للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَصَّ عَلَى النَّقْدِ؛ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (كَثُرَا) تَكْمِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ (وَغَارِمٌ) اسْتَدَانَ (لِنَفْسِهِ) مَا يَصْرِفُهُ فِي مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ عِيَالِهِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اسْتَدَانَ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ أَوْ قِرَى ضَيْفٍ (لَا مَأْثَمَا) أَيْ لَا إنْ اسْتَدَانَ لِمَأْثَمٍ أَيْ مَعْصِيَةٍ كَثَمَنِ خَمْرٍ وَإِسْرَافٍ فِي نَفَقَةٍ فَلَا يُعْطَى (وَإِنْ بَدَتْ) أَيْ ظَهَرَتْ (تَوْبَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَّخِذُهَا ذَرِيعَةً وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يُعْطَى عِنْدَ تَوْبَتِهِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يُعْطَى كَالْخَارِجِ لِمَعْصِيَةٍ إذَا تَابَ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ اسْتَدَانَ لِمَعْصِيَةٍ ثُمَّ صَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ أُعْطِيَ وَفِي عَكْسِهِ يُعْطَى أَيْضًا إنْ عَرَفَ قَصْدَ الْإِبَاحَةِ أَوْ لَا وَلَكِنَّا لَا نُصَدِّقُهُ فِيهِ وَالْأُولَى مِنْ كَلَامِهِ وَارِدَةٌ عَلَى كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ إنْ قَدَرَ اسْتَدَانَ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِلَّا وَرَدَتْ الثَّانِيَةُ، وَإِنَّمَا يُعْطَى الْغَارِمُ لِنَفْسِهِ (إنْ أَعْدَمَا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ عَجَزَ عَنْ وَفَاءِ دَيْنِهِ بِمَا يَزِيدُ عَلَى كِفَايَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْجَزْ عَنْ وَفَائِهِ بِمَا يَزِيدُ عَلَيْهَا لَمْ يُعْطَ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ لِحَاجَتِهِ إلَيْنَا فَاعْتُبِرَ عَجْزُهُ كَالْمُكَاتَبِ وَابْنِ السَّبِيلِ بِخِلَافِ الْغَارِمِ لِلْإِصْلَاحِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ لِحَاجَتِنَا إلَيْهِ لِتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُعْطَى مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ بِبَيْعِ مَلْبُوسِهِ أَوْ فِرَاشِهِ أَوْ مَرْكُوبِهِ أَوْ خَادِمِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا لَكِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى كَسْبٍ يَفِي بِدَيْنِهِ أُعْطِيَ أَيْضًا.

وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ (وَ) غَارِمٍ (لِلضَّمَانِ) لِدَيْنٍ عَلَى غَيْرِهِ فَيُعْطَى مَعَ بَقَائِهِ عَلَيْهِ (حَيْثُ عُسْرٌ عَمَّمَا) الضَّامِنُ وَالْمَدِينُ وَيَجُوزُ دَفْعُهُ لِلْمَدِينِ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّائِنِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهُ لِلدَّائِنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَدِينِ لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرُ الْمَدْفُوعِ كَمَا مَرَّ فِي الْمُكَاتَبِ، وَيَجُوزُ الدَّفْعُ بِإِذْنِ الْمَدِينِ وَهُوَ أَوْلَى إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَافِيًا وَأَرَادَ الْمَدِينُ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ كَمَا قَدَّمْتُهُ فَإِنْ أَيْسَرَ الضَّامِنُ وَالْمَدِينُ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يُعْطَ بِخِلَافِ الْغَارِمِ لِلْإِصْلَاحِ كَمَا مَرَّ

؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ

هُنَاكَ كُلِّيَّةٌ وَهُنَا جُزْئِيَّةٌ نَعَمْ إنْ أَعْسَرَ الضَّامِنُ وَحْدَهُ وَكَانَ ضَمَانُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ أُعْطِيَ لِعَدَمِ رُجُوعِهِ عَلَى الْمَدِينِ، وَإِذَا وَفَّى الضَّامِنُ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمَدِينِ وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إذَا غَرِمَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَوْ أَخَذَ سَهْمَهُ فَلَمْ يَصْرِفْهُ فِي دَيْنِهِ حَتَّى أُبْرِئَ مِنْهُ أَوْ قُضِيَ عَنْهُ أَوْ قَضَاهُ مِنْ غَيْرِ مَا أَخَذَهُ اسْتَرْجَعَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْ قَرْضٍ فَلَا يَسْتَرْجِعُ إذْ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ دَيْنُهُ وَإِنَّمَا صَارَ لِآخَرَ كَالْحَوَالَةِ فَلَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ أَوْ قَضَاهُ مِنْ غَيْرِ قَرْضٍ فَلَمْ يَسْتَرْجِعْ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ حَتَّى لَزِمَهُ دَيْنٌ صَارَ بِهِ غَارِمًا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَرْجِعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَيْهِ وَالثَّانِي يَسْتَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمُسْتَسْلِفِ لَهُ قَبْلَ غُرْمِهِ وَهَذَا أَوْجَهُ (فَرْعٌ)

لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا وَفَاءَ لَهُ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ مَاتَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ فِي الْبَلَدِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْهُ لِاسْتِحْقَاقِهِ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اسْتَدَانَ إلَخْ) فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَجْزِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّا لَا نُصَدِّقُهُ فِيهِ) فَبِمَاذَا يُعْرَفُ قَصْدُ الْإِبَاحَةِ وَلَعَلَّهُ بِالْقَرَائِنِ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُعْطَى الْغَارِمُ أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ قُدِّرَ صَرْفٌ وَرُدَّتْ الثَّانِيَةُ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُعْطَى مَعَ قُدْرَتِهِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْغَارِمَ لِنَفْسِهِ لَا يُعْطَى مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ بِمَا ذُكِرَ لَكِنْ فِي إطْلَا ق الْمَلْبُوسِ شَيْءٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ دَفْعُهُ لِلْمَدِينِ إلَخْ) الْمَفْهُومُ مِنْهُ بَعْدَ قَوْلِهِ الضَّامِنُ وَالْمَدِينُ وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهُ لِلدَّائِنِ إلَخْ) فَإِنْ دَفَعَ لَهُ لَمْ يَقَعْ زَكَاةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَيْسَرَ الضَّامِنُ وَالْمَدِينُ لَمْ يُعْطَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ أَوْ مُوسِرٌ بِمُوسِرٍ فَلَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ الضَّمَانَ بِإِذْنٍ وَبِدُونِهِ وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَيْ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ رَجَعَ أَنَّهُ يُعْطَى وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْطَى وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَظِيرَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِمُعْسِرٍ أَيْ أَوْ مُوسِرٍ مُلْتَزِمٍ بِمُعْسِرٍ أُعْطِيَ الْأَصِيلُ دُونَ الضَّامِنِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَ) أَيْ الْغَارِمُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا وَجْهٌ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وم ر وَبِهِ يُقَيَّدُ الْغُرْمُ عِنْدَ الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ الْمَصْرُوفِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَإِسْرَافٍ فِي نَفَقَةٍ) بِأَنْ كَانَ يَقْتَرِضُ مَعَ عَدَمِ رَجَاءِ وَفَائِهِ مِنْ جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْإِسْرَافَ فِي النَّفَقَةِ غَيْرُ تَبْذِيرٍ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ رَجَاءِ إلَخْ أَيْ مَعَ جَهْلِ الدَّائِنِ بِحَالِهِ فَإِنْ قُلْت لَوْ أُرِيدُ هَذَا لَمْ يَتَقَيَّدْ بِالْإِسْرَافِ قُلْتُ الْمُرَادُ بِالْإِسْرَافِ هُنَا الزَّائِدُ عَلَى الضَّرُورَةِ أَمَّا الِاقْتِرَاضُ لِلضَّرُورَةِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي وُجُوبِ الْبَيْعِ لِلْمُضْطَرِّ الْمُعْسِرِ. اهـ. تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ قَضَاهُ مِنْ غَيْرِ مَا أَخَذَهُ إلَخْ) إلَّا إذَا قَضَاهُ مِمَّا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُكَاتَبِ. اهـ. حَجَرٌ وَهَلْ يُقَالُ فِي هَذَا إنَّهُ غَرِمَ مِنْ عِنْدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>