للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَذَا بِكَذَا (وَنَحْوَ مَلَكْتُك) ، أَوْ أَعْطَيْتُك مَنْفَعَتَهُ سَنَةً بِكَذَا (أَوْ أَجَّرْتُك مَنْفَعَةَ) هَذَا (الشَّيْءِ) سَنَةً بِكَذَا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَمْلُوكَةٌ بِالْإِجَارَةِ فَذِكْرُهَا فِيهَا تَأْكِيدٌ كَمَا فِي بِعْتُك رَقَبَةَ هَذَا، أَوْ عَيْنَهُ (خِلَافَ بِعْتُكَا) مَنْفَعَتَهُ سَنَةً بِكَذَا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ الْإِجَارَةِ فِي الْبَيْعِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ انْعِقَادُهَا بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ كَالْبَيْعِ وَيَظْهَرُ تَصْوِيرُهَا بِقَوْلِهِ: اُسْكُنْ الدَّارَ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً بِكَذَا، وَجَعَلْت لَك مَنْفَعَتَهَا سَنَةً بِكَذَا (وَبِقَبُولِهِ) أَيْ: صِحَّةِ الْإِيجَارِ بِالْإِيجَابِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ، وَقَبُولِهِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ كَاكْتَرَيْتُهُ وَاسْتَأْجَرْته وَاسْتَأْجَرْت مَنْفَعَتَهُ لَا اشْتَرَيْت مَنْفَعَتَهُ (بِأُجْرَةٍ تُرَى) أَيْ: مَعَ أُجْرَةٍ رُئِيَتْ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِقَدْرِهَا كَثَمَنِ الْمَبِيعِ.

(أَوْ عُلِمَتْ) جِنْسًا، وَقَدْرًا، وَصِفَةً، إنْ كَانَتْ (فِي ذِمَّةِ الَّذِي اكْتَرَى) كَالثَّمَنِ، فَلَوْ قَالَ: أَجَّرْتُك هَذَا بِمِلْءِ كَفِّي دَرَاهِمَ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا لَوْ أَجَرَهُ بِنَفَقَتِهِ، وَكُسْوَتِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ جَوَازُ الْحَجِّ بِالرِّزْقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالرَّوْضَةِ يَجُوزُ الْحَجُّ بِالرِّزْقِ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ، بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي، وَالْمَعُونَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَأَمَّا إيجَارُ عُمَرَ أَرْضَ السَّوَادِ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ

فَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ الْمُؤَبَّدَةِ

(لَا) إجَارَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

تَعْلِيقَ الْإِيتَاءِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الرَّضَاعِ لِمِلْكِ الْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ وَاسْتِحْقَاقِهِ اسْتِيفَاءَهَا، إذَا سَلَّمَ الْعَيْنَ بَلْ يُشْتَرَطُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ: سَنَةً) لَيْسَ ظَرْفًا لِأَجْرٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَزَمَنُهُ يَسِيرٌ بَلْ لِمُقَدَّرٍ أَيْ: أَجَّرْتُك وَانْتَفِعْ بِهِ سَنَةً كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: ٢٥٩] أَنَّ التَّقْدِيرَ أَمَاتَهُ وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ بَيْعُ رَأْسِ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَمْلُوكَ بِهِ حَقُّ الْبِنَاءِ لَا الْعَيْنُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً) قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ تَنْفِيذُهُ فِي مَوْضُوعِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافُهُ م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ جَعَلْت لَك إلَخْ) كَأَنَّهُ أَخَذَ هَذَا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لَكِنَّ الْفَرْقَ وَاضِحٌ فَإِنَّ جَعَلْته لَك بِكَذَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْبَيْعِ احْتِمَالًا ظَاهِرًا وَجَعَلْت لَك مَنْفَعَتَهَا سَنَةً بِكَذَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْإِجَارَةِ كَذَلِكَ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهَا صَرِيحَةٌ وَكَانَ هَذَا مَلْحَظُ شَيْخِنَا؛ حَيْثُ قَرَنَهَا بِذِكْرِ الصَّرَائِحِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا كِنَايَةٌ حَجَرٌ وَقَدْ يُقَالُ: كُلٌّ مِنْهُمَا بِدُونِ مُلَاحَظَةِ الْعَرْضِ يَحْتَمِلُ الْغَيْرَ احْتِمَالًا ظَاهِرًا وَمَعَ مُلَاحَظَتِهِ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا الْمَقْصُودَ، وَالْمُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا وَلَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ عَنْ أَنَّهُ جَعَالَةٌ، لَكِنْ صَرَّحَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فِي شَرْحِ التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ جَعَالَةٌ؛ حَيْثُ قَالَ: وَبِمَعْلُومٍ أَيْ: وَخَرَجَ بِمَعْلُومٍ الْمُسَاقَاةُ، وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ كَالْحَجِّ بِالرِّزْقِ. اهـ. إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: كَالْحَجِّ بِالرِّزْقِ نَظِيرًا لَا مِثَالًا. (قَوْلُهُ: يَجُوزُ الْحَجُّ بِالرِّزْقِ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَعَلَّهُ جَعَالَةٌ اُغْتُفِرَ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْجُعْلِ كَمَسْأَلَةِ الْعِلْجِ، أَوْ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ. اهـ. وَفِي تَخْرِيجِهِ الثَّانِي كَمَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ، الثَّانِي: أَنَّ الْقَائِلَ بِالصِّحَّةِ يُوجِبُ الرِّزْقَ لَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَالَ: وَتَخْرِيجُهُ أَيْضًا عَلَى الْجِعَالَةِ مَعَ جَهْلِ الْجُعْلِ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ الْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ تَوَسُّعًا فِي طَرِيقِ تَحْصِيلِ الْحَجِّ بِرّ قَدْ يَمْنَعُ هَذَا الْقِيَامَ دَلِيلُ الْأَوَّلِ، وَهُوَ لُزُومُ الْخُرُوجِ عَنْ قَاعِدَةِ الْإِجَارَةِ مِنْ اعْتِبَارِ الْعِلْمِ بِالْعِوَضِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ لُزُومُ مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ الْجِعَالَةِ لِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ فِي عِوَضِهَا أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ مَعْلُومَةٌ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ مَا عَلَى جَرِيبِ الْبُرِّ وَمَا عَلَى جَرِيبِ الشَّعِيرِ وَمَا عَلَى جَرِيبِ الْقَصَبِ وَهَكَذَا وَيُجَابُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْخِطَابِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَنَعَمْ مِنْ الْمُوجِبِ بَعْدَ قَوْلِ الْقَابِلِ بِعْتنِي هَذَا بِكَذَا، أَوْ يَعْتَبِرُ فِي الْإِجَارَةِ مَا يَعْتَبِرُ فِي الْبَيْعِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ هُنَا فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَلَفْظُ الْإِرْشَادِ أَجَرْت، أَوْ أَكْرَيْتُ فَقَدَّرَ الشَّارِحُ حَجَرٌ الْكَافَ بَعْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ) أَيْ: أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَالْمَنْفَعَةِ الْمُؤَبَّدَةِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي إلَخْ) ضَعِيفٌ، وَوَجْهُهُ تَهَافُتُ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ مَوْضُوعٌ لِلتَّمْلِيكِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ سَنَةً مَثَلًا مُنَافٍ لِلتَّأْبِيدِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَجَعَلْت إلَخْ) كَذَا مَثَّلَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ لِلْكِنَايَةِ. اهـ. ش الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لَا اشْتَرَيْت مَنْفَعَتَهُ) لَمْ يَقُلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً كَمَا مَرَّ فِي بِعْتُك، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ) وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ وَهُوَ يُفِيدُ مَنْعَ كَوْنِهِ جِعَالَةً أَيْضًا. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَتَبَرَّعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْحَجِّ وَصَاحِبَهُ يَتَبَرَّعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ، وَمِثْلُهُ مَا يَقَعُ أَنَّ الْمَالِكَ يَقُولُ لِآخَرَ: بِعْ هَذَا بِكَذَا، وَمَا زَادَ فَهُوَ لَك فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ بَعْدُ مِنْ دَفْعِ الزَّائِدِ فَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ؛ إذْ لَيْسَ هُنَا عَقْدٌ فَاسِدٌ، وَلَا صَحِيحٌ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلِمَا فِيهِ إلَخْ) لَعَلَّهُ لِهَذَا اُغْتُفِرَ أَيْضًا تَأَخُّرُ الْإِيجَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>