كَمَا أَفَادَهُ تَعْبِيرُهُ بِنِكَاحٍ فَيَنْعَقِدُ بِحُضُورِ عَدُوَّيْ الزَّوْجَيْنِ وَعَدُوَّيْ أَحَدِهِمَا وَعَدُوِّ أَحَدِهِمَا مَعَ عَدُوِّ الْآخَرِ وَابْنَيْهِمَا وَابْنَيْ أَحَدِهِمَا وَابْنِ أَحَدِهِمَا مَعَ ابْنِ الْآخَرِ وَإِنْ تَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى نَعَمْ لَوْ عَقَدَ بِخُنْثَيَيْنِ فَبَانَا ذَكَرَيْنِ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ بِخِلَافِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ عَدَمَ الْجَزْمِ مُؤَثِّرٌ فِيهِ وَقَدْ بَانَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ سَامِعَيْنِ لِفَهْمِهِ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَإِذْ قَدْ ذَكَرَهُ فَلْيَذْكُرْ بَقِيَّةَ شُرُوطِ قَبُولِهَا تَفْصِيلًا.
قَالَ الشَّارِحُ: وَلَعَلَّ عُذْرَهُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ شَهَادَةَ الْأَصَمِّ مَقْبُولَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فِيمَا تَحَمَّلَهُ قَبْلَ الصَّمَمِ أَوْ طَرِيقَةِ الْمُشَاهَدَةِ دُونَ السَّمَاعِ وَهُنَا لَا يُمْكِنُ اسْتِشْهَادُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْمَعُ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ وَيُنْدَبُ إحْضَارُ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ زِيَادَةً عَلَى الشَّاهِدَيْنِ (لَا شَهَادَةِ الرِّضَى) أَيْ صِحَّةُ النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ بِمَا مَرَّ لَا بِالشَّهَادَةِ عَلَى رِضَى الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا بِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا لَيْسَ مِنْ نَفْسِ النِّكَاحِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ لَكِنَّهَا تُسْتَحَبُّ احْتِيَاطًا لِيُؤْمَنَ إنْكَارُهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ الْحَاكِمَ وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ إذْنُهَا؛ لِأَنَّهُ يَلِي ذَلِكَ بِجِهَةِ الْحُكْمِ فَيَجِبُ ظُهُورُ مُسْتَنِدِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ بِالْحُكْمِ حُكْمٌ، وَقَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ الصَّحِيحُ عِنْدِي وِفَاقًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ (وَلَوْ بِمَسْتُورَيْ عَدَالَةٍ مَضَى) أَيْ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَوْ وَقَعَ بِحُضُورِ مَسْتُورِي الْعَدَالَةِ وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا بِأَنْ عُرِفَتْ بِالْمُخَالَطَةِ دُونَ التَّزْكِيَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَجْرِي بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ وَالْعَوَامِّ.
وَلَوْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ لَاحْتَاجُوا إلَى مَعْرِفَتِهَا لِيُحْضِرُوا مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِهَا فَيَطُولُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَيَشُقُّ هَذَا إذَا عَقَدَ بِهِمَا غَيْرُ الْحَاكِمِ فَإِنْ عَقَدَ بِهِمَا الْحَاكِمُ لَمْ يَصِحَّ لِسُهُولَةِ الْكَشْفِ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُتَوَلِّي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا (لَا) بِمَسْتُورِي (الدِّينِ) أَيْ الْإِسْلَامِ (أَوْ) بِمَسْتُورِي (حُرِّيَّةٍ) بِأَنْ لَمْ يَظْهَرْ إسْلَامُهُمَا وَلَا حُرِّيَّتُهُمَا بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ، وَالْأَحْرَارُ بِالْأَرِقَّاءِ وَلَا غَالِبَ فَلَا يَصِحُّ بِهِمَا بَلْ وَلَا بِظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ حَتَّى يُعْرَفَ حَالُهُمَا فِيهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ إذَا عُرِفَ ذَلِكَ (فَالْفِسْقُ) مِنْ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ (إنْ يَعْرِفْهُ بَعْضُ الصَّاحِبِينَ) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (أَوْ يَبِنْ بِحُجَّةٍ أَوْ بِتَذَكُّرٍ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ
ــ
[حاشية العبادي]
كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْعَقْدِ بِالْعَجَمِيَّةِ هُوَ عَدَمُ الِانْعِقَادِ وَلِهَذَا أَشَارَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى ضَعْفِ كَلَامِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الزَّوْجَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدِ وَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي الرُّكْنِيَّةِ عَلَى مَا مَرَّ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً يَعْتَقِدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةً ثُمَّ بَانَ خَطَؤُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ يَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ عَلَى أَنَّ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ قَدْ جَزَمَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الزِّنَا بِخِلَافِهِ وَمَا قَرَّرْته أَوْجَهُ مِمَّا صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ كَالشَّاهِدَيْنِ. اهـ. بِاخْتِصَارِ.
