للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُ فَصَاحِبُ الشَّجَرِ (يُنْفِقُ) عَلَى الْعَمَلِ (مُشْهِدًا) عَلَى إنْفَاقِهِ إذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ بِمَا أَنْفَقَ وَيُصَرِّحُ فِي الْإِشْهَادِ بِالرُّجُوعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَنْفَقَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مُرَاجَعَةِ الْقَاضِي وَلَمْ يُرَاجِعْهُ، أَوْ مَعَ عَجْزِهِ عَنْهَا وَلَمْ يُشْهِدْ كَمَا ذَكَرَ (جُعِلَا) أَيْ: إنْفَاقَهُ (تَبَرُّعًا) عَنْ الْعَامِلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا صَارَ حَاكِمًا لِنَفْسِهِ عَلَى غَيْرِهِ.

وَلَوْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَيْضًا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ النَّاظِمِ كَأَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ، وَكَإِنْفَاقِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَمَلُهُ بِنَفْسِهِ فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهِ وَعَلَى إرَادَتِهِ الرُّجُوعَ بِالْأُجْرَةِ، إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ (كَأَجْنَبِيٍّ عَمِلَا) عَنْ الْعَامِلِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ تَبَرُّعٌ مِنْهُ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَعَطَفَ عَلَى يُنْفِقُ قَوْلَهُ: (أَوْ يَفْسَخُ الْعَقْدَ) أَيْ: إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي، أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُ، فَإِنْ شَاءَ الْمَالِكُ أَنْفَقَ عَلَى مَا مَرَّ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ، إنْ لَمْ تَظْهَرْ الثَّمَرَةُ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَإِبَاقِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا، فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهَا بِيعَ نَصِيبُ الْعَامِلِ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ بِقَدْرِ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ مَنْ يَعْمَلُ، وَإِلَّا تَعَذَّرَ بَيْعُ نَصِيبِهِ وَحْدَهُ كَمَا مَرَّ فَإِمَّا أَنْ يَبِيعَ الْمَالِكُ مَعَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْكُلِّ، أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَالِكُ نَصِيبَهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ وَقَفَ

ــ

[حاشية العبادي]

الَّتِي قَبْلَهَا الِاقْتِرَاضَ مِنْ الْمَالِكِ، وَالْإِذْنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا: أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ، مَعَ أَنَّ فَرْضَ إنْفَاقِ الْمَالِكِ يَقْتَضِي وُجُودَ مَنْ يُقْرِضُ الْقَاضِيَ وَهُوَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ إنْفَاقُهُ أَمْكَنَ إقْرَاضُهُ، وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ لَمْ يَجِدْ إلَخْ تَقْدِيرُهُ، أَوْ لَمْ تَتَعَذَّرْ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي، لَكِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ وُجُودَ الْقَاضِي وَمَعَ وُجُودِهِ لَا يَكْفِي فِي رُجُوعِ الْمَالِكِ، إذَا أَنْفَقَ الْإِشْهَادُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْذَانِ الْقَاضِي فَكَيْفَ يَصِحُّ مَعَ فَرْضِ وُجُودِ الْقَاضِي؟ قَوْلُهُ: يُنْفِقُ مُشْهِدًا الْمُقْتَضِي لِلِاكْتِفَاءِ فِي الرُّجُوعِ بِالْإِشْهَادِ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِأَنْ فَقَدَهُ فِي النَّاحِيَةِ، أَوْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، أَوْ حَاضِرًا وَلَمْ يُجِبْهُ، أَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلْيُشْهِدْ) أَيْ: إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا) قَضِيَّةُ الْإِطْلَاقِ، وَالتَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ، أَوْ عَلَى الذِّمَّةِ وَأَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَرِيكًا قَبْلَ ظُهُورِهَا، لَكِنْ فِي الْخَاتِمَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهَا بِيعَ نَصِيبُ الْعَامِلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ عِبَارَتِهِ تَرَتُّبُ هَذَا عَلَى عَدَمِ وُجُودِ مَنْ يُقْرِضُ أَيْضًا فَإِنَّ هَذَا مُقَابِلٌ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ تَظْهَرْ الثَّمَرَةُ الْمَشْرُوطُ بِتَعَذُّرِ الْقَاضِي، أَوْ عَدَمِ وُجُودِ مَنْ يُقْرِضُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ نَصِيبِهِ مُؤَخَّرٌ عَنْ الِاقْتِرَاضِ وَقَدْ جَعَلَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَيَسْتَقْرِضُ لَوْ ذَا هَارِبٌ إلَخْ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَخْفَى عِنْدَ التَّأَمُّلِ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الِاضْطِرَابِ السَّالِمِ مِنْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَعَ إحْسَانِ التَّأَمُّلِ فَتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: إنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا تَعَذَّرَ بَيْعُ نَصِيبِهِ وَحْدَهُ أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَشْتَرِي الْمَالِكُ نَصِيبَهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: لِأَنَّ لِصَاحِبِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي ذَكَرَ الشَّارِحُ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْإِنْفَاقُ مُشْهِدًا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي؛ وَلِذَا أَدْخَلَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا إذَا وَجَدَ الْقَاضِي، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُ فِيمَا بَعْدُ إلَّا بِقَوْلِهِ: فَإِنْ أَنْفَقَ مَعَ قُدْرَتِهِ فَانْدَفَعَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُ) وَلَا يَلْزَمُ وُجْدَانُ مَنْ يُقْرِضُ؛ لِإِمْكَانِ أَنْ يَرْضَى بِالْإِنْفَاقِ دُونَ الْإِقْرَاضِ لِغَرَضٍ فَانْدَفَعَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَيْضًا) أَيْ: ظَاهِرًا، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الصُّوَرِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ الرُّجُوعِ كَذَا اسْتَظْهَرَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ الْمَالِكُ أَنْفَقَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْإِنْفَاقِ، وَالْفَسْخِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ هَكَذَا، فَلَوْ تَعَذَّرَ الِاسْتِقْرَاضُ وَغَيْرُهُ مِنْ الِاكْتِرَاءِ، وَالْإِنْفَاقِ، وَالْعَمَلِ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ فَلَهُ الْفَسْخُ وَعِبَارَةُ شَرْحَيْ م ر وَحَجَرٍ لِلْمِنْهَاجِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعَمَلِ، وَالْإِنْفَاقِ وَلَمْ تَظْهَرْ الثَّمَرَةُ فَلَهُ الْفَسْخُ. اهـ. قَالَ الْمُحَشِّي عَلَى التُّحْفَةِ: قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعَمَلِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي امْتِنَاعِ الْفَسْخِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الْعَيْنِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّبْكِيّ، وَمَنْ مَعَهُ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَعِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>