للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الَّذِي يُنْفَى) أَيْ: الْمَنْفِيُّ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْوَلَدُ لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ وَلَدًا، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ اسْتَحَقَّ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مِنْ الرِّيعِ الْحَاصِلِ قَبْلَ اسْتِلْحَاقِهِ وَبَعْدَهُ حَتَّى يَرْجِعَ بِمَا يَخُصُّهُ فِي مُدَّةِ النَّفْيِ (وَلَا الْجَنِينَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا قَبْلَ الِانْفِصَالِ فَإِذَا انْفَصَلَ اسْتَحَقَّ حِينَئِذٍ مِنْ الرِّيعِ الْحَادِثِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ كَمَا فِي الْوَلَدِ الْحَادِثِ عُلُوقُهُ بَعْدَ الْوَقْفِ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْبَنُونَ الْبَنَاتِ وَبِالْعَكْسِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ دَخَلَتْ بَنَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ الْقَبِيلَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ.

(وَجَازَ) بِمَعْنَى دَخَلَ (فِي) الْوَقْفِ عَلَى (الْبَنَاتِ وَالْبَنِينَا خُنْثَاهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ وَالِاشْتِبَاهُ إنَّمَا هُوَ فِي الظَّاهِرِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يُعْطِي الْمُتَيَقِّنَ فِيمَا إذَا فُوضِلَ بَيْنَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى الْبَيَانِ (لَا) فِي الْوَقْفِ عَلَى (أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ) أَيْ: الْبَنِينَ أَوْ الْبَنَاتِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الصِّنْفِ الْآخَرِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْمَالَ يُصْرَفُ إلَى مَنْ عَيَّنَهُ مِنْ الْبَنِينَ أَوْ الْبَنَاتِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ اسْتِحْقَاقَهُمْ لِنَصِيبِ الْخُنْثَى بَلْ يُوقَفُ نَصِيبُهُ إلَى الْبَيَانِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ

(بَلْ) انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيَّةٌ أَيْ: وَالْوَقْفُ (عَلَى الْمَوَالِي مَعَ وُجُودِ مَنْ سَفَلْ) مِنْهُمْ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ (وَمَنْ عَلَا) مِنْهُمْ وَهُوَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ (يَفْسُدُ) لِلْجَهْلِ بِالْمُرَادِ مِنْهُمَا وَامْتِنَاعُ حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ (أَوْ قَدْ صُحِّحَا) أَيْ: الْوَقْفَ (وَ) يَكُونُ (لَهُمَا) سَوَاءً لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُمَا (وَجْهَانِ كُلٌّ) مِنْهُمَا (رُجِّحَا) كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ النَّصِّ وَقِيلَ الْوَقْفُ لِلْأَعْلَى وَقِيلَ لِلْأَسْفَلِ وَقِيلَ يُوقَفُ حَتَّى يَصْطَلِحَا.

(وَ) الْوَقْفُ عَلَى الْمَوَالِي (مَعَ) وُجُودِ (وَاحِدٍ) مِمَّنْ سَفَلَ أَوْ عَلَا يَكُونُ (لَهُ) أَيْ لِلْوَاحِدِ فَلَوْ طَرَأَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فَيَظْهَرُ عِنْدَ مَنْ يُشَرِّكُ أَنْ يَدْخُلَ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْإِخْوَةِ، ثُمَّ حَدَثَ آخَرُ قَالَ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ.؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَوْلَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ وَقَدْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ وَهِيَ الِانْحِصَارُ فِي الْوُجُودِ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ فَصَارَ الْمَعْنَى الْآخَرُ غَيْرَ مُرَادٍ، وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا أَوْ عُمُومًا عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ مُقَرَّرٍ فِي الْأُصُولِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْإِخْوَةِ فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ وَاحِدَةٌ وَإِطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَوَاطِئِ فَمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ اسْتَحَقَّ مِنْ الْوَقْفِ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ الْوَقْفَ بِالْمَوْجُودِينَ حَالَةَ الْوَقْفِ فَيُتْبَعُ تَقْيِيدُهُ وَالْوَقْفُ عَلَى مَوْلَاهُ بِالْإِفْرَادِ كَالْوَقْفِ عَلَى مُوَالِيهِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَلَدِ الْوَلَدِ الْمَوْجُودِ حَالَ الْوَقْفِ وَكَذَا فِي الْحَادِثِ بَعْدَ الْوَقْفِ وَقَبْلَ حُدُوثِ الْوَلَدِ، أَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَ حُدُوثِ الْوَلَدِ أَوْ مَعَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْقَاقُهُ أَيْضًا مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ فَقْدَ الْوَلَدِ حَالَ الْوَقْفِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ الْأَعَمُّ مِنْهُ وَمِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ بِعُمُومِ الْمَجَازِ أَوْ بِالْحَمْلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَقَضِيَّةُ الْحَمْلِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى اسْتِمْرَارُ حُكْمِهِ وَأَنْ يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الْوَلَدِ الْحَادِثُ بَعْدَ حُدُوثِ الْوَلَدِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ رَتَّبَ الْوَاقِفُ كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَالْوَجْهُ اسْتِحْقَاقُهُمْ أَيْضًا وَيَكُونُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَوْلَادِهِمْ فَلَوْ حَدَثَ لَهُ أَوْلَادٌ فَالْوَجْهُ أَيْضًا اسْتِحْقَاقُهُمْ لَكِنْ هَلْ يَسْتَمِرُّ اسْتِحْقَاقُ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّا لَمَّا أَلْغَيْنَا حُكْمَ التَّرْتِيبِ أَوَّلًا فِي حَقِّهِمْ لِيَصِحَّ الْوَقْفُ اسْتَمَرَّ لَاغِيًا فِي حَقِّهِمْ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الِاسْتِمْرَارُ وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَادِثَ مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ حُدُوثِ الْأَوْلَادِ لَا يَسْتَحِقُّ هُنَا شَيْئًا مَعَ وُجُودِهِمْ عَمَلًا بِقَضِيَّةِ التَّرْتِيبِ إذْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهَا مَانِعٌ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ انْفِصَالِهِ) اُنْظُرْ الْحَادِثَ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ: لَوْ وَقَفَ عَلَى بَنَاتِ تَمِيمٍ لَا يَدْخُلُ بَنُوهُ

(قَوْلُهُ: يُصْرَفُ إلَى مَنْ عَيَّنَهُ إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الصَّرْفَ الْمَذْكُورَ وَعَدَمَ وَقْفِ شَيْءٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

تَعْلِيلُ مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ الصَّرْفِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ بَعْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ فَلَوْ قَالَ: لِأَنَّهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَلَدِ يُحْمَلُ لَفْظُ الْأَوْلَادِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ الشَّامِلَةِ لِلْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ وَقَدْ وُجِدُوا كَانَ أَوْلَى وَقَدْ يُقَالُ: مَعْنَاهُ إنَّ اللَّفْظَ حُمِلَ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ أَوَّلًا لِلضَّرُورَةِ صَوْنًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ فَإِذَا زَالَتْ الضَّرُورَةُ وَاللَّفْظُ لَمْ يَبْطُلْ تَنَاوَلَ حِينَئِذٍ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ فَعُمِلَ بِهِمَا مَعًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا احْتِيَاطًا) هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ أَنَّهُ عِنْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ الْقَرَائِنِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمُعَمَّمَةِ مُجْمَلٌ أَيْ غَيْرُ مُتَّضِحِ الْمُرَادَ مِنْهُ وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا وَقَوْلُهُ: أَوْ عُمُومًا يَعْنِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي تَنَاوُلِ الْمَعْنَيَيْنِ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِمَا لِظُهُورِهِ فِيهِمَا لَا لِلِاحْتِيَاطِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ هُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي وَالشَّافِعِيِّ قَالَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ: وَالْعَامُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قِسْمَانِ قِسْمٌ مُتَّفِقُ الْحَقِيقَةِ وَقِسْمٌ مُخْتَلِفُهَا وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ الْمُشْتَرَكُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي حُكْمِ الْعَامِّ لَا نَفْسِهِ لِأَنَّ الْعَامَّ يُحْمَلُ عَلَى جَمِيعِ الْأَفْرَادِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ وَإِنَّمَا شَابَهُ الْعَامَّ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ مُتَعَدِّدًا وَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>