لَكِنْ لَوْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الرَّضَاعِ.
(وَفَرْعُهَا) أَيْ: وَلَدُهَا الْحَاصِلُ مِنْ الزَّوْجِ (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُقِرَّا) بِالرِّقِّ. (حُرٌّ) لِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ، أَمَّا الْحَاصِلُ بَعْدَهُ فَرَقِيقٌ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ عَالِمًا بِرِقِّهَا وَلِأَنَّ الْعُلُوقَ مَوْهُومٌ فَلَا يُجْعَلُ مُسْتَحَقًّا بِالنِّكَاحِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ.
(وَتَعْتَدُّ) الْمُقِرَّةُ (ثَلَاثَةَ أَقْرَا إنْ طَلُقَتْ) بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ حَقُّ الزَّوْجِ وَصَرَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَقُلْ لَهُ الرَّجْعَةُ لَكْ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْهَا يَضُرُّهُ (لَكِنْ) تَعْتَدُّ (بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسٍ) مِنْ اللَّيَالِي. (إنْ هَلَكْ) أَيْ: الزَّوْجُ لِعَدَمِ تَضَرُّرِهِ بِنُقْصَانِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا وَجَبَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ.
(وَلْيَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ) أَيْ: الزَّوْجِ الْمُقِرِّ بِالرِّقِّ بَعْدَ نِكَاحِهِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجَةِ (ثُمَّ حَمَلْ) هُوَ (نِصْفَ الْمُسَمَّى) لَهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (وَالْجَمِيعَ إنْ دَخَلْ) بِهَا؛ لِأَنَّ سُقُوطَ ذَلِكَ يَضُرُّهَا و (مِنْ) الْمَالِ (الَّذِي فِي يَدِهِ و) مِنْ (كَسْبِهِ) حَالًا وَمُسْتَقْبَلًا (أَدَّى) مَا حَمَلَهُ مِنْ مَهْرِهَا (كَدَيْنٍ) أَيْ كَمَا يُؤَدِّي مِنْهُمَا دَيْنَهُ الَّذِي لَزِمَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَبْلَ إقْرَارٍ) مِنْهُ (بِهِ) أَيْ بِالرِّقِّ (وَفَاضِلُ الْمَالِ) الَّذِي بِيَدِهِ بَعْدَ الْمَهْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ (لِمَنْ أَقَرَّ) هُوَ (لَهْ) بِالرِّقِّ (وَ) فَاضِلُ (الدَّيْنِ) يَبْقَى (فِي ذِمَّتِهِ) حَتَّى يُعْتَقَ كَمَا يَكُونُ جَمِيعُ الدَّيْنِ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يُوجَدْ بِيَدِهِ مَالٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (تَحَمَّلَهْ) تَكْمِلَةٌ.
(وَاقْتُصَّ مِنْ هَذَا) أَيْ الْمُقِرِّ بِالرِّقِّ (بِقَتْلِ عَمْدِ) صَدَرَ مِنْهُ (مِنْ قَبْلِ إقْرَارٍ) مِنْهُ بِالرِّقِّ (وَلَوْ بِعَبْدِ) أَيْ: وَلَوْ بِقَتْلِ عَبْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَضِّلْهُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَضُرُّ بِهِ فَيُقْبَلُ وَيُقْتَلُ فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ مَالٌ وَالزَّائِدُ مِنْهُ عَلَى قِيمَتِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ أَخَذَ الْأَرْشَ مِنْهُ قَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ قَالَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَبُولِ قَوْلِهَا فَلَيْسَ هَذَا مِنْ فُرُوعِ عَدَمِ الْقَبُولِ فِيمَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَنْفَعُ لَا مِمَّا يَضُرُّ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ أَنَّ هَذَا مِنْ فُرُوعِ مَا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الرَّضَاعِ) يُرِيدُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِرَضَاعٍ يَحْرُمُ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وَكَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَسْتَمِرُّ وَلَكِنْ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهَا الَّذِي قَبَضَتْهُ وَلَوْ كَانَتْ مَا قَبَضَتْ لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَهُوَ صَحِيحٌ لَكِنْ مَا تَقَرَّرَ فِي الرَّضَاعِ يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْهَامِشِ السَّابِقِ فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَاهَا الْفِسْقَ عَلَى غَيْرِ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَيُنَازِعُ فِيمَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ فَإِنَّ فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ لَمْ يَحْصُلْ اتِّفَاقٌ عَلَى حُصُولِ الْمُوجِبِ بَلْ هِيَ تَدَّعِي نَفْيَهُ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْهَا مَا قَبَضَتْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: مِنْ قَبْلِ أَنْ تُقِرَّا) إنْ حُمِلَ عَلَى مَعْنَى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَعْلَمَ الزَّوْجُ إقْرَارَهَا دَخَلَ وَلَدُهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَقَبْلَ عِلْمِ الزَّوْجِ بِهِ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ تَعْتَدُّ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسٍ مِنْ اللَّيَالِي إنْ هَلَكَ) قَدْ يُظَنُّ إشْكَالُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْعَدِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ يَظُنُّهَا حُرَّةً وَاسْتَمَرَّ ظَنُّهُ لِلْمَوْتِ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْحَرَائِرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ ثَمَّ الْوَطْءُ مَعَ الظَّنِّ وَاسْتِمْرَارُهُ لِلْمَوْتِ وَذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ هُنَا كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي هَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِمَا مِنْهُ أَنَّ كَلَامَهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي شُمُولِ الْمَسْأَلَةِ لِمَا إذَا عَلِمَ رِقَّهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ بَلْ فِي انْحِصَارِ حَالِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ خَيَّرُوهُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ إنْ شَرَطَتْ الْحُرِّيَّةَ وَعَلَّلُوهُ بِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَقَالُوا أَوْلَادُهَا مِنْهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَرِقَّاءُ وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِرِقِّهَا نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَ حُرِّيَّتَهَا وَوَطِئَهَا مَعَ ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ وَاسْتَمَرَّ إلَى الْمَوْتِ احْتَمَلَ أَنْ يَلْتَزِمَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحَرَائِرِ كَمَا فِي تِلْكَ وَاحْتُمِلَ أَنْ يُفَرَّقَ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَلْيَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَنْ أَقَرَّ لَهُ بِالرِّقِّ أَذِنَ لَهُ وَإِنْ كَانَ إذْنُهُ إذْ ذَاكَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لَغْوًا. (قَوْلُهُ: كَمَا يُؤَدِّي مِنْهُمَا) أَيْ: الْمَالِ وَالْكَسْبِ دَيْنَهُ الَّذِي لَزِمَهُ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ الْكَسْبِ الْمُسْتَقْبَلِ وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ خِلَافُهُ لِكَوْنِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ الْفَرْعَ الثَّانِيَ تُقْضَى دُيُونُهُ الَّتِي عَلَيْهِ وَقْتَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ مِمَّا فِي يَدِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إقْرَارَهُ لَا يُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ فِي الْمَاضِي فَلَا يُقْضَى مِنْ كَسْبِهِ؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ لَا تَتَعَلَّقُ بِكَسْبِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ. اهـ. وَيُجَابُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَدَيْنٍ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَيْ: كَمَا يُؤَدِّي مِنْهُمَا يُنَافِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا كَمَا فِي {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: ٢٢] فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْهُمَا لَيْسَ نَصًّا فِي تَنَاوُلِ الْكَسْبِ الْمُسْتَقْبَلِ لِصِدْقِهِ بِالْحَالِيِّ فَقَطْ أَيْ: بِالْكَسْبِ حَالَ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ لَكِنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسْلِيمِ التَّعَلُّقِ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ سم
(قَوْلُهُ: فِي بَيْتِ الْمَالِ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي لَا يَتَعَلَّقُ بِبَيْتِ الْمَالِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لَيْسَ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَإِذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ وَجَبَ أَنْ لَا يُطَالِبَ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ) أَيْ: ذَلِكَ الشَّيْءَ وَهُوَ نِصْفُ الْمُسَمَّى.
(قَوْلُهُ: وَقُلْ لَهُ الرَّجْعَةُ لَك) أَيْ حَتَّى فِي الْقُرْءِ الثَّالِثِ سَوَاءٌ أَقَرَّتْ، ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ طَلَّقَهَا، ثُمَّ أَقَرَّتْ وَقِيلَ تَعْتَدُّ فِي الْأُولَى بِقُرْأَيْنِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْتَقْبَلِ كَإِرْقَاقِ أَوْلَادِهَا فَلَا رَجْعَةَ حِينَئِذٍ فِي الثَّالِثِ اهـ رَوْضَةٌ
(قَوْلُهُ: نِصْفَ الْمُسَمَّى) وَقِيلَ لَا شَيْءَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَعُدُّهُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَقِيلَ الْأَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْ الْمُسَمَّى وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يَضُرُّ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى قَبْلَ الدُّخُولِ وَكُلُّهُ بَعْدَهُ