مَعَ بَقَاءِ حَاجَتِهِ وَبِهَذَا يُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْمُكَاتَبِ وَالْغَازِي وَابْنِ السَّبِيلِ حَيْثُ يَنْقَطِعُ حَقُّهُمْ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْأَصْحَابِ لَوْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ بِبَلَدٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ صِنْفٍ إلَّا ثَلَاثَةٌ أَوْ أَقَلُّ وَلَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِمْ حَتَّى مَاتَ بَعْضُهُمْ انْتَقَلَ حَقُّهُ لِتَعَيُّنِهِ لَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إلَى وَارِثِهِ. اهـ. وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمْ جَارٍ سَوَاءٌ وَفَّى بِهِمْ الْمَالُ أَمْ لَا بِخِلَافِهِ فِي الْمُعَيَّنِينَ الزَّائِدِينَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجْرِي فِيهِمْ إذَا وَفَّى بِهِمْ الْمَالُ.
نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَسَّمَ الْمَالِكُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا قَسَمَ الْإِمَامُ يَلْزَمُهُ الِاسْتِيعَابُ مُطْلَقًا (وَأُعْطِيَا) أَيْ الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ (قَدْرَ وَفَّى دَيْنَيْهِمَا) الَّذِي عَجَزَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ لَهُمَا لِلْحَاجَةِ إلَى وَفَائِهِ فَلَوْ وَجَدَا مَا يَفِي بِبَعْضِ دَيْنِهِمَا لَمْ يُعْطَيَا إلَّا مَا يَفِي بِالْبَاقِي وَإِنَّمَا يُعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا (بِشَاهِدَيْنِ) بِدَيْنِهِ (أَوْ بِكَوْنِ الْخَصْمِ) وَهُوَ السَّيِّدُ وَرَبُّ الدَّيْنِ (قَدْ صَدَّقَهُ) عَلَيْهِ (أَوْ اسْتَفَاضَ) ذَلِكَ (فِي الْبَلَدْ) لِظُهُورِ الْحَقِّ بِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا تَقَدُّمُ دَعْوَى وَإِنْكَارٌ وَاسْتِشْهَادٌ بَلْ الْمُعْتَبَرُ إخْبَارُ عَدْلَيْنِ بِصِفَاتِ الشُّهُودِ
(سَابِعُ الْأَصْنَافِ سَبِيلُ اللَّهِ) وَهُوَ (ذُو تَطَوُّعٍ بِالْغَزْوِ) وَفَسَّرَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (مَنْ) أَيِّ غَازٍ (لَا يَأْخُذُ فَيْئًا) فَيُعْطَى (وَلَوْ لَمْ يَكُ ذَا) أَيْ الْمُتَطَوِّعُ بِالْغَزْوِ (فَقِيرًا) لِعُمُومِ الْآيَةِ أَمَّا الْمُرْتَزِقُ فَلَا يُعْطَى شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يُصْرَفُ لَهُ مِنْ الْفَيْءِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إعَانَتُهُ حِينَئِذٍ (وَفَرَسًا مُلِّكَ) أَيْ الْمُتَطَوِّعُ بِالْغَزْوِ (أَوْ أُعِيرَا) أَيْ مَلَّكَهُ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ أَعَارَهُ لَهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مَعَ بَقَاءِ حَاجَتِهِ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ نَحْوَ الْفَقِيرِ لَوْ مَاتَ بَعْدَ تَعَيُّنِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ لَا يُعْطَى لِعَدَمِ بَقَاءِ حَاجَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِدَلِيلِ مَا نَقَلَهُ عَقِبَ ذَلِكَ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَعْنِي مِمَّا نَقَلَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْكَاتِبُ وَالْغَازِي وَابْنُ السَّبِيلِ أَخْذًا مِنْ فَرْقِهِ الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ يَنْقَطِعُ حَقُّهُمْ) أَيْ بِمَوْتِهِمْ وَلَوْ بَعْدَ تَعَيُّنِهِمْ بِالْبَلَدِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ سِيَاقِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَلُّ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي ثَلَاثَةٍ فَأَقَلَّ اسْتَحَقُّوهَا مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَلَا يَضُرُّهُمْ حُدُوثُ عَيْنٍ وَلَا يُشَارِكُهُمْ قَادِمٌ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمْته فِي وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ عَلَى الْمَالِكِ أَنْ يُزَادَ هُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ فَأَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَوَفَى بِهِمْ الْمَالُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُزَادَ ذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ الْمِلْكُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِمَّا اشْتَرَاهُ) أَيْ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَيَرْجِعُ أَوَّلًا لِقِيَامِ مَا اكْتَسَبَهُ مَقَامَ مَا أَخَذَهُ فَلَا يَرْجِعُ حَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ صِنْفٍ) أَيْ كُلِّ الْأَصْنَافِ أَوْ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى ثَلَاثَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ فَإِنْ زَادُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ لَمْ يَمْلِكُوهَا إلَّا بِالْقِسْمَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَصْرِ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمِلْكِ وَفِيمَا مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ بِأَنَّ الْمِلْكَ يُضَايَقُ فِيهِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ مِنْ الْإِرْثِ وَغَيْرِهِ فَاشْتَرَطَ لِحُصُولِهِ عَدَمَ الزِّيَادَةِ عَلَى أَقَلِّ مُسَمَّى الْجَمْعِ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنُ الدُّخُولِ فِيهَا بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَظْنُونٌ وَظَنُّهُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ عِنْدَ السُّهُولَةِ رِعَايَةً لِحَاجَاتِهِمْ إذْ لَا مُوجِبَ لِلتَّخْصِيصِ.
وَيُتَّجَهُ أَنَّ مِلْكَهُمْ لِذَلِكَ لَيْسَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا الرُّءُوسِ لِلِاكْتِفَاءِ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ لِأَحَدِهِمْ وَإِنْ انْحَصَرُوا فِي ثَلَاثَةٍ. اهـ. وَلَا يَخْفَى مُخَالَفَتُهُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ وَمُوَافَقَتُهُ لِمَا أَجَابَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مُخَالِفًا لِكَلَامِ الْمُهِمَّاتِ فَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ وَفَّى بِهِمْ) أَيْ وَفَّى بِحَاجَاتِهِمْ النَّاجِزَةِ وَكِسْوَةِ الْفَصْلِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا بِالْهَامِشِ (قَوْلُهُ: إذَا وَفَّى بِهِمْ الْمَالُ) أَيْ وَفَّى بِحَاجَاتِهِمْ النَّاجِزَةِ وَهِيَ مُؤْنَةُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَكِسْوَةُ الْفَصْلِ. اهـ. أَفَادَهُ ع ش (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الِاسْتِيعَابُ) أَيْ إذَا لَمْ يَقِلَّ الْمَالُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَحْوَجُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ وَفَّى بِحَاجَاتِهِمْ أَوْ لَا لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسُدَّ مَسَدًا لَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ التَّعْمِيمُ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا لَمْ يُوَفِّ لَكِنْ يَسُدُّ مَسَدًّا تَأَمَّلْ وَحَرِّرْ
(قَوْلُهُ: وَفَرَسًا مَلَكَ أَوْ أُعِيرَا) وَمَا مَلَّكَ الْإِمَامُ لِلْغَازِينَ مِنْ مَرْكُوبٍ وَغَيْرِهِ حَقِيقَةً أَوْ مَعْنًى بِأَنْ أَعْطَاهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَفَعَلَ لَا يَسْتَرِدُّ بِخِلَافِ ابْنِ السَّبِيلِ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ مِنْهُ مَا مَلَّكَهُ إيَّاهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ لِاحْتِيَاجِنَا إلَيْهِ أَقْوَى اسْتِحْقَاقًا كَذَا فِي شَرْحِ م ر وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَا فِي فَاضِلِ النَّفَقَةِ كَذَا نَقَلَهُ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَعَلَّلَ م ر اسْتِرْدَادَ فَاضِلِ النَّفَقَةِ مِنْ الْغَازِي وَابْنِ السَّبِيلِ بِتَبَيُّنِ أَنَّهُمَا أُعْطِيَا فَوْقَ اسْتِحْقَا قِهمَا. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي فِي نَحْوِ الْمَرْكُوبِ وَالسِّلَاحِ نَعَمْ يَحْتَاجُ لِلْفَرْ ق بَيْنَ الْغَازِي وَابْنِ السَّبِيلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَيُعْطَى) وَيُفْتَقَرُ النَّقْلُ هُنَا لِلْحَاجَةِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ أَيْ إنْ فَرَّقَ الْمَالِكُ أَمَّا الْإِمَامُ فَيَجُوزُ لَهُ النَّقْلُ
(قَوْلُهُ: