الْمَالِ أَنْ يَكْتَفِيَ (بِثَلَاثَةٍ هِيَا) بِأَلْفِ الْإِطْلَاقِ (مِنْ كُلِّ صِنْفٍ) لَا بِأَقَلَّ مِنْهَا عَمَلًا بِأَقَلِّ الْجَمْعِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَيْنِ فِي الْآيَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَلَا عَدَدَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ عَدَدٍ.
فَإِنْ تَيَسَّرَ لَهُ اسْتِيعَابُهُمْ بِأَنْ انْحَصَرُوا وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ أَوْ زَادُوا عَلَيْهَا وَفَّى بِهِمْ الْمَالَ وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ أَمَّا إذَا قَسَمَهَا الْإِمَامُ فَيَجِبُ الِاسْتِيعَابُ مُطْلَقًا لِعَدَمِ تَعَذُّرِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ وَلَهُ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَهُمْ بِنَوْعٍ مِنْ الْمَالِ وَآخَرِينَ بِنَوْعٍ وَأَنْ يُعْطِيَ زَكَاةً وَاحِدً لِوَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ كُلَّهَا فِي يَدِهِ كَالزَّكَاةِ الْوَاحِدَةِ، وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ هِيَا تَكْمِلَةٌ
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ (التَّفْضِيلُ فِي آحَادِ) كُلِّ (صِنْفٍ) بِأَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ لَكِنَّهَا تُسْتَحَبُّ لَهُ عِنْدَ تَسَاوِي حَاجَاتِهِمْ فَإِنْ تَفَاوَتَتْ اُسْتُحِبَّ التَّفَاوُتُ بِقَدْرِهَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِفُقَرَاءِ بَلَدٍ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا لَهُمْ عَلَى التَّعْيِينِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ فَقِيرٌ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَهُنَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ لَهُمْ عَلَى التَّعْيِينِ وَإِنَّمَا تَعَيَّنُوا لِفَقْدِ غَيْرِهِمْ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مُسْتَحِقٌّ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بَلْ تُنْقَلُ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى أَمَّا الْإِمَامُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّفْضِيلُ مَعَ تَسَاوِي حَاجَاتِهِمْ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ التَّعْمِيمَ فَلَزِمَهُ التَّسْوِيَةُ وَلِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ فَلَا يُفَاوِتُ بَيْنَهُمْ عِنْدَ تَسَاوِي حَاجَاتِهِمْ بِخِلَافِ الْمَالِكِ فِيهِمَا وَحَيْثُ لَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ فَالْمُتَوَطِّنُ أَوْلَى مِنْ الْغَرِيبِ؛ لِأَنَّهُ جَارٍ وَخَرَجَ بِالْآحَادِ الْأَصْنَافُ فَيَحْرُمُ التَّفْضِيلُ فِيهِمْ وَإِنْ كَانَتْ حَاجَةُ بَعْضِهِمْ أَشَدَّ لِانْحِصَارِهِمْ وَلِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ التَّسْوِيَةَ إلَّا الْعَامِلَ فَلَا يُزَادُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَفْضُلْ نَصِيبُ بَعْضِهِمْ عَنْ كِفَايَتِهِ كَمَا مَرَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَوْ أَخَلَّ الْإِمَامُ بِصِنْفٍ ضَمِنَ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ قَدْرَ سَهْمِهِ مِنْ تِلْكَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ أَخَلَّ بِهِ الْمَالِكُ ضَمِنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ النَّظْمِ مِنْ الْإِيهَامِ لِاخْتِصَاصِ امْتِنَاعِ النَّقْلِ وَالِاكْتِفَاءِ بِثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَجَوَازِ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الْآحَادِ بِالْمَالِكِ وَاخْتِصَاصِ الِاسْتِيعَابِ بِالْإِمَامِ فَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (إنْ مُزَكٍّ يَصْرِفْ) لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى الْكُلِّ وَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ رُجُوعُهُ إلَى مَا يَخْتَصُّ بِالْمَالِكِ (وَإِنْ عَلَى شَخْصَيْنِ) مِنْ صِنْفٍ (يَقْتَصِرْ) أَيْ الْمَالِكُ مَعَ وُجُودِ ثَالِثٍ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِ (سِوَى أَقَلِّ مَا تُمُوِّلَا) لِثَالِثٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ لَهُ ابْتِدَاءً خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ فَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي فَرَّطَ فِيهِ وَقِيلَ يَغْرَمُ ثُلُثَ نَصِيبِ ذَلِكَ الصِّنْفِ فَعَلَيْهِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ غَرِمَ لِاثْنَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَقَلُّ مَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَيْهِمَا
(وَالنَّقْلُ) لِلزَّكَاةِ (مِنْ مَوْضِعِ رَبِّ الْمِلْكِ) عِنْدَ وُجُوبِهَا (فِي) زَكَاةِ (فُطْرَةٍ وَ) مِنْ مَوْضِعِ (الْمَالِ) عِنْدَ وُجُوبِهَا.
(فِيمَا زُكِّيَ) مِنْهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَوْ قَرِيبًا مَعَ وُجُودِ
ــ
[حاشية العبادي]
بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَيْ فَإِنْ زَادَ الْبَاقِي عَلَى كِفَايَتِهِمْ نَقَلَ الزَّائِدَ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: إلَّا الْعَامِلَ إلَخْ) دَخَلَ فِيمَا قَبْلَهُ الْمُؤَلَّفَةُ لَكِنْ قَدْ سَلَفَ أَنَّ الَّذِي يُعْطَوْنَهُ رَاجِعٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَقَدْ يُقَالُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُجْعَلَ لَهُمْ سَهْمٌ مِنْ الثَّمَانِيَةِ وَقُدِّرَ مَا يُدْفَعُ لَهُمْ مِنْهُ بِحَسَبِ رَأْيِ الْإِمَامِ إنْ رَأَى الْكُلَّ دَفَعَ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ رَدَّهُ عَلَى غَيْرِهِ بِرّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَى شَخْصَيْنِ مِنْ صِنْفٍ يَقْتَصِرُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي وَهَذَا يُشْكِلُ إذَا انْحَصَرُوا فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَهُ كُلُّ وَاحِدٍ بِنِسْبَةِ حَقِّهِ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ يُجَابُ بِأَنَّ مَحِلَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ أَوْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْحِصَارِهِمْ اسْتِحْقَاقُهُمْ عَلَى قَدْرِ حَوَائِجِهِمْ وَيَمْنَعُ قَوْلَهُ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِنِسْبَةِ حَقِّهِ بَلْ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْهُمْ وَإِنْ تَفَاضَلُوا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيُوَافِقُ جَوَابَ الْجَوْجَرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَوْ أَعْطَى أَيْ الْمَالِكُ اثْنَيْنِ وَالثَّالِثُ مَوْجُودٌ غَرِمَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ لَهُ ابْتِدَاءً خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ فَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي فَرَّطَ فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّلَاثَةُ مُعَيَّنِينَ أَمْ لَا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ فِي الْآحَادِ (قَوْلُهُ: سِوَى أَقَلِّ مَا تَمَوَّلَا) فَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ أَنَّهُ يُعْطَى كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ مَحْمُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِكِ عَلَى الْجَوَازُ مَعَ الْإِمْكَانِ سم
ــ
[حاشية الشربيني]
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. كَمَا اعْتَمَدَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْآحَادِ إنْ اسْتَوَتْ حَاجَاتُهُمْ خِلَافًا لِمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ
(قَوْلُهُ: حَاجَاتُهُمْ) أَيْ النَّاجِزَةُ وَهُوَ مُؤْنَةُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَكِسْوَةُ فَصْلٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ الْغَرِيبِ) أَيْ الْكَائِنِ بِالْبَلَدِ وَقْتَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ التَّفْضِيلُ فِيهِمْ) وَلَا يُجْزِئُ الزَّائِدُ فَيُسْتَرَدُّ (قَوْلُهُ: بِصِنْفٍ) أَمَّا لَوْ أَخَلَّ الْإِمَامُ أَوْ الْمَالِكُ بِوَاحِدٍ مِنْ صِنْفٍ فَيَضْمَنُ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا مَا كَانَ يَجِبُ إعْطَاؤُهُ لَهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ وَإِلَّا ضَمِنَ لَهُ مَا كَانَ يَخُصُّهُ لِمِلْكِهِ لَهُ.
وَإِنَّمَا ضَمِنَ الْإِمَامُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ مَعَ وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَخَلَّ بِهَا أَجْزَأَ وَإِنْ حَرُمَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ) أَيْ إنْ وَجَدَ وَإِلَّا ضَمِنَ فِي مَالِهِ قَالَهُ ق ل وَقَالَ ع ش إنَّهُ يَبْقَى إلَى أَنْ تُوجَدَ زَكَاةٌ أُخْرَى فَيُؤَدِّيَ مِنْهَا اهـ وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّاشِيِّ
(قَوْلُهُ: وَالنَّقْلُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ دَفْعُهَا لِغَيْرِ مَنْ بِالْمَوْضِعِ وَقْتَ الْوُجُوبِ فَيَشْمَلُ إعْطَاءَهَا لِمَنْ جَاءَهُ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَنْحَصِرُوا جَازَ إعْطَاؤُهُ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ) ضَابِطُهُ