للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَوْمَ الْعَتِيقِ لَحِقَا بِرَبِّهِ فِي دِينِ مَنْ قَدْ عَتَقَا) أَيْ يُعْتَبَرُ فِي إرْثِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا لَهُ بِتَقْدِيرِ مَوْتِ الْمُعْتِقِ يَوْمَ مَوْتِ الْعَتِيقِ عَلَى دِينِ الْعَتِيقِ فَلَوْ مَاتَ الْعَتِيقُ مُسْلِمًا وَكَانَ مُعْتِقُهُ كَافِرًا وَلَهُ ابْنَانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ فَالْوَارِثُ لِلْعَتِيقِ الِابْنُ الْمُسْلِمُ أَوْ كَافِرًا وَكَانَ مُعْتِقُهُ مُسْلِمًا فَالْوَارِثُ لَهُ الِابْنُ الْكَافِرُ دُونَ الْمُسْلِمِ.

وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ عَنْ ابْنَيْنِ، ثُمَّ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ فَوَلَاءُ الْعَتِيقِ لِلِابْنِ دُونَ ابْنِ الِابْنِ وَلَا يَنْتَقِلُ حَظُّ أَبِيهِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ وَإِنَّمَا يُورَثُ بِهِ كَالنَّسَبِ وَهُوَ ثَابِتٌ لِلْمُعْتِقِ وَعَصَبَتُهُ يَأْخُذُونَ بِهِ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ عَنْ ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ فَإِنَّ الِابْنَ أَوْلَى وَلَوْ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ، ثُمَّ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنٍ وَالْآخَرُ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَالْآخَرُ عَنْ خَمْسَةٍ فَالْوَلَاءُ بَيْنَ الْعَشَرَةِ سَوَاءٌ فَيَرِثُونَ الْعَتِيقَ أَعْشَارًا لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ يَوْمَئِذٍ وَرِثُوهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ فَإِنَّ ثُلُثَهُ لِابْنِ الِابْنِ وَثُلُثَهُ لِلْأَرْبَعَةِ وَثُلُثَهُ لِلْخَمْسَةِ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَنْ آبَائِهِمْ، وَالْوَلَاءُ لَمْ يَرِثُوهُ لِمَا مَرَّ وَتَرْتِيبُ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ كَتَرْتِيبِ عَصَبَةِ النَّسَبِ إلَّا الْأَخَ وَابْنَهُ فَيُقَدَّمَانِ عَلَى الْجَدِّ كَمَا قَالَ: (وَالْأَخُ وَابْنُ الْأَخِ جَدًّا سَبَقَا) أَيْ قُدِّمَا عَلَيْهِ هُنَا جَرْيًا عَلَى الْقِيَاسِ فِي أَنَّ الْبُنُوَّةَ أَقْوَى مِنْ الْأُبُوَّةِ وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي النَّسَبِ لِلْإِجْمَاعِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا ابْنَ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ فَيُقَدَّمُ هُنَا عَلَى ابْنِ عَمٍّ فِي رُتْبَتِهِ لَيْسَ أَخًا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ وَإِلَّا الْعَمَّ فَيُقَدَّمُ عَلَى أَبِي الْجَدِّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ.

وَقِيَاسُهُ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ ابْنَ الْعَمِّ كَذَلِكَ (ثُمَّ الَّذِي أَعْتَقَ مَنْ قَدْ أَعْتَقَا، ثُمَّ أُولُو تَعْصِيبِهِ) أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ بِنَفْسِهِ وَزَادَ قَوْلَهُ (وَرَتِّبْ) أَنْتَ الْبَقِيَّةَ هَكَذَا بِأَنْ تَقُولَ، ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَهَكَذَا هَذَا كُلُّهُ فِي وَلَاءِ الْمُبَاشَرَةِ وَهُوَ الَّذِي يَثْبُتُ عَلَى مَنْ مَسَّهُ رِقٌّ لِمَنْ وَقَعَ عَنْهُ الْعِتْقُ وَفِي وَلَاءِ السِّرَايَةِ الَّذِي يَثْبُتُ عَلَى عُتَقَاءِ الْعَتِيقِ وَعُتَقَاءِ عُتَقَائِهِ أَمَّا وَلَاءُ السِّرَايَةِ الَّذِي يَثْبُتُ عَلَى أَوْلَادِ الْعَتِيقِ وَأَحْفَادِهِ تَبَعًا لِأَنَّ النِّعْمَةَ عَلَى الْأَصْلِ نِعْمَةٌ عَلَى الْفَرْعِ فَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ حُكْمِهِ فَقَالَ: (أَوْ مُعْتِقُ الْأَصْلِ) لِلْمَيِّتِ (كَأُمٍّ وَأَبِ) لَهُ (إنْ مَسَّ مِنْ آبَائِهِ الرِّقُّ أَحَدْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (مِنْ دُونِهِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَيْ يُعْتَبَرُ فِي إرْثِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْعَصَبَةُ وَارِثًا لَهُ أَيْ الْمُعْتِقُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَارِثَ لِلْعَتِيقِ هُوَ الْمُوَافِقُ لَهُ فِي الدِّينِ يَوْمَ مَوْتِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُعْتِقُ الْمُخَالِفُ لَهُ فِي الدِّينِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَحِينَئِذٍ قَدْ يُقَالُ لِمَ لَا اسْتَغْنَوْا عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ قُلْت قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ وُجُودَ الْمُعْتِقِ مَعَ عَدَمِ إرْثِهِ لِمُخَالَفَتِهِ فِي الدِّينِ مَانِعٌ مِنْ إرْثِ عَصَبَتِهِ وَإِنْ وَافَقُوا الْعَتِيقَ فِي الدِّينِ وَمَا هُنَا دَافِعٌ لِهَذَا التَّوَهُّمِ دُونَ قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا ابْنَ عَمٍّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا الْأَخَ وَكَذَا قَوْلُهُ: لَا الْعَمُّ وَقَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ عَلَى أَبِي الْجَدِّ جَرْيًا عَلَى الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُعْتِقُ الْأَصْلِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ فَعَتَقَ بِرّ (قَوْلُهُ: إنْ مَسَّ مِنْ آبَائِهِ الرِّقُّ أَحَدْ) وَإِنْ بَعُدَ كَأَنْ مَسَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَذَلِكَ أَفَادَهُ ع ش وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: لَا يُورَثُ) لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ» (قَوْلُهُ: وَتَرْتِيبُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا سَيَأْتِي بِالْهَامِشِ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّ الْبُنُوَّةَ إلَخْ) أَيْ بُنُوَّةَ الْأَخِ وَابْنِهِ لِأَبِي الْمَيِّتِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَقِيس بِالْبُنُوَّةِ لِلْمَيِّتِ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي مُطْلَقِ الْبُنُوَّةِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُبُوَّةِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ هُنَا) أَمَّا فِي عُصُوبَةِ النَّسَبِ فَلِلْأَخِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ فَرْضًا بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ، وَالْبَاقِي يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عُصُوبَةً، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يَرِثُ فِي النَّسَبِ فَأَمْكَنَ أَنْ يُعْطَى فَرْضَهُ وَيُجْعَلَ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْعُصُوبَةِ وَفِي الْوَلَاءِ لَا يَرِثُ بِالْفَرْضِيَّةِ فَقَرَابَةُ الْأُمِّ مُعَطَّلَةٌ مِنْ الْمِيرَاثِ فَاسْتُعْمِلَتْ مُقَوِّيَةً لِلْعُصُوبَةِ فَتَرَجَّحَتْ بِهَا عُصُوبَةُ مَنْ يُدْلِي بِهَا فَأَخَذَا الْجَمِيعَ كَمَا أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ وَابْنَهُ وَالْعَمَّ الشَّقِيقَ وَابْنَهُ لَمَّا كَانَتْ قَرَابَةُ الْأُمِّ مُعَطَّلَةً فِي حَقِّهِمْ لَا يُفْرَضُ لَهُمْ بِهَا فِي النَّسَبِ اُسْتُعْمِلَتْ مُقَوِّيَةً فَتَرَجَّحَتْ بِهَا عُصُوبَتُهُمْ وَقُدِّمُوا عَلَى غَيْرِ الْأَشِقَّاءِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَبَعْضُهُمْ خَرَّجَ مِنْ كُلِّ صُورَةٍ قَوْلًا وَنَقَلَهُ إلَى الْأُخْرَى فَصَارَ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ قَوْلَانِ اهـ مِنْ شَرْحِ الْكَشْفِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ عَصَبَتُهُ) وَلَا إرْثَ لِعَصَبَةِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ مِنْ تَرِكَةِ الْعَتِيقِ بِحَالٍ إذَا لَمْ تَكُنْ عَصَبَتُهَا عَصَبَةَ الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ بِأَنْ تَزَوَّجَتْ الْمُعْتِقَةُ مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا بِأَجْنَبِيٍّ فَأَتَتْ مِنْهُ بِابْنٍ أَوْ أَكْثَرَ فَابْنُهَا عَصَبَتُهَا وَعَصَبَاتُ ابْنِهَا أَجَانِبُ مِنْهَا لَيْسُوا لَهَا بِعَصَبَةٍ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ فَلَا يَرِثُ الْعَتِيقُ عَصَبَةَ ابْنِ الْمُعْتِقَةِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا أَمَّا لَوْ كَانَ عَصَبَةُ ابْنِ الْمُعْتِقَةِ عَصَبَةً لَهَا بِأَنْ تَتَزَوَّجَ مِنْ قَبِيلَتِهَا كَابْنِ عَمِّهَا فَتَلِدَ مِنْهُ ابْنًا فَعَصَبَتُهُ هُمْ عَصَبَتُهَا فَإِذَا مَاتَ ابْنُهَا بَعْدَهَا ثُمَّ مَاتَ عَتِيقُهَا عَنْ عَصَبَةِ ابْنِهَا فَقَطْ فَيَرِثُهُ عَصَبَةُ ابْنِهَا بِكَوْنِهِ عَصَبَتَهَا لَا بِكَوْنِهِ عَصَبَةَ الِابْنِ وَنُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ وَالْقَاضِي شُرَيْحٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْوَلَاءَ يُورَثُ وَعَلَيْهِ يَرِثُ ابْنَتَهَا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا عَتِيقُهَا لَكِنْ الصَّحِيحُ عَنْ أَحْمَدَ مَا تَقَدَّمَ وَوَقَعَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ وَقَعَتْ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي سَنَةِ إحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ وَخَالَفَنِي فِيهَا جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ وَأَفْتَوْا بِأَنَّ الْمِيرَاثَ لِابْنِ عَمِّ ابْنِ الْمُعْتِقَةِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْمُعْتِقَةِ ثُمَّ وَقَعَتْ ثَانِيًا وَأَشْكَلَ أَمْرُهَا حَتَّى نُقِلَتْ لَهُمْ النُّقُولُ فَرَجَعَ إلَيَّ أَكْثَرُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>