للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ حَيْثُ لَا يُشْتَرَى بِقِيمَتِهَا شِقْصُ شَاةٍ لِتَعَذُّرِ التَّضْحِيَةِ بِهِ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالْمِثْلِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي عَبْدًا بِقِيمَةِ أَمَةٍ وَلَا عَكْسَهُ وَلَا صَغِيرًا بِقِيمَةِ كَبِيرٍ وَلَا عَكْسَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبُطُونِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَفَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ فَالْمُخْتَارُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ شِقْصَ عَبْدٍ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْفِ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِالْمَوْقُوفِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ.

(وَبِالْجَفَافِ) لِلْأَشْجَارِ الْمَوْقُوفَةِ أَوْ قَلْعِ الرِّيحِ لَهَا (صَارَتْ الْأَشْجَارُ) مِلْكًا (لَهُ) أَيْ: لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْإِيجَارُ) لَهَا بِأَنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا إلَّا بِإِحْرَاقِهَا لَكِنْ يُمْتَنَعُ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ أَمَّا إذَا أَمْكَنَ إيجَارُهَا فَلَا يَمْلِكُهَا بَلْ يَنْتَفِعُ بِهَا بِإِيجَارٍ وَغَيْرِهِ إبْقَاءً لِلْوَقْفِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ اخْتِيَارِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّاظِمُ كَمَا رَأَيْت وَاقْتَصَرَ الْحَاوِي عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ جَفَّ الشَّجَرُ يَنْتَفِعُ بِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مِلْكًا بِحَالٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِلدَّلِيلِ وَكَلَامِ الْجُمْهُورِ.

(وَنُحْتُ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا بِمَعْنًى قَوْلِ الْحَاوِي وَنُحَاتَةٌ وَالْمُرَادُ وَالْبَالِي مِنْ (حُصْرِ مَسْجِدٍ وَخُشْبِهِ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ جَمْعُ خَشَبَةٍ (وَجِذْعُهُ) بِالرَّفْعِ (الْكَسِيرُ) أَيْ: الْمُنْكَسِرُ أَوْ الْمُشْرِفُ عَلَى الِانْكِسَارِ حَيْثُ (لَا نَفْعَ بِهِ إلَّا بِإِحْرَاقٍ وَدَارُهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (الَّتِي تَهَدَّمَتْ أَوْ بِانْهِدَامٍ دَلَّتْ) أَيْ: أَشْرَفَتْ عَلَيْهِ (بِيعَتْ) أَيْ: هَذِهِ الْأَشْيَاءُ جَوَازًا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي بَيْعِهَا لِئَلَّا تَضِيعَ وَتُضَيِّقَ الْمَكَانَ بِلَا فَائِدَةٍ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا (لِمَا يُصْلِحُهُ) أَيْ الْمَسْجِدَ أَيْ: لِمَصَالِحِهِ قَالَ الشَّيْخَانِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ نَاظِرٌ خَاصٌّ وَلَوْ حَصَلَ فَوَائِدُ مِمَّا اشْتَرَاهُ الْحَاكِمُ قَبْلَ أَنْ يَنْفَعَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تُبَاعَ وَيُشْتَرَى بِهَا أَيْضًا وَلَا تَكُونُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فَوَائِدَ مَوْقُوفٍ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ: عَلَى رَأْيٍ وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ شِرَاءُ الشِّقْصِ فِيهَا م ر. (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ) فَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاءُ شِقْصٍ فَيَنْبَغِي صَرْفُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَلْعِ الرِّيحِ لَهَا) أَيْ: وَلَمْ يَتَأَتَّ نَبَاتُهَا بِغَرْسِهَا فِيمَا يَنْبَغِي، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَشَارَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُمْتَنَعُ بَيْعُهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لِمَنْفَعَةِ الْإِحْرَاقِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّةُ ذَلِكَ: أَنَّهَا تَصِيرُ مِلْكًا لَهُ وَإِنْ تَأَتَّى بَيْعُهَا وَإِلَّا أَخَذَ بِثَمَنِهَا مِثْلَهَا مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ كَالْأَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ حِينَئِذٍ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ مِلْكًا بَلْ تُبَاعُ وَيُؤْخَذُ بِثَمَنِهَا مِثْلُهَا أَوْ نَحْوُهُ وَيُوقَفُ مَكَانَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَهِبَتُهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بَلْ يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا نَفْعَ بِهِ إلَّا بِإِحْرَاقٍ) الْوَجْهُ رُجُوعُ ذَلِكَ لِجَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَصْرِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي نَحْوِ سَقِيفَةٍ لِلْمَسْجِدِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ ذَلِكَ وَامْتَنَعَ بَيْعُهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي إحْرَاقِهَا لِطَبْخِ آجُرٍّ أَوْ جَصٍّ لِلْمَسْجِدِ امْتَنَعَ بَيْعُهَا أَيْضًا وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ وَعَلَى هَذَا يُتَّجَهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَالشَّيْخَيْنِ وَيَنْدَفِعُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَدَارُهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَجِدَارُ دَارِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَتَعْبِيرُهُ بِالْجِدَارِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدَّارِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقَائِلَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ إنَّمَا يَقُولُهُ فِي الْبِنَاءِ خَاصَّةً

ــ

[حاشية الشربيني]

وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ: عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ سم عَلَى حَجَرٍ. (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا يَشْتَرِي إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ اشْتَرَى بِقِيمَتِهَا شَاةً أَوْ فِي ذِمَّتِهِ وَنَوَى فَهِيَ أُضْحِيَّةٌ بِدُونِ جَعْلٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيمَةَ هُنَاكَ مِلْكُ الْفُقَرَاءِ وَالْمُشْتَرِي نَائِبٌ عَنْهُمْ فَوَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُمْ بِالْعَيْنِ أَوْ مَعَ النِّيَّةِ، وَالْقِيمَةُ هُنَا لَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ فَاحْتِيجَ لِإِنْشَاءِ وَقْفِ مَا يُشْتَرَى بِهَا. اهـ. م ر: لَوْ اشْتَرَى شَاةً فِي الذِّمَّةِ لَا بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ جَعْلِهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ أُضْحِيَّةً. اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ ش الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: وَلَا صَغِيرٌ بِقِيمَةِ كَبِيرٍ) أَيْ: إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ وَمِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ عَبْدٍ بِقِيمَةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِقِيمَةِ أَمَةٍ قَالَهُ سم عَلَى حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: شِقْصَ عَبْدٍ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ شِقْصٍ بِالْفَاضِلِ حَفِظَ إنْ تَوَقَّعَ وَإِلَّا صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ م ر بِزِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ: صَارَتْ الْأَشْجَارُ مِلْكًا) أَيْ: وَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ فَمَعْنَى صَيْرُورَتِهَا مِلْكًا جَوَازُ انْتِفَاعِهِ بِهَا وَلَوْ بِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهَا كَالْإِحْرَاقِ وَمَعْنَى عَدَمِ بُطْلَانِ الْوَقْفِ أَنَّهُ مَا دَامَ بَاقِيًا لَا يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَمْلَاكِ مِنْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْقَوْلِ بِصَيْرُورَتِهِ مِلْكًا وَالْقَوْلِ بِعَدَمِهِ وَلَا بَيْنَ الْقَوْلِ بِعَدَمِ بُطْلَانِ الْوَقْفِ وَالْقَوْلِ بِصَيْرُورَتِهِ مِلْكًا كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر وَسم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْإِيجَارُ) أَيْ: وَلَوْ بِجَعْلِهِ أَبْوَابًا إنْ لَمْ تُمْكِنْ إجَارَتُهُ خَشَبًا بِحَالِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْتَفِعُ بِهِ) أَيْ: إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْإِيجَارُ وَحِينَئِذٍ فَلَا انْتِفَاعَ سِوَى الْإِحْرَاقِ إذْ الْبَيْعُ مُمْتَنِعٌ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَانْتِفَائِهِ فَائِدَةٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَجِذْعُهُ) أَيْ: وَكَذَا جُذُوعُ عَقَارِهِ أَيْ: الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ وَأَبْنِيَتُهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بِيعَتْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّجَرَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى إنْسَانٍ إذَا لَمْ تَصْلُحْ إلَّا بِالْإِحْرَاقِ حَيْثُ يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا أَنَّ الْمَوْقُوفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>