(قَوْلُهُ مَسْتُورِي الْعَدَالَةِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيَبْطُلُ السَّتْرُ بِتَفْسِيقِ عَدْلٍ أَيْ فِي الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: بِالدَّارِ) وَإِنْ كَانَ كُلُّ أَهْلِهِ مُسْلِمِينَ وَأَحْرَارًا (قَوْلُهُ: لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ عَقَدَ بِمَجْهُولَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ فَبَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا كَالْخُنْثَيَيْنِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ بِهِمَا إذَا بَانَا ذَكَرَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْفِسْقُ) جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا) لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَوَافَقَا عَلَى اخْتِلَالِ شَرْطٍ عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً بِهِ لَمْ تُسْمَعْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ التَّحْلِيلُ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى بَيْتِهِ وَصَارَ يَطَؤُهَا حَرَامًا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَالْآنَ يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَهَا لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا إنَّمَا طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ فَفِي الْحُكْمِ نَمْنَعُهُ نِكَاحَهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُصَدِّقُهُ قَالَ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَصَادَقَ الزَّوْجَانِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ رَاجَعَهَا وَلَا ابْتَدَأَ نِكَاحَهَا يُرِيدَانِ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فَإِنِّي
[حاشية الشربيني]
إثْبَاتَهُ بِعَدُوَّيْهَا أَوْ ابْنَيْهِ أَوْ عَكْسِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قِيلَ يَكْفِي فِي الشَّاهِدَيْنِ ثُبُوتُ هَذَا النِّكَاحِ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِهِمَا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ فَاكْتَفَى الْأَوَّلُ بِثُبُوتِهِ فِيمَا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ ابْنَيْهَا أَوْ عَدُوَّيْهَا وَادَّعَاهُ الزَّوْجُ فِي الْأُولَى وَالزَّوْجَةُ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَالَ الثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ شِقَّيْهِ مَعًا بِهِمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَتَعَذَّرُ ثُبُوتُهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي فِي الْأَوَّلِ الزَّوْجَةَ وَفِي الثَّانِي الزَّوْجَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا عَرَفْتَ وَقَدْ اعْتَرَضَ الشَّارِحُ ذَلِكَ وَاعْتَبَرَ ثُبُوتَ أَيْ النِّكَاحُ كَانَ بِهِمَا سَوَاءٌ هَذَا النِّكَاحُ أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِعَدُوَّيْهِمَا وَلَا يَثْبُتُ هَذَا النِّكَاحُ بِهِمَا فِي صُورَةٍ.
نَعَمْ يَثْبُتُ بِهِمَا فِي صُورَةِ دَعْوَى حِسْبَةٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَرَفَتْ إلَخْ) وَقِيلَ يَصِحُّ بِمِنْ عُلِمَ إسْلَامُهُ وَإِنْ لَمْ تُخَالِطْهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ الْمَنْصُوصُ الِانْعِقَادُ بِهِ. اهـ. لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر سم (قَوْلُهُ: لَا بِمَسْتُورِي الدِّينِ إلَخْ) لَكِنْ لَوْ عَقَدَ بِهِمَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا مُسْلِمَانِ حُرَّانِ صَحَّ. اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: وَلَا غَالِبَ) هُوَ قَيْدٌ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute