للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّدِهِ فَكَالْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً وُزِّعَ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ.

(وَمَنْ يُعَيَّنْ قُبِلَا) أَيْ: وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنُ وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ يَقْبَلُ الْوَقْفَ وُجُوبًا لِيَصِحَّ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَلْيَكُنْ عَلَى الْفَوْرِ كَالْهِبَةِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ وَآخَرِينَ وَمُقَابِلُهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيِّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَعَلَّلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ يَئُولُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالْعِتْقِ وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ كَالْفُقَرَاءِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُمْ لِتَعَذُّرِهِ وَكَذَا جِهَةُ التَّحْرِيرِ كَالْمَسْجِدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَجْعَلُوا الْحَاكِمَ نَائِبًا فِي الْقَبُولِ كَمَا جَعَلُوهُ نَائِبًا عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ وَالْأَمْوَالِ وَلَوْ صَارُوا إلَيْهِ لَكَانَ قَرِيبًا. قَالَ: وَلَوْ قَالَ جَعَلْت هَذَا لِلْمَسْجِدِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ لَا وَقْفٌ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْقَيِّمِ وَقَبْضُهُ كَمَا لَوْ وَهَبَ شَيْئًا مِنْ صَبِيٍّ (بِشَرْطِ نَفْيِ رَدِّ بَطْنِ ثَانِي) أَيْ: صَحَّ الْوَقْفُ بِمَا مَرَّ بِشَرْطِ قَبُولِ مُعَيَّنِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا مَرَّ وَعَدَمِ رَدِّ مُعَيَّنِ الْبَطْنِ الثَّانِي وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ لَا يَتَّصِلُ بِالْإِيجَابِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْأَحْسَنُ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي بِنَاءُ ذَلِكَ عَلَى كَيْفِيَّةِ تَلَقِّيهِمْ الْوَقْفَ فَإِنْ قُلْنَا: يَتَلَقَّوْنَهُ مِنْ الْوَاقِفِ وَهُوَ الْأَصَحُّ اُشْتُرِطَ قَبُولُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ اسْتِحْقَاقُهُمْ بِالْإِيجَابِ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ أَوْ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَلَا كَالْمِيرَاثِ قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ وَإِنْ شُرِطَ قَبُولُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ كَمَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ انْتَهَى.

وَحَيْثُ شَرَطْنَا قَبُولَهُمْ أَوْ عَدَمَ رَدِّهِمْ فَلَمْ يَقْبَلُوا أَوْ رَدُّوا لَمْ يَبْطُلْ الْوَقْفُ مِنْ أَصْلِهِ، بَلْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ وَيَكُونُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ وَسَيَأْتِي

(وَحَيْثُ عَمَّتْ) أَيْ: الْجِهَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا (عَدَمُ الْعِصْيَانِ) وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا قُرْبَةٌ كَالْأَغْنِيَاءِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَسَائِرِ الْفَسَقَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةً وُزِّعَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ أَرَادَ مَالِكُ الْمُبَعَّضِ أَنْ يَقِفَ نِصْفَهُ الرَّقِيقَ عَلَى نِصْفِهِ الْحُرِّ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِنِصْفِهِ الْحُرِّ

(قَوْلُهُ: لِيَصِحَّ) فَيَبْطُلَ إذَا لَمْ يُقْبَلْ م ر. (قَوْلُهُ فَهُوَ تَمْلِيكٌ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ كِنَايَةُ تَمْلِيكٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَلَفْظُ كِنَايَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ. اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كِنَايَةُ تَمْلِيكٍ احْتِيَاجُهُ لِلنِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْأَوَّلِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِسُكُوتِهِ عَنْ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ وَإِنْ فَاتَ الْقَبُولُ بِطُولِ الْفَصْلِ لَكِنْ يَبْطُلُ حَقُّهُ وَيَسْتَحِقُّ الثَّانِي إذَا دَخَلَ وَقْتُهُ وَقَبِلَ م ر لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ السَّابِقَ لِيُصْبِحَ فِي شَرْحٍ وَمَنْ تَعَيَّنَ قَبْلًا يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ إذَا انْتَفَى الْقَبُولُ. (قَوْلُهُ بَلْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ) فَلَوْ رَجَعُوا بَعْدَ الرَّدِّ لَمْ يَعُدْ لَهُمْ وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ يَعُودُ لَهُمْ إنْ رَجَعُوا قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِهِ لِغَيْرِهِمْ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وُزِّعَ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ) أَيْ: فَمَا خَصَّ الْحُرِّيَّةَ فَهُوَ لِلْجُزْءِ الْحُرِّ فَلَهُ رِيعُهُ وَمَا خَصَّ الرِّقَّ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى رَقِيقٍ فَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ وَمِنْهُ أَنْ يَقْصِدَهُ نَفْسَهُ فَيَبْطُلُ وَقَضِيَّةُ هَذَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا يَصِحُّ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ

(قَوْلُهُ: يَقْبَلُ الْوَقْفَ) وُجُوبًا اسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْجَائِزِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ الْقَبُولُ بَلْ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِرَدِّهِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ وم ر. (قَوْلُهُ: فَلْيَكُنْ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ: مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ لِتَأَخُّرِهِ ضَرُورَةً فَلَمْ يُعْتَبَرْ وُجُودُهُ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: الْجِهَةُ الْعَامَّةُ) أَيْ: وَإِنْ انْحَصَرَتْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: جِهَةُ التَّحْرِيرِ) أَيْ: الْجِهَةُ الْمُشْبِهَةُ لِلتَّحْرِيرِ فِي أَنَّهُ إخْرَاجٌ عَنْ مِلْكِهِ لَا إلَى مَالِكٍ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَنَافِعِ وَقَوْلُهُ كَالْمَسْجِدِ أَيْ: وَالرِّبَاطِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالْمَقْبَرَةِ لِمُشَابَهَتِهَا فِي كَوْنِ الْحَقِّ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى اهـ جَمَلٌ وع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَارُوا إلَيْهِ إلَخْ) قَالَ م ر: وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ وَجِهَةُ التَّحْرِيرِ كَالْمَسْجِدِ فَلَا قَبُولَ فِيهِ جَزْمًا وَلَمْ يَنُبْ الْإِمَامُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الْقَوَدِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُبَاشِرٍ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُ نَاظِرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وُهِبَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ رَدِّ مُعَيَّنِ الْبَطْنِ الثَّانِي) يُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الرَّدِّ مَا لَوْ وَقَفَ الْمَالِكُ الثُّلُثَ عَلَى الْوَارِثِ الْحَائِزِ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ لِأَنَّهُ بِهِ يُفَوِّتُ غَرَضَ الْوَاقِفِ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَهْرًا عَنْ الْوَارِثِ، فَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهِ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّ الزَّائِدِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي إذْ لَا مَعْنَى لِلْقَبُولِ مَعَ عَدَمِ الِاتِّصَالِ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَجَّحَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّلَقِّي مِنْ الْوَاقِفِ لِأَنَّهُمْ لَفٌ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ أَوَّلًا وَقَدْ تَمَّ الْوَقْفُ أَوَّلًا فَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولٍ ثَانٍ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ لَا يَتَّصِلُ بِالْإِيجَابِ) أَيْ: فَلَمَّا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُمْ مُتَأَخِّرًا ضَرُورَةً لَمْ يُعْتَبَرْ وُجُودُ قَبُولٍ مِنْهُمْ ق ل. (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ مِنْ الْوَاقِفِ لِعَدَمِ الِاتِّصَالِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَقْبَلُوا) أَيْ إنْ شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَوْ رَدُّوا إنْ شَرَطْنَا عَدَمَ الرَّدِّ أَمَّا إذَا قَبِلُوا، ثُمَّ رَدُّوا فَلَا عِبْرَةَ بِالرَّدِّ بَلْ يَسْتَمِرُّ صَحِيحًا

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْقُرْبَةِ. (قَوْلُهُ: كَالْأَغْنِيَاءِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفُقَرَاءِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَا فِي الزَّكَاةِ إلَّا الْمُكْتَسِبَ لِمَا يَكْفِيهِ فَهُوَ هُنَا مِنْ الْفُقَرَاءِ وَبِالْأَغْنِيَاءِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ الْأَغْنِيَاءُ الْمُقَابِلُونَ لِلْفُقَرَاءِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ. اهـ. ق ل

<<  <  ج: ص:  >  >>