للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَعْدُومَةٌ فَأَشْبَهَ اسْتِئْجَارَ الْأَعْمَى لِلْحِفْظِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: كَأَنَّ الْمُرَادَ أَهْلِيَّةُ الْتِزَامِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إمْكَانَهُ، أَمَّا إذَا كَانَ مُبْهَمًا فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِالنِّدَاءِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا: لَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِآبِقِي فَلَهُ دِينَارٌ فَمَنْ جَاءَ بِهِ اسْتَحَقَّ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، أَوْ صَبِيٍّ، أَوْ عَبْدٍ عَاقِلٍ، أَوْ مَجْنُونٍ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ، أَوْ عَلِمَ بِهِ لِدُخُولِهِمْ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: مَنْ جَاءَ وَخَالَفَ فِي السِّيَرِ فَقَالَ: لَا يَسْتَحِقُّ الصَّبِيُّ، وَلَا الْعَبْدُ إذَا قَامَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (عَلِمَا) أَيْ: الْجُعْلَ فَلَا تَصِحُّ بِمَجْهُولٍ كَقَوْلِهِ: لَهُ رُدَّ آبِقِي وَلَك ثَوْبٌ، أَوْ عَلَيَّ أَنْ أُرْضِيَك، أَوْ أُعْطِيَك شَيْئًا؛ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِمَالِ الْجَهْلِ فِيهِ كَالْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الْعَمَلِ، وَالْعَامِلِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَرْغَبُ فِي الْعَمَلِ مَعَ جَهْلِهِ بِالْجُعْلِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ نَعَمْ لِلرَّادِّ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْعِلْجِ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي السِّيَرِ وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ ثِيَابُهُ، فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً، أَوْ، وَصَفَهَا بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ اسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ، وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ. وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُغْنِي وَصْفُهُ عَنْ رُؤْيَتِهِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ نِصْفُهُ صَحَّ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ، وَالْأَنْوَارِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِيهِمَا وَجْهَيْنِ وَقَرَّبَهُمَا مِنْ اسْتِئْجَارِ الْمُرْضِعَةِ بِجُزْءٍ مِنْ الرَّقِيقِ الرَّضِيعِ بَعْدَ الْفِطَامِ وَحَكَاهُمَا النَّوَوِيُّ بِلَا تَقْرِيبٍ وَلَمْ يَرْتَضِ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَشْبِيهَهُ بِاسْتِئْجَارِ الْمُرْضِعَةِ قَالَ: لِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ، فَإِذَا جُعِلَتْ جُزْءًا مِنْ الرَّقِيقِ بَعْدَ الْفِطَامِ اقْتَضَى عَدَمَ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ، أَوْ تَأْجِيلَهُ وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ وَهُنَا إنَّمَا يَحْصُلُ الْمِلْكُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا مُخَالَفَةَ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا وَجْهَ، إلَّا الصِّحَّةُ إنْ عَلِمَ بِالْعَبْدِ وَبِمَكَانِهِ، وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلَافِ.

(مَقْبُوضٌ، أَوْ لَا) أَيْ: بِجُعْلٍ مَقْبُوضٍ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ غَيْرِ مَقْبُوضٍ فِيهِ بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ قَبْضُهَا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ (سَامِعُ النِّدَاءِ لَهْ هُوَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ) أَيْ: وَاَلَّذِي يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ هُوَ سَامِعُ نِدَاءِ الْمُلْتَزِمِ، وَالْمُرَادُ مَنْ بَلَغَهُ نِدَاؤُهُ، وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ: إنْ رَدَّ عَبْدِي مَنْ سَمِعَ نِدَائِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ عَلِمَ بِنِدَائِهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا (إنْ كَمَّلَهْ) أَيْ: الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِعَبْدِهِ، أَوْ بِوَكِيلِهِ، أَوْ بِمُعَاوِنٍ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يَسْتَحِقُّ مَنْ لَمْ يُكْمِلْ الْعَمَلَ كَأَنْ رَدَّ الْآبِقَ فَمَاتَ عَلَى بَابِ دَارِ مَالِكِهِ، أَوْ غُصِبَ، أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَيَكْفِي عِلْمُهُ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ حِينَ النِّدَاءِ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلْعَمَلِ، إذَا تَأَهَّلَ لَهُ بَعْدُ وَبِهَذَا يُفَارِقُ الْمُبْهَمُ الْمُعَيَّنَ. (قَوْلُهُ: لَا يُغْنِي وَصْفُهُ) كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تِلْكَ الْعُقُودَ عُقُودٌ لَازِمَةٌ، بِخِلَافِ الْجِعَالَةِ فَاحْتِيطَ لَهَا مَا لَمْ يُحْتَطْ لِلْجِعَالَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ نِصْفُهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَكَذَا أَيْ: يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَوْ قَالَ فَلَهُ رُبْعُهُ. اهـ. وَكَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مَا حَاصِلُهُ تَصْوِيرُهُ بِمَا، إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَجْهُولًا، وَإِلَّا اسْتَحَقَّ رُبْعَهُ نَفْسَهُ.

(قَوْلُهُ: وَقَرَّبَهُمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَإِنَّمَا قَصَدَ الرَّافِعِيُّ بِمَا ذَكَرَ مِنْ التَّقْرِيبِ تَوْجِيهَ الْمَنْعِ بِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُؤَجَّلُ. اهـ. أَيْ: لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ تَرْجِيحَ الْمَنْعِ. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّقْدَ، إذَا يَتَغَيَّرُ فَالْمَدَارُ عَلَى الْوُجُودِ وَقْتَ الْعَقْدِ بِرّ. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِالْعَبْدِ) ، أَوْ وُصِفَ بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي ثِيَابِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلَافِ) وَيَكُونُ مَأْخَذُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا الْعَقْدِ بِحَالِهِ، أَوْ بِحَالِ الرَّدِّ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا تَغَيَّرَ النَّقْدُ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ خَصَّصَ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَنَازَعَهُ فِي الْمَأْخَذِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيَتَّجِهُ الصِّحَّةُ؛ حَيْثُ عَلِمَ، أَوْ وُصِفَ بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الثِّيَابِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَكَانَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِعَبْدِهِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ، وَلَا أَمَرَهُ سَيِّدُهُ، لَكِنْ قَيَّدَ بَعْضُهُمْ بِمَا، إذَا اسْتَعَانَ بِهِ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

رَاجِعْهُ، وَمِثْلُ الصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْمَجْنُونُ الَّذِي سَمِعَ قَبْلَ الْجُنُونِ، أَوْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَالسَّفِيهُ. (قَوْلُهُ: أَرَادَ إمْكَانَهُ) أَيْ: أَهْلِيَّةُ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ قُدْرَةٌ عَلَى الْعَمَلِ الْمَطْلُوبِ. اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ: اقْتَضَى عَدَمَ الْمَالِكِ فِي الْحَالِ، أَوْ تَأْجِيلَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ اقْتَضَى تَأْجِيلَ الْمِلْكِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَدْ يُقَالُ: تَأْجِيلُ الْمِلْكِ مَعْهُودٌ؛ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْأُجْرَةِ فِي الذِّمَّةِ، وَالثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ بِشَرْطِهِ وَيَصِحُّ تَأْجِيلُهُ فَهَلَّا قَالَ بَدَلُ هَذَا: يَقْتَضِي تَأْجِيلَ الْمُعَيِّنِ وَهُوَ لَا يُؤَجَّلُ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: الَّذِي فِي صُورَتَيْ الْأُجْرَةِ، وَالثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ تَأْجِيلُ التَّسْلِيمِ لَا الْمِلْكِ، بِخِلَافِ صُورَةِ الْإِجَارَةِ بِجُزْءٍ مِنْ الرَّقِيقِ بَعْدَ الْفِطَامِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَقْتَ الْإِجَارَةِ فَفِيهِ تَأْجِيلُ الْمِلْكِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا: اقْتَضَى عَدَمَ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ، أَوْ تَأْجِيلَهُ، أَمَّا إنْ جَعَلْنَا الْأُجْرَةَ مَا بَعْدَ الْفِطَامِ بِدُونِ تَأْجِيلٍ اقْتَضَى عَدَمَ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا مَا بَعْدَهُ بِالتَّأْجِيلِ اقْتَضَى تَأْجِيلَهُ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ مَوْضِعَ الْخِلَافِ) أَيْ: الَّذِي حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَلَيْسَ مَوْضِعُهُ مَا هُوَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ: إنْ كَمَّلَهُ إلَخْ) وَلَوْ مَاتَ الْعَامِلُ وَكَمَّلَهُ وَارِثُهُ اسْتَحَقَّ قِسْطَ مَا عَمِلَهُ الْعَامِلُ إنْ كَانَ الْعَامِلُ مُعَيِّنًا وَإِلَّا فَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْجُعْلِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِيهِ أَنَّ مُدْرَكَ اسْتِحْقَاقِ الْقِسْطِ فَقَطْ فِي الْمُعَيِّنِ إنَّمَا هُوَ الِانْفِسَاخُ بِالْمَوْتِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ الْمُعَيِّنِ أَيْضًا لِتَعْيِينِهِ بِالْعَمَلِ كَمَا فِي ق ل أَيْضًا فَعَمَلُ الْوَارِثِ كَعَمَلِ مَنْ عَمِلَ ابْتِدَاءً بِلَا إذْنٍ وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا فَكَذَلِكَ الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ م ر وَلَا حَوَاشِيهِ هَذَا التَّفْصِيلَ فَرَاجِعْهُ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَ ذَكَرَهُ بَعْدُ وَفِيهِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فَمَاتَ) أَيْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>