للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَحْوُهُ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ كَالْقَرْضِ وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْوَاهِبِ فِي الْقَبْضِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ بِنَفْسِهِ وَمِنْ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَائِبًا كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ وَكَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ فِي الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ إنَّمَا يُمْلَكَانِ بِالْقَبْضِ أَيْضًا.

(وَقَدْ خُيِّرَ وَارِثٌ إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ ذَيْنِ) أَيْ: الْوَاهِبِ وَالْمُتَّهِبِ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَتَخَيَّرُ وَارِثُ الْوَاهِبِ فِي الْإِقْبَاضِ وَوَارِثُ الْمُتَّهِبِ فِي الْقَبْضِ إنْ أَقْبَضَهُ الْوَاهِبُ أَوْ وَارِثُهُ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ نَحْوِ الشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ وَكَالْمَوْتِ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ لَكِنْ لَا يَقْبِضُ إلَّا بَعْدَ الْإِفَاقَةِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَظَاهِرٌ أَنَّ لِوَلِيِّ الْمُتَّهِبِ الْقَبْضَ قَبْلَهَا فِي الْجُنُونِ.

(وَبِالْمُتَّصِلِ وَمِنْ زَائِدٍ يَرْجِعُ أَصْلُ) أَيْ: وَيَرْجِعُ الْأَصْلُ جَوَازًا وَلَوْ جَدًّا أَوْ جَدَّةً مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ فِيمَا مَلَّكَهُ لِفَرْعِهِ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ هَدِيَّةً مَعَ زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ كَسِمَنٍ وَكِبَرِ شَجَرَةٍ لَا مُنْفَصِلَةٍ كَوَلَدٍ وَكَسْبٍ وَتَقَدَّمَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّ الْحَمْلَ لَهُ حُكْمُ الْمُنْفَصِلِ إنْ حَدَثَ فَيَكُونُ الْحَمْلُ لِلْفَرْعِ إنْ حَدَثَ وَإِلَّا فَلِلْأَصْلِ وَإِنْ انْفَصَلَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَوْ وَهَبَهُ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ رَجَعَ وَالْفَرْعُ شَرِيكٌ بِالصَّبْغِ أَوْ قَصَّرَهُ أَوْ كَانَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ رَجَعَ وَلَا شَيْءَ لِلْفَرْعِ وَإِنْ زَادَتْ فَشَرِيكٌ وَخَرَجَ بِالْأَصْلِ غَيْرُهُ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَالْوَالِدُ يَشْمَلُ كُلَّ الْأُصُولِ إنْ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَإِلَّا أُلْحِقَ بِهِ بَقِيَّةُ الْأُصُولِ بِجَامِعِ أَنَّ لِكُلٍّ وِلَادَةً كَمَا فِي النَّفَقَةِ وَحُصُولِ الْعِتْقِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ وَهَبَ هِبَةً فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا» فَيُحْمَلُ عَلَى الْأُصُولِ (مَا يَلِي) أَيْ يَرْجِعُ الْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ مَا دَامَ فِي وِلَايَةِ الْفَرْعِ فَإِنْ خَرَجَ عَنْ وِلَايَتِهِ بِتَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ هِبَةٍ مَعَ الْقَبْضِ فِيهِمَا أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إيلَادٍ أَوْ حَجْرٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَلَا رُجُوعَ وَلَا أَثَرَ لِحَجْرِ السَّفَهِ (وَلَوْ بِأَسْقَطْتُ) أَيْ يَرْجِعُ وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ أَسْقَطْت (الرُّجُوعَ) لِتَعَلُّقِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَمِنْ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَكَيْفِيَّةُ الْقَبْضِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. (فَرْعٌ)

لَيْسَ الْإِتْلَافُ مِنْ الْمُتَّهِبِ قَبْضًا سَوَاءٌ أَتْلَفَهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ أَمْ لَا إلَّا إنْ أَذِنَ فِي الْأَكْلِ أَوْ الْعِتْقِ عَنْهُ فَأَكَلَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ أَمَرَ الْمُتَّهِبُ الْوَاهِبَ بِإِعْتَاقِهِ فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ فَيَكُونُ قَبْضًا وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ الِازْدِرَادِ وَالْعِتْقِ. اهـ. بِاخْتِصَارٍ

(قَوْلُهُ: فِيمَا مَلَّكَهُ لِفَرْعِهِ) أَيْ الْحُرِّ خَرَجَ فَرْعُهُ الرَّقِيقُ فَإِنَّ الْهِبَةَ مِنْهُ هِبَةٌ مِنْ سَيِّدِهِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ فَرْعَ الْوَاهِبِ ثَبَتَ الرُّجُوعُ. (قَوْلُهُ: هِبَةً أَوْ صَدَقَةً أَوَهَدِيَّةً) قَالَ فِي الرَّوْضِ لَا فِي الْإِبْرَاءِ أَيْ لِوَلَدِهِ عَنْ دَيْنِهِ أَيْ: لَا يَرْجِعُ فِيهِ وَفِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ وَقَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّمَا يَرْجِعُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَغَيْرِ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَمَّا الْمُتَصَدَّقُ بِهِ الْوَاجِبُ الْآتِي زَكَاةً أَوْ فِدْيَةً أَوْ كَفَّارَةً فَلَا رُجُوعَ لِلْوَالِدِ فِيهِ وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ وَهُوَ فَقِيرٌ أَوْ غَنِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ لِيَسْتَفِيدَ التَّصَرُّفَ وَالتَّصَرُّفُ فِي مِثْلِ هَذَا مُمْتَنِعٌ.

قَالَ شَيْخُنَا قُلْتُهُ تَخْرِيجًا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ قُلْت لَا يَتَعَيَّنُ فِي التَّصَرُّفِ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ فَقَدْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْأَكْلِ أَوْ بِإِهْدَائِهِ أَوْ التَّصَدُّقِ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْعُ شَرِيكٌ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إنْ حَصَلَ بِالصَّبْغِ زِيَادَةٌ وَإِنْ أَوْهَمَ التَّفْصِيلُ فِيمَا بَعْدَهُ مَعَ الْإِطْلَاقِ فِي هَذَا خِلَافَهُ سم. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْهَا) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْفَرْعَ إذَا أَنَابَ أَصْلَهُ عَلَى الْهِبَةِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ وَفِيهِ نَظَرٌ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَإِنْ قُلْت: وَمَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِ الثَّوَابِ فِي الْخَبَرِ عَلَى الْمَعْلُومِ الْوَاقِعِ عِوَضًا فَكَيْفَ بَيْعًا وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى الْحَمْلِ عَلَى الْأُصُولِ وَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ قُلْتُ: لَا مَانِعَ إلَّا اقْتِضَاءُ الْخَبَرِ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ الثَّوَابُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَجُوزُ الرُّجُوعُ حَتَّى لِغَيْرِ الْأُصُولِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْخَبَرِ عَلَى مَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ عَلَى الْأُصُولِ) أَيْ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعٍ) الْوَجْهُ اسْتِثْنَاءُ بَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَعْنِي لِلْفَرْعِ وَحْدَهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فَهُوَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْهَدِيَّةُ وَغَيْرُهَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر وَحَجَرٌ خِلَافًا لِمَنْ اكْتَفَى بِهِ فِي الْهَدِيَّةِ لَكِنْ فِي الْعُبَابِ وَتَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ خِلَافُهُ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَفِي ع ش أَنَّ الْإِتْلَافَ وَلَوْ بِإِذْنٍ لَا يَكُونُ قَبْضًا إلَّا إنْ كَانَ بِعِتْقٍ أَوْ أَكْلٍ فَإِنَّهُ بِهِمَا مَعَ الْإِذْنِ يَكُونُ قَبْضًا فَيُقَدَّرُ الْمِلْكُ قَبْلَ الْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَالتَّلَفُّظِ بِصِيغَةِ الْعِتْقِ

(قَوْلُهُ: يَرْجِعُ الْأَصْلُ) وَلَوْ بِقَوْلِهِ فَسَخْتُ الْهِبَةَ أَوْ قَالَا تَقَايَلْنَا وَلَا تَنْفَسِخُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ وَالتَّقَايُلَ إنَّمَا يُنَاسِبَانِ الْمُعَاوَضَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِمَا الِاسْتِدْرَاكُ، وَالْهِبَةُ إحْسَانٌ سم. (قَوْلُهُ: فِيمَا مَلَكَهُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ هِبَةُ الدَّيْنِ فَإِنَّهَا إبْرَاءٌ لَا تَمْلِيكٌ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ بَعْدَ هِبَتِهِ لَهُ وَقَالَ م ر: يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيهِ سَوَاءٌ قُلْنَا هِبَتُهُ تَمْلِيكٌ أَوْ إسْقَاطٌ لِأَنَّهُ لَا بَقَاءَ لَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَهُ شَيْئًا فَتَلِفَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَتْ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِغَيْرِ ارْتِفَاعِ سِعْرِ الثَّوْبِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ إلَخْ) رَدَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>