للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ حَسَنٌ (فَرْعٌ)

قَالَ السُّبْكِيُّ: يَقَعُ فِي هَذَا الزَّمَانِ فِي جُبَاةِ الْأَمْوَالِ أَنْ يُجْعَلَ لَهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ مِمَّا يَجْبُونَهُ، وَهُوَ يُشْبِهُ قَفِيزَ الطَّحَّانِ وَبَعْضُهُمْ يَحْتَرِزُ فَيَقُولُ نَظِيرَ نِصْفِ الْعُشْرِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ إجَارَةً وَهَلْ يَصِحُّ جِعَالَةً فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جِعَالَةً أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ مَعْلُومًا مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ

. (وَمُطْلَقُ الْأَجْرِ) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِتَعْجِيلٍ وَلَا تَأْجِيلٍ يُحْمَلُ (عَلَى التَّعْجِيلِ) كَالثَّمَنِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِتَعْجِيلٍ، أَوْ تَأْجِيلٍ فَالْأَمْرُ كَمَا قَيَّدَ، إلَّا إذَا كَانَ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْجِيلَ بِأَنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَيَتَعَيَّنُ تَعْجِيلُهُ فَلَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ وَهَذِهِ مِنْ فُرُوعِ الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ. فَلَوْ أَخَّرَهَا إلَيْهَا كَانَ أَوْلَى، ثُمَّ وَصَفَ الْأُجْرَةَ بِقَوْلِهِ: (مَوْصُوفَةٍ) وَفِي نُسْخَةٍ وَاتَّصَفَتْ (بِالْقَبْضِ، وَالْحُلُولِ) أَيْ: بِأُجْرَةٍ مَقْبُوضَةٍ فِي الْمَجْلِسِ حَالَّةٍ، إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ لَمْ تُعْقَدْ بِلَفْظِ السَّلَمِ (فَلَا تُجِزْ عَنْهَا لَهُ اسْتِبْدَالَهْ وَلَا عَلَيْهَا وَبِهَا الْحَوَالَهْ) أَيْ: فَلَا تُجِزْ لِمَالِكِ الْأُجْرَةِ اسْتِبْدَالَهُ عَنْهَا وَلَا الْحَوَالَةَ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا (كَذَلِكَ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا) كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ إجَارَةَ الذِّمَّةِ سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، وَإِنْ لَمْ تُعْقَدْ بِلَفْظِهِ (لَا فِي إجَارَةٍ عَيْنِيَّةٍ) أَيْ: لَا يُعْتَبَرُ فِي أُجْرَتِهَا الْقَبْضُ، وَالْحُلُولُ وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا، وَالْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا، وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا كَالثَّمَنِ وَمَثَّلَ لِلْعَيْنِيَّةِ بِقَوْلِهِ: (كَالْكَافِ مَعَ لَفْظَةِ اسْتَأْجَرْت) أَيْ: كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِعَمَلِ كَذَا وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إجَارَةٌ عَيْنِيَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اسْتَأْجَرْت عَيْنَك، أَوْ نَفْسَك لِلْإِضَافَةِ إلَى الْمُخَاطَبِ وَقِيلَ: إجَارَةُ ذِمَّةٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْعَمَلِ مِنْ جِهَةِ الْمُخَاطَبِ فَلَهُ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْإِجَارَةَ قِسْمَانِ وَارِدَةٌ عَلَى الْعَيْنِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا لِلْحَمْلِ، أَوْ الرُّكُوبِ، أَوْ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ لِلْخِيَاطَةِ، أَوْ الْبِنَاءِ، وَوَارِدَةٌ عَلَى الذِّمَّةِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ مَوْصُوفَةٍ لِلْحَمْلِ، أَوْ إلْزَامِ ذِمَّتِهِ عَمَلًا وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ، إلَّا عَيْنِيَّةً بِدَلِيلِ مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ.

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ: (فِي أَنْ تُرْضِعَهْ امْرَأَةٌ) أَيْ: صِحَّةُ الْإِجَارَةِ بِمَا ذُكِرَ فِي إرْضَاعِ الْمَرْأَةِ الطِّفْلَ مُطْلَقًا، أَوْ مَعَ الْحَضَانَةِ، أَوْ نَفْيِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

لِي بَاقِيَهَا. (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ) أَيْ: لِلْجَهْلِ

(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ الْإِجَارَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الذِّمِّيَّةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا حُلُولُ الْأُجْرَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا هَذَا التَّفْصِيلُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُعْقَدْ بِلَفْظِ السَّلَمِ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ عَقْدِهَا بِلَفْظِ السَّلَمِ قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ أَيْ: اسْتَأْجَرْتُك إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ إجَارَةَ السُّفُنِ لَا تَكُونُ إلَّا عَيْنِيَّةً لِمَنْعِ السَّلَمِ فِيهَا، وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْيِهَا) ظَاهِرٌ فِي نَفْيِ الصُّغْرَى؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ عَنْ بَعْضِهِمْ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْأَصْلَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَنْهَجِ: مَالَ م ر إلَى اعْتِمَادِ الصِّحَّةِ فِيمَا إذَا قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك بِرُبْعِهِ لِتَطْحَنَهُ، إذَا أَطْلَقَ وَيُنَزَّلُ عَلَى مَا عَدَا الْأُجْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ حَسَنٌ) قَالَ م ر: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاقُ الصِّحَّةِ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ إلَخْ) خِلَافًا لِحَجَرٍ وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: فَلَا تَجُزْ إلَخْ) فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَقِيلَ يَبْطُلُ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا قَبْلَهُ كَمَا فِي عَقْدِ السَّلَمِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي عَقْدِهِ خِيَارًا، وَمَا ذَكَرَ إجَارَةٌ فَهِيَ كَالتَّفَرُّقِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْ: لَا عَنْ الْحَوَالَةِ بَلْ عَنْ الْإِجَارَةِ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْطُلُ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا قَبْلَهُ كَمَا فِي عَقْدِ السَّلَمِ لَعَلَّهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ أَنَّهُ، إذَا أَحَالَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِإِذْنِ الْمُسْلِمِ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ، ثُمَّ قَبَضَهُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، أَوْ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَرَدَّهُ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ كَفَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الشَّارِحِ وَهَذَا فِي الْحَوَالَةِ بِهِ.

أَمَّا الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَهِيَ، وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهَا عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ إلَّا أَنَّ الْقَبْضَ الْوَاقِعَ بِهَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَدْفَعُ عَنْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَتَقَدَّمَ هَذَا أَيْضًا فِي السَّلَمِ نَعَمْ إنْ أُجِّلَتْ الْأُجْرَةُ بَطَلَتْ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ ق ل أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَيْهَا وَبِهَا الْحَوَالَةُ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: إذَا قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ إذْ تَجُوزُ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ، إذَا قُبِضَ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى الْأَصَحِّ قُلْنَا لَا فَرْقَ وَكَأَنَّهُ اخْتَارَ الْوَجْهَ الثَّانِيَ قَالَهُ ابْنُ الْخَيَّاطِ. (قَوْلُهُ: سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، وَإِنْ لَمْ تُعْقَدْ بِلَفْظِهِ) هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ الشَّارِحِ وَم ر لَكِنَّهُ عَلَى طَرِيقَةِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الْأَحْكَامَ تَابِعَةٌ لِلْمَعْنَى ظَاهِرٌ أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ م ر مِنْ أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلَّفْظِ فَيُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ بَيْعِ الذِّمَّةِ الْجَارِي بِلَفْظِ الْبَيْعِ حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ مَا اُعْتُبِرَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَيُجَابُ بِضَعْفِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ، وَرَدَتْ عَلَى مَعْدُومٍ لَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، بِخِلَافِ الْعَقْدِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ وُجُودُهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ. اهـ. م ر وَسم عَلَى حَجَرٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إجَارَةُ ذِمَّةٍ) لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: عَيْنَكَ، أَوْ نَفْسَك فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ إلَخْ) أَيْ الْعَقَارِ كُلِّهِ، أَوْ مَا فَوْقَ النِّصْفِ، أَمَّا النِّصْفُ فَأَقَلُّ فَيَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>