للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَعْرُوفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقْلٌ صَرِيحٌ بِخُصُوصِهِ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِجَوَازِ الْمُكْثِ فِيهِ مَا لَمْ يُقْسَمْ وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ الرَّقَبَةَ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: بَعْدُ لَا بِفَوَاتِهِ (مُعَيَّنٍ) أَيْ: فِي مَمْلُوكٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ غَائِبًا وَمَغْصُوبًا فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمُبْهَمِ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ كَمَا لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ (يُنْقَلُ) أَيْ: يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكِ شَخْصٍ إلَى آخَرَ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ نَقْلُ مِلْكٍ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْمُكَاتَبِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا وَقْفُ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَنَحْوٍ الصَّنَمِ (يُسْتَفَادُ بِهْ) حَالًا أَوْ مَآلًا عَيْنًا كَثَمَرَةٍ، أَوْ مَنْفَعَةً يُسْتَأْجَرُ لَهَا كَسُكْنَى فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةٍ مُدَّةَ بَقَائِهِ.

(لَا) أَنْ يَسْتَفِيدَ ذَلِكَ (بِفَوَاتِهِ) كَالطَّعَامِ وَالدَّرَاهِمِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ وَمِنْهُ الرَّيَاحِينُ وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِسُرْعَةِ فَسَادِهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الرَّيَاحِينِ الْمَحْصُودَةِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمَزْرُوعَةِ لِلشَّمِّ؛ لِأَنَّهَا تَبْقَى مُدَّةً وَنَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ فَقَالَ: الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِي الْمَزْرُوعَةِ، وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَابْنُ الصَّلَاحِ يَصِحُّ وَقْفُ الْمَشْمُومِ الدَّائِمِ نَفْعُهُ كَالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ.

وَمَثَّلَ النَّاظِمُ لِمَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ بِقَوْلِهِ (كَمَنْ يُعَلَّقُ عَتَاقَهُ بِصِفَةٍ) فَيَصِحُّ وَقْفُهُ (وَيَعْتِقُ عِنْدَ وُجُودِ وَصْفِهِ الْمَذْكُورِ وَيَبْطُلُ الْوَقْفُ) فِيهِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ عِتْقِهِ عَلَى وَقْفِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَعْتِقُ عِنْدَ وُجُودِ الْوَصْفِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَقْفِ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْفُورَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ فَقَطْ وَقَدْ نَسَبَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْبَغَوِيّ إلَى انْفِرَادِهِ بِمَا ذَكَرَهُ فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ.

(كَفِي التَّدْبِيرِ) لِلرَّقِيقِ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ وَيُعْتَقُ عِنْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ وَيَبْطُلُ وَقْفُهُ وَيَأْتِي فِي ذَلِكَ مَا مَرَّ آنِفًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ (لَا نَفْسِهِ) أَيْ: لَا كَنَفْسِ الْوَاقِفِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهَا لِانْتِفَاءِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ (وَلَا مُكَاتَبٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ) وَفَارَقَ الْعِتْقَ بِأَنَّهُ أَقْوَى ح ج. (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةَ بَقَائِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ لَوْ وَقَفَ الْوَارِثُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً أَيْ: يَصِحُّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَخَرَجَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا أَوْ مُطْلَقًا فَلَا يَصِحُّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

يُغْنِي عَنْهُ إلَخْ) لِخُرُوجِ مَا خَرَجَ بِهِ بِقَوْلِهِ لَا بِفَوَاتِهِ. (قَوْلُهُ وَمَغْصُوبًا) وَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهِ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ وم ر. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةٍ) أَيْ: مَقْصُودَةٍ فَخَرَجَ مَا لَا يُقْصَدُ كَنَقْدٍ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ عُرًى. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: يُسْتَأْجَرُ لَهَا) أَيْ: غَالِبًا كَمَا فِي الرَّوْضِ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ غَالِبًا عَنْ الرَّيَاحِينِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا مَعَ أَنَّهَا تُسْتَأْجَرُ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَهَا نَادِرٌ لَا غَالِبٌ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: مُدَّةَ بَقَائِهِ) بِخِلَافِ مَا أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ مُدَّةً. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ مُدَّةً) رَاجِعٌ لَهُمَا وَالْمُرَادُ أَنَّ لِلصِّيغَةِ طَرِيقَيْنِ، إمَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالْمَنْفَعَةِ وَيُقَيِّدَهَا بِمُدَّةٍ، أَوْ يُصَرِّحَ بِالْعَيْنِ وَيُقَيِّدَهَا بِمُدَّةٍ فَتَنْزِلَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ كَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ. (قَوْلُهُ: كَالطَّعَامِ) وَمِثْلُهُ عُودُ الْبَخُورِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي ذَهَابِ عَيْنِهِ م ر.

(قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ سَبَبِ عِتْقِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ قَارَنَ سَبَبَ الْعِتْقِ الْوَقْفَ كَأَنْ وَكَّلَ مَنْ يَقِفُ عَنْهُ وَعَلَّقَ هُوَ وَوَقَعَا مَعًا أَمَّا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يَقِفُ عَنْهُ وَأَعْتَقَ هُوَ فَالْعِتْقُ أَقْوَى؛ لِأَنَّ تَشَوُّفَ الشَّارِعِ إلَيْهِ أَكْثَرُ؛ وَلِأَنَّهُ مُزِيلٌ لِلْعَتِيقِ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ بِخِلَافِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ لَنَا قَوْلًا بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ مِلْكٌ لِلْوَاقِفِ كَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي ش الْإِرْشَادِ.

(قَوْلُهُ: تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ تَفْرِيعًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْوَاقِفَ لَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَوْقُوفَةَ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَأَوْلَدَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ فَانْتِقَالُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَانْتِقَالِهِ إلَى الْآدَمِيِّ فَالصَّحِيحُ بِنَاءً عَلَى التَّفْرِيعِ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ وَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ. اهـ. نَاشِرِيٌّ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ جَعْلَ الْعِتْقِ وَبُطْلَانَ الْوَقْفِ مُفَرَّعًا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَيْ: الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ وَالْقَوْلِ بِأَنَّهُ لِلَّهِ مُشْكِلٌ. اهـ. وَقَدْ يُدْفَعُ الْإِشْكَالُ بِأَنَّهُ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لِلَّهِ لَكِنَّ الْحَقَّ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْعِتْقُ لَهُ أَيْضًا فَهُمَا حَقَّانِ لِلَّهِ فَيُقَدَّمُ أَقْوَاهُمَا بِخِلَافِ الْإِيلَادِ وَالْوَقْفِ فِيمَا لَوْ أَوْلَدَ الْوَاقِفُ الْمَوْقُوفَةَ فَإِنَّ الْإِيلَادَ لَيْسَ حَقًّا لِلَّهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: إنَّمَا يُعْتَقُ إلَخْ) لِأَنَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ فَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ فَيُعْتَقُ لِسَبْقِهَا وَلِأَنَّ الْعِتْقَ أَقْوَى لِلسِّرَايَةِ وَقَبُولِهِ لِلتَّعْلِيقِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَقْفُ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا لِلَّهِ فَإِنَّ الصِّفَةَ وُجِدَتْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ بَاعَهُ وَالْبَائِعُ إذَا أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِيمَا بَاعَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا قُلْنَا: إنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ هَذَا هُوَ تَوْجِيهُ كَلَامِهِ هُنَا وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُعْتَقُ وَيَبْطُلُ الْوَقْفُ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَيْضًا أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ كَالْحَقِّ فِي الْعَتِيقِ فَهُمَا حَقَّانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>