للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسْلَمًا بِظُهُورِ أَثَرِهِ، وَالْحَمْلُ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْجَرَّةِ وَبِمَا قَالَاهُ عُلِمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ فِي الْإِجَارَةِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ وَمِثْلُهَا الْجِعَالَةُ.

(وَقَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ نَقْضُ) بِالْمُعْجَمَةِ (مَا جَعَلْ جَازَ) أَيْ: وَجَازَ لِلْمُلْتَزِمِ قَبْلَ فَرَاغِ الْعَامِلِ مِنْ الْعَمَلِ نَقْضُ الْجُعْلِ أَيْ: تَغْيِيرُهُ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ، أَوْ جِنْسٍ كَالثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَلِلْعَامِلِ الْجُعْلُ الثَّانِي، إنْ غَيَّرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ النِّدَاءَ الثَّانِيَ فَسْخٌ لِلْأَوَّلِ، وَالْفَسْخَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَحَلُّهُ فِيمَا قَبْلَ الشُّرُوعِ أَنْ يَعْلَمَ الْعَامِلُ بِالتَّغْيِيرِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فِيمَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَلَمْ يُعْلِنْ بِهِ الْمُلْتَزِمُ فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ: يَنْقَدِحُ أَنْ يُقَالَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْحَمْلُ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ هَذَا، مَعَ قَوْلِهِ: الْآتِي وَبِمَا قَالَاهُ عُلِمَ إلَخْ) صَرَّحَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْقِسْطِ فِي صُورَةِ الْجَرَّةِ، وَإِنْ كَانَ انْكِسَارُهَا بَعْدَ تَسْلِيمِهَا لِمَالِكِهَا؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ وَشَرَطَ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ وُجُودَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ وَقَدْ انْتَفَى الثَّانِي فِي صُورَةِ الْجَرَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ وَبِهَذَا يَشْكُلُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مِنْ وُجُوبِ الْقِسْطِ فِيمَا لَوْ اكْتَرَاهُ لِنَقْلِ أَحْمَالٍ إلَى مَكَّةَ مَثَلًا فَتَلِفَ الْحَامِلُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ دُونَ الْأَحْمَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ بِظُهُورِ الْأَثَرِ يَكُونُ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَبِمَا قَالَاهُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بِرّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ أَنَّ التَّسْلِيمَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِيمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ وَقَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ نَقْضُ مَا جَعَلَ جَازَ عِبَارَةُ الرَّوْضِ. (فَرْعٌ)

وَإِنْ زَادَ، أَوْ نَقَصَ اعْتَبَرَ النِّدَاءَ الْأَخِيرَ فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ، أَوْ كَانَ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَجَبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا قَالَهُ فِي الْأُولَى لِجَمِيعِ الْعَمَلِ وَفِي الثَّانِيَةِ لِعَمَلِهِ قَبْلَ النِّدَاءِ الثَّانِي أَمَّا عَمَلُهُ بَعْدَهُ فَفِيهِ قِسْطُهُ مِنْ مُسَمَّاهُ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَمِلَ شَيْئًا بَعْدَ الْفَسْخِ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا فَسَخَ بِلَا بَدَلٍ، بِخِلَافِ هَذَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: أَمَّا عَمَلُهُ بَعْدَهُ فَفِيهِ قِسْطُهُ مِنْ مُسَمَّاهُ هَذَا مَحَلُّهُ، إذَا عَلِمَ الْعَامِلُ، وَإِلَّا فَفِيهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا وَجَبَتْ، إذَا غَيَّرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَامِلُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلِنْ بِهِ الْمُلْتَزِمُ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفَ يُقَابِلُ هَذَا قَوْلَهُ: أَنْ يَعْلَمَ الْعَامِلُ إلَخْ؛ إذْ قَدْ لَا يُعْلِنُ وَلَكِنْ يَعْلَمُ الْعَامِلُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: بِظُهُورِ أَثَرِهِ إلَخْ) قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّ ظُهُورَ الْأَثَرِ كَافٍ فِي وُقُوعِهِ مُسَلَّمًا وَلَيْسَ مُرَادًا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَمُولِيِّ مِنْ تَقْيِيدِ اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ، وَالْجِدَارِ بَكَوْنِ التَّلَفِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُمَا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ: فِيمَا لَوْ قَصَّرَ الْأَجِيرُ الثَّوْبَ، أَوْ صَبَغَهُ، ثُمَّ تَلِفَ بَعْدَ الْقِصَارَةِ، وَالصِّبْغِ أَنَّهُ إنْ انْفَرَدَ بِالْيَدِ سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ، وَإِنْ عَمِلَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ، أَوْ بِحَضْرَتِهِ لَمْ تَسْقُطْ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ فِيهِ مُسَلَّمًا أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَيُؤَوَّلُ قَوْلُهُمَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ وُقُوعَ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا إلَى الْمَالِكِ بِإِقْبَاضِهِ، أَوْ كَوْنِهِ بِحَضْرَتِهِ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ أَيْ: بِأَنْ يَحْصُلَ لِلْمَحَلِّ مِنْهُ وَصْفٌ حَقِيقِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْسُوسًا كَالْخِيَاطَةِ، وَالتَّعْلِيمِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْجَرَّةِ، وَإِنْ كَسَرَهَا بَعْدَ تَسْلِيمِهَا إلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ التَّسْلِيمِ لَا يَكْفِي فِي اسْتِحْقَاقِ الْقِسْطِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ ظُهُورِ الْأَثَرِ عَلَى الْمَحَلِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَرَّةِ وَغَيْرِهَا كَمَا لَا يَخْفَى.

