مِلْكَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ وَيَمْتَنِعُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ (وَ) لَا عَلَى (الطِّفْلِ فِي الْمَشِيمَهْ) وَهُوَ الْجَنِينُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لَهُ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِقْبَالِ، وَالْوَقْفُ تَسْلِيطٌ فِي الْحَالِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَ) لَا عَلَى (ذِي ارْتِدَادٍ وَمُحَارِبٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا مَقْتُولَانِ وَالْوَقْفُ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ فَكَمَا لَا يُوقَفُ مَا لَا دَوَامَ لَهُ لَا يُوقَفُ عَلَى مَنْ لَا دَوَامَ لَهُ وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَيَانِ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مَقْتُولٌ وَفِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ وَقْفَ مَا لَا دَوَامَ لَهُ لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ بَعْدَ فَوَاتِهِ.
وَإِذَا مَاتَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوَّلًا انْتَقَلَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ فَمَقْصُودُ الْوَقْفِ مِنْ الدَّوَامِ حَاصِلٌ وَمِنْ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (كَمَا يَشْرِطُ أَنْ تُقْضَى بِرَيْعٍ وَنَمَا دُيُونُهُ أَوْ مِنْ ثِمَارٍ تَطْلُعُ يَأْكُلُ أَوْ بِوَقْفِهِ يَنْتَفِعُ) أَيْ كَمَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ إذَا شَرَطَ أَنْ تُقْضَى مِنْ رِيعِ الْمَوْقُوفِ وَنَمَائِهِ دُيُونُهُ أَوْ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَطْلُعُ مِنْ ثِمَارِهِ أَوْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْوَقْفِ كَأَنْ شَرَطَ أَنْ يُقْبَرَ فِيمَا وَقَفَهُ مَقْبَرَةً أَوْ أَنْ يُصَلِّي فِيمَا وَقَفَهُ مَسْجِدًا أَوْ أَنْ يُسْتَقَى مِنْ بِئْرٍ وَقَفَهَا، وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي وَقْفِهِ بِئْرَ رُومَةَ دَلْوِي فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ بَلْ إخْبَارٌ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِوَقْفِهِ الْعَامِّ كَالصَّلَاةِ بِمَسْجِدٍ وَقَفَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُرَادَ مِلْكُ الْمَنَافِعِ وَالْفَوَائِدِ وَفِيهِ بُعْدُ شَيْءٍ
(قَوْلُهُ: دُيُونِهِ) مِنْهَا الْأُجْرَةُ الَّتِي لَزِمَتْنِي بِعَقْدٍ وَإِنْ لَمْ تَسْتَقِرَّ إذَا كَانَتْ لَازِمَةً حَالَ الْوَقْفِ م ر
[حاشية الشربيني]
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَجِلَّةِ الْأَصْحَابِ كَابْنِ سُرَيْجٍ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَأَكْثَرِ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ: بِصِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَجَوَّزَ الرُّويَانِيُّ الْإِفْتَاءَ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ فِي الْمَذْهَبِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ وَلَا عَلَى الطِّفْلِ) وَفِي وَجْهٍ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَمَا يُمْلَكُ بِالْإِرْثِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى الطِّفْلِ فِي الْمَشِيمَةِ) أَيْ: لَا اسْتِقْلَالًا وَلَا تَبَعًا كَوَلَدِي وَحَمْلِ زَوْجَتِي يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ فَتُوقَفُ حِصَّتُهُ وَانْظُرْ مَاذَا يُوقَفُ مَعَ الْجَهْلِ بِعَدَدِهِ؟ وَقِيَاسُ مَا فِي الْإِرْثِ مِنْ الْمُعَامَلَةِ بِالْأَضَرِّ أَنْ تُوقَفَ جَمِيعُ الْغَلَّةِ حَتَّى يَنْفَصِلَ وَلَا يَدْخُلَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا قَبْلَ انْفِصَالِهِ فَإِذَا قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَهُنَاكَ حَمْلٌ لَمْ يَدْخُلْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُوقَفُ لَهُ شَيْءٌ فَإِذَا انْفَصَلَ اسْتَحَقَّ مِنْ غَلَّةِ مَا بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُسَمِّ الْوَاقِفُ الْمَوْجُودِينَ أَوْ يَذْكُرْ عَدَدَهُمْ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجَنِينُ وَلَوْ بَعْدَ انْفِصَالِهِ أَفَادَهُ م ر وسم وع ش وق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْحَمْلِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ حَيْثُ حَمَلَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ ابْتِدَاءً صَحِيحٌ بِخِلَافِهِ عَلَى الْحَمْلِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ ق ل فِي مَوْضِعٍ تَبَعًا ل سم عَلَى التُّحْفَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَإِنْ كَانَا دُونَهُ فِي الْإِهْدَارِ وَلَا تُمْكِنُ عِصْمَتُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِهِمَا إذْ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِمَا مُنَابَذَةٌ لِعِزِّ الْإِسْلَامِ لِتَمَامِ مُعَانَدَتِهِمَا لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِهِ قَالَ م ر: وَلَا سِيَّمَا وَالِارْتِدَادُ يُنَافِي الْمِلْكَ، وَالْحِرَابَةُ سَبَبُ زَوَالِهِ فَلَا يُنَافِيهِمَا التَّحْصِيلَ. اهـ. وَعَلَّلَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِقَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ فِيمَنْ هُوَ مَقْتُولٌ لِكُفْرِهِ قَالَ: وَبِهِ فَارَقَ صِحَّتَهُ عَلَى زَانٍ مُحْصَنٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) إنْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَالْوَقْفُ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ إلَخْ أَنَّهُ كَمَا بَطَلَ الْوَقْفُ لِانْتِفَاءِ الدَّوَامِ الْمُعْتَبَرِ فِي الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ بَطَلَ لِانْتِفَاءِ أَصْلِ الصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ فِيمَنْ هُوَ مَقْتُولٌ لِكُفْرِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الْكِفَايَةِ أَيْضًا تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْوَقْفِ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ كَانَتْ مَنَافِعُ الْمَوْقُوفِ مُبَاحَةً كَالْمَسْجِدِ وَمَاءِ الْبِئْرِ فَوَقْفٌ عَلَى النَّاسِ وَصَرَّحَ بِنَفْسِهِ مَعَهُمْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِخِلَافِ وَقْفِ الْبُسْتَانِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِمْ بِطَرِيقِ التَّبَعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَيَبْطُلُ إنْ صَرَّحَ بِدُخُولِهِ مَعَهُمْ. اهـ. وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ بِلَا عَزْوٍ وَسَكَتَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ أَبْدَلَ الْبِئْرَ بِالْمَمَرِّ وَهُوَ مَنَافٍ لِمَا فِي الشَّرْحِ وَمِثْلُ الشَّرْحِ حَجَرٌ وسم عَلَيْهِ وَرَدُّ مَا نَقَلْنَاهُ أَوَّلًا مَعَ نَقْلِهِ لَهُ عَنْ الْعُبَابِ بِمَا فِي الشَّرْحِ فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُنْظَرْ مَا مَعْنَى كَوْنِ الْمَنَافِعِ مُبَاحَةً فِي الْمَسْجِدِ وَالْبِئْرِ دُونَ الْبُسْتَانِ وَفِي النَّاشِرِيِّ عَلَى قَوْلِ الْحَاوِي أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ هَذَا إذَا شَرَطَ انْتِفَاعًا لَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الْوَقْفِ، كَمَا لَوْ وَقَفَ دَارًا وَاسْتَثْنَى مِنْهَا بَيْتًا لِيَسْكُنَّهُ،: لَوْ شَرَطَ مَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الْوَقْفِ بِأَنْ وَقَفَ بِئْرًا أَوْ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً وَشَرَطَ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْهَا أَوْ يُصَلِّي فِيهِ أَوْ يُدْفَنَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَالَهُ فِي الشَّافِي اهـ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ الْوَقْفُ وَفِيهِ أَنَّ الْوَقْفَ وَإِنْ اقْتَضَى دُخُولَهُ لَمْ يَقْتَضِ أَنَّهُ مَقْصُودٌ بِالْوَقْفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَهُ لِأَنَّهُ قَصَدَ حِينَئِذٍ بِالْوَقْفِ نَفْسَهُ وَهُوَ يَبْطُلُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ نَفْسَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute