للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ كَانَ مُتَعَبِّدًا وَإِلَّا فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ كَيْ لَا تَقْتَضِي بِهِ الْبَطَالَةُ إلَى الْفَوَاحِشِ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ التَّائِقَةَ يُنْدَبُ لَهَا النِّكَاحُ وَفِي مَعْنَاهَا الْمُحْتَاجَةُ إلَى النَّفَقَةِ وَالْخَائِفَةُ مِنْ اقْتِحَامِ الْفَجَرَةِ.

وَيُنْدَبُ لِمُرِيدِ النِّكَاحِ أَنْ يَنْكِحَ (الْوَلُودَ) الْوَدُودَ لِخَبَرِ «تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (ذَاتَ النَّسَبِ) لِخَبَرِ «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ بَلْ يُكْرَهُ نِكَاحُ بِنْتِ الزِّنَا وَبِنْتِ الْفَاسِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا اللَّقِيطَةُ وَمَنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوهَا (وَ) ذَاتَ (الدِّينِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» أَيْ افْتَقَرَتَا إنْ خَالَفْت مَا آمَرْتُك بِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (بِكْرًا) إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «هَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ خَبَرَ «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ» بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عُذْرٌ كَضَعْفِ آلَتِهِ عَنْ الِافْتِضَاضِ أَوْ احْتِيَاجِهِ لِمَنْ يَقُومُ عَلَى عِيَالِهِ كَمَا اتَّفَقَ لِجَابِرٍ فَإِنَّهُ «لَمَّا قَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا تَقَدَّمَ اعْتَذَرَ لَهُ بِأَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ فَكَرِهْت أَنْ أَجْمَعَ إلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ وَلَكِنْ امْرَأَةٌ تُمَشِّطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصَبْتَ» وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْبِكْرِ وَلُودًا بِأَقَارِبِهَا (بَعُدَتْ) عَنْهُ نَسَبًا بِأَنْ تَكُونَ أَجْنَبِيَّةً أَوْ قَرَابَةً بَعِيدَةً لِضَعْفِ الشَّهْوَةِ فِي الْقَرِيبَةِ فَيَجِيءُ الْوَلَدُ نَحِيفًا.

قَالَ الزَّنْجَانِيُّ وَلِأَنَّ مِنْ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ اشْتِبَاكُ الْقَبَائِلِ لِأَجْلِ التَّعَاضُدِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي نِكَاحِ الْقَرِيبَةِ، وَالْبَعِيدَةُ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ مُسْتَقِلَّةٌ بِالنَّدْبِ وَيُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ بَالِغَةً إلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ

مَصْلَحَةٍ

ذَاتَ جَمَالٍ وَعَقْلٍ خَفِيفَةَ الْمَهْرِ ذَاتَ خُلُقٍ حَسَنٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا

لِمَصْلَحَةٍ

وَأَنْ لَا تَكُونَ شَقْرَاءَ وَلَا مُطَلَّقَةً يَرْغَبُ فِيهَا مُطَلِّقُهَا وَأَنْ يَعْقِدَ فِي شَوَّالٍ وَأَوَّلَ النَّهَارِ وَأَنْ يَدْخُلَ فِي شَوَّالٍ أَيْضًا وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى وَاحِدَةٍ بِلَا حَاجَةٍ (وَأَنْ يَرَى) مِنْهَا (وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا) ظَهْرًا وَبَطْنًا «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُغِيرَةِ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» أَيْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ وَالْأُلْفَةُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ جَابِرٍ «إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إلَى مَا يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ قَالَ جَابِرٌ: فَخَطَبْت جَارِيَةً فَكُنْت أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْت مِنْهَا مَا دَعَانِي إلَى نِكَاحِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

وَخَرَجَ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ غَيْرُهُمَا فَلَا يَنْظُرُهُ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ مِنْهَا وَفِي نَظَرِهِمَا كِفَايَةٌ إذْ يُسْتَدَلُّ بِالْوَجْهِ عَلَى الْجَمَالِ وَبِالْكَفَّيْنِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ وَمِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَعْذَبُ أَفْوَاهًا) أَيْ أَلْيَنُ كَلَامًا وَقَوْلُهُ: وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا أَيْ أَكْثَرَ أَوْلَادًا (قَوْلُهُ وَالْبَعِيدَةُ أَوْلَى) أَيْ الْقَرَابَةُ الْبَعِيدَةُ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ تَوْجِيهِ الزَّنْجَانِيِّ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَرَى وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَنْظُرُ كُلٌّ مِنْ الْآخَرِ قَبْلَ الْخِطْبَةِ غَيْرَ الْعَوْرَةِ. اهـ. أَيْ عَوْرَةَ الصَّلَاةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنْ الْحُرَّةِ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَمِنْ الْأَمَةِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ إنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ وَالنَّوَوِيُّ إنَّمَا حَرَّمَ نَظَرَ ذَلِكَ بِلَا حَاجَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ لِخَوْفِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ) أَيْ مَنْدُوبٌ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ مَعَ شَرْحِهِ لِحَجَرٍ نُدِبَ النِّكَاحُ لِقَادِرٍ عَلَى مُؤْنَةٍ تَاقَ أَوْ لَمْ يَتُقْ لَا لِعِلَّةٍ بِهِ وَلَكِنْ تَرْكُ التَّعَبُّدِ. اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ تَقْيِيدَ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ أَيْ التَّائِقِ لِلتَّفْصِيلِ فِي مَفْهُومِهِ لَا لِعَدَمِ النَّدْبِ لِغَيْرِ التَّائِقِ مُطْلَقًا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَنَصَّ فِي الْأُمِّ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الرَّجُلِ يَجْرِي فِي الْمَرْأَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاحْتِيَاجُهَا لِلنَّفَقَةِ نَظِيرُ وُجُودِ الْأُهْبَةِ فِي الرَّجُلِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ يَقْتَضِي أَنَّ التَّائِقَةَ وَاجِدَةَ النَّفَقَةِ لَا يَنْدُبُ لَهَا النِّكَاحُ وَفِيهِ بُعْدٌ لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ: وَالْخَائِفَةُ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهَا الْفُجْرَةُ إلَّا بِهِ وَجَبَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: ذَاتُ النَّسَبِ) أَيْ ذَاتُ النَّسَبِ إلَى ذِي الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: أَعْذَبُ أَفْوَاهًا) أَيْ أَلْيَنُ كَلَامًا أَوْ أَطْيَبُ وَأَحْلَى وَأَنْقَى أَرْحَامًا أَيْ أَكْثَرُ أَوْلَادًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ مِنْ الْعَمَلِ أَيْ الْجِمَاعِ وَتَمَامِهِ وَأَعَزُّ غِرَّةً بِالْكَسْرِ أَيْ أَبْعَدُ مِنْ مَعْرِفَةِ الشَّرِّ وَالتَّفَطُّنِ لَهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: وَالْبَعِيدَةُ) أَيْ ذَاتُ الْقَرَابَةِ الْبَعِيدَةِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: ذَاتُ جَمَالٍ) نَعَمْ يُكْرَهُ ذَاتُ الْجَمَالِ الْمُفْرِطِ؛ لِأَنَّهَا تَزْهُو بِهِ وَتَتَطَلَّعُ إلَيْهَا أَعْيَنُ الْفَجَرَةِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَعْقِدَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَاقِع مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي زَوَاجِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ وَالدُّخُولِ بِهَا ع ش (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَرَى مِنْهَا إلَخْ) وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى نَحْوِ وَلَدِهَا الْأَمْرَدِ إذَا بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا كَمَا قَالَهُ م ر لَكِنْ يَنْبَغِي مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ لِلْفَرْ ق بَيْنَ هَذَا وَنَفْسِ الْمَقْصُودِ نِكَاحُهَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُ نَحْوِ أُخْتِهَا بِإِذْنِ زَوْجِهَا إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً أَوْ ظَنَّ رِضَا وَبِرِضَاهَا أَوْ ظَنَّهُ إنْ كَانَتْ عَزَبًا سم عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ: أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَبَعْدَ أَوَّلِهِ هَمْزَةٌ قَدْ تُبْدَلُ وَاوًا قِيلَ أَصْلُهُ يَدُومُ فَقُدِّمَتْ الْوَاوُ عَلَى الدَّالِ وَهُمِزَتْ فَهُوَ مِنْ الدَّوَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>