يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ الْأَوَّلَ وَأَقَرَّهُ السُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ، وَغَيْرُهُمَا فَعَلَى قَوْلِ الْغَزَالِيِّ لَوْ عَمِلَ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ الْأَوَّلَ خَاصَّةً، وَمَنْ سَمِعَ الثَّانِيَ اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ نِصْفَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي مِثْلَ الْمُسَمَّى الثَّانِي.
وَعَلَى قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ يَسْتَحِقُّ الْأَوَّلُ نِصْفَ الْجُعْلِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي نِصْفَ الثَّانِي، أَمَّا التَّغْيِيرُ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ لَزِمَ.
(وَ) جَازَ (نَقْصُهُ) بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ: نَقْصُ الْجُعْلِ (لِنُقْصَانِ الْعَمَلْ) مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ (كَالرَّدِّ) لِلْآبِقِ مَثَلًا (مِنْ) مَكَان (أَقْرَبَ) مِنْ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ، فَلَوْ رَدَّهُ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ الْمُتَسَاوِيَةِ سُهُولَةً وَحُزُونَةً فَلَهُ نِصْفُ الْجُعْلِ، أَوْ مِنْ ثُلُثِهِ فَثُلُثُهُ (أَوْ، إنْ عَاوَنَا) أَيْ: وَكَأَنْ عَاوَنَ (غَيْرُ الَّذِي) قَدْ (عَيَّنَ) لِلْعَمَلِ (مَنْ قَدْ عُيِّنَا) لَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ نَقْصُ الْجُعْلِ إنْ عَاوَنَهُ لِيُشَارِكَهُ، أَوْ لِلْمُلْتَزِمِ فَقَطْ، أَوْ لَهُ وَلِلْعَامِلِ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: (إلَّا لَهُ) أَيْ: إلَّا إذَا عَاوَنَ لِلْعَامِلِ فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ نَقْصُ الْجُعْلِ، بَلْ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ فَقَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْمُعَاوَنَةِ، وَغَرَضُ الْمُلْتَزِمِ الْعَمَلُ بِأَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى قَصْرِ الْعَمَلِ عَلَى الْمُخَاطَبِ وَلَهُ مِنْ الْجُعْلِ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ الْمَعْلُومَةِ مَا يَخُصُّهُ بِتَوْزِيعِهِ عَلَى الرُّءُوسِ، إلَّا فِيمَا إذَا عَاوَنَ لَهُمَا فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْجُعْلِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِلْمُعَاوِنِ، إلَّا، إنْ الْتَزَمَهَا لَهُ
. (وَيَمْنَعُ) الْجَاعِلُ الْعَامِلَ (التَّزَيُّدَا)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَمَنْ سَمِعَ الثَّانِيَ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ سَمِعَ الْأَوَّلَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ نَقْصُ الْجُعْلِ) أَيْ: بِحَسَبِ الْعَمَلِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: الْآتِي بِتَوْزِيعِهِ عَلَى الرُّءُوسِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ عَمِلَ الْآخَرُ أَيْ: الْمُعَاوِنُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِلْمَالِكِ أَيْ: أَوْ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلِزَيْدٍ النِّصْفُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: إنْ اسْتَوَيَا عَمَلًا. اهـ. وَلَا يَشْكُلُ اشْتِرَاطُ الِاسْتِوَاءِ عَمَلًا فِي اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْعَامِلُ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَسْتَحِقَّانِ بِالسَّوِيَّةِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُعَاوِنَ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذَا الْعَقْدِ، فَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى مِقْدَارِ عَمَلِهِ لِيَعْرِفَ حِصَّةَ الْعَامِلِ، بِخِلَافِ الْعَامِلَيْنِ فَإِنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِهِمَا، وَلَمْ يُمْكِنْ ضَبْطُ عَمَلِهِمَا عِنْدَهُ فَأَعْرَضْنَا عَنْهُ وَجَعَلْنَا الِاسْتِحْقَاقَ بِحَسَبِ الرُّءُوسِ يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَعْنِي اشْتِرَاطَ الِاسْتِوَاءِ عَمَلًا فِي اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ الْمُقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَمَلُ الْعَامِلِ قَدْرَ ثُلُثِ الْعَمَلِ مَثَلًا اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ إشْكَالُ إطْلَاقِ قَوْلِ الشَّارِحِ مَا يَخُصُّهُ بِتَوْزِيعِهِ عَلَى الرُّءُوسِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْجُعْلِ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ لَهُ النِّصْفَ فَقَطْ وِفَاقًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْأَنْوَارِ فَرَدَّهُ هُوَ وَغَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ، وَالْجُعْلُ بِتَمَامِهِ لِزَيْدٍ، إنْ قَصَدَ الْغَيْرُ مُعَاوَنَتَهُ مَجَّانًا، أَوْ بِعِوَضٍ الْتَزَمَهُ زَيْدٌ، وَإِنْ قَصَدَ الْمَالِكَ، أَوْ قَصَدَهُمَا، أَوْ عَاوَنَ مُطْلَقًا فَلِزَيْدٍ نِصْفُ الْجُعْلِ. اهـ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ الرَّوْضُ: وَإِنْ عَمِلَ الْآخَرُ أَيْ: الْمُعَاوِنُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِلْمَالِكِ أَيْ: أَوْ مُطْلَقًا كَمَا بَحَثَهُ فِي شَرْحِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلِزَيْدٍ النِّصْفُ. اهـ. زَادَ شَيْخُنَا بِخَطِّهِ: أَوْ لِلْمَالِكِ، وَالْعَامِلِ، أَوْ لِلْجَمِيعِ وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ، إنْ قَصَدَ الْعَامِلَ فَقَطْ فَلِلْعَامِلِ، وَإِلَّا فَلَهُ النِّصْفُ فَقَطْ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ. وَكَأَنَّ وَجْهَهُ فِيمَا إذَا قَصَدَ الْمَالِكَ، وَالْعَامِلَ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي رَدِّ الْمَالِكِ، وَالْمَنْفَعَةَ فِيهِ إنَّمَا هِيَ بِالذَّاتِ لِلْمَالِكِ م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
وَالْمُتَوَلِّي قَالَ: وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. وَحَاصِلُ مَا اعْتَمَدَهُ م ر وَهُنَا كَالْإِجَارَةِ أَنَّهُ إنْ سَلِمَ الْعَامِلُ، وَوَصَلَ مَا عَمِلَ فِيهِ لِلْمَالِكِ اسْتَحَقَّ الْكُلَّ فَإِنْ تَلِفَ الْعَامِلُ فَقَطْ كَعَامِلٍ مَاتَ وَسَفِينَةٍ غَرِقَتْ وَسَلِمَ حَمْلُهَا وَجَبَ الْقِسْطُ، وَإِنْ سَلِمَ الْعَامِلُ فَقَطْ وَتَلِفَ مَا عَمِلَ فِيهِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا بِأَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ، أَوْ فِي مِلْكِهِ، أَوْ سَلَّمَهُ لَهُ وَظَهَرَ أَثَرُهُ وَجَبَ قِسْطُ الْمُسَمَّى وَذَلِكَ كَثَوْبٍ خَاطَهُ بِنَفْسِهِ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ، أَوْ فِي مِلْكِهِ، أَوْ سَلَّمَهُ، ثُمَّ احْتَرَقَ، وَحَائِطٍ بَنَى بَعْضَهَا بِحَضْرَتِهِ، أَوْ فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ انْهَدَمَتْ وَصَبِيٍّ حُرٍّ مَاتَ أَثْنَاءَ التَّعْلِيمِ.
أَمَّا الرَّقِيقُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يُعَلِّمَهُ بِحَضْرَةِ سَيِّدِهِ، أَوْ فِي مِلْكِهِ، أَوْ يُسَلِّمَهُ لَهُ، أَوْ يَعُودَ هُوَ إلَيْهِ بِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فَإِنْ لَمْ يَقَعْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا بِمَا مَرَّ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ كَجَرَّةٍ انْكَسَرَتْ، وَمَحْمُولٍ نُهِبَ، أَوْ غَرِقَ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ أَصْلًا. اهـ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَرَّةِ وَبَيْنَ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الْعَمَلَ فِي مَسْأَلَةِ مَا أَفْتَى بِهِ يُمْكِنُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ لِسَلَامَةِ الْأَمْتِعَةِ مَعَ تَلَفِ الْحَامِلِ فَيُمْكِنُ لِلْمَالِكِ حِينَئِذٍ حَمْلُهَا عَلَى دَابَّةٍ، أَوْ سَفِينَةٍ أُخْرَى، بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَتْ الْأَمْتِعَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَرَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْبِنَاءُ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ فَحِينَ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ ظَهَرَ أَثَرُ الْعَمَلِ، وَحَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يَظْهَرْ وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِمَّا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَ الْكَاتِبُ تَرْتِيبَ الْكِتَابِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الْبِنَاءُ عَلَى مَا عَمِلَ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ أَمْكَنَ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ فَاللَّازِمُ إمَّا ظُهُورُ الْأَثَرِ، أَوْ إمْكَانُ الْبِنَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) أَيْ: لِجَمِيعِ الْعَمَلِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالنِّدَاءِ الثَّانِي أَثْنَاءَ الْعَمَلِ وَاسْتَمَرَّ فِيهِ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فِي أَثْنَائِهِ اسْتَحَقَّ لِمَا قَبْلَ الْعِلْمِ قِسْطَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَلِمَا بَعْدَهُ قِسْطَ الْمُسَمَّى الثَّانِي. (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ نِصْفَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ وَقَعَ الْفَسْخُ بِالتَّغْيِيرِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَعَمِلَ جَاهِلًا بِهِ وَيُشَارِكُهُ مَنْ عَلِمَ النِّدَاءَ الثَّانِيَ فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَهُ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا مَضَى، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ جَاهِلًا وَشَارَكَهُ مَنْ عَلِمَ الثَّانِيَ اسْتَحَقَّ هُوَ نِصْفَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ وَلِلْمُشَارِكِ قِسْطُ مَا عَمِلَ مِنْ الْمُسَمَّى الثَّانِي، فَلَوْ كَانَ الْفَسْخُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِ الْعَمَلِ وَاسْتَمَرَّ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ النِّصْفُ لِمَا قَبْلَ الْفَسْخِ، وَالرُّبْعُ لِمَا بَعْدَهُ، وَلِلْمُشَارِكِ رُبْعُ الْمُسَمَّى الثَّانِي؛ نَظَرًا لِقَدْرِ مَا عَمِلَ؛ إذْ لَوْ اسْتَقَلَّ مَنْ عَلِمَ بِالثَّانِي فَقَطْ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ مِنْهُ إلَّا النِّصْفَ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِاسْتِحْقَاقِهِ الْكُلَّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمَنْهَجِ وَالْحَلَبِيِّ فَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ، وَالْمُرَاجَعَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ هُوَ الْجُعْلَ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْعَمَلِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُعِينِ، وَالْوَكِيلِ وَيُحْتَمَلُ