وَمِنْ هُنَا يُشْكِلُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ كَارَى عَلَى حَمْلِ أَمْتِعَةٍ إلَى مَكَّةَ مَثَلًا فِي الْبَحْرِ، أَوْ الْبَرِّ مِنْ أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ بِنَحْوِ غَرَقٍ، أَوْ نَهْبٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأَجِيرُ الْقِسْطَ لِعَدَمِ وُقُوعِ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ حَامِلُهَا دُونَهَا كَأَنْ غَرِقَتْ السَّفِينَةُ، أَوْ مَاتَتْ الْإِبِلُ الْحَامِلَةُ وَسَلِمَتْ هِيَ فِيهِمَا وَتَسَلَّمَهَا الْمَالِكُ، أَوْ نَائِبُهُ فِي مَحَلِّ التَّلَفِ فَيَسْتَحِقُّ الْقِسْطَ لِوُقُوعِ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا، وَوَجْهُ إشْكَالِهِ أَنَّهُ أَوْجَبَ الْقِسْطَ فِي الشِّقِّ الثَّانِي بِمُجَرَّدِ وُقُوعِ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي كَمَا تَقَرَّرَ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ ظُهُورِ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ وَلَمْ يُوجَدْ كَمَا تَبَيَّنَ وَلَوْ صَحَّ الْتِزَامُ وُجُودِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَجَبَ الْتِزَامُهُ أَيْضًا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فِيمَا لَوْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمَالِكِ، وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ كَمَا تَبَيَّنَ فِي مَسْأَلَةِ الْجَرَّةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا الْأَثَرَ لَمَّا ضَعُفَ بِكَوْنِهِ اعْتِبَارِيًّا اُعْتُدَّ بِهِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْعَيْنِ لِتَقَوِّيهِ حِينَئِذٍ لَا مُطْلَقًا وَيَرُدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ الِاحْتِيَاجِ فِي ذَلِكَ إلَى سَنَدٍ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَتْ السَّلَامَةُ إلَى تَسْلِيمِ الْمَالِكِ فَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا أَوَّلًا إلَى غَايَةٍ، أَوْ إلَى غَايَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَوُصُولِ الْمَقْصِدِ فَهِيَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ تَحْتَاجُ إلَى مَعْنًى صَحِيحٍ يُعَضِّدُهُ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ قِيَاسَ مَا أَفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِلرُّكُوبِ إلَى مَوْضِعٍ فَمَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَجَبَ الْقِسْطُ؛ إذْ الرَّاكِبُ هُنَا كَالْأَمْتِعَةِ فِيمَا قَالَهُ. وَظَاهِرُ مَا قَالُوهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَرَّةِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَجَمِيعُ مَا تَقَرَّرَ فِي مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ يَجْرِي نَظِيرُهُ فِي مَسَائِلِ الْجِعَالَةِ. اهـ. سم عَلَى الْغَايَةِ، وَمَا فَهِمَهُ أَوَّلًا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ حَجَرٌ فِي ش الْإِرْشَادِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ تَصْرِيحِ ابْنِ الصَّبَّاغِ

<<  <  ج: ص:  >  >>