للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى مَوْضِعٍ صَلْبٍ لَا يَكْثُرُ الشَّعْرُ عَلَيْهِ كَالْأُذُنِ فِي الْغَنَمِ وَالْفَخِذِ فِي غَيْرِهَا وَيَحْرُمُ فِي الْوَجْهِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ لُعِنَ فَاعِلُهُ وَإِنَّمَا جَازَ الْوَسْمُ بِاَللَّهِ مَعَ أَنَّهَا قَدْ تَنْمَعِكُ بِالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّمْيِيزُ لَا الذِّكْرُ وَالْمُرَادُ بِالْفَيْءِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْغَنِيمَةَ

(فَرْعٌ)

قَالَ النَّوَوِيُّ يَجُوزُ الْكَيُّ إذَا دَعَتْ إلَيْهِ

حَاجَةٌ

بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ نَفْسُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ كَالرَّافِعِيِّ وَيَجُوزُ خِصَاءُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فِي صِغَرِهِ لِطِيبِ لَحْمِهِ لَا فِي كِبَرِهِ وَلَا مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ

(وَصَدَقَاتُ النَّفْلِ) سُنَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: ٢٤٥] الْآيَةَ وَلِخَبَرِ «مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ إلَّا أَخَذَهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلَوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنْ الْجَبَلِ» وَخَبَرِ «لِيَتَصَدَّقَ الرَّجُلُ مِنْ دِينَارِهِ وَلِيَتَصَدَّقَ مِنْ دِرْهَمِهِ وَلِيَتَصَدَّقَ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَخَبَرِ «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يَفْصِلَ بَيْنَ النَّاسِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَهِيَ (فِي الْإِسْرَارِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ فِي السِّرِّ (أَوْلَى) مِنْهَا فِي الْجَهْرِ.

(وَفِي قَرِيبِهِ) وَإِنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ (وَالْجَارِ وَشَهْرِ صَوْمٍ) أَيْ رَمَضَانَ أَوْلَى مِنْهَا فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ فَهِيَ مُتَأَكِّدَةٌ فِيهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ} [البقرة: ٢٧١] الْآيَةَ وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي خَبَرِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَدْرِي شِمَالُهُ مَا أَنْفَقَتْ يَمِينُهُ» وَلِخَبَرِ «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي فَقَالَ إلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْك بَابًا» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ» وَلِأَنَّ النَّاسَ فِيهِ مَشْغُولُونَ بِالطَّاعَاتِ فَلَا يَتَفَرَّغُونَ لِمَكَاسِبِهِمْ وَتَتَأَكَّدُ الصَّدَقَةُ أَيْضًا عِنْدَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ وَفِي الْغَزْوِ وَالْحَجِّ وَالْكُسُوفِ وَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وَفِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ كَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَأَيَّامِ الْعِيدِ وَفِي الْأَمَاكِنِ الشَّرِيفَةِ كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْدَأَ بِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ كَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ وَأَعْمَامٍ وَأَخْوَالٍ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَأُلْحِقَ بِهِمْ الزَّوْجَانِ ثُمَّ بِذِي رَحِمٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ كَأَوْلَادِ الْعَمِّ وَالْخَالِ ثُمَّ مَحْرَمٍ بِالرَّضَاعِ ثُمَّ بِالْمُصَاهَرَةِ ثُمَّ الْمَوْلَى مِنْ أَعْلَى ثُمَّ الْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ جَارٍ أَقْرَبُ ثُمَّ أَبْعَدُ وَيُقَدَّمُ قَرِيبٌ بَعُدَتْ دَارُهُ عَلَى جَارٍ أَجْنَبِيٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَارِجَ الْبَلَدِ فَيُقَدَّمُ الْأَجْنَبِيُّ وَيَقْصِدُ بِصَدَقَتِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ أَشَدَّهُمْ لَهُ عَدَاوَةً لِيَتَأَلَّفَ قَلْبُهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ سُقُوطِ الرِّيَاءِ وَكَسْرِ النَّفْسِ وَقَضِيَّةُ مَا صَحَّحُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَشْمَلُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادَ عَدَمُ دُخُولِهِمْ فِي لَفْظِ الْقَرِيبِ هُنَا وَأَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُمْ لَمَّا فَصَلُّوا ذَلِكَ لَمْ يَذْكُرُوهُمْ وَإِنَّمَا قَالُوا يَبْدَأُ بِذِي الرَّحِمِ كَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ إلَى آخِرِهِ كَمَا قَدَّمْتُهُ فَإِنْ قُلْت مَا قَالَهُ يُخَالِفُ إطْلَاقَهُمْ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْقَرِيبِ أَوْلَى وَإِنْ لَزِمَ الْمُتَصَدِّقَ نَفَقَتُهُ قُلْت لَا لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْقَرِيبَ لَا يَتَنَاوَلُ هَؤُلَاءِ فَالْمُرَادُ بِمَنْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهُ الْأَصْلُ الْعَالِي وَالْفَرْعُ السَّافِلُ هَذَا مَعَ أَنَّ الْوَجْهَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَلْ هُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَيُكْرَهُ التَّصَدُّقُ بِالرَّدِيءِ وَبِمَا فِيهِ شُبْهَةٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْتَنِعَ مِنْ الصَّدَقَةِ بِالْقَلِيلِ احْتِقَارًا لَهُ وَيُسَنُّ أَنْ يَدْفَعَهَا بِطِيبِ نَفْسٍ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا يُحِبُّهُ وَيَتَأَكَّدُ بِالْمَاءِ وَيَحْرُمُ الْمَنُّ بِهَا فَإِذَا مَنَّ بِهَا بَطَلَ ثَوَابُهَا.

(وَالْمَدِينُ وَاَلَّذِي لَهُ مُمَوَّنُ) يُمَوِّنُهُ وُجُوبًا أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَبْلَ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ (مَا اُسْتُحِبَّتْ مِنْهُ ذِي) أَيْ صَدَقَةِ النَّفْلِ تَقْدِيمًا لِلْأَهَمِّ وَلِأَنَّ «رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ الْوَسْمُ بِاَللَّهِ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَظَّمًا لِقَصْدِ التَّمْيِيزِ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا وَرَدَّهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ فِيهِ تَسْلِيمَ أَنَّ الْحُرُوفَ مِنْ حَيْثُ هِيَ غَيْرُ مُحْتَرَمَةٍ وَإِنَّمَا عَرَضَ لَهَا الِاحْتِرَامُ مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةُ فَكَمَا أَنَّ الْقَصْدَ أَخْرَجَ الْكَلِمَاتِ عَنْ كَوْنِهَا قُرْآنًا مَعَ وُجُودِ نَظْمِ الْقُرْآنِ وَتَأْلِيفِ كَلِمَاتِهِ فَلِمَ لَا يُخْرِجُ ذَلِكَ أَحْرُفُ الْجَلَالَةِ وَيَسْلُبُهَا الدَّلَالَةَ الْآنَ عَلَى الذَّاتِ الشَّرِيفَةِ وَتُمْحَضُ هَذِهِ الْحُرُوفُ لِلتَّمْيِيزِ وَإِنْ كَانَتْ بِصُورَةِ الِاسْمِ كَمَا أَنَّ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةَ بِصُورَةِ الْقُرْآنِ كَذَلِكَ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّمْيِيزُ لَا الذِّكْرُ) كَمَا جَازَ لِلْجُنُبِ الْقِرَاءَةُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْقُرْآنَ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ

(قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْإِسْرَارِ أَوْلَى) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ أَظْهَرَهَا وَلَمْ يَقْصِدْ رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً بَلْ لِيُقْتَدَى بِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَأَذَّى الْآخِذُ بِهِ فَإِنْ تَأَذَّى بِهِ فَالْإِسْرَارُ أَفْضَلُ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ قَصَدَ التَّصَدُّقَ فِي غَيْرِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَيْهَا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ التَّصَدُّقَ فِيهَا أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْهُ فِي غَيْرِهَا غَالِبًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَفِي كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِذَا تَصَدَّقَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ تَحَرَّى بِصَدَقَتِهِ مِنْ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمِنْ الشُّهُورِ رَمَضَانَ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِخِلَافِ مَا لَهُمَا فَإِنَّهُ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ فِي الْوَجْهِ) وَيَحْرُمُ إجْمَاعًا ضَرْبُ الْآدَمِيِّ عَلَى وَجْهِهِ وَلَوْ مِزَاحًا كَمُلَاعَبَةِ طِفْلٍ بِذَلِكَ. اهـ. م ر وع ش بِزِيَادَةِ الْمِثَالِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْآدَمِيِّ لِذِكْرِ الْإِجْمَاعِ أَمَّا وَجْهُ غَيْرِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي وَسْمِهِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ التَّحْرِيمُ. اهـ. ع ش أَيْضًا

(قَوْلُهُ: فِي صِغَرِهِ) أَيْ عُرْفًا. اهـ. ق ل

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى إلَخْ) إلَّا إنْ كَانَ غَيْرُهُ أَحْوَجَ وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِ مِمَّنْ يَأْتِي ق ل (قَوْلُهُ: أَشَدُّهُمْ) فَهُوَ أَوْلَى مِنْ كُلِّ قَرِيبٍ م ر وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَظُنَّ أَنَّ إعْطَاءَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى زِيَادَةِ الضَّرَرِ ع ش (قَوْلُهُ: مَا اُسْتُحِبَّتْ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ أَهَمِّيَّةَ الدَّيْنِ إنَّ لَمْ تَقْتَضِ الْحُرْمَةَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَقْتَضِي طَلَبَ عَدَمِ الصَّدَقَةِ ثُمَّ هَذَا فِي شَيْءٍ لَوْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ لَدَفَعَهُ فِي الدَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>