فَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ زَوْجًا وَإِنْ بَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ ذَكَرًا وَلَا زَوْجَةَ وَإِنْ بَانَ بَعْدَهُ أُنْثَى (وَالْحَمْدُ وَالصَّلَاةُ بَعْدَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (يُنْدَبُ إنْ تَخَلَّلَا) أَيْ تَخَلَّلَهُمَا بَيْنَ كَلَامَيْ الْعَاقِدَيْنِ كَأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ بَعْدَ إيجَابِ الْوَلِيِّ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجْتُهَا وَلَا يَضُرُّ هَذَا الْفَصْلُ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلَّلَ مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ فَلَا يَقْطَعُ الْوَلَاءَ كَالْإِقَامَةِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ كَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَكِنَّهُ تَابَعَ فِي الرَّوْضَةِ الرَّافِعِيَّ عَلَى نَدْبِهِ بِزِيَادَةِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى فَإِنْ طَالَ الْفَاصِلُ ضَرَّ، وَالتَّصْرِيحُ بِكَوْنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْحَمْدِ زَادَهُ النَّاظِمُ وَيُنْدَبُ الدُّعَاءُ لِلزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيُقَالُ بَارَكَ اللَّهُ لَك وَبَارَكَ عَلَيْك وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ لِخَبَرٍ وَرَدَ بِالنَّهْيِ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ
وَإِنَّمَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (بِشَرْطِ تَنْجِيزٍ) لَهُ فَلَوْ عَلَّقَهُ لَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى لِاخْتِصَاصِهِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ نَعَمْ قَالَ الْبَغَوِيّ لَوْ بُشِّرَ بِبِنْتٍ فَقَالَ إنْ صَدَقَ الْمُخْبِرُ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا صَحَّ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَعْلِيقًا بَلْ هُوَ تَحْقِيقٌ كَقَوْلِهِ إنْ كُنْتِ زَوْجَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَكُونُ إنْ بِمَعْنَى إذْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥] قَالَ وَكَذَا لَوْ أُخْبِرَ بِمَوْتِ إحْدَى نِسَائِهِ فَقَالَ إنْ صَدَقَ الْمُخْبِرُ فَقَدْ تَزَوَّجْتُ بِنْتَك قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَمَا قَالَهُ يَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا تَيَقَّنَ صِدْقَ الْمُخْبِرِ وَإِلَّا فَلَفْظُ إنْ لِلتَّعْلِيقِ (وَ) بِشَرْطِ (إطْلَاقٍ) لَهُ فَلَوْ أَقَّتَهُ وَلَوْ بِمَعْلُومٍ كَسَنَةٍ لَمْ يَصِحَّ لِمَا مَرَّ، وَلِلنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ
(وَلَا تَنْسَ حُضُورَ) شَاهِدَيْنِ (سَامِعَيْنِ) يَعْنِي يُعْتَبَرُ حُضُورُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ.
وَالْمَعْنَى فِي اعْتِبَارِهِمَا الِاحْتِيَاطُ لِلْأَبْضَاعِ وَصِيَانَةُ الْأَنْكِحَةِ عَنْ الْجُحُودِ وَلَا يُعْتَبَرُ إحْضَارُهُمَا كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُهُ بِحُضُورِهِمَا وَخَرَجَ بِسَامِعَيْنِ الْأَصَمَّانِ وَالْأَصَمُّ وَالسَّامِعُ، وَيُعْتَبَرُ فِي السَّامِعَيْنِ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا فِي النِّكَاحِ كَمَا قَالَ (قُبِلَا أَيْ فِي) شَهَادَةِ (نِكَاحٍ) فَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا حُرِّيَّةٌ وَذُكُورَةٌ وَعَدَالَةٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ وَضَبْطٌ وَنُطْقٌ وَفَقْدُ الْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ وَمَعْرِفَةُ لُغَةِ الْعَاقِدَيْنِ فَإِنْ كَانَا يَضْبِطَانِ اللَّفْظَ فَوَجْهَانِ رَجَّحَ الْقَاضِي مِنْهُمَا الِانْعِقَادَ؛ لِأَنَّهُمَا يَنْقُلَانِهِ إلَى الْحَاكِمِ وَلَا يُؤَثِّرُ النِّسْيَانَ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَضْبِطُ وَيَنْسَى عَنْ قَرِيبٍ وَلَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُمَا فِي هَذَا النِّكَاحِ بَلْ يَكْفِي فِي نِكَاحٍ مَا
ــ
[حاشية العبادي]
الْعَقْدِ خُنْثَى ثُمَّ أُنْثَى فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَنْدُبُ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ بِرّ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَفْظُ إنْ لِلتَّعْلِيقِ) قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ تَعْلِيقٌ سَوَاءٌ أَتَيَقَّنَ صِدْقَهُ أَوْ لَا بِرّ؟ أَقُولُ قَدْ يَمْنَعُ فِي الْأَوَّلِ إذْ إنْ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى إذْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَّتَهُ) وَلَوْ بِمَعْلُومٍ كَسَنَةٍ أَوْ أَلْفِ سَنَةٍ أَوْ بِحَيَاةِ أَحَدِهِمَا م ر (قَوْلُهُ: وَلِلنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكهَا مُدَّةَ حَيَاتِك أَوْ عُمْرَك بَلْ هُوَ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك أَوْ أَعَمَرْتُك الدَّارَ مُدَّةَ حَيَاتِك أَوْ عُمْرِك. اهـ. .
