مَوْتِهِ أَمْ لَا أَمَّا تَعَلُّقُ الْغُرَمَاءِ بِالْأَمْوَالِ بِالْحَجْرِ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَلَيْسَتْ صُوَرُ التَّعَلُّقِ مُنْحَصِرَةً فِي الْمَذْكُورَاتِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْكَافِ فِي أَوَّلِهَا، وَالْحَاصِرُ لَهَا التَّعْلِيقُ بِالْعَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فَمِنْهَا سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْوَفَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا وَمِنْهَا الْمُكَاتَبُ إذَا أَدَّى نُجُومَ الْكِتَابَةِ وَمَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْإِيتَاءِ وَالْمَالُ أَوْ بَعْضُهُ بَاقٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَذُكِرَتْ صُوَرٌ أُخْرَى مَعَ إشْكَالٍ لِلسُّبْكِيِّ فِي صُورَتَيْ الزَّكَاةِ وَمَبِيعِ الْمُفْلِسِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ (ثُمَّ) يَخْرُجُ (مُؤَنْ تَجْهِيزِهِ) وَتَجْهِيز مِنْ عَلَيْهِ مُؤْنَته (وَ) مُؤَن (الدَّفْنِ) لَهُمْ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ بَلْ أَوْلَى لِانْقِطَاعِ كَسْبه (بِالْمَعْرُوفِ) بِحَسْب يَسَاره وَإِعْسَاره.
وَلَا عِبْرَة بِمَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاته مِنْ إسْرَافه وَتَقْتِيره وَذِكْرُ الدَّفْن مِنْ زِيَادَة النَّظْم وَهُوَ دَاخِل فِيمَا قَبْله (ثُمَّ دُيُونًا لَزِمَتْهُ تُوفِي) أَيْ، ثُمَّ بَعْد إخْرَاج مُؤَن التَّجْهِيز نُوفِي نَحْنُ دُيُونًا لَزِمَتْهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيِّ لِكَوْنِهَا حُقُوقًا وَاجِبَة عَلَيْهِ وَأَمَّا تَقْدِيم الْوَصِيَّة عَلَيْهَا ذَكَرًا فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١] فَلِكَوْنِهَا قُرْبَة وَالدَّيْن مَذْمُوم غَالِبًا وَلِكَوْنِهَا مُشَابِهَةً لِلْإِرْثِ مِنْ جِهَة أَخْذِهَا بِلَا عِوَض وَشَاقَّة عَلَى الْوَرَثَة وَالدَّيْن نُفُوسهمْ مُطَمْئِنَة إلَى أَدَائِهِ فَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ بَعَثَا عَلَى وُجُوب إخْرَاجهَا وَالْمُسَارَعَة إلَيْهَا وَلِهَذَا عَطَفَ بِأَوْ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنهمَا فِي الْوُجُوب عَلَيْهِمْ وَلِيُفِيدَ تَأَخَّرَ الْإِرْث عَنْ أَحَدهمَا كَمَا يُفِيد تَأَخَّرَهُ عَنْهُمَا بِمَفْهُومِ الْأُولَى (وَإِرْثُهُ كَالرَّهْنِ) أَيْ وَمَوْرُوث الْمَيِّت قَبْل أَدَاءِ الدِّين كَالْمَرْهُونِ (بِالدَّيْنِ) لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْمَيِّتِ وَأَقْرَب لِبَرَاءَةِ ذِمَّته فَلَا يَنْفُذ تَصَرُّفُ الْوَارِث فِيهِ بِغَيْرِ إذْن الْغَرِيم إلَّا أَنْ يَكُون عِتْقًا وَهُوَ مُوسِر فَيَنْفُذ مُطْلَقًا وَلِلْوَارِثِ أَخْذُهُ وَقَضَاء الدِّين مِنْ مَاله فَإِنْ لَمْ يَفِ بِالدَّيْنِ فَلَهُ أَيْضًا أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ احْتَمَلَ حُدُوث رَاغِب بِزِيَادَةِ لِأَنَّ الظَّاهِر عَدَمهَا.
وَقَضِيَّة تَشْبِيهه بِالرَّهْنِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفِ بِالدَّيْنِ فَوَفَى الْوَارِث قَدْره لَمْ يَنْفَكَّ عَنْ الرَّهِينَة وَالْأَصَحّ خِلَافه (وَإِنْ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ) وَلَيْسَ، ثَمَّ دُيُون عَلَى مُوَرِّثِهِ (ثُمَّ يَسْتَبِنْ) أَيْ يَبْنِ بِمَعْنَى أَنْ يَطْرَأ عَلَيْهِ (دَيْن بِرَدِّ) مَا بَاعَهُ فِي حَيَاته بِسَبَبِ (الْعَيْبِ) أَوْ الْخِيَار (أَوْ تَرَدِّي) أَيْ أَوْ بِتَرَدٍّ مُفْضٍ إلَى التَّلَف (فِي بِئْر عُدْوَانٍ) أَيْ بِئْر أَحْدَثَهَا بِحَفْرِ عَدُوَّانِ (وَلَمْ يُؤَدِّي) أَيْ الْوَارِث أَوْ غَيْره الدِّين (يَفْسَخْ) ذَلِكَ التَّصَرُّف وَيُوفِي الدِّين مِنْ الْمَوْرُوث بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّاهُ وَفِيهِ وَجْه زَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَفِي وَجْهٍ قَوِيٍّ ثَانِي تَصَرُّفُ الْوَارِث كَالضَّمَانِ) فَلَا فَسْخ بَلْ يُطَالِب بِالدَّيْنِ كَالضَّامِنِ وَظَاهِر أَنْ مَحِلّ الْفَسْخ فِي غَيْر إعْتَاق الْمُوسِر أَمَّا فِيهِ فَلَا فَسْخ كَالْمَرْهُونِ بَلْ أَوْلَى لِطَرَيَانِ التَّعَلُّق عَلَى التَّصَرُّف (ثُمَّ) بَعْد إيفَاء الدُّيُون (الْوَصَايَا) وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِنْ عِتْق عُلِّقَ بِالْمَوْتِ وَتَبَرُّع نُجِّزَ فِي مَرَض الْمَوْت أَوْ الْمُلْحَق بِهِ (نُفِّذَتْ مِنْ ثُلُثِ بَاقِيهِ) أَيْ الْإِرْث وَقُدِّمَتْ عَلَى الْإِرْث لِلْآيَةِ السَّابِقَة وَتَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّت كَمَا فِي الْحَيَاة وَمِنْ لِلِابْتِدَاءِ فَتَدْخُلُ الْوَصَايَا بِالثُّلُثِ وَبِبَعْضِهِ.
(ثُمَّ مَا بَقِيَ) بَعْد ذَلِكَ (لِلْوُرَّثِ) بِضَمِّ الْوَاو وَتَشْدِيد الرَّاء جَمَعَ وَارِث بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ لِيَصِحّ تَأَخُّرُهُ عَنْ بَقِيَّة الْحُقُوق وَإِلَّا فَتَعَلُّقُهَا بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَع الْإِرْث، ثُمَّ الْوَارِث إنْ كَانَ لَهُ سَهْم مُقَدَّر فِي الْكِتَاب أَوْ السُّنَّة فَهُوَ ذُو فَرْضٍ وَإِلَّا فَعَاصِب.
، وَالْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِيهِمَا سِتَّةٌ الثُّلُثُ وَالرُّبْعُ وَنِصْفُ كُلٍّ وَضِعْفُهُ، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْوَرَثَةِ فَقَالَ (مَنْ مُسْتَحِقِّ النِّصْفِ) وَهُوَ خَمْسَةٌ أَحَدُهَا (زَوْجٌ) لَيْسَ لِزَوْجَتِهِ فَرْعٌ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي الرُّبْعِ قَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: ١٢] ، وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ إجْمَاعًا أَوْ لَفْظُ الْوَلَدِ يَشْمَلُهُمَا إعْمَالًا لَهُ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْفَرْعِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فَرْعٌ يَرِثُ بِخُصُوصِ الْقَرَابَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْوَفَاءِ (قَوْلُهُ: فَمِنْهَا سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْوَفَاةِ) عِبَارَةُ النَّاشِرِيِّ الثَّانِيَةُ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ الْوَفَاةِ بِالْحَمْلِ سُكْنَاهَا تُقَدَّمُ عَلَى التَّجْهِيزِ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ وَالنَّوَوِيَّ ذَكَرَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُ الدَّارِ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ زَمَنِ الْعِدَّةِ اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا يُخْرِجُ سَكَنَ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ فُرْقَةِ الْحَيَاةِ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ وَلَمْ تَنْتَقِلْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ: بَعْثًا عَلَى وُجُوبِ إخْرَاجِهَا) أَيْ عَلَى امْتِثَالِ وُجُوبِ إخْرَاجِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ) وَإِنْ جَهِلَ الدَّيْنَ (قَوْلُهُ: فَيَنْفُذُ مُطْلَقًا) أَيْ أَذِنَ الْغَرِيمُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ أَيْ الْإِرْثُ) أَيْ الْمَوْرُوثُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ لِلِابْتِدَاءِ) أَيْ لَا لِلتَّبْعِيضِ
[حاشية الشربيني]
بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ شَيْخُنَا: فَلَهُ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ وَيُقَدَّمُ بِهِ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُؤَخَّرٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مُرْسَلًا فِي الذِّمَّةِ م ر قَالَ سم: يُتَأَمَّلُ مَعَ كَوْنِهِ فِي صُورَةِ الرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ كَذَلِكَ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ مَعْنَى كَوْنِهِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مُرْسَلًا أَنَّ الْحَجْرَ لَمْ يَخُصَّهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: صُورَةٌ أُخْرَى) مِنْهَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْمَالِ قَبْلَ قِسْمَةِ مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ حَقَّ الْعَامِلِ يُقَدَّمُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ اهـ خ ط. (قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَمْنَعُ الْإِرْثَ فَيَكُونُ الثُّلُثُ أَيْضًا مَوْرِدَ الْإِرْثِ كَالتَّرِكَةِ إذَا كَانَ هُنَاكَ دَيْنٌ لَكِنْ هَذَا وَاضِحٌ فِي الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِعَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّهُ بِقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ يَتَبَيَّنُ مِلْكُهُ لَهَا مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ تَعَلُّقَ مَا ذُكِرَ بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ إرْثَ الْبَاقِي قُلْت الْوَصِيَّةُ بِالْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ لَا تَمْنَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute