الْأَصْنَافِ أَوْ بَعْضِهِمْ (لَا يُسْقِطُ الْفَرْضَ) قَالُوا لِخَبَرِ مُعَاذٍ وَلِأَنَّ نَقْلَهَا يُوحِشُ أَصْنَافَ الْبَلَدِ بَعْدَ امْتِدَادِ أَطْمَاعِهِمْ إلَيْهَا وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ فُطْرَتُهُ فَالْعِبْرَةُ بِبَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهَا صَدَقَةُ الْبَدَنِ هَذَا إنْ نَقَلَهَا الْمُزَكِّي فَإِنْ نَقَلَهَا الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ سَقَطَ الْفَرْضُ؛ لِأَنَّ لَهُ النَّقْلَ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِبَلَدَيْنِ وَكَانَ فِي تَفْرِقَةِ زَكَاةِ كُلِّ طَائِفَةٍ بِبَلَدِهَا تَشْقِيصٌ كَأَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً بِكُلِّ بَلَدٍ عِشْرِينَ فَالْأَصَحُّ جَوَازُ إخْرَاجِ شَاةٍ فِي أَحَدِهِمَا حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ (وَ) النَّقْلُ مِنْ بَلَدِ الْمَالِ.
(فِي التَّكْفِيرِ يُسْقِطُ) الْفَرْضَ (وَ) كَذَا (فِي الْإِيصَاءِ) لِصِنْفٍ (وَالْمَنْذُورِ) إذْ الْأَطْمَاعُ لَا تَمْتَدُّ إلَيْهَا امْتِدَادَهَا إلَى الزَّكَاةِ وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ عَلَى صِنْفٍ وَمَحَلُّهُ فِيهَا وَفِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا إذَا لَمْ يَنُصَّ رَبُّ الْمَالِ عَلَى بَلَدِ (كَذَا) نَقْلُ الزَّكَاةِ مِنْ بَلَدِهَا إلَى بَلَدٍ أَقْرَبَ إلَيْهَا يُسْقِطُ الْفَرْضَ (إذَا الْأَصْنَافُ جَمْعًا) بِمَعْنَى جَمِيعًا (عُدِمُوا فِي بَلَدٍ) لَهَا (وَالنَّقْلُ) لَهَا حِينَئِذٍ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ بَلَدِهَا (يَلْزَمُ) قَالَ الْقَاضِي بِخِلَافِ دِمَاءِ الْحَرَمِ إذَا فُقِدَ مَسَاكِينُهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لَهُمْ كَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى مَسَاكِينِ بَلَدٍ فَعُدِمُوا وَيُفَارِقُ الزَّكَاةَ إذْ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ بِتَخْصِيصِ الْبَلَدِ وَالتَّصْرِيحُ بِلُزُومِ النَّقْلِ زَادَهُ النَّاظِمُ أَمَّا لَوْ عُدِمُوا مِنْ الْبَلَدِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهَا تُحْفَظُ حَتَّى يُوجَدُوا أَوْ يُوجَدَ بَعْضُهُمْ.
وَ (أَهْلُ الْخِيَامِ) الَّذِينَ يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ وَلَا اسْتِقْرَارَ لَهُمْ (الْمُسْتَحِقُّ) لِلزَّكَاةِ (مِنْهُمْ مَنْ مَعَهُمْ يُوجَدُ) مِنْ الْأَصْنَافِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مُسْتَحِقٌّ (يُحَتَّمُ نَقْلٌ) أَيْ يَجِبُ نَقْلُهَا (لِأَدْنَى) أَيْ أَقْرَبِ (بَلَدٍ) إلَيْهِمْ وَيُعْتَبَرُ (ذَا الْأَمْرُ) أَيْ كَوْنُ الْبَلَدِ أَقْرَبَ (عِنْدَ الْوُجُوبِ) لِلزَّكَاةِ.
(فَإِنْ اسْتَقَرُّوا) بِمَوْضِعٍ وَرُبَّمَا انْتَقَلُوا عَنْهُ وَعَادُوا إلَيْهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِمَاءٍ وَمَرْعَى (يُصْرَفْ) أَيْ الْوَاجِبُ جَوَازًا (إلَى مَنْ دُونَ قَدْرِ) مَسَافَةِ (الْقَصْرِ) مِنْ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ وَلِهَذَا عُدَّ مِثْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ حَاضِرِيهِ. وَالصَّرْفُ إلَى مَنْ مَعَهُمْ فِي الْإِقَامَةِ وَالظَّعْنِ أَوْلَى لِشِدَّةِ جِوَارِهِمْ (وَحُكْمُ كُلِّ حِلَّةٍ فِي الْبَرِّ كَقَرْيَةٍ) فِي مَنْعِ النَّقْلِ مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ فِيهَا (بِشَرْطِ الِانْقِطَاع) أَيْ (تَمَيُّزٌ) لِإِحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى (بِالْمَاءِ وَالْمَرَاعِي) وَهَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ زِيَادَتِهِ
(وَالصَّدَقَاتِ) أَيْ نِعَمُهَا (سِمْ) نَدْبًا (بِلِلَّهِ) أَوْ بِزَكَاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ (وَفِي أَنْعَامِ فَيْءٍ) وَغَيْرِهَا كَخَيْلِهِ (بِصَغَارٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ الذُّلِّ أَوْ بِجِزْيَةٍ (عَرِّفْ) أَيْ سَمِّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «عَنْ أَنَسٍ غَدَوْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ فَوَافَيْتُهُ وَبِيَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إبِلَ الصَّدَقَةِ» وَيُقَاسُ بِهَا غَيْرُهَا وَفَائِدَتُهُ تَمْيِيزُهَا عَنْ غَيْرِهَا وَأَنْ يَرُدَّهَا وَاجِدُهَا لَوْ شَرَدَتْ أَوْ ضَلَّتْ وَيُجْعَلُ مِيسَمُ الْغَنَمِ أَلْطَفَ مِنْ مِيسَمِ الْبَقَرِ.
وَمِيسَمُ الْبَقَرِ أَلْطَفَ مِنْ مِيسَمِ الْإِبِلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِيسَمَ الْحُمُرِ أَلْطَفُ مِنْ مِيسَمِ الْخَيْلِ، وَمِيسَمُ الْخَيْلِ أَلْطَفُ مِنْ مِيسَمِ الْبِغَالِ وَالْبَقَرِ، وَمِيسَمُ الْبِغَالِ أَلْطَفُ مِنْ مِيسَمِ الْإِبِلِ وَيَكُونُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: قَالُوا لِخَبَرِ مُعَاذٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى النَّظَرِ فِيهِ وَكَأَنَّ وَجْهَهُ مَنْعُ دَلَالَةِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ فُقَرَاءَ غَيْرِ الْبَلَدِ يَصِحُّ إضَافَتُهُمْ إلَى أَهْلِهَا إذْ تَقُولُ الْفُقَرَاءُ الْمُضَافُونَ شَامِلُونَ لِغَيْرِ فُقَرَاءِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُمْ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: سَقَطَ الْفَرْضُ) هَلْ وَإِنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهُ بِتَمَامِ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ: مَنْ مَعَهُمْ يُوجَدُ) مَا ضَابِطُ هَذِهِ الْمَعِيَّةِ هَلْ هِيَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ كَالْآتِي فِي الْقِسْمِ الْآتِي أَوْ كَيْفَ الْحَالُ
(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ لَا يُفِيدُ بَيَانَ الْأَلْطَفِ مِنْ يُسَمِّي الْبِغَالَ وَالْبَقَرَ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَنْ يَجُوزَ فِيهِ الْقَصْرُ. اهـ. حَجَرٌ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَقَلَهَا الْإِمَامُ إلَخْ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَنْحَصِرْ مُسْتَحِقُّو الْبَلَدِ وَإِلَّا فَهُمْ بِمُجَرَّدِ حَوَلَانِ الْحَوْلِ يَمْلِكُونَهَا مِلْكًا يُورَثُ عَنْهُمْ فَكَيْفَ تُنْقَلُ لِغَيْرِهِمْ وَافَقَ م ر عَلَى ذَلِكَ بَحْثًا سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَنَقَلَهُ النَّاشِرِيُّ عَنْ الشَّافِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَقَلَهَا الْإِمَامُ) مِثْلُهُ الْعَامِلُ إنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي النَّقْلِ أَوْ فِي الْأَخْذِ فَقَطْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّفْرِقَةِ حَجَرٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إلَخْ) أَيْ مَعَ أَنَّ فِيهِ نَقْلَ الزَّكَاةِ وَلِذَا كَانَ مَكْرُوهًا فَإِنْ أَخْرَجَ فِي كُلِّ بَلَدٍ نِصْفَهَا شَائِعًا لَمْ يُكْرَهْ وَكَذَا إنْ دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ أَوْ السَّاعِي أَوْ أَخْرَجَ بِكُلِّ بَلَدٍ شَاةً وَيَقَعُ الْكُلُّ وَاجِبًا كَبَعِيرِ الزَّكَاةِ. اهـ. ق ل وم ر وع ش (قَوْلُهُ: مَنْ مَعَهُمْ يُوجَدُ) فَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لِغَيْرِهِ مَا دَامَ مَوْجُودًا (قَوْلُهُ: جَوَازًا) يُفِيدُ جَوَازَ الصَّرْفِ لِمَنْ دُونَ تِلْكَ الْمَسَافَةِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ أَقْرَبِ مِنْهُ وَفِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَقْيِيدُهُ بِفَقْدِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ لِجَعْلِهِ مِنْ النَّقْلِ فَرَاجِعْهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّعْلِيقَةِ التَّصْرِيحَ بِمَا فِي الشَّرْحِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ اسْتَقَرُّوا فَمُسْتَحِقُّهُمْ مَنْ هُوَ مِنْ الْمُزَكِّي إلَى مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الَّذِينَ لَمْ يَتَمَيَّزُوا عَنْهُمْ
(قَوْلُهُ: أَوْ بِجِزْيَةٍ) أَيْ فِي نِعَمِ الْجِزْيَةُ مِنْ الْفَيْءِ (قَوْلُهُ: غَيْرُهَا) أَيْ مِمَّا هُوَ لِلْفَيْءِ أَوْ الزَّكَاةِ أَمَّا غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ جَازَ وَإِلَّا حَرُمَ. اهـ. عَنَانِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلتَّفْضِيلِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْفَيْءِ وَالزَّكَاةِ وَسْمُهُ
لِحَاجَةٍ
ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لَهُ؛ لِأَنَّ وَسْمَ غَيْرِ مَالِ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ لِلْحَاجَةِ جَائِزٌ