للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنِّكَاحِ مَقْبُولٌ فَإِنْ أَنْكَرَتْ

قَالَ الْبَغَوِيّ: حَلَفَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَ نِكَاحِهِ وَقَالَ الْقَفَّالُ: إنْ حَضَرَا وَادَّعَيَا حَلَفَتْ لَهُمَا يَمِينًا وَقَالَ الْإِمَامُ: حَضَرَا أَوْ رَضِيَا بِيَمِينٍ كَفَتْ، وَإِنْ حَلَّفَهَا أَحَدُهُمَا ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهُ، لِتَمَيُّزِ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ وَجْهَانِ وَأَجْرَى هَذَا الْخِلَافَ فِي كُلِّ خَصْمَيْنِ يَدَّعِيَانِ شَيْئًا وَاحِدًا، كَذَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ هُنَا وَجَزَمَا فِي كِتَابِ اللِّعَانِ بِأَنَّهُمَا إذَا ادَّعَيَا عَلَيْهِ مَالًا فَأَنْكَرَهُ يَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَبِهِ يَتَرَجَّحُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ، وَقَدْ صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ النَّاظِمِ. (وَتِلْكَ) أَيْ: الزَّوْجَةُ (إنْ تَحْلِفْ بِأَنِّي أَجْهَلُ سَابِقَ ذَيْنِ) أَيْ: السَّابِقَ مِنْهُمَا تَنْقَطِعُ الْخُصُومَةُ مَعَهَا وَيَبْقَى التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا حَلَفَتْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّبْقِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي جَرَيَانَ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءُ التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفِ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ رَبْطِ الدَّعْوَى بِهَا، وَإِنْ نَكَلَتْ أَوْ تَدَاعَيَا بَعْدَ حَلِفِهَا، وَحَلِفِ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ. (فَالنِّكَاحُ لِلَّذِي يَحْلِفُ) مِنْهُمَا، وَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا لَمْ يَثْبُتْ نِكَاحٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَلْ يَبْطُلُ النِّكَاحَانِ كَمَا لَوْ اعْتَرَفَا بِالْإِشْكَالِ وَاَلَّذِي يَحْلِفُ مِنْهُمَا يَحْلِفُ (بِالْبَتِّ) كَمَا زَادَهُ النَّاظِمُ هُنَا وَفَارَقَ الْمَرْأَةَ حَيْثُ تَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ بِخِلَافِهَا؛ وَلِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَيْهَا بِعِلْمِهَا، وَالْيَمِينَ عَلَى وَفْقِ الدَّعْوَى ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ تَدَاعِيهِمَا وَتَحَالُفِهِمَا هُوَ مَا فِي الْوَجِيزِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ وَقَالَا: مَعَ ذَلِكَ وَقِيلَ: لَا تَحَالُفَ بَيْنَهُمَا وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ لَا تَحَالُفَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا كَمَا حَكَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَرَّحَ تَفْرِيعًا عَلَيْهِ بِبُطْلَانِ النِّكَاحَيْنِ.

(وَأَنْ تُقِرَّ ذِي) أَيْ: الزَّوْجَةُ (لِوَاحِدٍ) مِنْهُمَا بِالسَّبْقِ ثَبَتَ نِكَاحُهَا لَهُ. (فَهِيَ لِغَيْرٍ تُقْسِمُ) أَيْ: تَحْلِفُ لِغَيْرِ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَا غُرْمَ لَهُ عَلَيْهَا، فَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ هُوَ يَمِينَ الرَّدِّ غَرِمَتْ لَهُ مَهْرَ مِثْلِهَا كَمَا قَالَ (وَبِنُكُولِهَا وَرَدٍّ) لِلْيَمِينِ (تَغْرَمُ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: حَلَفَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا) وَلَا يَكْفِي يَمِينُ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ رَضِيَا وَكَذَا لَوْ حَلَّفَهَا الْحَاضِرُ مِنْهُمَا ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ وَكُلُّ خَصْمَيْنِ ادَّعَيَا شَيْئًا وَاحِدًا عُبَابٌ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ النَّظْمِ) أَيْ: مَعْنَى كَلَامِهِ أَنْ يَحْلِفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنِّي أَجْهَلُ إلَخْ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ إلَخْ) جَوَابُ إشْكَالٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهَا نَكَلَتْ أَوْ حَلَفَتْ ثُمَّ تَدَاعَيَا، فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الصُّورَتَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) هُوَ الْأَوْجَهُ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

فَيَصِحُّ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْكَرَتْ) وَإِنْ أَقَرَّتْ لَهُمَا فَكَعَدِمِهِ. اهـ. تُحْفَةٌ أَيْ: لَكِنْ تُؤْمَرُ بِالْحَلِفِ أَوْ الْإِقْرَارِ الْمُعْتَبَرِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: حَلَفَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ إلَخْ) (فَرْعٌ)

لَوْ قَالَتْ لِأَحَدِهِمَا: لَمْ يَسْبِقْ نِكَاحُكَ كَانَ إقْرَارًا مِنْهَا لِلْآخَرِ إنْ اعْتَرَفَتْ قَبْلَهُ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا، وَإِلَّا فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَا مَعًا فَلَا تَكُونُ مُقِرَّةً بِسَبْقِ الْعَقْدِ الْآخَرِ. (فَرْعٌ)

إذَا لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلسَّبْقِ وَلَا لِعِلْمِهَا بِهِ وَادَّعَيَا عَلَيْهَا الزَّوْجِيَّةَ وَفَصَّلَا الْقَدْرَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ لَزِمَهَا الْحَلِفُ الْجَازِمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ تَحْلِفَ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ وَلَا يَكْفِيهَا الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّابِقِ، وَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ إنْ لَمْ تَعْلَمْ سَبْقَهُ، وَعَدَمُ الْعِلْمِ يُجَوِّزُ لَهَا الْحَلِفَ الْجَازِمَ. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ ثُمَّ رَأَيْتُ مَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ إلَخْ) فَإِنْ ادَّعَيَا عَلَى الْوَلِيِّ بِأَنْ كَانَ مُجْبَرًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ حِينَئِذٍ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالنِّكَاحِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: بِسَبْقِ نِكَاحِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عِلْمَهَا بِالسَّبْقِ لِأَحَدِهِمَا فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِلْجَهْلِ بِالْمُدَّعَى كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهَا تُسْمَعُ لِلْحَاجَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ حَلَفَتْ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ بِسَبْقِهِ وَلَا تَارِيخِ الْعَقْدَيْنِ فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ بِسَبْقِهِ تَعَيَّنَ الْحَلِفُ لِلثَّانِي. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَلَهُ وَجْهٌ ظَاهِرٌ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى التَّدَاعِي إلَخْ) الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ وَسَيَأْتِي لَكِنْ جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى خِلَافِهِ حَيْثُ قَالَ: فَالنِّكَاحُ لِلَّذِي يَحْلِفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي إلَّا عِنْدَ بَقَاءِ التَّدَاعِي أَوْ النُّكُولِ، وَالنُّكُولُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا زَادَهُ الشَّارِحُ تَتْمِيمًا لِلْأَحْكَامِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَبْطُلُ) وَقِيلَ يَبْقَى الْإِشْكَالُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ أَيْ: لِلتَّعَارُضِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ وَقَالَا مَعَ ذَلِكَ وَقِيلَ إلَخْ) أَيْ: ضَعَّفَاهُ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر عَنْ وَالِدِهِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) لَعَلَّ مَعْنَاهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ التَّدَاعِي أَوْ بَعْدَ رَبْطِ الدَّعْوَى بِهَا وَحَلِفِهَا أَنِّي أَجْهَلُ سَابِقَ ذَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ يَبْقَى الْإِشْكَالُ قَالَ سم: وَلَعَلَّ بُطْلَانَ النِّكَاحَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلِيٌّ يُجْبِرُ، وَإِلَّا فَلَهُمَا تَحْلِيفُهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ مَقْبُولٌ، وَلَوْ بَعْدَ حَلِفِهَا فَرَاجِعْهُ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا إذَا ادَّعَيَا ابْتِدَاءً عَلَى الْمُجْبِرِ وَحَلَفَ ثُمَّ ادَّعَيَا عَلَيْهَا وَنَكَلَتْ أَوْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: مَهْرَ مِثْلِهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَهُوَ لِلْحَيْلُولَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>