للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فِي الْمُعَيَّنِ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً لِلتَّمْلِيكِ الْمَحْضِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْوَقْفِ بِنِيَّتِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِجَمْعٍ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَمِنْ الْكِنَايَةِ وَيَصِحُّ الْوَقْفُ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ ثُمَّ هِيَ قَدْ تَكُونُ صَرِيحَةً فِيهِ وَقَدْ تَكُونُ كِنَايَةً كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ بِغَيْرِ صِيغَةٍ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ فَلَوْ أَذِنَ فِي الدَّفْنِ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَصِرْ مَقْبَرَةً وَإِنْ دَفَنَ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ بَنَى بِنَاءً عَلَى هَيْئَةِ الْمَسْجِدِ وَأَذِنَ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ لَمْ يَصِرْ مَسْجِدًا وَإِنْ صَلَّى فِيهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ: إلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوَاتٍ فَيَصِيرُ مَسْجِدًا بِالْبِنَاءِ وَالنِّيَّةِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: الْمَوَاتُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ مَنْ أَحْيَاهُ مَسْجِدًا وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِلَّفْظِ لِإِخْرَاجِ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ عَنْهُ وَصَارَ لِلْبِنَاءِ حُكْمُ الْمَسْجِدِ تَبَعًا. .

(فِي كُلِّ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ الرَّقَبَهْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى الْإِمَالَةِ أَحْسَنُ مِنْ فَتْحِهَا هُنَا أَيْ صَحَّ الْوَقْفُ فِي مَمْلُوكِ الرَّقَبَةِ وَلَوْ مُشَاعًا وَمَنْقُولًا فَخَرَجَ النَّجِسُ كَالْكَلْبِ لِانْتِفَاءِ الْمِلْكِ وَالْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِانْتِفَاءِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ.

وَحِكْمَتُهُ: أَنَّ الْوَقْفَ يَسْتَدْعِي أَصْلًا يُحْبَسُ لِتُسْتَوْفَى مَنْفَعَتُهُ عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ وَقْفِ الْمُشَاعِ مَسْجِدًا وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَالَ: يَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ تَغْلِيبًا لِلْمَنْعِ وَتَجِبُ الْقِسْمَةُ لِتَعَيُّنِهَا طَرِيقًا قَالَ السُّبْكِيُّ الْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَدْ يُوهِمُ تَصَوُّرَ الْمِلْكِ هُنَا بِهَذَا اللَّفْظِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تُمْلَكُ إلَّا بِقَبْضِهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَفْظٌ مُطْلَقًا وَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعَ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِمَا فِي الصَّدَقَةِ لَا يُتَصَوَّرَانِ فِي الْجِهَةِ سم. (قَوْلُهُ لِلتَّمْلِيكِ الْمَحْضِ) قِيلَ: فَإِنْ قَبِلَ وَقَبَضَ مَلَكَهُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا إيجَابٌ وَلَا قَبُولٌ بَلْ يَكْفِي الدَّفْعُ وَالْأَخْذُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ هَذَا الْقَائِلُ فِي بَابِ الْهِبَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيَصِيرُ وَقْفًا صَرَّحَ بِهِ الْمَرْعَشِيُّ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ بِالْبِنَاءِ وَالنِّيَّةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ هَذَا جَرَيَانُهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَالرِّبَاطِ وَالْمَقْبَرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِلَّفْظِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَذِنْت فِي الِاعْتِكَافِ فِيهِ صَارَ بِذَلِكَ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي مَسْجِدٍ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ صَيْرُورَتُهُ بِذَلِكَ مَسْجِدًا مِنْ بَابِ الْمُؤَاخَذَةِ بِالْإِقْرَارِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ صَدَرَ مِنْهُ صِيغَةُ وَقْفٍ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا بَاطِنًا. (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ) وَتُطْلَبُ التَّحِيَّةُ مِنْ دَاخِلِهِ إذْ فِي تَرْكِهَا انْتِهَاكٌ لِلْمَسْجِدِ وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ وَلَا الِاقْتِدَاءُ مَعَ التَّبَاعُدِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ م ر. (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الْقِسْمَةُ) الْوُجُوبُ قَرِيبٌ فِي قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْوَقْفِ بِخِلَافِ الْمُضَافِ إلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّمْلِيكِ بِلَا عِوَضٍ. اهـ. حَجَرٌ فَلَفْظُ التَّصَدُّقِ إنَّمَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي التَّمْلِيكِ إنْ أُضِيفَ لِمُعَيَّنٍ لَا وَحْدَهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوُجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لِلتَّمْلِيكِ الْمَحْضِ) بِخِلَافِ الْجِهَةِ الْعَامَّةِ فَإِنَّهَا وَإِنْ قَبِلَتْ التَّمْلِيكَ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ فَهِيَ غَيْرُ مَحْضٍ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ مَسْجِدًا إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَنْ يَأْخُذُ مِنْ النَّاسِ أَمْوَالًا لِيَبْنِيَ بِهَا نَحْوَ مَدْرَسَةٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ مَسْجِدٍ فَيَصِيرُ مَا بَنَاهُ كَذَلِكَ بِمُجَرَّدِ بِنَائِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَصَارَ لِلْبِنَاءِ إلَخْ) فَإِذَا أَعَدَّ لَهُ آلَةً قَبْلَ الْإِحْيَاءِ، ثُمَّ بَنَاهُ بِهَا تَبَيَّنَ زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْهُ مِنْ حِينِ الْإِعْدَادِ ع ش عَنْ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَمَنْقُولًا) أَيْ: وَقْفُهُ غَيْرَ مَسْجِدٍ فَإِنْ ثَبَّتَهُ بِنَحْوِ تَسْمِيرٍ صَحَّ إنْ اخْتَصَّ بِمَنْفَعَةِ الْمَحَلِّ الَّذِي سَمَّرَهُ فِيهِ بِنَحْوِ إحْيَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَا نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ عَلَى مُعْتَمَدِ الزِّيَادِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا رَأَيْته بِخَطِّ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الذَّهَبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ وَلَا يَضُرُّ نَقْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْمَسْجِدِ فَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي هَوَائِهِ وَيَحْرُمُ الْمُكْثُ مِنْ الْجُنُبِ فَوْقَهُ وَتَحْتَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ حَمْلُهُ لِأَنَّهُ مَعَ هَوَائِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ فِي الْأَخِيرَيْنِ وَالْأَقْرَبُ صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ تَحْتَهُ وَلَوْ لِحَامِلِهِ حَيْثُ كَانَ دَاخِلًا فِي هَوَائِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِلْمَنْعِ) أَيْ: تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ عَلَى غَيْرِ الْمَانِعِ وَتُطْلَبُ التَّحِيَّةُ لِأَنَّهَا إكْرَامٌ وَيُمْنَعُ فِيهِ الِاعْتِكَافُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحِيَّةِ مَعَ أَنَّ الْمَسْجِدَ شَرْطٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّ شَرْطَ الِاعْتِكَافِ الْمُكْثُ فِي مَسْجِدٍ وَالْمَاكِثُ فِي الشَّارِعِ لَيْسَ مَاكِثًا فِي مَسْجِدٍ بَلْ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَشَرْطُ التَّحِيَّةِ دُخُولُ مَسْجِدٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ دَاخِلَ مَا بَعْضُهُ مَسْجِدٌ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَسْجِدٍ دَاخِلٌ فِي مَسْجِدٍ هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ وَلَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ وَالْأَوْلَى الْفَرْقُ بِأَنَّ فِي تَرْكِهَا انْتِهَاكًا لِحُرْمَتِهِ كَمَا حَرُمَ الْمُكْثُ فِيهِ لِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَتَجِبُ الْقِسْمَةُ) وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ قِسْمَةُ الْوَقْفِ عَنْ الطَّلْقِ لِلضَّرُورَةِ. اهـ. ق ل وَالطَّلْقُ الْمِلْكُ. (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ الْمَعْرُوفِ) يَعْنِي مِنْ مَنْعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>