وَالْبِكْرُ الَّتِي وَلِيُّهَا غَيْرُ الْمُجْبِرِ (وَالسُّلْطَانُ) أَيْ أَوْ أَجَابَهُ السُّلْطَانُ (فِي) الْبَالِغَةِ (الَّتِي تَجْنِ) وَلَا مُجْبِرَ لَهَا أَوْ إجَابَةُ السَّيِّدِ أَوْ وَلِيِّهِ فِي الْأُمِّ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ (نُطْقًا) صَرِيحًا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَعْرِضْ وَلَا أَعْرَضَ عَنْهُ الْمُجِيبُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَذَرَ» سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا وَذِكْرُ الْأَخِ فِي الْخَبَرِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ إجَابَتَهُ كَمَا ذُكِرَ بِأَنْ لَمْ يُجَبْ أَوْ أُجِيبَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِجَابَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا بِالنُّطْقِ أَيْ فِي غَيْرِ الْبِكْرِ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي فِيهَا بِالسُّكُوتِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَوْ عَلِمَ كَوْنَهَا بِالنُّطْقِ وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ بِالصَّرِيحِ أَوْ عَلِمَ كَوْنَهُ بِالصَّرِيحِ وَأَذِنَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ أَعْرَضَ وَلَوْ بِطُولِ الزَّمَنِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعْرِضًا أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمُجِيبُ فَلَا تَحْرُمُ خِطْبَتُهُ لِسُقُوطِ حَقِّ الْأَوَّلِ فِي الْأَخِيرَةِ بِأَحْوَالِهَا الثَّلَاثَةِ وَلِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ فِي الْبَقِيَّةِ وَلِخَبَرِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الْآتِي حَيْثُ تَوَارَدَ عَلَيْهَا الْخُطَّابُ وَلَمْ يَنْهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَأَخِّرَ مِنْهُمْ لِمَا لَمْ تُصَرِّحْ بِالْإِجَابَةِ بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِغَيْرِهِمْ وَإِذَا كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفُؤٍ فَالنِّكَاحُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى رِضَى الْوَلِيِّ وَالْمَرْأَةِ مَعًا فَلَا تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ إلَّا بَعْدَ إجَابَتِهِمَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُعْتَبَرُ فِي التَّحْرِيمِ أَيْضًا كَوْنُ الْخِطْبَةِ الْأُولَى جَائِزَةً وَإِلَّا كَأَنْ خُطِبَتْ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ فَلَا تَحْرِيمَ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ خَمْسًا دَفْعَةً فَأَجَبْنَ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِهِ خِطْبَةُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يَتْرُكَهَا أَوْ يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعٍ غَيْرَهَا وَلَوْ خَطَبَهُنَّ مُرَتَّبًا فَأَجَبْنَ حَلَّتْ الْخَامِسَةُ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ تَحْرِيمَهَا فَإِنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِيهَا
(وَجَازَ) بَلْ وَجَبَ (الذِّكْرُ لِلْقِبَاحِ) أَيْ ذِكْرُ الْقُبْحِ الْكَائِنِ (مِنْ خَاطِبٍ) أَوْ نَحْوِهِ لِلْمُسْتَشِيرِ فِيهِ بِالصِّدْقِ لِيُحَذِّرَ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمَّا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ «وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْك مِنْ شَقَاشِقِهِ» وَلِقَوْلِهِ «إذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْهُ» ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَصَحَّ فِي خَبَرِ «جَرِيرٍ بَايَعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» .
وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ نَعَمْ إنْ انْدَفَعَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَا تَفْعَلْ هَذَا أَوْ لَا تَصْلُحُ لَك مُصَاهَرَتُهُ أَوْ لَا خَيْرَ لَك فِيهِ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يَجُزْ ذِكْرُ عُيُوبِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إذَا انْدَفَعَ بِذِكْرِ الْبَعْضِ لَا يَذْكُرُ الْجَمِيعَ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْأَدِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ عُيُوبِهِ وَهُوَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُكَاتَبَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ أَجَابَهُ السَّيِّدُ مَعَ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً صَحِيحَةً. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ أَوْ أَجَابَهُ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ فِي الْمُبَعَّضَةِ إنْ أَصَرَّتْ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ إذْنُهَا مَعَ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي غَيْرِ الْبِكْرِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِ اسْتِئْذَانِهَا فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْحَيَاءَ هُنَاكَ أَشَدُّ م ر (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: إذْ كَوْنُهُ وَقَوْلُهُ بِأَحْوَالِهَا الثَّلَاثَةِ عُلِمَ كَوْنُهَا بِالصَّرِيحِ هِيَ إذْنُ الْأَوَّلِ أَوْ إعْرَاضُهُ أَوْ إعْرَاضُ الْمُجِيبِ (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْخَاطِبِ
[حاشية الشربيني]
الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْرِضْ) وَلَوْ بِالْقَرِينَةِ كَعَدَمِ إنْفَاقِهِ فِي الْمَوَاسِمِ وَكَذَا إعْرَاضُ الْمُجِيبِ كَعَدَمِ قَبُولِ مَا يُرْسِلُهُ إلَيْهَا. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: أَيْ فِي غَيْرِ الْبِكْرِ إلَخْ) قَالَ م ر الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِ اسْتِئْذَانِهَا فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْحَيَاءَ هُنَاكَ أَشَدُّ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: كَوْنُ الْخِطْبَةِ الْأُولَى جَائِزَةٌ) هَلْ مِنْ غَيْرِ الْجَائِزِ الْمُمْتَنِعِ الْخِطْبَةُ بَعْدَهُ التَّعْرِيضُ الْمُحَرَّمُ السَّابِقُ؟ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر وَلَوْ كَانَ مَعَهُ أَرْبَعٌ وَخَطَبَ خَامِسَةً لِيُطَلِّق وَاحِدَةً إنْ أَجَابَتْهُ حَلَّتْ خِطْبَتُهُ لَهَا وَحَرُمَتْ إجَابَتُهَا لَهُ إنْ عَلِمَتْ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ كَثِيرُ التَّطَلُّعِ لِلنِّسَاءِ يُطَلِّقُ مَنْ فِي عِصْمَتِهِ بِأَدْنَى هَوًى أَوْ لَمْ تَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ فِي جَوَابِهَا إفْسَادًا لَهُ فَإِنْ عَلِمَتْ ثَبَاتَهُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فَلَا حُرْمَةَ قَالَهُ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ
(قَوْلُهُ: وَجَازَ إلَخْ) أَيْ بِقَصْدِ النَّصِيحَةِ لَا الْوَقِيعَةِ فِي الْعَرْضِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلْمُسْتَشِيرِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَجِبُ ذِكْرُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهُ مُطْلَقًا. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ قَوْلُهُ: لِيُحَذِّرَ إلَخْ إذَا عَلِمَ أَنَّ الذِّكْرَ لَا يُفِيدُ أَمْسَكَ كَالْمُضْطَرِّ لَا يُبَاحُ لَهُ إلَّا مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) وَلَمْ يَكْتَفِ بِقَوْلِهِ لَا يَصْلُحُ لِئَلَّا تَظُنَّ وَصْفًا أَقْبَحَ مِمَّا هُوَ فِيهِ وَلَا يُقَاسُ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ تُوُهِّمَ نَقْصٌ أَفْحَشُ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يُتَعَبَّدُ بِهِ فَلَا مُبَالَاةَ بِإِيهَامِهِ. اهـ. شَرْحٌ م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ إلَخْ) كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ أَسْفَارِهِ قِيلَ أَوْ ضَرَبَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ مِنْ الْعُيُوبِ. اهـ. حَجَرٌ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَلَوْ مَا فِيهِ جُرْحٌ كَزِنًا وَلَا يُعَدُّ بِهِ قَاذِفًا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ عُيُوبِهِ) كَذَا فِي م ر وَحَجَرٍ وَفِي ق ل أَنَّهُ إذَا اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ لِلنِّكَاحِ يَجِبُ ذِكْرُ الْعَيْبِ إنْ ثَبَتَ بِهِ الْخِيَارُ كَعُنَّةٍ وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةٌ كَبُخْلِ مَنْ ذَكَرَهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute