مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا، وَكَانَ كَاذِبًا لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى زَيْدٍ؛ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمَا، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا اسْتَحَقَّ عَلَى زَيْدٍ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَكَانَ هَذَا فِيمَنْ يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَوْ رَدَّ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْإِذْنِ (وَبِالْجَوَازِ وُسِمَتْ مَا لَمْ تَتِمْ مِنْ جَانِبَيْنِ) أَيْ: وَوُسِمَتْ الْجِعَالَةُ بِالْجَوَازِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَا لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ؛ لِأَنَّهَا تَعْلِيقُ اسْتِحْقَاقٍ بِشَرْطِ كَالْوَصِيَّةِ فَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ، أَمَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا انْفِسَاخَ، وَلَا فَسْخَ لِلُزُومِ الْجُعْلِ، ثُمَّ، إنْ اتَّفَقَ الْفَسْخُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا، أَوْ بَعْدَهُ (فَبِفَسْخِ الْمُلْتَزِمِ مِنْ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِ) يَجِبُ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا عَمِلَ إلَى الْفَسْخِ لِئَلَّا يَحْبَطَ سَعْيُهُ بِفَسْخِ غَيْرِهِ. وَرُبَّمَا عَبَّرَ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ حَتَّى يَضْمَنَ أَيْ: يَلْتَزِمَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةَ مِثْلِ مَا عَمِلَ، وَلَوْ عَمِلَ الْعَامِلُ شَيْئًا بَعْدَ فَسْخِ الْمُلْتَزِمِ لَمْ يَسْتَحِقَّ لِعَمَلِهِ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْفَسْخِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ.
لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِاسْتِحْقَاقِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْفَسْخِ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَبِفَسْخِ الْعَامِلِ لَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمُلْتَزِمِ، سَوَاءٌ وَقَعَ بَعْضُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا، أَمْ لَا نَعَمْ لَوْ زَادَ الْمُلْتَزِمُ فِي الْعَمَلِ وَلَمْ يَرْضَ الْعَامِلُ بِالزِّيَادَةِ فَفَسَخَ لِذَلِكَ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْمُسَابَقَةِ؛ لِأَنَّ الْجَاعِلَ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهُ لِذَلِكَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقِيَاسُهُ كَذَلِكَ إذَا نَقَصَ مِنْ الْجُعْلِ
ــ
[حاشية العبادي]
مِنْ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ: فَلَوْ عَمِلَ أَحَدٌ بِلَا صِيغَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَدَخَلَ الْعَبْدُ فِي ضَمَانِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْغَاصِبِ بِقَصْدِ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ، وَالْأَصَحُّ فِيهِ الضَّمَانُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الرَّدِّ عَدَمُ الضَّمَانِ. اهـ. بِاخْتِصَارٍ. وَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّ فِي كُلٍّ وَضْعُ يَدٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ وَمُجَرَّدُ الْتِزَامِ الْعِوَضِ فِي هَذِهِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ لَا يُؤَثِّرُ فَلْيُتَأَمَّلْ. . (قَوْلُهُ: يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ) وَيَنْبَغِي وَلَوْ فِي اعْتِقَادِ الْعَامِلِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ مَاتَ الْمَالِكُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَرَدَّهُ إلَى وَرَثَتِهِ وَجَبَ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ فَرَدَّهُ وَارِثُهُ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ أَيْضًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. اهـ. وَقَوْلُهُ: إنْ مَاتَ الْعَامِلُ أَيْ: بَعْدَ الشُّرُوعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ إذْ لَوْ مَاتَ قَبْلَهُ فَلَا يَنْبَغِي اعْتِبَارُ رَدِّ وَارِثِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ هَذَا الْعَقْدِ، وَلَمْ يَبْنِ عَمَلَهُ عَلَى عَمَلِ الْعَامِلِ الْمُورِثِ لَهُ. وَمِنْ هُنَا يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِسْطِ مُقَابِلُ مَا عَمِلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ، إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَمَاتَ أَحَدٌ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الرَّدِّ وَرَدَّهُ وَارِثُهُ فَالْوَجْهُ اسْتِحْقَاقُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ مُسْتَقِلٌّ؛ إذْ لَا مُقْتَضَى لِبِنَاءِ فِعْلِهِ عَلَى فِعْلِ الْمَيِّتِ وَبِالْأَوْلَى، إذَا كَانَ الْمَوْتُ قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَإِنْ عَزَمَ عَلَى الرَّدِّ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَالِكُ عَيَّنَ مَكَانًا كَمَنْ رَدَّهُ مِنْ كَذَا فَمَاتَ الْعَامِلُ الْغَيْرُ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ قَطْعِهِ بَعْضَ الْمَسَافَةِ لِلسَّعْيِ فِي الرَّدِّ، ثُمَّ رَدَّهُ وَارِثُهُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْجُعْلِ الْبَعْضَ عَنْ عَمَلِ مُوَرِّثِهِ، وَالْبَعْضَ عَنْ عَمَلِ نَفْسِهِ؛ لِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْجِعَالَةِ بِمَوْتِ الْعَامِلِ؛ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم.
(قَوْلُهُ: وَجُنُونِهِ) لَعَلَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِلِ الْمُعَيِّنِ كَرُدَّ عَبْدِي وَلَك كَذَا، بِخِلَافِهِ فِي الْمُبْهِمِ كَمَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَلَوْ جُنَّ أَحَدٌ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ اسْتَحَقَّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمَّا لَمْ يَرْتَبِطْ بِهِ بِعَيْنِهِ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِجُنُونِهِ، أَوْ إغْمَائِهِ. (قَوْلُهُ: يَجِبُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ مَا عَمِلَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْ الْعَمَلَ بَعْدَ الْفَسْخِ عَلَى مَا قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَلَوْ عَمِلَ الْعَامِلُ شَيْئًا بَعْدَ فَسْخِ الْمُلْتَزِمِ إلَخْ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذَا كَانَ الْعَمَلُ نَحْوَ رَدِّ الْآبِقِ؛ إذْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ الْمَقْصُودِ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مَا عَمِلَهُ مُسَلَّمًا. (فَرْعٌ)
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ قَبْلَ رَدِّهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: لَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ، إذَا رَدَّهُ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِحُصُولِ الرُّجُوعِ ضِمْنًا أَيْ: فَلَا أُجْرَةَ لِعَمَلِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ تَنْزِيلًا لِإِعْتَاقِهِ مَنْزِلَةَ فَسْخِهِ. اهـ. وَفِي قَوْلِهِ أَيْ: فَلَا أُجْرَةَ لِعَمَلِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى وُجُوبِ أُجْرَةِ مَا قَبْلَ الْعِتْقِ كَمَا فِي الْفَسْخِ الصَّرِيحِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أُجْرَةُ مَا قَبْلَ الْفَسْخِ. (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَفَسَخَ لِذَلِكَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِ زِيَادَةِ الْمُلْتَزِمِ فِي الْعَمَلِ، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِفَسْخِ الْعَامِلِ. وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ السَّابِقَ فِي تَغْيِيرِ الْجُعْلِ؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ الثَّانِيَ فَسْخٌ لِلْأَوَّلِ بِأَنَّ مَا هُنَا
[حاشية الشربيني]
أَيْ: وَالْتَزَمَ الْأَجْنَبِيُّ الْجُعْلَ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ زَيْدٌ، وَالْعَامِلُ وَإِلَّا اسْتَحَقَّا م ر. (قَوْلُهُ: يَجِبُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ مَا عَمِلَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُتَمِّمَ الْعَمَلَ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ مَنَعَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ الْمُلْتَزِمُ، فَإِنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ الْقِسْطَ إلَّا إنْ تَمَّمَ الْعَمَلَ، وَرَدَّهُ إلَى الْوَارِثِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ لَمْ يَمْنَعْهُ حَاشِيَةُ الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ لِعَمَلِهِ شَيْئًا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا إذَا عَمِلَ بَعْدَ تَغْيِيرِ الْمَالِكِ النِّدَاءَ، وَإِنْ كَانَ تَغْيِيرُهُ فَسْخًا حَيْثُ اسْتَحَقَّ هُنَاكَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالنِّدَاءِ أَنَّ الْفَسْخَ بِالتَّغْيِيرِ فَسْخٌ إلَى بَدَلٍ، وَالْفَسْخَ بِغَيْرِهِ فَسْخٌ لَا إلَى بَدَلٍ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ لِعَمَلِهِ شَيْئًا) مُعْتَمَدٌ، وَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ ضَعِيفٌ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute