للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ يَضِقْ) عَنْهُمَا (يُقْرَعْ) بَيْنَهُمَا؛ لِعَدَمِ الْمَزِيَّةِ نَعَمْ، إنْ كَانَتْ حَاجَةُ أَحَدِهِمَا أَشَدَّ كَعَطَشٍ قُدِّمَ (وَ) أَحَقُّ بِمَاءِ الْبِئْرِ (فِي الْبِئْرِ الَّتِي يَحْفِرُهَا) فِي الْمَوَاتِ (لِلرِّفْقِ) أَيْ: رِفْقِ نَفْسِهِ مِنْ حَفْرِهَا (حَتَّى الرِّحْلَةِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ: إلَى ارْتِحَالِهِ، فَإِذَا ارْتَحَلَ وَعَادَ فَكَغَيْرِهِ، أَمَّا لَوْ حَفَرَهَا لِرِفْقِ الْمَارَّةِ، أَوْ بِلَا قَصْدٍ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ، أَوْ لِلتَّمَلُّكِ، أَوْ حَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ مَلَكَ مَاءَهَا؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ كَالثَّمَرَةِ، وَاللَّبَنِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ الَّتِي حَفَرَهَا لِرِفْقِ نَفْسِهِ كَمَا يُفْهِمُهُ بِالْأُولَى قَوْلُهُ: (وَفِي) الْبِئْرِ (الَّتِي يَمْلِكُ) أَيْ: يَمْلِكُهَا (حَافِرٌ بَذَلْ) بِالْمُعْجَمَةِ وُجُوبًا (عَلَى الْمَوَاشِي لَا الزُّرُوعِ) أَيْ: لِمَوَاشِي غَيْرِهِ لَا زُرُوعِهِ (مَا فَضَلْ) مِنْ الْمَاءِ عَنْ حَاجَةِ نَفْسِهِ وَمَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ» أَيْ: مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَاشِيَةَ إنَّمَا تَرْعَى بِقُرْبِ الْمَاءِ، فَإِذَا مَنَعَ مِنْ الْمَاءِ فَقَدْ مَنَعَ مِنْ الْكَلَأَ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَاشِيَةُ لِمُجْتَازٍ، أَمْ لِمُرِيدِ الْإِقَامَةِ وَإِنَّمَا وَجَبَ بَذْلُهُ لَهَا لَا لِلزَّرْعِ؛ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ فَيَجِبُ بَذْلُهُ لِلرُّعَاةِ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِلْمَاشِيَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ثَمَّةَ مَاءٌ مُبَاحٌ وَأَنْ يَكُونَ ثَمَّةَ كَلَأٌ يُرْعَى وَأَنْ لَا يُحْرِزَهُ فِي إنَاءٍ، أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا يَجِبُ بَذْلُ فَضْلِ الْكَلَأِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَخْلَفُ فِي الْحَالِ وَيُتَمَوَّلُ فِي الْعَادَةِ وَزَمَنَ رَعْيِهِ يَطُولُ فَيَطُولُ الْمُكْثُ فِي أَرْضِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ.

وَالْمُرَادُ بِالْبَذْلِ التَّخْلِيَةُ لَا الِاسْتِقَاءُ وَإِعَارَةُ الدَّلْوِ، وَالْحَبْلِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَحَيْثُ لَزِمَهُ الْبَذْلُ لِلْمَاشِيَةِ لَزِمَهُ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْ حُضُورِ الْبِئْرِ، إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي زَرْعٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، وَإِلَّا مُنِعَتْ لَكِنْ يَجُوزُ لِلرُّعَاةِ اسْتِقَاءُ فَضْلِ الْمَاءِ لَهَا وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْبَذْلَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ عِوَضًا لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقِيلَ: يَجُوزُ كَمَا فِي إطْعَامِ الْمُضْطَرِّ، وَالْقَنَاةُ كَالْبِئْرِ فِيمَا ذَكَرَ، إلَّا أَنَّ حَفْرَهَا لِمُجَرَّدِ الِارْتِفَاقِ لَا يَكَادُ يَتَّفِقُ.

(وَشَرِكَةُ) الْمُتَمَلِّكِينَ فِي حَفْرِ (الْقَنَاةِ) ، أَوْ النَّهْرِ (مَا) زَائِدَةٌ (بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الْأَعْمَالِ) أَيْ: بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، إنْ عَمِلُوا بِأَنْفُسِهِمْ، فَإِنْ شَرَطُوا أَنْ تَكُونَ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ الْأَرْضِ فَلْيَكُنْ عَمَلُ كُلٍّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ أَرْضِهِ، فَإِنْ زَادَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مُتَطَوِّعًا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَقِيَّةِ، أَوْ بِإِكْرَاهِهِمْ، أَوْ شَرَطُوا لَهُ عِوَضًا رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِأُجْرَةِ مَا زَادَ (أَوْ) بِحَسَبِ (مَا غَرِمُوا) عَلَى الْحَفْرِ، إنْ لَمْ يَعْمَلُوا بِأَنْفُسِهِمْ بَلْ بِعُمَّالِهِمْ، ثُمَّ لَهُمْ قِسْمَةُ الْمَاءِ بِنَصْبِ خَشَبَةٍ مُسْتَوِيَةٍ فِي عُرْضِ النَّهْرِ يُفْتَحُ فِيهَا ثُقَبٌ مُتَسَاوِيَةٌ، أَوْ مُتَفَاوِتَةٌ بِقَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَيَجُوزُ تَسَاوِيهَا مَعَ تَفَاوُتِ الْأَنْصِبَاءِ لَكِنْ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ مَثَلًا ثُقْبَةٌ وَلِلْآخَرِ ثُقْبَتَانِ، ثُمَّ يَسُوقُ كُلٌّ نَصِيبَهُ فِي سَاقِيَتِهِ إلَى أَرْضِهِ. وَيَجُوزُ قِسْمَتُهُ مُهَايَأَةً، وَلَا يَلْزَمُ، بَلْ لِكُلٍّ الرُّجُوعُ لَكِنْ لَوْ رَجَعَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ نَوْبَتِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ شَرِيكَهُ ضَمِنَ لَهُ أُجْرَةَ مِثْلِ نَصِيبِهِ مِنْ النَّهْرِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي أَجْرَى فِيهَا الْمَاءَ، وَلَوْ تَنَازَعُوا فِي قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَرْضِينَ فَيَجْعَلُ بِقَدْرِ مِلْكِهَا فَإِنَّهُ الظَّاهِرُ فِي الشَّرِكَةِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ تَقْدِيمُ رَأْسِ السَّاقِيَّةِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ إلَى أَرْضِهِ، أَوْ تَأْخِيرُهُ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْبَابِ إلَى رَأْسِ السِّكَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ ثَمَّةَ فِي جِدَارِهِ وَهُنَا فِي الْحَافَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ ذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَتْ حَاجَةُ أَحَدِهِمَا أَشَدَّ) يَنْبَغِي، أَوْ كَانَ ذِمِّيًّا قُدِّمَ الْمُسْلِمُ. (قَوْلُهُ: بَذَلَ عَلَى الْمَوَاشِي إلَخْ) هَلْ يَجْرِي هَذَا الْكَلَامُ فِي نَحْوِ السَّيْلِ الدَّاخِلِ فِي مِلْكِهِ وَيَتَّجِهُ الْجَرَيَانُ؟ . (قَوْلُهُ: عَنْ حَاجَةِ نَفْسِهِ إلَخْ) هَذَا إنْ لَمْ يُوجَدْ اضْطِرَارٌ، وَإِلَّا وَجَبَ بَذْلُهُ لِذِي رُوحٍ مُحْتَرَمَةٍ كَآدَمِيٍّ، وَإِنْ احْتَاجَهُ لِمَاشِيَتِهِ، وَمَاشِيَةٍ وَإِنْ احْتَاجَهُ لِزَرْعٍ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: كَلَأً يُرْعَى) شَامِلٌ لِلْكَلَأِ الْمَمْلُوكِ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ قَيَّدَ بِالْمُبَاحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَاشِيَةٍ) يَنْبَغِي، أَوْ فِي الْبِئْرِ كَمَا لَوْ كَانَ حُضُورُ الْمَاشِيَةِ يُوجِبُ انْهِيَارَهَا، أَوْ انْهِيَارَ بَعْضِ أَجْزَائِهَا، أَوْ سُقُوطَ نَحْوِ التُّرَابِ، وَالطِّينِ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْبَذْلَ) دَلَّ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْعِوَضِ، إذَا لَمْ نُوجِبْ الْبَذْلَ وَمِنْهُ أَنْ لَا يَفْضُلَ عَنْهُ، أَوْ يَحُوزَهُ فِي إنَاءٍ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَرْضِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الْأَرْضُ الْخَارِجَةُ عَنْ مَحَلِّ حَفْرِ الْقَنَاةِ الَّتِي يُرَادُ سَقْيُهَا بِالْقَنَاةِ أَمَّا لَوْ كَانَ مَحَلُّ الْحَفْرِ مَمْلُوكًا لَهُمْ فَلَا يَتَغَيَّرُ قَدْرُ أَمْلَاكِهِمْ بِعَدَمِ شَرْطِ مَا ذَكَرَ، بَلْ هُوَ بِحَالِهِ شَرَطُوا مَا ذَكَرَ، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: بِنَصْبِ خَشَبَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى الْقِسْمَةِ بِتَعْرِيضِ الْخَشَبَةِ الْمَذْكُورَةِ مَحَلُّهُ عِنْدَ ضِيقِ الْمَاءِ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ لِكُلٍّ الرُّجُوعُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلِكُلٍّ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ، إنْ اقْتَسَمُوا مُهَايَأَةً. (قَوْلُهُ: مِنْ النَّهْرِ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَاءِ كَآلَةٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، لَكِنْ قَدْ الْمَاء مَمْلُوكًا

ــ

[حاشية الشربيني]

الْبُرْجَيْنِ وَهُوَ عَدَمُ الِانْبِهَامِ بِمُبَاحٍ. وَحَقِيقَةُ الْفَارِقِ كَوْنُ الِانْبِهَامِ بِمُبَاحٍ لَا مُجَرَّدِ الِانْبِهَامِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي اخْتِلَاطِ مَاءَيْنِ لِمَالِكَيْنِ بِأَنْفُسِهِمَا، وَأَمَّا دُخُولُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي مِلْكِ الْغَاصِبِ فَلِتَعَدِّيهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) فَيُقَدَّمُ الظَّامِئُ عَلَى غَيْرِهِ وَطَالِبُ الشُّرْبِ عَلَى طَالِبِ السَّقْيِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: عَنْ حَاجَةِ نَفْسِهِ إلَخْ) أَيْ: النَّاجِزَةِ شَرْحُ م ر وَقَيَّدَهُ ق ل بِمَا يُخْلَفُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْفَضْلُ عَنْ حَاجَتِهِ النَّاجِزَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: مُبَاحٌ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ إلَخْ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ بَيْعَ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ ق ل. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ قِسْمَتُهُ مُهَايَأَةً) قَالَ م ر: إلَّا إذَا كَانَتْ تَارَةً يَكْثُرُ مَاؤُهَا وَتَارَةً يَقِلُّ فَتَمْتَنِعُ الْمُهَايَأَةُ كَمَا مَنَعُوا فِي لَبُونٍ يَحْلِبُ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاوُتِ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ قِسْمَتُهُ مُهَايَأَةً) أَيْ: وَالْقَنَاةُ وَاحِدَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمْ. (قَوْلُهُ: أُجْرَةَ مِثْلِ نَصِيبِهِ مِنْ النَّهْرِ) أَيْ أُجْرَةَ أَخْذِ مِثْلِ نَصِيبِهِ مِنْ الْقَنَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>