للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّيْءِ (بِالْعِمَارَةِ) لَهُ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ، وَكَذَا لَوْ أَجَرَهُ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يَصْرِفَهَا فِي الْعِمَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الصَّرْفِ مَجْهُولٌ، فَإِنْ صَرَفَهَا فِي الْعِمَارَةِ رَجَعَ بِهَا، فَلَوْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي الصَّرْفِ فِيهَا، وَصَرَفَ جَازَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ عَلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبِضِ؛ لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ فَفِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا وَجْهَانِ: أَشْبَهُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الْمُنْفِقُ إنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا (وَلَا جُزْءِ الْمَحَلْ لِعَمَلٍ) أَيْ: وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِجُزْءٍ مِنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ (إنْ كَانَ) اسْتِحْقَاقُهُ (مِنْ بَعْدِ الْعَمَلْ) كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِطَحْنِ حِنْطَةٍ بِصَاعٍ مِنْ دَقِيقِهَا، أَوْ لِسَلْخِ شَاةٍ بِجِلْدِهَا، أَوْ لِإِرْضَاعِ رَقِيقٍ بِنِصْفِهِ بَعْدَ الْإِرْضَاعِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَفَسَّرُوهُ بِاسْتِئْجَارِ الطَّحَّانِ عَلَى طَحْنِ الْحِنْطَةِ بِبَعْضِ دَقِيقِهَا، وَلِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَيْسَتْ فِي الْحَالِ بِالْهَيْئَةِ الْمَشْرُوطَةِ فَهِيَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا وَلِلْجَهْلِ بِهَا حِينَئِذٍ، أَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِطَحْنِ الْحِنْطَةِ بِصَاعٍ مِنْهَا، أَوْ لِإِرْضَاعِ الرَّقِيقِ بِنِصْفِهِ الْآنَ فَيَجُوزُ.

وَنَقَلَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ أَنْ يَقَعَ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَقَالَا: الْقِيَاسُ الْجَوَازُ وَلَا يَضُرُّ وُقُوعُ الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرِكِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَوْ سَاقَاهُ الْآخَرُ وَشَرَطَ لَهُ زِيَادَةً مِنْ الثَّمَرَةِ جَازَ وَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ فِي الْمُشْتَرِكِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مَا مَالَا إلَيْهِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعَلَيْهِ جَرَى النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ، وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: إطْلَاقُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ أَجِيرًا عَلَى شَيْءٍ هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ مِثْلُ اطْحَنْ لِي هَذِهِ الْوَيْبَةَ وَلَك مِنْهَا رُبْعٌ يَقْتَضِي الْمَنْعَ كَمَا نَقَلَاهُ فَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْكُلِّ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ مُرَادُ النَّصِّ، أَوْ عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي انْتَهَى

ــ

[حاشية العبادي]

بِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَجَرَهَا بِكَذَا، إنْ زُرِعَتْ كَذَا، وَكَذَا، إنْ زُرِعَتْ كَذَا وَهَكَذَا فَالْأُجْرَةُ مَجْهُولَةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الصَّرْفِ مَجْهُولٌ) قَالَ فِي ش الرَّوْضِ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مَعْلُومًا صَحَّ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذَا كَبَيْعِ الزَّرْعِ عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَشَرْطُ عَمَلٍ فِيهِ يُقْصَدُ مِثْلُهُ فِي الْأَمْلَاكِ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ. فِيهِ فَقَدْ يُقَالُ: يُمْنَعُ مَا وُجِّهَ بِهِ النَّظَرُ بَلْ حَاصِلُ هَذَا جَعْلُ الْأُجْرَةِ مَجْمُوعَ الدَّرَاهِمِ الْمَعْلُومَةِ، وَالْعَمَلَ الْمَعْلُومَ. (قَوْلُهُ: وَصَرَفَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَتَبَرَّعَ بِهِ أَيْ: تَبَرَّعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالصَّرْفِ جَازَ. اهـ. وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالتَّبَرُّعِ لَيْسَ لِلِاشْتِرَاطِ وَأَنَّهُ لَوْ ضَبَطَ الصَّرْفَ وَاسْتَأْجَرَهُ لَهُ صَحَّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: بِصَاعٍ) لَمْ يَقُلْ الْآنَ كَمَا قَالَهُ فِيمَا بَعْدَهُ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ: مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ) وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ بِرّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْكُلِّ) أَيْ: كَقَوْلِهِ: اكْتَرَيْتُكَ لِتَطْحَنَ لِي هَذِهِ الْوَيْبَةَ بِرُبْعِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى حِصَّتِهِ) أَيْ: كَاكْتَرَيْتُكَ بِرُبْعِ هَذِهِ الْوَيْبَةِ لِتَطْحَنَ

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ الْمُسْتَأْجِرِينَ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَمَلَ إلَخْ) فَبِضَمِّ الْمَجْهُولِ لِلْمَعْلُومِ صَارَ الْكُلُّ مَجْهُولًا. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَيْ: فَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ. (قَوْلُهُ: رَجَعَ بِهَا) أَيْ: إنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ وَإِلَّا فَلَا ش م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَ الْفَسَادَ فَحَرِّرْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ش م ر أَنَّ كُلَّ مَا لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا قَالَ ع ش: لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلصِّحَّةِ أَصْلًا. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ، إذَا عَمِلَ هُنَا طَامِعًا اسْتَحَقَّ؛ لِأَنَّهُ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِلسُّكْنَى، وَالْعِنَادُ لِشَيْءٍ آخَرَ فَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي الصَّرْفِ جَازَ) هَذَا فِي الْمِلْكِ، أَمَّا الْوَقْفُ فَقَالَ الطَّبَلَاوِيُّ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ قَاضٍ، وَلَا يَكْفِي إذْنُ النَّاظِرِ مُطْلَقًا وَقَالَ م ر إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الصَّرْفِ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي عَلَيْهِ جَازَ وَكَفَى إذْنُ النَّاظِرِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الصَّرْفِ فِي الْعِمَارَةِ قَرْضًا لَمْ يَكْفِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي قَالَ ق ل: وَاكْتَفَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِإِذْنِ النَّاظِرِ وَحْدَهُ مُطْلَقًا خُصُوصًا إذَا لَزِمَ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي غَرَامَةُ مَالٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ وَجِيهٌ لَا عُدُولَ عَنْهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي.

(قَوْلُهُ: عَلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبِضِ) لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ كَأَنَّهُ أَقْبَضَ الْمُؤَجِّرَ، ثُمَّ قَبَضَ مِنْهُ لِلصَّرْفِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَيْ: وَقَبْضُ الْمُؤَجِّرِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ فَهُوَ إنَّمَا قَبَضَ مِنْ نَفْسِهِ فَاتَّحَدَ الْقَابِضُ، وَالْمُقْبِضُ. (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا) عَلَى أَنَّهُ لَا اتِّحَادَ تَنْزِيلًا لِلْقَابِضِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيِّنًا مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ عَنْ الْمُؤَجِّرِ وَكَالَةً ضِمْنِيَّةً. اهـ. م ر وَبَحَثَ فِيهِ ع ش بِأَنَّ هَذَا التَّنْزِيلَ إنَّمَا أَفَادَ صِحَّةَ الْقَبْضِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَبْقَى الْمَأْخُوذُ فِي يَدِ الْقَابِضِ أَمَانَةً لِلْمُؤَجِّرِ وَدُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ قَابِضًا عَنْ الْمُؤَجِّرِ مُقْبِضًا لِنَفْسِهِ. اهـ. بِتَصَرُّفٍ وَأَصْلُهُ لسم عَلَى التُّحْفَةِ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْقَابِضَ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِ كَالْمُحْتَالِ قَبْضُهُ قَبْضٌ لِلْمُحِيلِ تَأَمَّلْ، ثُمَّ إنَّ التَّنْزِيلَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَأَتَّى، إذَا أَجَرَ لَهُ الدَّابَّةَ، وَأَذِنَ لَهُ فِي الصَّرْفِ فِي عَلَفِهَا وَعَلَفَهَا بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا قَابِضَ حِينَئِذٍ سم بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّ الِاكْتِرَاءَ إنَّمَا هُوَ لِإِرْضَاعِهَا مِلْكَهُ فَقَطْ وَإِرْضَاعُهَا مِلْكَهُ إنَّمَا وَقَعَ تَبَعًا أَيْ: فَالصِّحَّةُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ، أَوْ أَطْلَقَ كَمَا سَيَأْتِي. اهـ. لَكِنْ نَقَلَ ق ل عَنْ شَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ، إذَا قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِإِرْضَاعِ هَذَا الرَّقِيقِ كُلِّهِ، أَوْ جَمِيعِهِ، خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي كُتُبِهِ. اهـ. وَعِبَارَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ أَيْ: فِيمَا لَوْ اشْتَرَاهَا لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ الصِّحَّةُ وَاعْتَمَدَهُ م ر وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الْإِرْضَاعَ لَا يَقَعُ لِلْبَعْضِ نَعَمْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّحْنِ، فَإِنَّ طَحْنَ الْكُلِّ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إنْ أَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَ طَحْنَ الْبَعْضِ الَّذِي لَهُ، أَوْ صَرَّحَ بِهِ فَرَاجِعْهُ، فَإِنَّ عِبَارَةَ ع ش تُفِيدُ خِلَافَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ جَازَ) قَالَ سم عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>