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا حَيَاتَك لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى
(قَوْلُهُ: رَجَّحَ الْقَاضِي مِنْهُمَا الِانْعِقَادَ) الَّذِي اقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَخْذًا مِنْ مُقْتَضَى
ــ
[حاشية الشربيني]
أَيْ مِنْ قَبِلْت بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ بِهِ وَرُبَّمَا فُهِمَ مِنْ تَرْتِيبِ الْخِلَافِ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَبِلْت أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ قَدْ يَقْتَضِي إلَخْ لَكِنْ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِصِحَّةِ قَبِلْتُ النِّكَاحَ (قَوْلُهُ: فَالْخُنْثَى إلَخْ) وَلَا يُقَالُ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ
لِلِاحْتِيَاطِ
فِيهِ. اهـ. م ر وَلَوْ تَزَوَّجَ مَنْ يَعْتَقِدُهَا مُحَرَّمًا فَبَانَ خِلَافُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ يَصِحُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ يَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْخُنْثَى. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهَا بِمَنْ يَعْتَقِدُهُ غَيْرَ كُفْءٍ فَبَانَ كُفُؤًا الصِّحَّةُ لِلْعِلَّةِ وَإِنْ كَانَ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. لَكِنْ بِهَامِشٍ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فَانْظُرْ شَرْحَ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ مِنْ شَأْنِهِ الْعِبَادَةُ وَلِمَا يُطْلَبُ فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ رُوعِيَ فِيهِ حُكْمُ الْعِبَادَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ الشَّكِّ وَإِنْ بَانَ. اهـ. م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يُنْدَبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر وَمَعَ عَدَمِ النَّدْبِ لَا يَضُرُّ. اهـ. م ر أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِالرِّفَاءِ) أَيْ أَعْرَسَتْ بِالرِّفَاءِ أَيْ الِالْتِئَامِ ع ش
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَفْظُ إنَّ لِلتَّعْلِيقِ) بَلْ لَوْ لَمْ يُعَلِّقْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِلتَّرَدُّدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثَةِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا الِاحْتِيَاطُ لِلنِّكَاحِ لَكِنْ لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثَةِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ تَيَقُّنُ صَلَاحِيَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَلَى فَرْضِ مَوْتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَبَصَرٌ فَلَا يَكْفِي الْأَعْمَى) وَلَوْ وَضَعَ كُلٌّ مِنْ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ فَمَه فِي أُذُنٍ مِنْ أُذُنَيْهِ وَأَوْجَبَ أَحَدُهُمَا وَقَبْلَ الْآخَرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَنْ وَضَعَ فَمَه عَلَى أُذُنِهِ وَقَبِلَ غَيْرُ مَنْ أَوْجَبَ لَهُ الْوَلِيُّ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ لِعَدَمِ تَوْجِيهِ الْخِطَابِ لِمَنْ قَبِلَ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ أَمْسَكَ مَنْ أَقَرَّ فِي أُذُنِهِ بِشَيْءٍ وَشَهِدَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِعَدَمِ هَذَا الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا هِيَ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ أَفَادَهُ الرَّشِيدِيُّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَوْرَدَهُ سم (قَوْلُهُ: فِي هَذَا النِّكَاحِ) أَيْ فِي إثْبَاتِهِ لَوْ أَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ وَأَرَادَ الزَّوْجُ