وَأَرْصَدَهُ أَوْ وَقَفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إنْ كَانَ يُقَاتِلُ فَارِسًا (وَ) مَلَّكَهُ (النَّفَقَاتِ) الْكَافِيَةَ لَهُ وَلِعِيَالِهِ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ وَإِقَامَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ بِخِلَافِ ابْنِ السَّبِيلِ لَا يُعْطَى لِمُدَّةِ إقَامَتِهِ الزَّائِدَةِ عَلَى إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ لِزَوَالِ الِاسْمِ عَنْهُ.
وَاسْمُ الْغَازِي لَا يَزُولُ بِذَلِكَ بَلْ يَتَأَكَّدُ بِهِ وَيُمَلِّكُهُ أَوْ يُعِيرُهُ الْمَلْبَسَ أَيْضًا وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي النَّفَقَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ نَفَقَةَ الْمَأْكَلِ تُعَارُ وَلَيْسَ مُرَادًا (وَ) مَلَّكَهُ أَوْ أَعَارَهُ (السِّلَاحِ) وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ مَا ذُكِرَ غَيْرُ النَّفَقَةِ وَفِي مَعْنَى تَمْلِيكِهِ إعْطَاؤُهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ ذَلِكَ ثُمَّ إذَا أَخَذَ وَلَمْ يَخْرُجْ اسْتَرَدَّ مَا أَخَذَهُ وَإِنْ خَرَجَ ثُمَّ مَاتَ بِالطَّرِيقِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْغَزْوِ أَوْ غَزَا وَرَجَعَ اُسْتُرِدَّ مَا أَخَذَ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ نَعَمْ إنْ رَجَعَ وَمَعَهُ بَقِيَّةُ نَفَقَةٍ وَكَانَ قَدْ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرًا يَسِيرًا فَلَا يُسْتَرَدُّ وَفِي مِثْلِهِ فِي ابْنِ السَّبِيلِ يُسْتَرَدُّ؛ لِأَنَّ ادَفَعْنَا إلَى الْغَازِي لِحَاجَتِنَا وَقَدْ تَحَصَّلْنَا عَلَى الْغَرَضِ لَمَّا غَزَا.
وَابْنُ السَّبِيلِ إنَّمَا يُدْفَعُ إلَيْهِ لِحَاجَتِهِ وَقَدْ زَالَتْ
(الْآخَرُ) مِنْ الْأَصْنَافِ وَهُوَ ثَامِنُهَا (ابْنُ السَّبِيلِ وَهُوَ الْمُسَافِرُ) سَفَرًا مُبَاحًا سَوَاءٌ أَنْشَأَهُ مِنْ مَحَلِّ الزَّكَاةِ أَمْ اجْتَازَ بِهِ فَيُعْطَى وَلَوْ كَسُوبًا أَوْ كَانَ سَفَرُهُ لِلنُّزْهَةِ (لَا) إنْ كَانَ (عَاصِيًا) بِسَفَرِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْإِمَامُ الْمُسَافِرَ لَا لِقَصْدِ صَحِيحٍ كَالْهَائِمِ وَإِنَّمَا يُعْطَى غَيْرُهُمَا (مَعْ عُسْرِهِ) بِمَا يُوصِلُهُ مَقْصِدَهُ أَوْ أَرْضَ مَالِهِ (مَا أَوْصَلَهْ مَقْصِدَهُ) بِكَسْرِ الصَّادِ (أَوْ أَرْضَ مَالٍ هُوَ لَهْ) مِنْ مَطْعَمٍ وَمَلْبَسٍ يَحْتَاجُهُمَا، وَيُعْطَى أَيْضًا لِرُجُوعِهِ إنْ أَرَادَهُ وَلَا مَالَ لَهُ بِمَقْصِدِهِ وَلِمُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ دُونَ إقَامَتِهِ الزَّائِدَةِ عَلَيْهَا وَلَوْ شَغْلٌ يُتَوَقَّعُ زَوَالَهُ فَلَا يُعْطَى لَهَا بِخِلَافِ الْغَازِي كَمَا مَرَّ وَيُهَيَّأُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرْكُوبٌ إنْ ضَعُفَ عَنْ الْمَشْيِ أَوْ طَالَ سَفَرُهُ وَمَا يَنْقُلُ عَلَيْهِ زَادَهُ وَمَتَاعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يَعْتَادُ مِثْلُهُ حَمْلَهُ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا وَقْتَ الْخُرُوجِ بِحَيْثُ يُهَيِّئُ بِمَا يَأْخُذُهُ أَسْبَابَ سَفَرِهِ وَمَا قَدَّمْتُهُ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ فِي الْغَازِي يَجْرِي هُنَا عَلَى مَا أَشَرْت إلَيْهِ ثَمَّةَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى الْأَصْنَافِ بِالْعَامِلِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ أَقْوَى لِكَوْنِهِ يَأْخُذُ مُعَاوَضَةً ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا.
(لَا كَافِرٍ) أَيْ الزَّكَاةُ لِلْمَذْكُورِينَ لَا لِكَافِرٍ (مِنْهُمْ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِمُعَاذٍ أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَيَّالُ وَالْحَمَّالُ وَالْحَافِظُ وَنَحْوُهُمْ كُفَّارًا مُسْتَأْجَرِينَ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أُجْرَةً لَا زَكَاةً ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَكَأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ أَخْرَجَ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ زَكَاةً أَوْ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ أُجْرَةً وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (وَ) لَا (مَمْسُوسٍ بِرِقْ) وَلَوْ مُبَعَّضًا إلَّا الْمُكَاتَبَ كَمَا مَرَّ وَلَا بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ وَمَوَالِيهِمْ وَإِنْ اُسْتُعْمِلُوا فِي الزَّكَاةِ وَانْقَطَعَ عَنْهُمْ خُمُسُ الْخُمُسِ كَمَا سَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ نَعَمْ لَوْ اسْتَعْمَلَهُمْ الْإِمَامُ فِي الْحِفْظِ أَوْ النَّقْلِ فَلَهُمْ أُجْرَتُهُمْ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا يُعْطَاهُ الْعَامِلُ أُجْرَةً لَا زَكَاةً وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
وَالصَّحِيحُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ زَكَاةٌ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ مُسْتَدِلًّا بِآيَةٍ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} [التوبة: ٦٠] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اُسْتُؤْجِرُوا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ اسْتَرَدَّ مَا أَخَذَهُ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ) صَنِيعُهُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اسْتِرْدَادِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مَلَّكَهُ لَهُ كَمَا فِي الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ فَإِنَّ لِلْإِمَامِ تَمْلِيكَهُ إيَّاهُمَا إذَا رَآهُ أَوْ لَا وَفِي تَكْمِلَةِ الزَّرْكَشِيّ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ أَيْ الْفَرَسُ وَالسِّلَاحُ مِلْكًا أَيْ إنْ أَعْطَى الثَّمَنَ فَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ أَوْ دَفَعَهُمَا لَهُ الْإِمَامُ مِلْكًا مَا نَصُّهُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إذَا رَجَعَ.
وَبِهِ وَصَرَّحَ الْفَارِقِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي فَاضِلِ النَّفَقَةِ. اهـ. وَفِيهَا أَيْضًا فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيُهَيَّأُ لَهُ وَلِابْنِ السَّبِيلِ مَرْكُوبٌ مَا نَصُّهُ أَفْهَمَ سِيَاقُهُ اسْتِرْدَادَ الْمَرْكُوبِ مِنْهُمَا إذَا رَجَعَا وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي شَرْحِ ذَلِكَ وَأَفْهَمَ التَّعْبِيرُ بِيُهَيِّئُ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّ مِنْهُمَا جَمِيعَ ذَلِكَ أَيْ الْمَرْكُوبِ وَمَا يَنْقُلُ عَلَيْهِ الزَّادَ وَمَتَاعَهُ إذَا عَادَ وَمَحِلُّهُ فِي الْغَازِي إنْ لَمْ يُمَلِّكْهُ لَهُ الْإِمَامُ إذَا رَآهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مَعَ عُسْرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَيُعْطَى أَيْ مَعَ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَمَنْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ نَعَمْ إنْ وَجَدَ الثَّانِي مَنْ يُقْرِضُهُ لَمْ يُعْطَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَوَقَعَ لِابْنِ كَجٍّ مَا يُخَالِفُ النَّصَّ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِلنَّصِّ الْمَذْكُورِ.
وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ مِنْ أَنَّهُ يُعْطَى وَإِنْ وَجَدَ مُقْرِضًا وَكَانَ مَالُهُ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِشُغْلٍ يَتَوَقَّعُ زَوَالَهُ) الْمُعْتَمَدُ فِيمَا لَوْ أَقَامَ لِشُغْلٍ يَتَوَقَّعُ أَنَّهُ يُعْطَى إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: لَا كَافِرٌ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَنْ يَئُولُ إلَيْهِ الْمَالُ لَوْ دَفَعَ لِلْكَافِرِ مُسْلِمًا كَأَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ الْمَكَاتِبُ أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ مُسْلِمًا وَالْمُكَاتَبُ وَالْمَدِينُ كَافِرًا، بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَإِنَّهُ يُعْطَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِرّ (قَوْلُهُ: أَخْرَجَ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ زَكَاةً) قَوْلُهُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ مَحْضُ زَكَاةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فَقْدُهُ فِي بَلَدٍ لِلزَّكَاةِ إلَخْ) هِيَ بَلَدُ الْمَالِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ نَعَمْ هَذَا الْحُكْمُ ظَاهِرٌ إذَا قَسَّمَ الْمَالِكُ وَأَمَّا إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ فَلَا يَكْفِي الْفَقْدُ فِي بَلَدِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ يُسَوِّغُ لَهُ النَّقْلَ كَذَا بَحَثَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِرّ
(قَوْلُهُ: كَفَقِيرٍ غَازٍ) فَلَا يَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ إلَّا بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ لِمَا ذَكَرَهُ بِخِلَافِ الْفَيْءِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ بِهِمَا كَمَا مَرَّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمُحَلُّ مَنْعِ الْأَخْذِ بِصِفَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ زَكَاةً وَاحِدَةً أَمَّا إذَا أَخَذَهُ مِنْ زَكَاةٍ بِصِفَةٍ وَمِنْ أُخْرَى بِصِفَةٍ أُخْرَى فَهُوَ جَائِزٌ. اهـ. خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَوْ كَانَ سَفَرُهُ لِلنُّزْهَةِ) فِي ق ل يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ سَفَرُهُ نُزْهَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَاصِلُ مَا فِي م ر وع ش أَنَّهَا إنْ كَانَتْ النُّزْهَةُ هِيَ الْحَامِلَةُ عَلَى السَّفَرِ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ لَا يُعْطَى فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ الْحَامِلَةُ أَوْ كَانَتْ لَكِنْ لِغَرَضٍ كَتَقْلِيلِ مَرَضِهِ أُعْطِيَ. اهـ. وَهُوَ فِي الرَّشِيدِيِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْخُرُوجِ) فَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا بِأَنْ مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ تَقْرِيبًا وَلَمْ يَتَرَصَّدْ لِلْخُرُوجِ وَلَا انْتَظَرَ أُهْبَةً وَلَا رُفْقَةً اسْتَرَدَّ مِنْهُمَا مَا أَخَذَاهُ وَلَوْ عَادَ الْغَازِي بَعْدَ السَّفَرِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِهِ بِلَادَ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَ قُرْبِ الْعَدُوِّ وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا أَخَذَ وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَلَا رُجُوعَ إلَّا فِيمَا بَقِيَ. اهـ. م ر وق ل (قَوْلُهُ: مِنْهُمْ) أَيْ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِالصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَأَنْ كَانَ فَقِيرًا أَوْ مِسْكِينًا وَهَكَذَا.
(قَوْلُهُ: عَنْ كَوْنِهِ زَكَاةً) أَيْ مَحْضَةً سم