للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُتَبَرِّعِ (بِقَوْلِ ذَيْنِ) أَيْ الزَّكَاةُ لِلْفَقِيرِ بِقَوْلِهِ إنَّهُ فَقِيرٌ وَلِلْمِسْكِينِ بِقَوْلِهِ إنَّهُ مِسْكِينٌ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ هَذَا إذَا لَمْ يُعْهَدْ لَهُمَا مَالٌ فَإِنْ عُهِدَ وَادَّعَيَا تَلَفَهُ كُلِّفَا الْبَيِّنَةَ لِسُهُولَتِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ دَعْوَاهُمَا التَّلَفَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَالسَّرِقَةِ أَوْ ظَاهِرٍ كَالْحَرِيقِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَالظَّاهِرُ التَّفْرِيقُ كَالْوَدِيعَةِ وَفَرَّقَ صَاحِبُ الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الْأَصْلَ ثَمَّ عَدَمُ الضَّمَانِ وَهُنَا عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ (كَافِيًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمُعْطَى لِكُلٍّ مِنْ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ كَافِيًا لَهُ (لِعَامِ) ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَكَرَّرُ كُلُّ عَامٍ فَيَحْصُلُ بِهَا الْكِفَايَةُ عَامًا بَعْدَ عَامٍ وَهَذَا مَا فِي الْمُحَرَّرِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ يُعْطَى كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَيَشْتَرِي بِهِ عَقَارًا يَسْتَغِلُّهُ وَيَسْتَغْنِي عَنْ الزَّكَاةِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْكَسْبَ بِحِرْفَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ وَإِلَّا فَيُعْطَى مَا يَزُولُ بِهِ حَاجَتُهُ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالنَّوَاحِي فَيُعْطَى الْمُحْتَرِفُ مَا يَشْتَرِي بِهِ آلَةَ حِرْفَتِهِ، وَالتَّاجِرُ مَا يَشْتَرِي بِهِ مَا يُحْسِنُ التِّجَارَةَ فِيهِ مِمَّا يَفِي رِبْحَهُ بِكِفَايَتِهِ غَالِبًا، فَالْبَقْلِيُّ يَكْتَفِي بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَالْبَاقِلَّانِيّ بِعَشْرَةٍ وَالْفَاكِهِيُّ بِعِشْرِينَ وَالْخَبَّازُ بِخَمْسِينَ وَالْبَقَّالُ بِمِائَةِ وَالْعَطَّارُ بِأَلْفٍ وَالْبَزَّازُ بِأَلْفَيْنِ وَالصَّيْرَفِيُّ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَالْجَوْهَرِيُّ بِعَشْرَةِ آلَافٍ (وَحُلِّفَا) أَيْ الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ (نَدْبًا لِلِاتِّهَامِ) أَيْ عِنْدَ اتِّهَامِهِمَا فِي دَعْوَى الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ وَهَذَا وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَا يَحْلِفَانِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْطَى مَنْ سَأَلَهُ مِنْ الزَّكَاةِ بِغَيْرِ تَحْلِيفٍ» وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالرِّفْقِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا تَرَكَ تَحْلِيفَ مَنْ أَعْطَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّهِمْهُ.

وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ التَّحْلِيفُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ فَمَا فِي النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وَجْهٌ عَلَى وَجْهٍ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِيَالًا لَمْ يُعْطَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ افْتِقَارَهُ

(الثَّالِثُ الْعَامِلُ فِيهَا) أَيْ فِي الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا (الْأَجْرُ لَهْ) أَيْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ دُونَ السَّهْمِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْعَمَلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِتَعْبِيرِهِ بِالْعَامِلِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لَوْ فَرَّقَهَا الْمَالِكُ أَوْ حَمَلَهَا لِلْإِمَامِ وَسَوَاءٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ سَمَّاهَا لَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ سَمَّى لَهُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ وَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ ثُمَّ إنْ زَادَ السَّهْمُ عَلَيْهَا رَدَّ الزَّائِدَ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا كُمِّلَتْ مِنْ بَقِيَّةِ السِّهَامِ قَالَ الشَّافِعِيُّ

ــ

[حاشية العبادي]

إذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الْعَوْدِ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ فَهِيَ غَيْرُ مَعْنِيَّةٍ بِنَفَقَةِ الزَّوْجِ فَهِيَ فَقِيرَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَرَتْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ وَصَلَتْ مَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَوْدِ مِنْهُ فِي الْحَالِ لَمْ تُعْطَ.

