للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ الْحَجْرَ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ، وَوَلِيُّهُ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ ثُمَّ الْقَاضِي وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهُ فَيَتَقَدَّمَ عَلَى الْقَاضِي وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا، لَكِنْ حَذَفَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ الرَّوْضَةِ هُنَاكَ وَصَحَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهُ وَنَقَلَهُ عَنْ جَزْمِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَلِي تَزْوِيجَ الْأَطْفَالِ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ، وَلَيْسَ بِاخْتِلَافِ نَصٍّ بَلْ نَصُّهُ عَلَى أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ مَحْمُولٌ عَلَى وَصِيٍّ فُوِّضَ إلَيْهِ التَّزْوِيجُ

(وَ) سَفِيهٌ (مِطْلَاقٌ) أَيْ: كَثِيرُ الطَّلَاقِ (يُسَرَّى) أَمَةً (وَاحِدَهْ) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لَهُ إذْ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ، فَإِنْ تَبَرَّمَ مِنْهَا أُبْدِلَتْ، وَحَذَفَ الْبَاءَ الدَّاخِلَةَ عَلَى مَعْمُولِ يُسَرِّي فِي عِبَارَةِ الْحَاوِي؛ لِأَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُهَا كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَإِكْثَارُ الطَّلَاقِ بِأَنْ يُزَوَّجَ عَلَى التَّدْرِيجِ ثَلَاثًا فَيُطَلِّقُهُنَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَوْ ثِنْتَيْنِ فَيُطَلِّقُهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَفَهِمَ الرُّويَانِيُّ أَنَّ تَعَدُّدَ الزَّوْجَةَ لَيْسَ مُرَادًا فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: فِيهِ وَجْهَانِ

أَحَدُهُمَا: يُطَلِّقُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَالثَّانِي: مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَالْأَوْجَهُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ فَيُكْتَفَى بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ، وَلَوْ مِنْ زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُسَرَّى ابْتِدَاءً، وَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ كَمَا فِي الْإِعْفَافِ، وَيَتَعَيَّنُ مَا فِيهِ

الْمَصْلَحَةُ

قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ: إذَا طَلَبَ التَّزْوِيجَ بِخُصُوصِهِ تَعَيَّنَ

(، وَإِنْ بِدُونِ الْإِذْنِ يَنْكِحْ) أَيْ: السَّفِيهُ امْرَأَةً (رَاشِدَهْ) أَيْ: رَشِيدَةً (وَلَوْ مَعَ الْوَطْءِ) أَيْ: وَطْئِهِ لَهَا (فَلَا) حَدَّ، وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا لِلشُّبْهَةِ، وَلَا (مَهْرَ) ، وَإِنْ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ؛ لِأَنَّهَا سَلَّطَتْهُ عَلَى بُضْعِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْوَدِيعَةِ، وَلَا يَضُرُّ جَهْلُهَا بِحَالِهِ لِتَمْكِينِهَا نَفْسَهَا مَعَ تَقَدُّمِ إذْنِهَا، وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا وَطِئَهَا مُخْتَارَةً، فَلَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً، فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمُكْرَهَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ رَاشِدَةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ، فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إذْ لَا أَثَرَ لِتَمْكِينِهَا كَمَا لَوْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ مِثْلِهِ وَأَتْلَفَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فِي تَنْقِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُزَوَّجَةُ بِالْإِجْبَارِ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ قِبَلِهَا، فَإِنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ وَالتَّمْكِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا (كَمَا) لَوْ (زَوَّجَ) شَخْصٌ (عَبْدًا أَمَةً لَهُ هُمَا) أَيْ: هُمَا لَهُ لَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ بِدَلِيلِ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ (كَالْحُكْمِ فِي) أَمَةِ (مَرِيضِ مَوْتٍ قَدْ سَمَحْ بِعِتْقِهَا وَتِلْكَ ثُلْثٌ وَنَكَحْ) أَيْ: وَهِيَ ثُلُثُ مَالِهِ وَنَكَحَهَا وَمَاتَ، فَإِنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا أَيْضًا إذْ لَوْ ثَبَتَ لَهَا الْمَهْرُ لَنَقَصَتْ التَّرِكَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَوَلِيُّهُ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ ثُمَّ السُّلْطَانُ) عِبَارَةُ النَّاشِرِيِّ أَمَّا إذَا طَرَأَ أَيْ: السَّفَهُ وَأُعِيدَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ فَأَمْرُ تَزْوِيجِهِ مَنُوطٌ بِالسُّلْطَانِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَهَذَا الْحُكْمُ يَطَّرِدُ بِعَيْنِهِ فِي السَّفِيهَةِ حَتَّى يُزَوِّجَهَا الْحَاكِمُ مَعَ وُجُودِ أَبِيهَا وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا تَقَدَّمَ فِي هَامِشٍ وَيُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي الثَّيِّبِ فَلْيُحَرَّرْ أَمْرُهَا وَهَلْ يُزَوِّجُهَا الْأَبُ أَوْ السُّلْطَانُ؟ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْقَاضِي) اُنْظُرْ إنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ سَفِهَ وَحُجِرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَلِيَهُ الْقَاضِي، فَلَوْ كَانَ الْأَبُ مَوْجُودًا هَلْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ أَوْ إذْنُ الْقَاضِي؟ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَقَوْلُهُ: شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَالْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ هُنَا الْأَبُ، وَإِنْ عَلَا ثُمَّ السُّلْطَانُ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا، وَإِلَّا فَالسُّلْطَانُ فَقَطْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إذْنُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَوَّضَ إلَيْهِ) أَيْ: مِنْ الْقَاضِي بِرّ

(قَوْلُهُ: وَالتَّمْكِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا) كَيْفَ الْوُجُوبُ مَعَ

ــ

[حاشية الشربيني]

غَيْرِ اللَّائِقَةِ دُونَهَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ إلَخْ) هَذَا إنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذَّرَ فَوَلِيُّهُ السُّلْطَانُ فَقَطْ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى وَصِيٍّ فَوَّضَ إلَيْهِ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ وَصِيُّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهُ، وَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ نَائِبَ الْقَاضِي فِي حَيَاتِهِ، فَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ لَكِنْ لَا يَصِحُّ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْقَاضِي، وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ لِانْعِزَالِهِ بِمَوْتِهِ

(قَوْلُهُ: كَثِيرُ الطَّلَاقِ) بِأَنْ طَلَّقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ بِخِلَافِهَا دَفْعَةً فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِهَا مِطْلَاقًا. اهـ. ق ل وم ر، وَقَوْلُهُ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِثْلُهُ مَا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كَمَا فِي م ر وَحَجَرٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي طَلَاقُ مَا ذَكَرَ دَفْعَةً كَأَنْ قَالَ: أَنْتُنَّ طَوَالِقُ، وَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَرَاجِعْهُ ثُمَّ رَأَيْتُ قَوْلَ الشَّارِحِ: بِأَنْ يُزَوَّجَ عَلَى التَّدْرِيجِ إلَخْ الْمُفِيدُ أَنَّ طَلَاقَهُنَّ عَلَى التَّدْرِيجِ. (قَوْلُهُ: عَلَى التَّدْرِيجِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) جَمَعَ م ر وَحَجَرٌ بَيْنَ الْمَقَالَتَيْنِ وَلَمْ يَسْتَوْجِهَا شَيْئًا (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ) ؛ لِأَنَّ التَّحْصِينَ بِهِ أَقْوَى مِنْهُ بِالتَّسَرِّي؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ صِفَةُ كَمَالٍ، وَهِيَ الْإِحْصَانُ. اهـ. م ر وع ش

(قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ إلَخْ) إطْلَاقُهُ يُفِيدُ نَفْيَ الْحَدِّ وَلَوْ مَعَ عِلْمِ الْفَسَادِ يُوَجَّهُ بِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ كَالْإِمَامِ مَالِكٍ يَقُولُ بِصِحَّةِ نِكَاحِ السَّفِيهِ، وَيُثْبِتُ لِوَلِيِّهِ الْخِيَارَ، وَهَذَا مُوجِبٌ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ عَلَى أَنَّ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْخِلَافِ عِنْدَنَا فِي صِحَّةِ نِكَاحِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْبَاطِنِ إلَخْ) ضَعِيفٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: إذْ لَا أَثَرَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مَحَلُّ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُقَوَّمٌ بِالْمَالِ وَلَا أَثَرَ لِإِذْنِهَا فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ السَّفِيهُ لِغَيْرِهِ فِي قَطْعِ يَدِهِ فَقَطَعَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ زَوَّجَ عَبْدًا إلَخْ) أَيْ: غَيْرَ مُكَاتَبٍ وَلَا مُبَعَّضٍ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>