للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عَامِلًا) آخَرَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ اللَّازِمَ (إنْ حِفْظُهُ) أَيْ: الْعَامِلُ (بِهِ) أَيْ: بِالْمُشْرِفِ (انْتَفَى) وَأُجْرَةُ الْمُشْرِفِ، وَالْأَجِيرِ عَلَى الْعَامِلِ (فَرْعٌ)

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: قَالَ الْمُتَوَلِّي: إذَا كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي الذِّمَّةِ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يُعَامِلَ غَيْرَهُ لِيَنُوبَ عَنْهُ، ثُمَّ إنْ شَرَطَ لَهُ مِثْلَ مَا شَرَطَ الْمَالِكُ لَهُ، أَوْ دُونَهُ فَذَاكَ، أَوْ أَكْثَرَ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، وَجَبَ لِلزِّيَادَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَالْأُجْرَةُ لِلْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَامِلَ غَيْرَهُ، فَلَوْ فَعَلَ انْفَسَخَتْ الْمُسَاقَاةُ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا لِلثَّانِي أَيْضًا، إنْ عَلِمَ فَسَادَ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (خَاتِمَةٌ)

قَالَ الرَّافِعِيُّ: بَيْعُ الْمَالِكِ الْحَدِيقَةَ فِي الْمُدَّةِ يُشْبِهُ بَيْعَ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ قَالَ: وَلَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا لَكِنْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ، إنْ بَاعَهَا قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِي ثَمَرِهَا، فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى بَعْضَهُ، وَكَذَا إنْ بَاعَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَرِ بَعْدَ ظُهُورِهِ دُونَ الْأَصْلِ لِلْحَاجَةِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ وَتَعَذُّرِهِ فِي الشَّائِعِ، فَإِنْ بَاعَهُ مَعَ الْأَصْلِ صَحَّ، وَكَانَ الْعَامِلُ مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ مَعَ الْبَائِعِ. وَاسْتَحْسَنَ فِي الرَّوْضَةِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ فَقَالَ: إذَا شَرَطَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ صَحَّ وَلَزِمَهُ لِلزَّائِدِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ لِلزِّيَادَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ سَاقَاهُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثَّمَرَةِ صَحَّ فِي ثُلُثَيْ الْعَمَلِ بِثُلُثَيْ الْأُجْرَةِ وَهُوَ قَدْرُ نَصِيبِهِ وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ الْعَمَلِ لِلثُّلُثِ الْبَاقِي، نَعَمْ لَوْ كَانَ الثَّانِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّهُ طَامِعٌ فِي وَاجِبِ الشَّرْعِ وَهُوَ الْأُجْرَةُ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْهَامِشِ م ر أَقُولُ: هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَلَا لِلثَّانِي أَيْضًا، إنْ عِلْم فَسَادَ الْعَقْدِ؟ . (قَوْلُهُ: بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لَهُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُعَامِلْ غَيْرَهُ وَتَرَكَ الْعَمَلَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّهُ شَرِيكٌ لَا أَجِيرٌ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ الْإِعْرَاضِ بِتَرْكِ الْعَمَلِ مَعَ مُعَامَلَةِ الْغَيْرِ م ر.

(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ فَسَادَ إلَخْ) بِخِلَافِ مُسَاقَاةِ الْمَالِكِ مَثَلًا مُسَاقَاةً فَاسِدَةً فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ. (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ سَوْقِهِ عَنْهُ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ: وَعُلِمَ هُنَا مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَيُعَامِلَ غَيْرَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ انْفِسَاخَهَا أَنَّهَا تَنْفَسِخُ، وَإِنْ أَذِنَ الْمَالِكُ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ عَنْ فُرُوقِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ عَنْ الْأَجِيرِ نِيَابَةً إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقِيَاسُهُ الْجَوَازُ هُنَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي عَقْدٍ وَمَا هُنَاكَ فِي نِيَابَةٍ بِلَا عَقْدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: خَاتِمَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي آخِرِ الْبَابِ. (فَرْعٌ)

فِي فَتَاوَى الْقَاضِي، إذَا شَرَطَ الْمَالِكُ عَلَى الْعَامِلِ أَعْمَالًا تَلْزَمُهُ فَأَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ، وَالْعَامِلُ لَمْ يَعْمَلْ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ اسْتَحَقَّ مِنْ الثَّمَرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ، فَإِنْ عَمِلَ نِصْفَ مَا لَزِمَهُ اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا شَرَطَ لَهُ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ تَرَكَ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا أَجِيرٌ كَمَا قِيلَ بِهِ لَكِنْ قَدْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِيمَنْ وَقَعَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ أَنَّهُ، إذَا سَاقَى غَيْرَهُ انْفَسَخَتْ الْمُسَاقَاةُ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الِانْفِسَاخَ لِمَزِيدِ الْإِعْرَاضِ بِالتَّرْكِ مَعَ التَّعَدِّي بِمُعَامَلَةِ الْغَيْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بَيْعُ الْمَالِكِ إلَخْ) . (فَرْعٌ)

لَوْ رَهَنَ أَشْجَارًا، ثُمَّ سَاقَى عَلَيْهَا، فَإِنْ نَقَصَتْ الْمُسَاقَاةُ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِلَّا صَحَّتْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت م ر أَفْتَى بِهِ مِرَارًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ يَصِيرُ شَرِيكًا قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ؛ إذْ الْمَبِيعُ بَعْدَهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَذُّرِهِ فِي الشَّائِعِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَامِلَ غَيْرَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ وَهُوَ غَرِيبٌ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا) أَيْ: فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ بَعْدَ نَقْلِ مَا ذَكَرَ عَنْ الْبَغَوِيّ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ مُخَالِفٌ لِمَا صَحَّحُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ وَذَلِكَ فِيمَا، إذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي فَإِنَّ لِلْوَارِثِ بَيْعَ الْبُسْتَانِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ، وَمِنْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الثَّمَرَةُ بَارِزَةً، أَوْ لَمْ تَبْرُزْ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ بَيْعَ الْبُسْتَانِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ الْبَيْعُ، بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ اللَّفْظِيِّ، وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ تَشْبِيهِ ذَلِكَ بِبَيْعِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ ذَكَرَهُ الْبُوَيْطِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ. اهـ. كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَاسْتَحْسَنَهُ النَّوَوِيُّ مَرْدُودٌ وَذَكَرَ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَكَذَلِكَ ابْنُ النَّحْوِيِّ فِي شَرْحِهِ لِلْكِتَابِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: بَيْعُ الْأَشْجَارِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا جَائِزٌ، وَقَدْ ذَكَرْته فِي تَصْنِيفٍ لِي سَمَّيْته الرِّيَاضَ الْأَنِيقَةَ فِي قِسْمَةِ الْحَدِيقَةِ، وَرَدَّ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَقَالَ: فَإِنْ قُلْت: إذَا حَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فَالْعَمَلُ الْمُسْتَحَقُّ لِلْبَائِعِ عَلَى الْعَامِلِ لَا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهُ لَهُ لِخُرُوجِ الْأَشْجَارِ عَنْهُ فَهَلْ لَهُ إبْدَالُهَا، أَوْ تَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي؟ قُلْت: تَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي بِالتَّبَعِيَّةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَأَلْزَمْنَا الْبَائِعَ بِتَبْقِيَتِهَا فَبَاعَهَا صَاحِبُهَا لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ السَّقْيِ كَمَا كَانَ لِمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْبَغَوِيّ ذَكَرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>