للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَتَعَيَّرُ بِلُحُوقِ الْعَارِ بِهِمْ فَيَتَوَلَّاهُ مَنْ يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَنْ لَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ وَهُوَ الْإِمَامُ وَلَا بِتَزْوِيجِ أَرِقَّائِهِمْ لِأَنَّ وِلَايَةَ تَزْوِيجِهِمْ تَبَعٌ لِلْوِلَايَةِ عَلَى تَزْوِيجِ مَالِكِيهِمْ فَإِذَا امْتَنَعَ الْمَتْبُوعُ فَالتَّابِعُ أَوْلَى (مُبَاحًا) فَلَا يَصِحُّ بِعِمَارَةِ بِيَعِ التَّعَبُّدِ وَكَنَائِسِهِ وَنَحْوِهِمَا لِعَدَمِ الْإِبَاحَةِ (وَاصْرِفْ مُطْلَقَهُ) أَيْ الْإِيصَاءَ كَأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت إلَيْك أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي فِي أَمْرِ أَطْفَالِي وَلَمْ يَذْكُرْ التَّصَرُّفَ (لِحِفْظِهِ) أَيْ الْوَصِيِّ (الْمَالَ) دُونَ التَّصَرُّفِ فِيهِ تَنْزِيلًا عَلَى الْأَقَلِّ وَهَذَا وَجْهٌ.

وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فِي التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ أَيْضًا لِلْعُرْفِ فَإِنْ فَصَّلَ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت إلَيْك فِي قَضَاءِ دُيُونِي وَتَنْفِيذِ وَصَايَايَ وَفِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ أَطْفَالِي، وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِمْ أَوْ ذَكَرَ بَعْضَ هَذِهِ الْأَعْمَالَ فَلَهُ مَا رَسَمَ لَهُ بِهِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْت إلَيْك فَلَغْوٌ لِعَدَمِ بَيَانِ مَا بِهِ الْإِيصَاءُ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ (إلَى حُرٍّ جَمِيعًا) أَيْ يَصِحُّ الْإِيصَاءُ مِمَّنْ ذُكِرَ إلَى حُرِّ الْكُلِّ بِخِلَافِ مَنْ فِيهِ رِقٌّ لِاسْتِدْعَاءِ الْوِصَايَةِ فَرَاغًا وَلِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ ابْنِهِ فَلَا يَصْلُحُ وَصِيًّا لِغَيْرِهِ كَالْمَجْنُونِ

(مُسْلِمٍ إنْ حَصَلَا) أَيْ الْإِيصَاءُ (مِنْ مُسْلِمٍ) إذْ لَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْ ذِمِّيٍّ إلَى ذِمِّيٍّ صَحَّ إنْ كَانَ عَدْلًا فِي دِينِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ وَلِيًّا عَلَى أَوْلَادِهِ وَكَذَا مِنْ ذِمِّيٍّ إلَى مُسْلِمٍ كَمَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَلِي تَزْوِيجَ الذِّمِّيَّاتِ وَلَوْ أَوْصَى ذِمِّيٌّ إلَى مُسْلِمٍ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ فَالْمُتَّجَهَ جَوَازُ إيصَائِهِ إلَى الذِّمِّيِّ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ.

وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ الْوَصِيَّ يَلْزَمُهُ النَّظَرُ بِالْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، وَالتَّفْوِيضُ إلَى الْمُسْلِمِ أَرْجَحُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْ الذِّمِّيِّ وَمَا قَالَهُ أَوْجَهُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} [المائدة: ٥١] (وَ) يَجِبُ (أَنْ يَكُونَ) الْوَصِيُّ (كَافِيَا) لِلتَّصَرُّفِ فَلَا يَكْفِي الْعَاجِزُ عَنْهُ لِسَفَهٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (عَدْلًا) وَلَوْ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يَكْفِي غَيْرُ الْمُكَلَّفِ وَلَا الْفَاسِقُ لِمَا فِي الْوِصَايَةِ مِنْ مَعْنَى الْأَمَانَةِ، وَالْوِلَايَةِ وَزَادَ الْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ عَدَمَ كَوْنِهِ عَدُوًّا لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ وَحَصَرُوا الشُّرُوطَ بِلَفْظٍ مُخْتَصَرٍ فَقَالُوا يَنْبَغِي كَوْنُهُ بِحَيْثُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَنَقَضَ بِالْكَافِرِ وَاسْتَنْبَطَ فِي الْمُهِمَّاتِ مِمَّا قَبْلَهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْوَصِيِّ الذِّمِّيِّ مِنْ مِلَّةِ الْمُوصَى عَلَيْهِ حَتَّى لَا تَصِحَّ وَصِيَّةُ النَّصْرَانِيِّ إلَى الْيَهُودِيِّ وَبِالْعَكْسِ لِلْعَدَاوَةِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الشَّهَادَةِ الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ لَا الدِّينِيَّةُ وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُعْتَبَرُ (لَدَى الْمَوْتِ) أَيْ عِنْدَهُ كَمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْوَصِيَّةِ بِحَالَةِ الْمَوْتِ وَكَمَا أَنَّ الشَّاهِدَ تُعْتَبَرُ صِفَاتُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (فَالْغِ الْمَاضِيَا) أَيْ قَبْلَ الْمَوْتِ (وَاعْتَبِرْ الْحَالَ) أَيْ حَالَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّسَلُّطِ عَلَى الْقَبُولِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى إلَى مَنْ خَلَا عَنْ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا كَصَبِيٍّ وَرَقِيقٍ ثُمَّ اسْتَكْمَلَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ صَحَّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى إلَى غَيْرِ الْجَدِّ فِي حَيَاةِ الْجَدِّ وَهُوَ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ ثُمَّ زَالَتْ وِلَايَتُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأَنْ مَاتَ أَوْ فَسَقَ أَوْ جُنَّ صَحَّ (بَصِيرًا) كَانَ الْوَصِيُّ (أَوْ لَا) وَيُوَكِّلُ الْأَعْمَى فِيمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ (وَأُمُّ أَطْفَالٍ بِهَذَا) أَيْ بِالْإِيصَاءِ عَلَيْهِمْ (أَوْلَى) مِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ أَوْصَى إلَى مَنْ خَلَا إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إلَى الصَّبِيِّ إذَا كَمَّلَ عِنْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَأُمُّ الْأَطْفَالِ بِهَذَا أَوْلَى) إنْ كَانَتْ حُرَّةً عِنْدَ الْإِيصَاءِ فَالْمُسْتَوْلَدَةُ لَيْسَتْ أَوْلَى بِهَذَا وَإِنْ صَحَّ الْإِيصَاءُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الْإِيصَاءِ بِحَالِ الْمَوْتِ وَفِي شَرْطِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِحَالِ الْإِيصَاءِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: إلَى حُرٍّ) ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَحِقَّ الْمَنَافِعِ بِالْإِجَارَةِ مَثَلًا، وَيُوَكِّلُ ثِقَةً يَتَصَرَّفُ عَنْهُ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَنَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قِيَاسًا عَلَى الرَّقِيقِ اهـ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ عَدْلًا) ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي وِصَايَةِ الْمُسْلِمِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ فِيمَا يَأْتِي ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَصِيَّ إلَخْ) ، وَلِأَنَّ إعْرَاضَ الْمُوصِي عَنْ أَهْلِ دِينِهِ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ فَكَيْفَ يَأْتَمِنُهُمْ وَصِيُّهُ؟ .

(قَوْلُهُ: وَالتَّفْوِيضُ إلَى الْمُسْلِمِ أَرْجَحُ) أَيْ إنْ وُجِدَ مُسْلِمٌ فِيهِ الشُّرُوطُ يُقْبَلُ، وَإِلَّا جَازَ الذِّمِّيُّ الَّذِي فِيهِ الشُّرُوطُ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الظَّاهِرِ) إلَّا أَنْ يَقَعَ نِزَاعٌ فِي عَدَالَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الظَّاهِرِ) لَوْ كَانَ فَاسِقًا بَاطِنًا هَلْ يَحِلُّ لَهُ بَاطِنًا قَبُولُ الْوَصِيَّةِ، وَالتَّصَرُّفُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْأَمَانَةُ فِيهَا بِأَنْ كَانَ أَمِينًا فِي الْمَالِ فَاسِقًا فِي غَيْرِهِ أَوْ لَا لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ بَاطِنًا، وَقَدْ يَجُرُّهُ الْفِسْقُ فِي دِينِهِ إلَى الْفِسْقِ فِي الْمَالِ الْآتِي عَدَمُ الْجَوَازِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ هَلَكَ الْمَالُ فَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَنُقِضَ بِالْكَافِرِ) ، وَكَذَا بِالْأَخْرَسِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ، وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ لِهَذَا اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ التَّعْبِيرَ بِالْعَدَالَةِ دُونَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ وَصِيَّةِ الْأَخْرَسِ أَنْ يَفْهَمَ إشَارَتَهُ كُلُّ أَحَدٍ لِتَكُونَ صَرِيحَةً. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَتَمَكَّنُ إلَخْ) دُونَ غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر (قَوْلُهُ وَأُمُّ أَطْفَالٍ) الْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ الْجَدَّةَ، وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>