للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُضْحِيَّةِ (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ تَمْلِيكَ الْأَدْنَى (مِنْ الْأَعْلَى) فَإِنَّهُ هِبَةٌ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا عِوَضٌ كَمَا فِي عَارِيَّتِهِ لَهُ إلْحَاقًا لِلْأَعْيَانِ بِالْمَنَافِعِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا هِبَةَ فِي النَّجِسِ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ، وَأَمَّا صِحَّتُهَا فِيهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْآنِيَةِ فَذَاكَ بِمَعْنَى نَقْلِ الْيَدِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ هُنَاكَ فَلَا يَرِدُ عَلَى مَا هُنَا.

(وَ) هِيَ (بَيْعٌ إنْ عَرَضْ فِي صُلْبِهَا لِتَقْيِيدٍ بِالثَّوَابِ) وَهَذَا زَادَهُ هُنَا مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَوَائِلَ الْبَيْعِ

(وَإِنَّمَا تَصِحُّ) الْهِبَةُ (بِالْإِيجَابِ) كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ (كَمِثْلِ أَعْمَرْت) بِزِيَادَةِ مِثْلِ أَيْ كَقَوْلِهِ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ وَهَبْتهَا لَك أَوْ (جَعَلْتهَا لَكَا عُمْرَكَ أَوْ مَا عِشْتَ) أَنْت (أَوْ حَيَاتَكَا) أَوْ نَحْوَهَا (وَلَوْ تَلَا) مِنْ التُّلُوِّ أَوْ التِّلَاوَةِ أَيْ: ذَكَرَ عَقِبَ ذَلِكَ (إنْ مِتَّ قَبْلِي عَادَا) أَيْ: الْمَوْهُوبُ (لِي أَوْ لِمَنْ مِيرَاثِي اسْتَفَادَا إنْ مِتُّ) قَبْلَك فَإِنَّهُ هِبَةٌ لِصِدْقِهِ عَلَيْهَا وَيَلْغُو الشَّرْطُ فِي صُورَتِهِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ كَخَبَرَيْ الصَّحِيحَيْنِ «الْعُمْرَى مِيرَاثٌ لِأَهْلِهَا وَمَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيهَا لَا تَرْجِعُ إلَى الَّذِي أَعْطَاهَا» ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ شَيْئًا إنَّمَا شَرَطَ الْعَوْدَ إلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَحِينَئِذٍ قَدْ صَارَ الْمِلْكُ لِلْوَرَثَةِ.

(أَوْ) كَقَوْلِهِ (وَهَبْتُ مِنْكَ عُمْرَكَ هَذَا) الْعَبْدَ مَثَلًا (عَلَى أَنَّكَ مَهْمَا حَضَرَكَ الْمَوْتُ قَبْلِي عَادَ) الْمَوْهُوبُ (لِي وَإِنْ حَضَرْ قَبْلَكَ مَوْتِي فَعَلَيْكَ) بِمَعْنًى فَلَكَ (ذَا اسْتَقَرْ) أَوْ (جَعَلْت) هَذَا (رُقْبَى لَك أَوْ أَرْقَبْتُ) هَذَا لَك أَيْ: إنْ مِتَّ قَبْلِي عَادَ إلَيَّ وَإِنْ مِتُّ قَبْلَك اسْتَقَرَّ لَك وَيَلْغُو الشَّرْطُ أَخْذًا بِإِطْلَاقِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا تَعْمُرُوا وَلَا تَرْقُبُوا فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا أَوْ أَعْمَرَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ» وَالنَّهْيُ لِلْإِرْشَادِ أَيْ: لَا تَعْمُرُوا شَيْئًا طَمَعًا فِي عَوْدِهِ إلَيْكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مِيرَاثٌ (لَا مِنْكَ عُمْرِي) أَوْ (عُمْرَ ذَا وَهَبْتُ) أَيْ: لَا كَقَوْلِهِ وَهَبْته مِنْك عُمْرِي أَوْ عُمْرَ زَيْدٍ مَثَلًا فَإِنَّ الْهِبَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ اللَّفْظِ الْمَعْهُودِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّأْقِيتِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِ زَيْدٍ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ عُمْرَك؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَمْلِكُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَلَا تَأْقِيتَ وَلَفْظُ عُمْرِي مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (أَوْ قَالَ بِعْت مِنْكَ ذَا بِلَا ثَمَنْ) فَإِنَّ الْهِبَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ لِتَهَافُتِهِ.

(وَلَا) تَنْعَقِدُ (بِتَعْلِيقٍ) لِلصِّيغَةِ كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَهَبْتُك هَذَا (وَتَأْقِيتٍ) أَيْ: وَلَا بِتَأْقِيتِ (الزَّمَنْ) كَقَوْلِهِ وَهَبْتُكَهُ سَنَةً (أَوْ أَخَّرَ الْقَبُولَ) عَنْ الْإِيجَابِ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ كَمَا فِي الْبَيْعِ فَلَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالْقَبُولِ كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ فَلَوْ وَهَبَ مِنْ طِفْلٍ لَزِمَ وَلِيَّهُ قَبُولُهَا فِي الْحَالِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ لَفْظِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الْهِبَةُ الضِّمْنِيَّةُ كَقَوْلِهِ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَفَعَلَ

(فِيمَا صَحَّا بَيْعًا) أَيْ: الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ فِيمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَفِيمَا زَادَهُ كَالْمِنْهَاجِ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

التَّمْلِيكَ إنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الْأَعْيَانَ اهـ فَانْظُرْ هَلْ يُشْكِلُ الْجَوَابُ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّ هِبَةَ مَنَافِعِ الدَّارِ هِبَةٌ لَا عَارِيَّةٌ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ أَصْلِ الْإِيرَادِ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَمْلِيكٌ فِي الْحَالِ وَتَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ فِي الْوَقْفِ لَيْسَ فِي الْحَالِ ضَرُورَةً أَنَّهَا مَعْدُومَةٌ فِي الْحَالِ وَلَا تَمْلِيكَ لِلْمَعْدُومِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى هَذَا هِبَةُ مَنَافِعِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ: التَّمْلِيكُ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَعْلَى) أَيْ: لِلْأَعْلَى. (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ عَلَى مَا هُنَا) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّمْلِيكُ

(قَوْلُهُ: لِتَهَافُتِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا قَالَ الْجَوْجَرِيُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهِبَةَ لَا يَقْتَضِي مُطْلِقُهَا عَدَمَ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ مُطْلِقَهُ يَقْتَضِي الْعِوَضَ بِرّ

(قَوْلُهُ: لَزِمَ وَلِيَّهُ قَبُولُهَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ انْعَزَلَ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ قَالَ فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لِكَمَالِ شَفَقَتِهِمَا. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلِلْعَبْدِ أَيْ: وَيُقْبَلُ لِلْعَبْدِ نَفْسِهِ وَإِنْ وَهَبَ لِلصَّغِيرِ وَلِيُّ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ قَبِلَ لَهُ الْحَاكِمُ وَهَلْ يَصِحُّ قَبُولُ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ أَوْ قَبُولُ أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ نِصْفَهُ أَيْ: نِصْفَ مَا وُهِبَ لَهُمَا وَجْهَانِ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

يَنْتَقِلُ لِوَارِثِهِ وَيُطْلَقُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ سم عَلَى التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ) أَيْ: الْهِبَةُ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْخَالِيَةُ عَنْ الِاحْتِيَاجِ وَقَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَعَنْ النَّقْلِ إكْرَامًا وَإِلَّا فَالتَّمْلِيكُ بِلَا عِوَضٍ مَعَ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ صَحِيحٌ بِدُونِ إيجَابٍ وَقَبُولٍ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ كَمِثْلِ أَعَمَرْت بِزِيَادَةِ إلَخْ) أَيْ: مَنْ عَرَفَ مَعْنَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَلْغُو الشَّرْطُ) وَإِنْ ظَنَّ لُزُومَهُ أَوْ صِحَّتَهُ وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَلْغُو فِيهِ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ إلَّا هَذَا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَحَجَرٌ وَغَيْرُهُمَا وَبِهَامِشِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ يَلْغُو الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ أَيْضًا فِي بَيْعِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ لِلْبَائِعِ. اهـ. أَيْ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَيْضًا فِيهِ وَهُوَ خَبَرُ بَرِيرَةَ. (قَوْلُهُ: وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ) أَيْ: لِأَنَّهُ مَلَكَهُ إلَى مَوْتِهِ وَبِمَوْتِهِ انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ وَلَا يَقْدِرُ الْمَوْهُوبُ لَهُ حِينَئِذٍ عَلَى إرْجَاعِهِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ شَرْطٌ وَقَعَ عَلَى الْوَارِثِ لَا عَلَى مَنْ عَقَدَ مَعَهُ الْعَقْدَ كَمَا فِي الْبَحْرِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: رُقْبَى) مِنْ الرَّقُوبِ وَالْعُمْرَى وَالرُّقْبَى كَانَا عَقْدَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْقَبُولِ الْهِبَةُ لِلْجِهَةِ الْعَامَّةِ كَالْوَقْفِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يَقْبَلُ الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>