للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُنُبٍ دُخُولُ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ كَإِسْلَامٍ وَسَمَاعِ قُرْآنٍ لَا كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي دُخُولِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ خُصُومَةٌ وَقَدْ قَعَدَ الْحَاكِمُ فِيهِ لِلْحُكْمِ (وَ) زِدْ لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ دُونَ الْجَنَابَةِ (التَّلَذُّذَا) أَيْ: مُنِعَ الرَّجُلُ مِنْهُ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا حَائِلٍ (مِنْ سُرَّةٍ لِرُكْبَةٍ) لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِآيَةِ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ: مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» .

وَخَصَّ بِمَفْهُومِهِ عُمُومَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» ؛ وَلِأَنَّ التَّلَذُّذَ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ يَدْعُو إلَى الْجِمَاعِ فَحَرُمَ؛ لِأَنَّ مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ؛ أَمَّا التَّلَذُّذُ بِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِلَا حَائِلٍ أَوْ بِمَا بَيْنَهُمَا بِحَائِلٍ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِي الْفَرْجِ فَجَائِزٌ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ عَائِشَةَ كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا؛ فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرَهَا» وَاخْتَارَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ غَيْرُ الْوَطْءِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ يَجْعَلُهُ مُخَصِّصًا لِمَفْهُومِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد (وَدَامَ ذَا) أَيْ مُنِعَ مَا مَرَّ لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ (إلَى اغْتِسَالٍ أَوْ بَدِيلٍ) عَنْهُ (بِالثَّرَى) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ: بِالتُّرَابِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الِاغْتِسَالِ أَمَّا فِي غَيْرِ التَّلَذُّذِ فَلِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لِلْحَدَثِ وَهُوَ بَاقٍ إلَى الطُّهْرِ؛ وَأَمَّا فِيهِ فَلِآيَةِ {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] فَلَوْ لَمْ تَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا فَالْمَنْعُ بَاقٍ بِحَالِهِ؛ وَأَمَّا جَوَازُ الصَّلَاةِ لَهَا بَلْ وُجُوبُهَا كَمَا سَيَأْتِي فَلِحُرْمَةِ الْوَقْتِ فَلَوْ رَأَتْ الْمَاءَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ حَرُمَ التَّلَذُّذُ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ النَّزْعُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ فِي أَثْنَائِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ؛ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ النَّزْعُ بِرُؤْيَتِهِ لِبَقَاءِ طُهْرِهَا لَكِنْ فِيهِ فِي طَبَقَاتِ الْعَبَّادِيُّ وَجْهَانِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْوُجُوبِ (وَ) زِدْ لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَيْضًا (الصَّوْمَ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» ؛ وَلِأَنَّهَا تَكْثُرُ فَيَشُقُّ قَضَاؤُهَا بِخِلَافِهِ (وَ) زِدْ لَهُمَا أَيْضًا (الطَّلَاقَ) أَيْ: مَنْعَ الزَّوْجِ مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أَيْ: فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ وَبَقِيَّةُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ وَدَامَ الْمَنْعُ مِنْ الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ.

(حَتَّى تَطْهُرَا) أَيْ: الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ أَيْ: يَنْقَطِعَ دَمُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الصَّوْمِ لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَمِنْ الطَّلَاقِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِالِانْقِطَاعِ؛ وَبَقَاءُ الْغُسْلِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَالْجَنَابَةِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الْغُسْلُ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ بِنِيَّةِ التَّعَبُّدِ إلَّا أَغْسَالَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهَا وَذَكَرَ بَدَلَ الْغُسْلِ وَمَنْعُ الطَّلَاقِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ هُنَا وَفِي نُسْخَةٍ إلَى اغْتِسَالٍ أَوْ بَدِيلٍ عَنْهُ وَالصَّوْمَ حَتَّى طُهْرِهَا امْنَعَنْهُ. فَزِيَادَةُ الْمَنْعِ سَاقِطَةٌ.

(وَانْدُبْ) لِلْوَاطِئِ الْعَامِدِ الْمُخْتَارِ الْعَالِمِ بِالتَّحْرِيمِ وَالْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ (تَصَدُّقًا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ) فَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَعَدَ إلَخْ) وَكَقُعُودِ الْحَاكِمِ قُعُودُ نَحْوِ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ: مِنْ سُرَّةٍ لِرُكْبَةٍ) (فَرْعٌ) خُلِقَتْ السُّرَّةُ فِي مَحَلٍّ أَعْلَى مِنْ مَحَلِّهَا الْغَالِبِ كَصَدْرِهِ أَوْ الرُّكْبَةُ أَسْفَلَ مِنْ مَحَلِّهَا الْغَالِبِ فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُهُمَا دُونَ مَحَلِّهِمَا الْغَالِبِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ زَادَ مَا بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ وَلَوْ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ سُرَّةٌ أَوْ رُكْبَةٌ قُدِّرَا لَهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ م ر (قَوْلُهُ: مَا فَوْقَ الْإِزَارِ) يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِمَا فَوْقَهُ مَا عَدَاهُ حَتَّى يَشْمَلَ مَا تَحْتَ الرُّكْبَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِجَعْلِهِ مُخَصَّصًا إلَخْ) إيضَاحُهُ أَنَّ مَفْهُومَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فِيهِ عُمُومٌ مِنْ حَيْثُ شُمُولُ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ وَخُصُوصٌ مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصُهُ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَكَذَا الْحَدِيثُ الثَّانِي مَنْطُوقُهُ عَامٌّ فِيمَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَفَوْقَهُ وَخَاصٌّ مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصُ الْإِبَاحَةِ بِمَا عَدَا الْوَطْءَ فَإِذَا جَعَلْت خُصُوصَ كُلٍّ قَاضِيًا عَلَى عُمُومِ الْآخَرِ أَنْتَجَ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ خَاصَّةً هَكَذَا ظَهَرَ لِي فِي إيضَاحِ هَذَا الْمَحَلِّ فَلْيُتَأَمَّلْ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ وَقَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ تَخْصِيصَ عُمُومِ الْحَدِيثِ الثَّانِي بِخُصُوصِ الْأَوَّلِ بِجَعْلِ مَعْنَاهُ إبَاحَةَ مَا عَدَا الْوَطْءَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ عَلَى هَذَا عُمُومُ تِلْكَ الْإِبَاحَةِ وَقَدْ يُقَالُ خُصُوصُ حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَهُوَ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَفْهُومِ حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَهُوَ تَحْرِيمُ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ مَذْكُورٌ بِحُكْمِهِ فَلَا يُخَصِّصُهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ (قَوْلُهُ فَزِيَادَةُ الْمَنْعِ) أَيْ: مِنْ الطَّلَاقِ

(قَوْلُهُ: وَانْدُبْ لِلْوَاطِئِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَاطِئُ زَوْجًا أَمْ غَيْرَهُ اهـ وَقَوْلُهُ أَمْ غَيْرَهُ يَشْمَلُ الْأَجْنَبِيَّ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ قَالَ فِي الْعُبَابِ كَالْجَوَاهِرِ دُونَ الْمَرْأَةِ أَيْ:

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُصْحَفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالْمَسْجِدِ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: التَّلَذُّذُ) أَيْ بِغَيْرِ النَّظَرِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ ق ل ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ أَجَازَهُ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ قَالَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَنْعُ الرَّجُلِ إلَخْ) ، أَمَّا الْحَائِضُ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَسْتَمْتِعَ بِمَا بَيْنَ سُرَّةِ الرَّجُلِ وَرُكْبَتَيْهِ بِغَيْرِ مَسِّهِ بِمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) مَا عَدَا النَّظَرَ بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: بِجَعْلِهِ مُخَصِّصًا إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّهُ ذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ فَلَا يُخَصِّصْهُ وَفِيهِ أَنَّ جِهَةَ الْخُصُوصِ فِيهِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَلَيْسَ ذَلِكَ ذِكْرَ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ فَتَأَمَّلْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَدِيلٍ عَنْهُ) أَيْ طَهُرَ بَدَلُهُ بِالتُّرَابِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>