للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ (بِأَجْرِ) أَيْ: يَفْسَخُ مَعَ بَذْلِهِ لِلْعَامِلِ أَجْرَ (مِثْلِهِ) لِمَا عَمِلَهُ قَبْلَ هَرَبِهِ، أَوْ نَحْوِهِ (كَالشَّجَرِ) الَّذِي (اُسْتُحِقَّ) ثَمَرُهُ فَإِنَّ عَلَى الْمُسَاقِي لِلْعَامِلِ أُجْرَةَ عَمَلِهِ كَمَا لَوْ غَصَبَ نُقْرَةً وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ وَهَذَا (عِنْدَ جَهْلِهِ) بِالِاسْتِحْقَاقِ.

أَمَّا عِنْدَ عَمَلِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ عَنْ الْعَامِلِ أَبْدَا) أَيْ: أَظْهَرَ (ثَالِثُ تَبَرُّعًا) أَيْ: لِلْمَالِكِ الْفَسْخُ، وَإِنْ تَبَرَّعَ ثَالِثٌ عَنْ الْعَامِلِ بِالْعَمَلِ فَقَدْ لَا يَرْضَى بِدُخُولِهِ مِلْكَهُ نَعَمْ لَوْ أَتَمَّ الْعَمَلَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَالِكُ، أَوْ عَلِمَ وَرَضِيَ بِهِ فَلَا فَسْخَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَذَا قَالُوهُ، وَلَوْ قِيلَ: وُجُودُ مُتَبَرِّعٍ كَوُجُودِ مُقْرِضٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ الْفَسْخُ لَكَانَ قَرِيبًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ مَا قَالُوهُ لِمَا فِي قَبُولِهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ بِأَدَاءِ ثَمَنِ السِّلْعَةِ مِنْ عَيْنِ أَمْوَالِهِمْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْقَبُولُ انْتَهَى. وَأَيْضًا لَا يَلْزَمُ مِنْ ائْتِمَانِ مَنْ اكْتَرَاهُ الْقَاضِي بِنَظَرِهِ التَّامِّ ائْتِمَانُ الْمُتَبَرِّعِ وَكَالتَّبَرُّعِ بِالْعَمَلِ التَّبَرُّعُ بِمُؤْنَتِهِ وَكَلَامُ النَّظْمِ شَامِلٌ لَهُ.

(وَإِنْ يَمُتْ) أَيْ: الْعَامِلُ (فَالْوَارِثُ) لَهُ (أَتَمَّ) الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ، أَوْ نَائِبِهِ وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ أَمِينًا مُهْتَدِيًا إلَى أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ (بَلْ لَا جَبْرَ) أَيْ: وَلَا يُجْبَرُ الْوَارِثُ عَلَى إتْمَامِ الْعَمَلِ (مَهْمَا لَمْ تَكُنْ) لِمُوَرِّثِهِ (تَرِكَةٌ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ خَالِصُ حَقِّهِ وَلَا يَسْتَقْرِضُ الْقَاضِي عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ لِمُوَرِّثِهِ تَرِكَةٌ أُجْبِرَ عَلَى الْعَمَلِ، فَإِنْ امْتَنَعَ اكْتَرَى الْقَاضِي، هَذَا إذَا وَرَدَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى عَيْنِهِ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَوْ لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ، أَوْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ بِآفَةٍ، أَوْ غَصْبٍ فَعَلَى الْعَامِلِ إتْمَامُ الْعَمَلِ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ كَتَنْضِيضِ مَالِ الْقِرَاضِ، وَلَوْ انْقَطَعَ مَاءُ الْبُسْتَانِ وَأَمْكَنَ رَدُّهُ لَمْ يُكَلَّفْ الْمَالِكُ بِالسَّعْيِ فِي رَدِّهِ كَمَا لَا يُكَلَّفُ الشَّرِيكُ بِالْعِمَارَةِ وَلَا الْمُؤَجِّرُ بِعِمَارَةِ مَا أَجَرَ وَيُخَيَّرُ الْعَامِلُ فِي الْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ الثِّمَارُ بِآفَةٍ (وَهُوَ) أَيْ: الْعَامِلُ (أَمِينٌ) فَيُصَدَّقُ فِي رَدِّ الثِّمَارِ وَتَلَفِهَا وَلَا يَضْمَنُ بِلَا تَقْصِيرٍ وَأَمَّا تَصْدِيقُهُ فِي نَفْيِ الْخِيَانَةِ فَلَيْسَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، بَلْ كُلُّ مُدَّعًى عَلَيْهِ كَذَلِكَ (وَإِنْ يَخُنْ) أَيْ: وَإِنْ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ (يَسْتَأْجِرْ الْقَاضِي عَلَيْهِ مُشْرِفَا) يُشْرِفُ عَلَيْهِ (بَلْ) يُزِيلُ يَدَهُ وَيَسْتَأْجِرُ

ــ

[حاشية العبادي]

الشَّجَرِ أَنْ يَشْتَرِيَ الثَّمَرَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي بَابِهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ إلَخْ. اهـ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ شِرَاءُ الْمَالِكِ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ فَقْدُ الْقَاضِي وَهَرَبُ الْعَامِلِ قُلْت: يُتَصَوَّرُ وُجُودُ وَكِيلٍ عَامٍّ، أَوْ خَاصٍّ لِلْعَامِلِ، أَوْ وَلِيٍّ لِعُرُوضِ نَحْوِ جُنُونِ الْعَامِلِ وَقَدْ أَشْكَلَ تَصْوِيرُ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ الطَّلَبَةِ وَتَوَهَّمَ أَنَّ الْمَالِكَ يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي صُدُورُهُ عَنْ عَاقِلٍ فَتَأَمَّلْ. وَكَذَا يُقَالُ فِي تَصْوِيرِ بَيْعِ الْمَالِكِ مَعَهُ وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى فَرْضِ ذَلِكَ مَعَ تَعَذُّرِ الْقَاضِي، وَإِلَّا فَلَا فَلْيُحَرَّرْ الْمُرَادُ. (قَوْلُهُ: الْأَمْرَ إلَى الصُّلْحِ) قَالَ الْبَغَوِيّ: أَوْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَفِي الْوَقْفِ إلَى الِاصْطِلَاحِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مُجْبَرٌ عَلَى الْعَمَلِ بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: أَجْرَ مِثْلِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يُقَالُ بِتَوْزِيعِ الثِّمَارِ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ جَمِيعِ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى يَقْتَضِيَ الْعَقْدُ التَّوْزِيعَ فِيهَا. اهـ. وَهَذَا التَّوْجِيهُ لَا يَأْتِي، إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَتَمَّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: لَكِنْ لَوْ عَمِلَ نِيَابَةً بِغَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ وَحَصَلَتْ الثَّمَرَةُ سَلَّمَ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّطَوُّعَ عَلَى الْعَامِلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْجَعَالَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. اهـ. وَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ لَا أَجِيرٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمِنَّةِ) قَدْ يُقَالُ الْمِنَّةُ عَلَى الْعَامِلِ لَا الْمَالِكِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ، إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الْمُسَاقَاةِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، أَوْ الْجِدَادِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا التَّجْفِيفُ وَنَحْوُهُ فَلَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَتَلِفَ الثَّمَرُ فَكَتَلَفِهِ بِآفَةٍ. اهـ. ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ إتْمَامُ الْعَمَلِ، لَكِنْ هَلْ يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُ مَا أَخَّرَ لِلسَّقْيِ، إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ؟ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَتَلَفُ الثَّمَرِ بِهِ أَيْ: بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ، وَإِنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ كَالْجَائِحَةِ أَيْ: كَتَلَفِهِ بِهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ فِي رَدِّ الثِّمَارِ إلَخْ) اُنْظُرْ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهَا وَقِيَاسُ عَدَمِ تَصْدِيقِ الشَّرِيكِ فِي رَدِّ حِصَّتِهِ عَدَمُ تَصْدِيقِهِ هُنَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ. (قَوْلُهُ: يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَسْتَأْجِرُ عَنْهُ بَلْ يَثْبُتُ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَإِنَّ عَلَى الْمُسَاقِي إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ فَانْدَفَعَ تَنْظِيرُ ق ل هُنَا. (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ) فَلَوْ كَانَ الْمَوْتُ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ هَلْ يَبْقَى اسْتِحْقَاقُهُ مِنْهَا بِقِسْطِ مَا عَمِلَ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَوْ يَرْجِعُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ؟ الْقِيَاسُ الثَّانِي لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ بِالْمَوْتِ. اهـ. ع ش. اهـ. سم مَعْنًى.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُزِيلُ يَدَهُ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَلِلْمَالِكِ حِينَئِذٍ الْفَسْخُ

<<  <  ج: ص:  >  >>