للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَّ كُتُبِ (فِقْهٍ) وَنَحْوِهِ كَحَدِيثٍ وَقِرَاءَاتٍ (وَنَقْدَيْنِ) وَثَوْبٍ وَحَائِطٍ وَطَعَامٍ فِيهَا قُرْآنٌ؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ دُونَهُ نَعَمْ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ مَسُّهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِالنَّقْدَيْنِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدَّرَاهِمِ (وَلَا) مَسُّ (تَفْسِيرِهِ) أَيْ: الْقُرْآنِ وَإِنْ تَمَيَّزَتْ أَلْفَاظُهُ لِمَا مَرَّ آنِفًا وَكَلَامُهُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي الْحِلَّ إذْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ مِنْ التَّفْسِيرِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ لَكِنْ؛ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَوَّلِ إنَّهُ مُنْكَرٌ بَلْ الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ مُصْحَفًا فَفِي مَعْنَاهُ وَبِهَذَا صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَهُوَ قِيَاسُ اسْتِوَاءِ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ قَوْلَ التَّحْقِيقِ وَالْأَصَحُّ حِلُّ حَمْلِهِ فِي تَفْسِيرٍ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِالتَّحْرِيمِ فِيهِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَإِذَا لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُ كُرِهَ (وَالْكَتْبَ عَنْ مَسٍّ خَلَا) أَيْ: وَلَا يَمْنَعُ الْحَدَثُ كَتْبَ الْقُرْآنِ إذَا خَلَا الْمَكْتُوبُ عَنْ مَسٍّ وَحَمْلٍ وَقَوْلُهُ عَنْ مَسٍّ خَلَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: (وَ) لَا يَمْنَعُ (الْحَمْلَ) لِلْمُصْحَفِ (فِي الْمَتَاعِ) إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُصْحَفُ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِتَعْظِيمِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ وَلَوْ مَعَ الْمَتَاعِ (أَوْ آيَاتِ قِرَاءَةً نُسِخْنَ) بِنَصَبِ قِرَاءَةٍ بِالتَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ: وَلَا يَمْنَعُ حَمْلَ آيَاتٍ مِنْ الْقُرْآنِ نُسِخَتْ قِرَاءَتُهَا أَيْ: تِلَاوَتُهَا سَوَاءٌ نُسِخَتْ حُكْمًا أَيْضًا أَمْ لَا. بِخِلَافِ مَا إذَا نُسِخَتْ حُكْمًا فَقَطْ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى الْمَنْعِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُغْنِي عَمَّا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا يَمْنَعُ حَمْلَ (التَّوْرَاةِ) وَالْإِنْجِيلِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّهَا مُبَدَّلَةٌ مَنْسُوخَةٌ.

قَالَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ ظَنَّ أَنَّ فِيهَا غَيْرَ مُبَدَّلٍ كُرِهَ مَسُّهُ قَالَ: فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ خَافَ عَلَى الْمُصْحَفِ مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ نَجَسٍ أَوْ كَافِرٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّطَهُّرِ وَجَبَ أَخْذُهُ صِيَانَةً لَهُ وَتَحْرُمُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ بِنَجِسٍ وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُتَطَهِّرِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فَمَسَّ الْمُصْحَفَ بِمَوْضِعِهَا حَرُمَ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا. قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَكِنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَا مَسُّ تَفْسِيرِهِ) حَيْثُ جَازَ مَسُّ التَّفْسِيرِ فَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْحَمْلِ بِالْجُمْلَةِ فَيَجُوزُ حَمْلُهُ إذَا كَانَ جُمْلَةُ التَّفْسِيرِ أَكْثَرَ وَفِي الْمَسِّ بِالْمَوْضِعِ الْمَمْسُوسِ فَيَحْرُمُ مَسُّ آيَةٍ فِي وَرَقَةٍ تَفْسِيرُهَا أَكْثَرُ وَمَسُّ تَفْسِيرٍ فِي وَرَقَةٍ قُرْآنُهَا أَكْثَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَأَفْتَى فِيمَا لَوْ جُمِعَ مُصْحَفٌ مَعَ كِتَابٍ فِي جِلْدٍ وَاحِدٍ بِأَنَّ حُكْمَ حَمْلِهِ حُكْمُ حَمْلِ الْمُصْحَفِ مَعَ الْمَتَاعِ، وَأَمَّا مَسُّهُ فَالْعِبْرَةُ بِجِهَةِ الْمُصْحَفِ فَيَحْرُمُ لَمْسُ جَانِبِ الْجِلْدِ الَّذِي فِي جِهَةِ الْمُصْحَفِ وَيَجُوزُ مَسُّ جَانِبِ الْجِلْدِ الَّذِي فِي جِهَةِ الْكِتَابِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ بَيْنَ كِتَابَيْنِ وَجَعَلَ لِلثَّلَاثَةِ جِلْدًا وَاحِدًا جَوَازُ مَسِّ جِهَتَيْ الْجِلْدِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى، وَأَمَّا الْأَسْفَلُ فَيَحْرُمُ مَسُّ مَا يُحَاذِي مِنْهُ الْمُصْحَفَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَيَّزَتْ أَلْفَاظُهُ إلَخْ) فِي هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ مَسِّ آيَاتِ الْقُرْآنِ إذْ لَوْ اخْتَصَّ الْجَوَازُ بِمَسِّ كَلِمَاتِ التَّفْسِيرِ لَكَانَ الْأَنْسَبَ فِي الْمُبَالَغَةِ، وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ أَلْفَاظُهُ فَتَأَمَّلْهُ فَفِيهِ دِقَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ الْحَمْلُ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ حَمْلٌ لَا مَسَّ مَعَهُ لِلْمُصْحَفِ وَلَوْ بِحَيْلُولَةِ الْمَتَاعِ، أَمَّا حَمْلٌ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا وَجْهَ إلَّا تَحْرِيمُهُ إذْ حُرْمَةُ الْمَسِّ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَ حَائِلٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُصْحَفُ مَقْصُودًا) يَدْخُلُ فِيهِ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ الْحِلُّ فِيمَا إذَا حَمَلَ حَامِلَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ

اهـ وَفِي إطْلَاقِهِ وَقْفَةٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ حِينَئِذٍ ش ع وَيُتَّجَهُ جَوَازُ حَمْلِ الْحَامِلِ وَإِنْ قَصَدَ الْمُصْحَفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ حَامِلًا لَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ مَا لَا يَصْلُحُ قَصْدُهُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْمَتَاعِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ الْحِلَّ فِيمَا إذَا قَصَدَهُمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَجَبَ أَخْذُهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ خَافَ ضَيَاعَهُ لَا يَجِبُ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِأَنَّهُ مَاسٌّ لِلْمُصْحَفِ بِحَائِلٍ. اهـ. ق ل أَيْضًا.

وَخَرَجَ بِكُرْسِيِّ الْمُصْحَفِ كُرْسِيُّ الْقَارِئِ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ نَعَمْ الدَّفَّتَانِ الْمُنْطَبِقَتَانِ عَلَى الْمُصْحَفِ يَحْرُمُ مَسُّهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الصُّنْدُوقِ الْمُتَقَدِّمِ. اهـ. ق ل أَيْضًا (فَرْعٌ) يَجُوزُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَهَا حُكْمُ الْمُصْحَفِ فِي الْمَسِّ وَالْحَمْلِ دُونَ قِرَاءَتِهِ وَيَحْرُمُ جَعْلُ أَوْرَاقِهِ وِقَايَةً لِغَيْرِهِ نَعَمْ لَا يَحْرُمُ الْوِقَايَةُ بِوَرَقَةٍ مَكْتُوبٍ فِيهَا نَحْوُ الْبَسْمَلَةِ ق ل وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ امْتِهَانَهُ أَوْ أَنَّهُ يُصِيبُهَا الْوَسَخُ لَا مَا فِيهَا وَإِلَّا حَرُمَ بَلْ قَدْ يَكْفُرُ سم عَلَى التُّحْفَةِ. اهـ. قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ: كَحَدِيثٍ) وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَمَسَّ الْحَدِيثَ إلَّا مُتَطَهِّرًا. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَحَائِطٍ) وَيُكْرَهُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَيْهَا. اهـ. قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مَسُّ مَوْضِعٍ مِنْ الْحَائِطِ وَلَوْ الْمَكْتُوبَ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ حَجَرٍ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَمَّا لَمْ يُقْصَدْ هُنَا لِمَا وُضِعَ لَهُ مِنْ الدِّرَاسَةِ وَالْحِفْظِ لَمْ تَجْرِ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ وَلِذَا حَلَّ أَكْلُ طَعَامٍ وَهَدْمُ جِدَارٍ نُقِشَ عَلَيْهِمَا. اهـ. لَكِنْ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ لَوْ كُتِبَ الْقُرْآنُ عَلَى نَحْوِ عَمُودٍ مِمَّا لَا بُعْدَ لِلْكِتَابَةِ عُرْفًا لَا يَحْرُمُ إلَّا مَسُّ الْأَحْرُفِ وَحَرِيمُهَا عُرْفًا. اهـ. فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كُتِبَ لِلدِّرَاسَةِ. اهـ. ثُمَّ تَأَمَّلْته فَوَجَدْته إنَّمَا كَتَبَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَمَا كُتِبَ لِدَرْسِ قُرْآنٍ اهـ عَلَيْهِ فَمَا كُتِبَ لِلدِّرَاسَةِ يَحْرُمُ مَسُّ مَوْضِعِهِ وَحَرِيمِهِ عُرْفًا وَلَوْ كَانَ عَلَى جِدَارٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَيَّزَتْ أَلْفَاظُهُ) رَدٌّ عَلَى قَوْلٍ يَقُولُ إنْ تَمَيَّزَتْ أَلْفَاظُ الْقُرْآنِ بِحُمْرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا اهـ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الْقَطْعَ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ م ر وَمَعَ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْكَثْرَةِ مُتَيَقَّنَةً فَلَوْ شَكَّ فِيهَا حَرُمَ. اهـ. مَعَ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْمَتَاعِ) خَالَفَهُ م ر لَكِنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ يُسَاعِدُ الشَّارِحَ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>