أَيْ: الزِّيَادَةَ فِي الْجُعْلِ (إنْ زَادَهُ) أَيْ: الْعَمَلَ (كَرَدِّهِ) الْآبِقَ مَثَلًا (مِنْ) مَكَان (أَبْعَدَا) مِنْ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهَا لَهُ، وَلَوْ تَغَيَّرَ النَّقْدُ الْمُلْتَزَمُ جُعْلًا فَالْعِبْرَةُ بِيَوْمِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْأُجْرَةِ لَا بِيَوْمِ الْفَرَاغِ، وَإِنْ كَانَ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ (لِعَمَلٍ) أَيْ: صَحَّتْ الْجِعَالَةُ لِعَمَلٍ مُبَاحٍ (مَعْلُومٍ) كَقَوْلِهِ: خُطَّ ثَوْبِي هَذَا وَلَك دِرْهَمٌ (أَوْ مَجْهُولِ) لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ كَقَوْلِهِ: رُدَّ آبِقِي مِنْ أَيِّ مَكَان، وَجَدْته فِيهِ وَلَك دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّ الْمَسَافَةَ لَا تُعْلَمُ غَالِبًا فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْجَوَازِ مَعَ الْجَهْلِ كَمَا فِي الْعَامِلِ، فَإِنْ أَمْكَنَ ضَبْطُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَبْطِهِ فَفِي بِنَاءِ حَائِطٍ يَذْكُرُ مَوْضِعَهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَارْتِفَاعَهُ وَمَا يُبْنَى بِهِ وَفِي الْخِيَاطَةِ يَعْتَبِرُ وَصْفَ الثَّوْبِ، وَالْخِيَاطَةِ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ يَقْتَضِيهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَمَلِ كُلْفَةٌ، فَلَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ مَالِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ، إنْ كَانَ لِرَدِّهِ كُلْفَةٌ كَآبِقٍ، وَإِلَّا فَلَا كَدَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَرْعًا فَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ عِوَضًا، أَوْ غَيْرَهُ اسْتَحَقَّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ بِالْبَحْثِ عَنْهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا زَادَ فِيهَا لَوْ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَنِي بِكَذَا فَلَهُ كَذَا فَأَخْبَرَهُ بِهِ إنْسَانٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَمَلٍ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَغَيْرُهُ وَهَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْبَابِ فَقَالَ: لَوْ قَالَ: إنْ أَخْبَرْتنِي بِخُرُوجِ فُلَانٍ مِنْ الْبَلَدِ فَلَكَ كَذَا فَأَخْبَرَهُ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ، إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي خُرُوجِهِ اسْتَحَقَّ، وَإِلَّا فَلَا، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ صَادِقًا فَإِنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ يَحْصُلُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ أَيْضًا هَلْ يَنَالُهُ تَعَبٌ، أَمْ لَا؟ انْتَهَى.
وَشَمِلَ إطْلَاقُهُمَا فِيمَا تَقَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ: رَدِّ الْمَالَ مَا لَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ بِجِهَةٍ تُوجِبُ الرَّدَّ كَالْغَصْبِ، وَالْعَارِيَّةِ وَقَضِيَّتُهُ الِاسْتِحْقَاقُ بِالرَّدِّ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ وَتَعْلِيلُهُمَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ بِوُجُوبِ الدَّلَالَةِ شَرْعًا يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّالُّ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اسْتَحَقَّ (وَلَوْ لِغَيْرٍ كَانَ ذَا حُصُولِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْعَمَلُ حَاصِلًا لِغَيْرِ الْمُلْتَزِمِ كَقَوْلِهِ: رُدَّ عَبْدَ زَيْدٍ وَلَك كَذَا، فَإِنَّ الْجِعَالَةَ تَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ الْجُعْلُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْتِزَامِ الثَّمَنِ فِي بَيْعِ غَيْرِهِ، وَالثَّوَابِ عَلَى هِبَةِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمَا عِوَضَا تَمْلِيكٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُهُمَا عَلَى غَيْرِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمِلْكُ، وَلَيْسَ الْجُعْلُ عِوَضَ تَمْلِيكٍ. وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ بِهَذَا الْقَوْلِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى الْآبِقِ فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ؟ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَاضٍ بِهِ قَطْعًا، أَوْ بِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَأْذَنَ الْمَالِكُ لِمَنْ شَاءَ فِي الرَّدِّ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ قَالَ قَالَ زَيْدٌ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْعَامِلِ) فَإِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى الْجَوَازِ، مَعَ جَهْلِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَ ضَبْطُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَبْطِهِ إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: فَتَصِحُّ الْجِعَالَةُ عَلَى مَعْلُومٍ، أَوْ مَجْهُولٍ عَسُرَ عِلْمُهُ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ. (فَرْعٌ)
قَالَ: بِعْهُ بِكَذَا، أَوْ اعْمَلْ كَذَا وَلَك عَشَرَةٌ أَيْ: وَأَتَيَا بِمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً وَجِعَالَةً كَمَا فِي شَرْحِهِ، فَإِنْ ضَبَطَ الْعَمَلَ فَإِجَارَةٌ، وَإِلَّا فَجِعَالَةٌ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ بَعْضِ التَّصَانِيفِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْإِمَامِ تَفْرِيعٌ عَلَى اخْتِيَارِهِ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْجِعَالَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا، لَكِنْ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ خِلَافَهُ. اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مَحَلُّ هَذَا، إذَا أَتَيَا بِمَا يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْهُمَا فَيُحْمَلُ عِنْدَ الضَّبْطِ عَلَى الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَقْوَى وَمَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ، إذَا لَمْ يَصْلُحْ مَا أَتَيَا بِهِ إلَّا لَلْجِعَالَةِ، أَوْ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِهَا، لَكِنْ يَشْكُلُ حِينَئِذٍ وَجْهُ اعْتِبَارِ الضَّبْطِ، إذَا لَمْ يَصْلُحْ مَا أَتَيَا بِهِ إلَّا لِلْجِعَالَةِ وَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ إذَا صَلُحَ لَهُمَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي، فَإِنْ ضَبَطَ الْعَمَلَ فَإِجَارَةٌ إلَخْ، فَإِنْ أَمْكَنَ ضَبْطُهُ فَإِجَارَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَجِعَالَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: كَآبِقٍ) أَيْ: فِي رَدِّهِ كُلْفَةٌ، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ، مَعَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَيُسَلِّمُهُ لَهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ إلَخْ) فَلَوْ فُرِضَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ انْتِفَاءُ الْمَشَقَّةِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ اعْتِبَارًا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ التَّعْلِيلُ بِالْغَالِبِ، أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ لُحُوقِ الْمَشَقَّةِ بَعْدَ النِّدَاءِ فَلَا عِبْرَةَ بِلُحُوقِهَا قَبْلَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَخْ) فَيُحْمَلُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَدَّقْ، أَوْ لَمْ يَتْعَبْ بِقَرِينَةِ مَا عَلَّلَ بِهِ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّهُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ نَفْسَهُ الرَّدُّ لَكِنَّهُ لَازِمٌ لِوَلِيِّهِ، وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْجُعْلُ) نَعَمْ إنْ كَانَ وَلِيًّا وَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ وَكَانَ الْجُعْلُ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَقَلُّ فَهُوَ فِي مَالِ الْمَوْلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَالِكَ رَاضٍ بِهِ قَطْعًا) أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ أَخْذًا
[حاشية الشربيني]
أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا فَيَتَقَيَّدُ بِمَا إذَا عَجَزَ، أَوْ لَمْ يَلِقْ بِهِ. وَالْفَرْقُ أَظْهَرُ إنْ كَانَتْ مَسْأَلَةُ الْإِعَانَةِ مَفْرُوضَةً فِيمَا إذَا شَارَكَهُ فِي الْعَمَلِ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ الْمُعِينُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْمُعَاوَنَةِ. اهـ. سم عَلَى الْغَايَةِ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ غَرَضُ الْمَالِكِ الرَّدَّ مِنْ الْمُعِينِ بِخُصُوصِهِ اُشْتُرِطَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ عُذْرُ الْمُعِينِ، أَوْ عَدَمُ اللِّيَاقَةِ مَعَ عِلْمِ الْمَالِكِ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَغَرَضُ الْمُلْتَزِمِ الْعَمَلُ إلَخْ تَدَبَّرْ، وَأَمَّا التَّوْكِيلُ فَقَالَ م ر: إنَّ تَوْكِيلَ الْعَامِلِ الْمُعِينَ فِي الرَّدِّ كَتَوْكِيلِ الْوَكِيلِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ وَعَلِمَ بِهِ الْقَائِلُ، أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا يَسْتَعِينُ بِهِ. وَتَوْكِيلُ غَيْرُ الْمُعِينُ بَعْدَ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ غَيْرَهُ كَالتَّوْكِيلِ فِي الِاحْتِطَابِ، وَالِاسْتِقَاءِ وَنَحْوِهِمَا فَيَجُوزُ
(قَوْلُهُ: وَلَك كَذَا) فَيَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْتِزَامُ. اهـ. ش م ر. (قَوْلُهُ: أَنْ يَأْذَنَ الْمَالِكُ إلَخْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute