ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ مُسْتَشِيرُهُ بِدُونِ ذِكْرِهَا (تَنْبِيهَانِ)
أَحَدُهُمَا تَقْيِيدِي وُجُوبَ ذَلِكَ بِالِاسْتِشَارَةِ تَبَعًا لِلْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ وُجُوبُهُ ابْتِدَاءً وَهُوَ قِيَاسُ وُجُوبِهِ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَمَا فَرَّقَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْأَعْرَاضَ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ الْأَمْوَالِ رَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ النَّصِيحَةَ هُنَا آكَدُ وَأَوْجَبُ ثَانِيهمَا الْغِيبَةُ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ مِمَّا يَكْرَهُ وَلَوْ فِي مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجِهِ أَوْ نَحْوِهَا سَوَاءٌ ذَكَرَهُ بِلَفْظٍ أَمْ كِتَابَةٍ أَمْ إشَارَةٍ بِالْعَيْنِ أَوْ الرَّأْسِ أَوْ الْيَدِ أَوْ نَحْوِهَا وَتُبَاحُ لِأَسْبَابٍ الْأَوَّلُ التَّحْذِيرُ كَمَا ذَكَرَ الثَّانِي التَّظَلُّمُ إلَى سُلْطَانٍ أَوْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ أَوْ قُدْرَةٌ عَلَى إنْصَافِهِ مِمَّنْ ظَلَمَهُ فَيَقُولُ ظَلَمَنِي فُلَانٌ أَوْ فَعَلَ بِي كَذَا الثَّالِثُ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ وَرَدِّ الْعَاصِي فَيَقُولُ لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَتَهُ عَلَى الدَّفْعِ فُلَانٌ يَفْعَلُ كَذَا فَازْجُرْهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ الرَّابِعُ الِاسْتِفْتَاءُ كَأَنْ يَقُولَ لِلْمُفْتِي ظَلَمَنِي فُلَانٌ أَوْ أَبِي أَوْ أَخِي بِكَذَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَمَا طَرِيقِي فِي الْخَلَاصِ مِنْهُ وَدَفْعِ ظُلْمِهِ عَنِّي وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ الْمُغْتَابُ مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ كَالْخَمْرِ وَمُصَادَرَةِ النَّاسِ وَجِبَايَةِ الْمُكُوسِ وَتَوَلِّي الْأُمُورِ الْبَاطِلَةِ فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ بِمَا يُجَاهِرُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِهِ إلَّا بِسَبَبٍ آخَرَ السَّادِسُ التَّعْرِيفُ كَمَا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِلَقَبِ كَالْأَعْمَشِ وَالْأَزْرَقِ وَالْقَصِيرِ يَجُوزُ تَعْرِيفُهُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ بِهِ تَنْقِيصًا وَإِنْ أَمْكَنَ التَّعْرِيفُ بِغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى
ثُمَّ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ صِيغَةٌ وَمَنْكُوحَةٌ وَشَهَادَةٌ وَعَاقِدَانِ وَقَدْ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (وَصِحَّةُ النِّكَاحِ) تَحْصُلُ (يَقُولُ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُ وَأَنْكَحْتُ) أَيْ زَوَّجْتُك أَوْ أَنْكَحْتُك (ابْنَتِي) أَوْ (تَزَوَّجْ) أَوْ (أَنْكِحْ) بِنْتِي (وَ) بِقَوْلِ الزَّوْجِ (قَبِلْتُ بَعْدَ تِي) أَيْ بَعْدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَيْ وَاحِدٍ مِنْهَا (نِكَاحَهَا) وَ (تَزْوِيجَهَا) أَوْ هَذَا النِّكَاحَ أَوْ التَّزْوِيجَ أَوْ بِقَوْلِهِ (نَكَحْتُ أَوْ لَفْظَ تَزَوَّجْتُ) بِنْتَك (وَ) بِقَوْلِهِ (زَوِّجْ) أَوْ أَنْكِحْ مِنِّي بِنْتَك مَعَ قَوْلِ الْوَلِيِّ زَوَّجْتُكهَا أَوْ أَنْكَحْتُكهَا وَيَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ وَكِيلُهُ (وَرَوَوْا فِي ذِي) أَيْ زَوِّجْنِي (خِلَافًا مِثْلَ) مَا رَوَوْهُ فِي (انْكِحْ) وَتَزَوَّجْ بِنْتِي فَقِيلَ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِاحْتِمَالِهِ اسْتِبَانَةَ الرَّغْبَةِ وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَ إيجَابِ الْوَلِيِّ إلَى الْقَبُولِ ثَانِيًا لِوُجُودِ الِاسْتِدْعَاءِ الْجَازِمِ وَذِكْرُ الْخِلَافِ زَادَهُ النَّاظِمُ وَكَذَا تَقْيِيدُ قَبِلْت بِالْبَعْدِيَّةِ إذْ لَا يَنْتَظِمُ الِابْتِدَاءُ بِقَبِلْتُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصِّيَغِ وَهَذَا قَاسَهُ عَلَى الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِمَامِ.
وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي مَبْحَثِ التَّوْكِيلِ جَوَازُ تَقَدُّمِهَا أَيْضًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ كَالتَّأَخُّرِ وَأَمَّا كَلَامُ الْإِمَامِ فَقَدَّمْتُ أَنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ (وَ) صِحَّةُ النِّكَاحِ تَحْصُلُ أَيْضًا (بِمَا كَانَ بِمَعْنَى هَذِهِ) الْأَلْفَاظِ مِنْ الْعَجَمِيَّةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (مُتَرْجَمَا)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي مَالِهِ) يَدْخُلُ فِيهِ الْحَيَوَانُ كَالرَّقِيقِ وَالْبَهِيمَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) يُفِيدُ جَوَازَ التَّعْرِيفِ بِهِ مَعَ إمْكَانِ التَّعْرِيفِ بِغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: مُتَرْجَمًا) يَنْبَغِي جَوَازُ بِنَائِهِ لِلْفَاعِلِ أَيْ مُتَرْجِمًا هُوَ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ وَلِلْمَفْعُولِ أَيْ مُتَرْجَمًا بِهِ عَنْهُ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْخَبَرِ أَوْ خَبَرًا ثَانِيًا فَلْيُتَأَمَّلْ
[حاشية الشربيني]
التَّوْبَةُ مِنْهُ وَسَتْرُ نَفْسِهِ. اهـ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَمَّا لَوْ اُسْتُشِيرَ إلَخْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالذِّكْرُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الشَّرْحِ وَقَوْلُهُ: يَجِبُ ذِكْرُ الْعَيْبِ إلَخْ أَيْ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِنَحْوِ لَا أَصْلُحُ لَكُمْ وَبَحَثَ حَجَرٌ وم ر أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكْتَفُوا مِنْهُ بِقَوْلِهِ أَنَا لَا أَصْلُحُ يَذْكُرُ كُلَّ مَذْمُومٍ فِيهِ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا أَيْ يَلْزَمُهُ التَّرْكُ وَالْإِخْبَارُ بِذَلِكَ. اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ عُيُوبِهِ أَيْ إنْ لَمْ يَتْرُكْ (قَوْلُهُ: الْغِيبَةُ إلَخْ) هِيَ حَرَامٌ وَلَوْ لِذِمِّيٍّ أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَيَجُوزُ غِيبَتُهُ. اهـ. خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: ذِكْرُ الْإِنْسَانِ) أَيْ أَوْ الْإِشَارَةُ أَوْ الْإِيمَاءُ إلَى مَا ذُكِرَ بَلْ وَبِالْقَلْبِ بِأَنْ أَصَرَّ فِيهِ عَلَى اسْتِحْضَارِ ذَلِكَ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَهُ إلَخْ) كَأَبِي زَيْدٍ الْفَاسِقِ وَزَوْجِ الْفَاسِقَةِ أَمَّا لَوْ ذَكَرَ زَوْجَتَهُ أَوْ وَلَدَهُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِذِكْرِهِ فَلَيْسَ غِيبَةً لَهُ؛ لِأَنَّك لَمْ تَصِفْهُ أَفَادَهُ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمُغْتَابُ مُجَاهِرًا) قَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يَجُوزُ غِيبَةُ الْعَالِمِ بِمَا هُوَ مُتَجَاهِرٌ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إذَا سَمِعُوا ذَلِكَ تَسَاهَلُوا فِي ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي وَالِاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ وَالْعِلْمِ وَأَهْلِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَبِهَامِشِ الشَّرْحِ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنْ لَا يَذْكُرَ مَا هُوَ مُتَجَاهِرٌ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُجَاهَرَةِ أَمَّا ذِكْرُهُ لِمُرِيدِ الِاجْتِمَاعِ مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْهُ حَيْثُ اُحْتِيجَ لِلذِّكْرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمُغْتَابُ إلَخْ) فِي ظَنِّي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ بِمَا تَجَاهَرَ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ يَرْتَدِعُ بِهِ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: قَبِلْتُ) أَيْ نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا وَلَا يَكْفِي قَبِلْتُ وَحْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: قَبِلْتُ إلَخْ) مِثْلُهُ رَضِيتُ إلَخْ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ هَذَا النِّكَاحُ) فِي ق ل أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ لَفْظِ هَذَا وَمِثْلُهُ فِي الْأَنْوَارِ وَفِي الرَّوْضَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute