَدْخَلَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الرُّتْبَةِ إنْفَاقَ الْمَالِكِ مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ أَدْخَلَ فِي الْمَرْتَبَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ إجَابَةِ الْغَيْرِ لَكِنْ فِي ش الرَّوْضِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهَا لَا تَجِبُ؛ لِمَا فِي قَبُولِهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ تَبَرَّعَ غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ بِأَدَاءِ ثَمَنِ السِّلْعَةِ مِنْ عَيْنِ أَمْوَالِهِمْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْقَبُولُ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي رَدِّ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ ع ش تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ إجَابَةِ الْمُتَبَرِّعِ عَلَى الْمَالِكِ وَاسْتَظْهَرَهُ ع ش بِشَرْطِ كَوْنِهِ أَمِينًا عَارِفًا
(قَوْلُهُ: فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مُسَاقَاتُهُ) أَيْ وَهَرَبُهُ وَتَعَذَّرَ إحْضَارُهُ اهـ ش م ر. (قَوْلُهُ: اكْتَرَى إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَ مَرْتَبَتَيْنِ قَبْلَ الِاكْتِرَاءِ بَلْ ثَلَاثًا بِالتَّبَرُّعِ السَّابِقِ. (قَوْلُهُ: فِي الْإِنْفَاقِ) أَيْ: الِاسْتِئْجَارِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: الْجَوَازُ) قَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِمَا، إذَا قَدَّرَ لَهُ الْحَاكِمُ الْأُجْرَةَ وَعَيَّنَ الْأَجِيرَ كَذَا فِي شَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ لمر وَحَجَرٍ قَالَ ع ش: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. وَكَأَنَّ تَقْيِيدَ السُّبْكِيّ جَمَعَ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْتَرِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ إلَخْ) لِفَوَاتِ الْعَيْنِ الْوَارِدَةِ عَلَيْهَا الْمُسَاقَاةُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: وَتَتَعَيَّنُ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ.
(قَوْلُهُ: النَّشَائِيُّ) بِكَسْرِ النُّونِ نِسْبَةً لِعَمَلِ النَّشَا. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: أَيْ فَإِنْ تَعَذَّرَ إلَخْ) لَمَّا كَانَ انْتِفَاءُ اسْتِقْرَاضِ الْقَاضِي الَّذِي مَرَّ إمَّا بِتَعَذُّرِ مُرَاجَعَتِهِ وَإِمَّا بِعَدَمِ وُجْدَانِ مَنْ يُقْرِضُ