وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ كَافِرًا مَعْصُومًا أَوْ مُرْتَدًّا (لَقَطْ) كُلٌّ مِنْهُمَا جَوَازًا (مَا ضَاعَ) مِنْ مُخْتَصِّ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ (بِالْغَفْلَةِ عَنْهُ أَوْ سَقَطْ) أَيْ أَوْ بِسُقُوطِهِ إذَا وَجَدَهُ فِي شَارِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ مَوَاتٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَفِيهَا مُسْلِمٌ أَوْ دَخَلَهَا الْمُلْتَقِطُ بِأَمَانٍ فَإِنْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَهُوَ غَنِيمَةٌ وَخَرَجَ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ الرَّقِيقُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَلَا لِلْوِلَايَةِ وَسَيَأْتِي وَبِالْغَفْلَةِ وَالسُّقُوطِ مَا ضَاعَ بِغَيْرِهِمَا كَأَنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي دَارِهِ أَوْ أَلْقَى إلَيْهِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ كِيسًا فِي هَرَبِهِ أَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ عَنْ وَدَائِعَ لَا يَعْرِفُ مُلَّاكَهَا فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ يُحْفَظُ وَلَا يُتَمَلَّكُ وَيُلْحَقُ بِهِ مَا لَا يُلْتَقَطُ إلَّا لِلْحِفْظِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَمَّا مَا وُجِدَ فِي مِلْكٍ فَهُوَ لِذِي الْيَدِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلِمَنْ قَبْلَهُ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمُحْيِي فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلُقَطَةٌ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ.
وَالْمُلْتَقَطُ (كَنَبْشِ) بِمَعْنَى مَنْبُوشٍ أَيْ: كَدَفِينِ (غَيْرِ جَاهِلِيِّ الضَّرْبِ) بِأَنْ كَانَ إسْلَامِيَّهُ أَوْ عَلَيْهِ الضَّرْبَانِ أَوْ خَالِيًا عَنْهُمَا كَغَيْرِ الْمَدْفُونِ وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ فَإِنْ كَانَ جَاهِلِيَّ الضَّرْبِ فَرِكَازٌ كَمَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ (لَا الْعَبْدِ ذِي التَّمْيِيزِ) فَلَا يَلْتَقِطُهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى مَالِكِهِ بِالدَّلَالَةِ.
(لَا) إنْ وَجَدَهُ. (فِي) زَمَنِ (نَهْبِ) أَوْ نَحْوِهِ كَغَرَقٍ أَوْ حَرِيقٍ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ حِينَئِذٍ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ، وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا مِنْ
ــ
[حاشية العبادي]
وَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ فِي مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِصِحَّةِ الْتِقَاطِهِ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا. اهـ. وَفِيهِ أُمُورٌ أَحَدُهَا أَنَّ تَمَلُّكَ اللُّقَطَةِ بِشَرْطِهِ هَلْ يَخْتَصُّ بِالْآذِنِ أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الِالْتِقَاطَ بِجُمْلَةِ الْبَدَنِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ وَثَانِيهَا أَنَّهُ لَوْ نَهَاهُ الْآخَرُ فَهَلْ يَمْتَنِعُ الْتِقَاطُهُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُقْتَضِي أَوْ لَا يَمْتَنِعُ وَلَا يَكُونُ النَّهْيُ مَانِعًا مَعَ إذْنِ الْوَلِيِّ فِيهِ نَظَرٌ وَثَالِثُهَا لَعَلَّ هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ أَوْ وَقَعَ الْإِذْنُ فِي نَوْبَةِ الْآذِنِ فَإِنْ وَقَعَ فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ لَمْ يَبْعُدْ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ وَإِنْ وَقَعَ فِي نَوْبَةِ الْآذِنِ فَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُ التَّمَلُّكِ بِهِ حَيْثُ وَقَعَ الِالْتِقَاطُ فِيهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِيمَا إذَا أَذِنَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ مَنَعَ الْآخَرُ أَنْ يَصِحَّ الْتِقَاطُهُ فِي نِصْفِ مَا الْتَقَطَهُ لِلْآذِنِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَرَطَ الْإِمَامُ فِي صِحَّةِ الْتِقَاطِ الصَّبِيِّ التَّمْيِيزَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ. اهـ. وَفِي النَّاشِرِيِّ مَا نَصُّهُ. (تَنْبِيهٌ)
يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ أَخْذُ اللُّقَطَةِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَلَى وَجْهِ الِالْتِقَاطِ لِيُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكُهَا لِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَبْرَأُ الصَّبِيُّ مِنْ الضَّمَانِ. اهـ. فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ مَا لَمْ يُحْمَلْ الصَّبِيُّ عَلَى غَيْرِ الْمُمَيَّزِ سم. (قَوْلُهُ: مَعْصُومًا) أَخْرَجَ الْحَرْبِيَّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ الرَّقِيقُ) الْمَحْضُ. (قَوْلُهُ: يُحْفَظُ وَلَا يُتَمَلَّكُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ مَا لَمْ يَتَمَلَّكْهُ بَلْ يَحْفَظْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَهُ حِفْظُهُ فَهَلْ يُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ أَنَّ أَمْرَ الْمَالِ الضَّائِعِ إلَى الْإِمَامِ سم. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهْ فَلُقَطَةٌ) بِخِلَافِ الرِّكَازِ فَإِنَّهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهْ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ
(قَوْلُهُ: كَنَبْشٍ غَيْرِ جَاهِلِيِّ الضَّرْبِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا فِي مَعْنَى مَا ضَاعَ بِالْغَفْلَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ الْعَبْدِ ذِي التَّمْيِيزِ) ، أَمَّا الْتِقَاطُ الرَّقِيقِ لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا لَا الْمُمَيِّزِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَرِيقٍ) بِحَيْثُ يَخْشَى ذَلِكَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ فَاسِقًا إلَخْ) وَلَوْ كَانَ الْتِقَاطُهُمْ لِلْحِفْظِ كَمَا فِي الْعُبَابِ وَتُنْزَعُ مِنْهُمْ إلَى عَدْلٍ وَيُضَمُّ إلَيْهِمْ مُشْرِفٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُمْ إلَّا إذَا كَانَ التَّمَلُّكُ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُرْتَدًّا) لَكِنْ لَا يَتَمَلَّكُ إلَّا بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ كَمَا فِي ع ش وَهُوَ أَظْهَرُ مِمَّا فِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ أَنَّهُ يَتَمَلَّكُ حَالًا وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَوَاتٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) خَرَجَ بِالْمَوَاتِ الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ فَلَيْسَ مَا وُجِدَ فِيهَا لُقَطَةً بَلْ هُوَ لِذِي الْيَدِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَإِنْ نَفَاهُ فَلِمَنْ قَبْلَهُ وَهَكَذَا إلَى الْمُحْيِي فَهُوَ لَهُ وَإِنْ نَفَاهُ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ تَعَرَّضَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ إلَخْ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا إذَا كَانَ الْآخِذُ مُسْلِمًا وَانْظُرْ حُكْمَ الذِّمِّيِّ وَنَحْوَهُ وَرَاجِعْ بَابَ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَقَدْ رَاجَعْنَا الْبَابَ الْمَذْكُورَ فَوَجَدْنَا أَنَّ مَا أَخَذَهُ الذِّمِّيُّ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ بِقِتَالٍ أَوْ بِدُونِهِ كَاخْتِلَاسٍ وَالْتِقَاطٍ كُلُّهُ لِلْآخِذِ وَلَا يُخَمَّسُ. اهـ. تَأَمَّلْ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ لَكِنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَا مُسْلِمٌ سَوَاءٌ دَخَلَ الذِّمِّيُّ دَرَاهُمْ بِأَمَانٍ أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ ع ش فِي بَابِ حُكْمِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَهُوَ غَنِيمَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي دَارِ حَرْبِيٍّ وَفِيهَا مُسْلِمٌ إلَخْ) أَيْ: فَهِيَ لُقَطَةٌ وَبَعْدَ تَعْرِيفِهَا تَكُونُ غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّ. (قَوْلُهُ: وَفِيهَا مُسْلِمٌ) مِثْلُهُ الذِّمِّيُّ سم عَلَى الْغَايَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلُقَطَةٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُعْطَى لَهُ قَهْرًا وَلَوْ نَفَاهُ.