(قَوْلُهُ: بِقَوْلِ ذَيْنِ) أَيْ بِلَا يَمِينٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ كُلِّفَا الْبَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ) أَيْ حَتَّى يُقْبَلَ قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ بِلَا سَبَبٍ أَوْ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ (قَوْلُهُ: كِفَايَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ) أَيْ مَا بَقِيَ مِنْهُ فَلَوْ كَانَ فِي حَدِّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى كِفَايَةَ سَنَةٍ م ر (قَوْلُهُ: وَالْبَقَّالُ بِمِائَةٍ) أَيْ بَائِعُ الْأَطْعِمَةِ وَهُوَ الزَّيَّاتُ فِي عُرْفِ مِصْرَ وَالْغَامِي فِي عُرْفِ الشَّامِ قَالَهُ فِي الْخَادِمِ قَالَ وَمَنْ جَعَلَهُ بِالنُّونِ أَوَّلَهُ فَقَدْ صَحَّفَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى النَّقْلِيُّ لَا الْبَقَّالُ بِرّ (قَوْلُهُ: نَدْبًا لِلِاتِّهَامِ) إذَا قُلْنَا بِالنَّدْبِ فَلَا يَضُرُّهُ فِي الْإِعْطَاءِ نُكُولُهُ عَنْهَا بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ بِرّ

(قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ عَنْهَا كَمَّلَتْ مِنْ بَقِيَّةِ السِّهَامِ) لَهُ أَيْضًا أَنْ يُكْمِلَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ أَصْلَ سَهْمِ الْعَامِلِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

سَهْمَيْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَكَذَا الْمُنْفِقُ إذَا كَانَ زَوْجًا يُعْطَى مِنْ جَمِيعِ السِّهَامِ أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَأْخُذُ مَعَ الْغِنَاءِ إلَّا سَهْمَيْ الْعَامِلِ وَالْغَازِي؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ عَامِلَةً وَلَا غَازِيَةً (قَوْلُهُ: أَيْ الزَّكَاةِ لِلْفَقِيرِ إلَخْ) وَمِثْلُ الزَّكَاةِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ. اهـ. م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَيْ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ مِنْ الْفُقَرَاءِ دُفِعَ لَهُ مِنْهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ التَّفْرِيقُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَمَا بَعْدَهُ ضَعِيفٌ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: فَيَشْتَرِي إلَخْ) أَيْ يَشْتَرِيهِ لَهُ الْإِمَامُ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الزَّكَاةِ دُونَ الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ اهـ. تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ: فَالْبَقْلِيُّ إلَخْ) الْبَقْلِيُّ بِالْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ مَنْ يَبِيعُ الْبُقُولَ وَهِيَ الْخَضْرَاوَاتُ وَالْبَاقِلَّانِيّ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ أَوْ تَشْدِيدِهَا مِنْ بَيْعِ الْبَاقِلَّا وَهُوَ الْفُولُ وَلَوْ مَصْلُوقًا وَالْبَقَّالُ بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَقَافٍ ثَقِيلَةٍ مَنْ يَبِيعُ الْحُبُوبَ قِيلَ أَوْ الزَّيْتَ وَالنَّقْلِيُّ بِقَافٍ سَاكِنَةٍ مَنْ يَبِيعُ نَحْوَ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: سَمَّاهَا لَهُ إلَخْ) بَلْ وَلَوْ قَالَ أَنَا أَعْمَلُ بِلَا أُجْرَةٍ؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ. اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ زَادَ السَّهْمُ عَلَيْهَا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا سَهْمُ الْعَامِلِ الَّذِي تُعْتَبَرُ زِيَادَتُهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>