وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ؛ ثُمَّ مَحَلُّ مَنْعِ الْمُكْثِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ؛ أَمَّا عِنْدَهَا فَلَا مَنْعَ كَمَا لَوْ احْتَلَمَ فِيهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ لِخَوْفٍ أَوْ غَلْقِ بَابٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ إنْ وَجَدَ غَيْرَ تُرَابِ الْمَسْجِدِ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ وَالرُّويَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَصْلِهَا وَلْيَتَيَمَّمْ فَاللَّامُ الْأَمْرِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَيَحْسُنُ أَنْ يَتَيَمَّمَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ حَسَنٌ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ يَحْسُنُ مُصَحَّفٌ عَنْ يَجِبُ أَمَّا تُرَابُ الْمَسْجِدِ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ لَا الْمُجْتَمِعُ مِنْ رِيحٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَتَيَمَّمُ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابًا مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ؛ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ؛ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِشَرْطٍ قَدَّمْتُهُ وَلَا مِنْ الْمُكْثِ بِالْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ كَالْحَرْبِيِّ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الضَّمَانَ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ إذَا أَتْلَفَا. نَعَمْ لَيْسَ لِلْكَافِرِ وَلَوْ غَيْرَ
ــ
[حاشية العبادي]
فِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ مَنْعِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَنْ أَجْنَبَ فَتَيَمَّمَ عَنْ الْجَنَابَةِ ثُمَّ أَحْدَثَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالطَّوَافُ دُونَ الْقِرَاءَةِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَهَذَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ كَذَا فِي نُكَتِ النَّاشِرِيِّ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُكْثَ كَالْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ) أَيْ الْجُنُبُ هُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ مَنْعِهِ مَعَ الْجَنَابَةِ وَيُتَّجَهُ أَنْ يَأْثَمَ بِكُلٍّ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْمُكْثِ وَإِنْ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لَكِنْ قَدْ يُوجَدُ فِي عِبَارَاتِهِمْ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِثْمِ وَيُوَافِقُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ بِشَرْطِهِ إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِغَيْرِ الْجُنُبِ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى عَدَمِ الْإِثْمِ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَكَرَّرَ مِنْهُ إدْخَالُ الْكُفَّارِ الْمَسْجِدَ وَلَوْلَا عَدَمُ الْإِثْمِ لَمَا وَقَعَ ذَلِكَ إذْ لَا يُقَرُّ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَلَا يَأْذَنُ فِيهَا وَبِأَنَّا نُجَوِّزُ لِلْمُسْلِمِ الْإِذْنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ أَثِمُوا لَمَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إقْرَارٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ جَوَازَ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمَعَاصِي الَّتِي لَا يَعْتَقِدُونَهَا وَالْإِذْنُ فِيهَا يَتَضَمَّنُهَا لِلْمَصْلَحَةِ وَالْحَاجَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ إفْتَاءَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ بِتَحْرِيمِ إطْعَامِهِمْ وَبَيْعِهِمْ الطَّعَامَ فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ
سم (فَرْعٌ) يَجُوزُ لِلْحَائِضِ الذِّمِّيَّةِ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ لِحَاجَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَاللِّعَانِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَجِبُ الْمَنْعُ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ يَجُوزُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ كَإِسْلَامٍ إلَى، وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ مُسْلِمٌ) فِيهِ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا الْحَاجَةَ دُونَ الضَّرُورَةِ فَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ دُخُولِ الْكَافِرِ لِتَطْبِيبِ مُسْلِمٍ مَثَلًا مَعَ تَأَتِّي التَّطْبِيبِ بِمُسْلِمٍ أَوْ لِلْمُحَاكَمَةِ عِنْدَ قَاضٍ بِالْمَسْجِدِ مَعَ إمْكَانِ الْمُحَاكَمَةِ عِنْدَ آخَرَ بِغَيْرِهِ وَمِنْهَا هَلْ يُشْتَرَطُ بُلُوغُ الْمُسْلِمِ الْآذِنِ أَوْ يَكْفِي تَمْيِيزُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ اشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ لِإِلْغَاءِ عِبَارَةِ الصَّبِيِّ وَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ تَأْمِينُهُ فَإِنْ قُلْت: قَدْ اعْتَدُّوا بِإِذْنِ الصَّبِيِّ فِي دُخُولِ دَارٍ وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ قُلْت: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَدَّ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمَالِكِ الْآذِنِ وَالْمُهْدِي الْمُرْسِلُ وَمَالِكُ الْمَسْجِدِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَنُبْ الصَّبِيُّ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ تُعْلَمُ نِيَابَتُهُ إيَّاهُ وَمِنْهَا هَلْ يُشْتَرَطُ عَدَالَةُ الْمُسْلِمِ الْآذِنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ
وَيُتَّجَهُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ فَيَصِحُّ إذْنُ الْفَاسِقِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْمَسْجِدِ كَالْعَدْلِ وَمِنْهَا لَوْ أَخْبَرَ الصَّبِيُّ الْكَافِرُ أَنَّ مُسْلِمًا بَالِغًا أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ اعْتِمَادُهُ إذَا كَانَ مَأْمُونًا كَمَا فِي الْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: كَالْإِسْلَامِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَدْخُلَ لِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ لَوْ جَهِلَ كَيْفِيَّةَ الْإِسْلَامِ فَدَخَلَ لِيَتَعَلَّمَ كَيْفِيَّتَهُ مِنْ عَالِمٍ بِالْمَسْجِدِ لِيَأْتِيَ بِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِلْإِذْنِ كَمَا لَوْ دَخَلَ لِمُحَاكَمَةٍ أَوْ اسْتِفْتَاءٍ فَلْيُتَأَمَّلْ
[حاشية الشربيني]
غَيْرُ تُرَابِ الْمَسْجِدِ) وَلَوْ مَشْكُوكًا فِي كَوْنِهِ تُرَابَهُ وَهَذَا الشَّرْطُ شَرْطٌ لِلْحِلِّ فَلَوْ تَيَمَّمَ بِتُرَابِهِ صَحَّ عِنْدَ م ر وَحَجَرٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَإِسْلَامِ فَرْعٍ) إذَا أَرَادَ الْكَافِرُ الْإِسْلَامَ فَلْيُبَادِرْ بِهِ وَلَا يُؤَخِّرْهُ لِلِاغْتِسَالِ وَيَحْرُمُ تَحْرِيمًا شَدِيدًا تَأْخِيرُهُ لَهُ وَإِذَا اسْتَشَارَ مُسْلِمًا فِي ذَلِكَ حَرُمَ عَلَى الْمُسْتَشَارِ تَحْرِيمًا شَدِيدًا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَخِّرْهُ لِلِاغْتِسَالِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ حَثُّهُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ وَلَوْ طَلَبَ كَافِرٌ مِنْهُ يُلَقِّنُهُ الْإِسْلَامَ فَلَمْ يَفْعَلْ أَوْ أَخَّرَ عَرْضَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ فَقَدْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً عَظِيمَةً وَلَا يَكْفُرُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ رَدًّا عَلَى صَاحِبِ التَّتِمَّةِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَكْفُرُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَرْضَ بِالْكُفْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ إلَخْ) التَّعْبِيرُ بِلَا يُمْنَعُ يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي جَوَازِ التَّمْكِينِ، أَمَّا الْإِثْمُ فَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ آثِمٌ وَفِي الْمَجْمُوعِ حَيْثُ ذَكَرَ دَلِيلَ مُجَوِّزِ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْجُنُبِ قَالَ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْمُشْرِكَ يَمْكُثُ فِي الْمَسْجِدِ فَالْجُنُبُ أَوْلَى، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ فَلَا يُكَلَّفُ بِهَا. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي تَكْلِيفِهِ وَعَدَمِهِ لَا فِي إثْمِهِ وَهَذَا مِنْ بَابِ أَنَّ الْإِنْكَارَ يُرَاعَى فِيهِ عَقِيدَةُ الْفَاعِلِ. اهـ.، وَأَمَّا رَبْطُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَافِرَ بِالْمَسْجِدِ فَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ
لِمَصْلَحَةِ
إسْلَامِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقِرَاءَةِ) بِخِلَافِ مَسِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute