للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاَلَّذِي اغْتَرَّ بِهِ النَّوَوِيُّ إنَّمَا هُوَ نَقْلُ الرَّافِعِيِّ خِلَافَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ تِلْكَ الْجَمَاعَةَ مِمَّنْ يَقُولُ: إنَّ الْكَفَاءَةَ فِي غَيْرِ الْعَرَبِ لَا تُعْتَبَرُ. (وَ) مَا مَنْ تُنْسَبُ (إلَى الْمُطَّلِبِ أَوْ) إلَى (هَاشِمٍ) كُفُؤًا لِغَيْرِ الْمُطَّلِبِيِّ وَالْهَاشِمِيِّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةٍ وَاصْطَفَى بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» مَعَ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ فَأَكْفَاءٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْخَبَرُ، وَمَحَلُّهُ فِي الْحُرَّةِ، فَلَوْ نَكَحَ هَاشِمِيٌّ أَوْ مُطَّلِبِيٌّ أَمَةً فَأَتَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِمَالِكِ أُمِّهَا فَلَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ رَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ

وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ مَوَالِيَهُمْ لَيْسُوا أَكْفَاءً لَهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَوْلُهُ: (تُنْسَبُ) عَامِلٌ فِي الْمَجْرُورَاتِ قَبْلَهُ كَمَا تَقَرَّرَ. (أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي أَيْ: وَمَا. (مَنْ جُنِّبَتْ عَيْبًا بِهِ الْخِيَارُ هَاهُنَا) أَيْ: فِي النِّكَاحِ. (ثَبَتْ) ، وَلَوْ عُنَّةً كُفُؤًا لِلْمُتَّصِفِ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ صُحْبَةَ مَنْ بِهِ ذَلِكَ، وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِمَنْ جَنِيَتْ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ فَيَجْرِي فِيمَنْ اتَّصَفَتْ بِهِ أَيْضًا، سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الْعَيْبَانِ أَمْ اتَّفَقَا تَسَاوَيَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْعَيْبِ فِي بَابِ الْخِيَارِ

. (وَ) مَا مَنْ جَنِيَتْ (حِرْفَةً دَنِيَّةً) ، وَهِيَ مَا دَلَّتْ مُلَابَسَتُهُ عَلَى انْحِطَاطِ الْمُرُوءَةِ كُفُؤًا لِلْمُتَّصِفِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّرُ بِهِ فَلَيْسَ حَجَّامٌ وَكَنَّاسٌ وَقَيِّمُ حَمَامٍ وَحَارِسٌ وَرَاعٍ كُفُؤًا لِبِنْتِ خَيَّاطٍ وَلَا خَيَّاطٌ كُفُؤًا لِبِنْتِ تَاجِرٍ أَوْ بَزَّازٌ، وَلَا هُمَا كُفُؤَيْنِ لِبِنْتِ عَالِمٍ وَقَاضٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَيُرَاعَى فِيهَا عَادَةُ الْبَلَدِ فَإِنَّ الزِّرَاعَةَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْعَكْسِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِحِرْفَةِ أَبِيهِ، وَبِهِ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ فِي الْآبَاءِ وَالِاشْتِهَارُ بِالْفِسْقِ مِمَّا يُعَيَّرُ بِهِ الْوَلَدُ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَالُ مَنْ أَبُوهُ ذُو حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ أَوْ مَشْهُورٌ بِفِسْقٍ مَعَ بِنْتِ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ مَعَ بِنْتِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ قَالَا: وَالْحَقُّ أَنْ يُجْعَلَ النَّظَرُ فِي حَقِّ الْآبَاءِ دِينًا وَسِيرَةً

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كُفُؤُ الْبِنْتِ خَيَّاطٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: كُفُؤًا لِلْمُتَّصِفِ بِهَا، وَقَوْلِهِ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِحِرْفَةِ أَبِيهِ إلَخْ حَيْثُ جَعَلَ الْكَلَامَ فِي حِرْفَةِ نَفْسِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَقُولَ: كُفُؤًا لِغَيْرِ حَجَّامَةٍ إلَخْ أَوْ خَيَّاطَةٍ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَاَلَّذِي اغْتَرَّ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ مَعَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ. (قَوْلُهُ: مَعَ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ إلَخْ) فَيُفِيدُ هَذَا الْخَبَرُ أَنَّ مَنْ نُسِبَ إلَى بَنِي الْمُطَّلِبِ كَمَنْ نُسِبَ إلَى بَنِي هَاشِمٍ فِي أَنَّهُ لَا يُكَافِئُهُ مَنْ نُسِبَ إلَى بَقِيَّةِ الْعَرَبِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ إلَخْ) نَعَمْ الْأَشْرَافُ الْأَحْرَارُ مِنْهُمْ لَا يُكَافِئُهُمْ غَيْرُهُمْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَدْ مَرَّ عَنْ خ ط. (قَوْلُهُ: فَلَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ رَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ) ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا بِالْمِلْكِيَّةِ؛ وَلِذَلِكَ لَوْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ، وَمِثْلُهُ وَلِيُّ السَّيِّدَةِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ مَالِكَةَ الْأُمِّ الْأُنْثَى بِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ. اهـ. ق ل وسم، وَهَذَا بِخِلَافِ تَزْوِيجِ عَفِيفَةٍ رَقِيقَةٍ بِفَاسِقٍ حُرٍّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُزَوِّجُ سَيِّدًا أَوْ حَاكِمًا أَوْ وَلِيًّا لِسَيِّدَتِهَا. اهـ. شَيْخُنَا ذ، وَهُوَ فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَوَجْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّيِّدِ أَنَّ الْحَقَّ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النَّسَبِ لِسَيِّدِهَا لَا لَهَا فَإِذَا أَسْقَطَهُ هُوَ سَقَطَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَالْحَقُّ فِي الْكَفَاءَةِ فِيمَا عَدَا النَّسَبَ لَهَا فَإِذَا أَسْقَطَتْهُ هِيَ سَقَطَ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَعْنَى أَنَّ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ لِسَيِّدِهَا مَعَ أَنَّهَا لَا نَسَبَ لَهَا أَنَّ الَّذِي يُعَيَّرُ بِدَنَاءَةٍ هُوَ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّهَا تَشْرُفُ بِشَرَفِهِ

(قَوْلُهُ: فَلَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ رَقِيقٍ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا نَسَبَ لَهَا. اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: وَلَوْعُنَّةً) مُبَالَغَةٌ عَلَى قَوْلِهِ جَنِيَتْ عَيْبًا بِهِ الْخِيَارُ هَاهُنَا ثَبَتَ فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَثْنَى الْبَغَوِيّ مِنْ الْعُيُوبِ الْعُنَّةَ وَقَالَ: أَنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ فَلَا نَظَرَ إلَيْهَا وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ تُبْنَى عَلَى الظَّاهِرِ، وَلَا نَظَرَ لِلتَّحَقُّقِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا، وَلَوْعُنَّةً) ، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ، وَالْوَلِيُّ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذَا بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ. اهـ. تُحْفَةٌ وَحَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ لَكِنْ فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ لِلْوَلِيِّ حَقًّا فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، وَلَهُ وَجْهٌ فَإِنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ غَرَضًا فِي الْعُنَّةِ الْمَفْقُودَةِ غَالِبًا عِنْدَهُمَا

(قَوْلُهُ: لِبِنْتِ عَالِمٍ) وَلَيْسَ الْجَاهِلُ كُفْءَ عَالِمَةٍ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْآبَاءِ إذَا كَانَ شَرَفًا لِلْأَوْلَادِ فَكَيْفَ بِعِلْمِ أَنْفُسِهِمْ؟ ؛ وَلِأَنَّ الْحِرْفَةَ تُرَاعَى فِي الزَّوْجَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُوَازِي الْعِلْمَ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَشَارِحُ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ. اهـ مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: فَكَيْفَ بِعِلْمِ أَنْفُسِهِمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَالِمَ كُفْءٌ لِبِنْتِ الْعَالِمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُفْتَى بِهِ. اهـ حَاشِيَةُ الْأَنْوَارِ وَحِينَئِذٍ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: إنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ الْجَزْمَ بِأَنَّ الْعَالِمَ ابْنَ الْجَاهِلِ لَيْسَ كُفْئًا لِلْجَاهِلَةِ بِنْتِ الْعَالِمِ وَلَا عَكْسُهُ كَمَا يُصَرِّحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>