مَحْمُولٌ عَلَى الصِّنْفَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إذْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فِي مَعْنَى الْعَامِلِ فِي الزَّكَاةِ وَالثَّانِي فِي مَعْنَى الْغَازِي وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ امْرَأَةً (وَقَدْرُهُ) أَيْ الْمُعْطَى لِأَنْوَاعِ الْمُؤَلَّفَةِ (إلَى) رَأْيِ (الْإِمَامِ جُعِلَا) وَأَمَّا الْكُفَّارُ الَّذِينَ يَتَأَلَّفُونَ لِخَوْفِ شَرِّهِمْ أَوْ لِتَرْغِيبِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا مَالُوا إلَيْهِ فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ زَكَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ وَأَغْنَى عَنْ التَّأْلِيفِ
(الْخَامِسُ الرِّقَابُ) وَ (هُمْ صَحِيحُو كِتَابَةٍ) ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: ٦٠] كَقَوْلِهِ {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٦٠] وَهُنَاكَ يُدْفَعُ الْمَالُ لِلْمُجَاهِدِينَ فَلْيُدْفَعْ هُنَا لِلرِّقَابِ فَلَا يُشْتَرَى بِهِ رِقَابٌ لِلْعِتْقِ وَخَرَجَ بِصَحِيحِي الْكِتَابَةِ فَاسِدُوهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ (لِعَجْزِهِمْ وُضُوحُ) أَيْ يُعْطَى صَحِيحُو الْكِتَابَةِ عِنْدَ ظُهُورِ عَجْزِهِمْ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ مَا يَفِي بِالنُّجُومِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَاجِزِينَ لِعَدَمِ حَاجَتِهِمْ وَلَا يَقْدَحُ فِي الدَّفْعِ كَوْنُهُمْ كَسُوبِينَ كَمَا فِي الْغَارِمِ وَيُفَارِقُ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ بِأَنَّ حَاجَتَهُمَا إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِالتَّدْرِيجِ وَالْكَسُوبُ يُحَصِّلُهَا كُلَّ يَوْمٍ وَحَاجَةُ مَنْ ذُكِرَ نَاجِزَةٌ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ وَالْكَسْبُ لَا يَدْفَعُهَا إلَّا بِالتَّدْرِيجِ غَالِبًا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى مَكَاتِبِهِ لِعَوْدِ الْفَائِدَةِ إلَيْهِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ اُفْتُرِضَ وَعَتَقَ لَا يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الرِّقَابِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ بَلْ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِ كَمَا سَيَأْتِي وَحَيْثُ صَحَّتْ كِتَابَةُ بَعْضِ عَبْدٍ كَأَنْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدٍ فَعَجَزَ عَنْهُ الثُّلُثُ لَمْ يُعْطَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ يَنْقَسِمُ عَلَى الْقَدْرِ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ صُرِفَ إلَيْهِ فِي نَوْبَتِهِ وَإِلَّا فَلَا (إلَيْهِ أَوْ سَيِّدِهِ إذَا أَذِنْ صَرْفٌ) أَيْ يُصْرَفُ إلَى الْمُكَاتَبِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ إلَى سَيِّدِهِ بِإِذْنِ الْمُكَاتَبِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ قَالَ النَّوَوِيُّ كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ هَذَا إنْ كَانَ الْحَاصِلُ آخِرَ النُّجُومِ يَحْصُلُ الْعِتْقُ وَإِلَّا فَلَا يُسْتَحَبُّ صَرْفُهُ إلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ قَدْ يَتَّجِرُ فِيهِ وَيُنَمِّيهِ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْق. اهـ. وَنَظِيرُهُ مَا قَالُوهُ فِي سَهْمِ الْغَارِمِ أَنَّ الدَّفْعَ إلَى رَبِّ الدَّيْنِ بِإِذْنِ الْمَدِينِ أَوْلَى إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَافِيًا وَأَرَادَ الْمَدِينُ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْمُكَاتَبُ فِي الصَّرْفِ لِسَيِّدِهِ فَلَا يُصْرَفُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لَكِنْ يَسْقُطُ عَنْهُ قَدْرُ الْمَصْرُوفِ مِنْ النُّجُومِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ بِأَدَائِهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَلَوْ) كَانَ الصَّرْفُ (قَبْلَ حُلُولِهِ) أَيْ النَّجْمِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ مُتَيَسِّرٌ فِي الْحَالِ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ الْأَدَاءُ عِنْدَ الْمَحِلِّ وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْغَارِمِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ حُلُولُ دَيْنِهِ لِيَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى وَفَائِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالِاعْتِنَاءِ بِالْحِرْصِ عَلَى تَعْجِيلِ الْعِتْق وَرُبَّمَا يُعْجِزُ السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ (فَإِنْ يَرِقَّ) الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الصَّرْفِ إلَيْهِ أَوْ إلَى سَيِّدِهِ كَأَنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ (أَوْ أُعْتِقَ) بِإِعْتَاقِ السَّيِّدِ لَهُ أَوْ إبْرَائِهِ عَنْ النُّجُومِ أَوْ أَدَائِهَا مِنْ غَيْرِ الْمَصْرُوفِ (يَغْرَمْ) الْمَصْرُوفَ إلَيْهِ مِنْ الْمُكَاتَبِ أَوْ سَيِّدِهِ مَا أَخَذَهُ بِأَنْ يَرُدَّهُ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ تَحْصِيلِ الْعِتْقِ بِالْمَأْخُوذِ فِيهِمَا، وَعَدَمِ حُصُولِ الْعِتْق فِي الْأُولَى فَلَمْ يَنْصَرِفْ الْمَأْخُوذُ فِيهِ وَمَتَى ضَمَّنَّاهُ الْبَدَلَ وَهُوَ رَقِيقٌ فَالضَّمَانُ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ لَا رَقَبَتِهِ لِحُصُولِ الْمَالِ عِنْدَهُ بِرِضَى صَاحِبِهِ (لَا إذَا أَتْلَفَ) ذَلِكَ أَوْ تَلِفَ أَوْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِمَا (قَبْلَ عِتْقِهِ) فَلَا يَغْرَمُهُ لِتَلَفِهِ عَلَى مَالِكِهِ مَعَ حُصُولِ الْعِتْقِ فَقَوْلُهُ (مَا أَخَذَا) مَفْعُولُ يَغْرَمُ وَهَلْ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُنْفِقَ الْمَأْخُوذَ وَيُؤَدِّيَ النُّجُومَ مِنْ كَسْبِهِ؟ وَجْهَانِ أَقْيَسُهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَلَوْ سَلَّمَ بَعْضَ الْمَالِ إلَى سَيِّدِهِ فَأَعْتَقَهُ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْ السَّيِّدِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَهُ لِلْمَقْبُوضِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ مُتَعَيَّنٌ
(السَّادِسُ الْغَارِمُ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ غَارِمٌ اسْتَدَانَ (إصْلَاحًا يَرَى) أَيْ لِإِصْلَاحٍ رَآهُ بَيْنَ النَّاسِ كَتَحَمُّلِ دِيَةِ قَتِيلٍ أَوْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ تَخَاصَمَ فِيهِ شَخْصَانِ أَوْ قَبِيلَتَانِ فَسَكَّنَ الْفِتْنَةَ بِذَلِكَ فَيُعْطَى (وَإِنْ غَنِيّ) بِإِسْكَانِ الْيَاءِ أَيْ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا (وَلَوْ بِنَقْدٍ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا الْفَقْرَ فِيهِ لَقَلَّتْ الرَّغْبَةُ فِي هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ إذَا فَرَّقَ الْمَالِكُ أَيْضًا فَلَا يُعْتَبَرُ مَا ذُكِرَ بَلْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْقِسْمَيْنِ الْآخَرَيْنِ بِقَوْلِهِ يُرْجَى إلَخْ وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ إلَخْ م ر
(قَوْلُهُ: فَلَا يُصْرَفُ لَهُ) كَمَا فَسَّرَ بِهِمْ الْآيَةَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: هُمْ صحيحو الْكِتَابَةِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقَّ أَيْ فَإِنْ صَرَفَ لَمْ يَقَعْ زَكَاةً
(قَوْلُهُ: وَإِنْ غِنَى) الظَّاهِرُ أَنَّ غِنَى يَحْتَمِلُ أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ لِتَسْكِينِ آخِرِهِ لِلْوَزْنِ وَأَنَّهُ اسْمٌ فَهُوَ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ وَسُكِّنَ آخِرَهُ لِتَقْدِيرِ الْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةِ وَأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِإِسْكَانِ الْيَاءِ لَا يُنَافِي احْتِمَالَ الْوَجْهَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ ذِكْرُ الشَّارِحِ كَانَ لِبَيَانِ مَعْنَى غَنِيَ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ إشَارَةً إلَى تَقْدِيرِهَا بَعْدَ إنْ (قَوْلُهُ: اسْتَدَانَ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ غَرِمَ مِنْ مَالِهِ لِلْإِصْلَاحِ وَلَمْ يَسْتَدِنْ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِهَا قَدْ يُسَاوِي أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ
(قَوْلُهُ: وَقَدْرُهُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ جَعَلَا) أَيْ قَدْرُ مَا يُدْفَعُ لَهُمْ مِنْ سَهْمِهِمْ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ جَعَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ هُنَا بِكَوْنِ الْإِعْطَاءِ بِقَدْرِهَا
(قَوْلُهُ: حُلُولُ دَيْنِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا كَأَنْ اسْتَدَانَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِمُؤَجَّلٍ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْقَرْضَ لَا يَكُونُ إلَّا حَالًّا سم ع ش (قَوْلُهُ: وَيُؤَدِّي النُّجُومَ مِنْ كَسْبِهِ) أَيْ مِمَّا يَكْتَسِبُهُ بَعْدُ وَلَيْسَ حَاصِلًا أَمَّا لَوْ اكْتَسَبَ بِالْفِعْلِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الزَّكَاةِ