أَنَّهُ إذَا اسْتَخْدَمَهُ سَيِّدُهُ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَالْوَاجِبِ، وَكَذَا حُكْمُ النَّفَقَةِ، غَيْرَ أَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي كَسْبِهِ الْحَاصِلِ بَعْدَ التَّمْكِينِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ بِتَفْوِيضٍ صَحِيحٍ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ إلَّا فِي كَسْبِهِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ الْفَرْضِ الصَّحِيحِ، فَإِنْ قُلْت: قَدْ اعْتَبَرُوا فِي ضَمَانِ الْعَبْدِ كَسْبَهُ الْحَاصِلَ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى وُجُودِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَهُوَ الضَّمَانُ وَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ الْمَضْمُونَ هُنَاكَ ثَابِتٌ حَالَةَ الْإِذْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَهَلْ لِلْعَبْدِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا
. (فَرْعٌ) لَوْ أَذِنَ فِي النِّكَاحِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا أَوْ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ أَنْ لَا يَطَأَهَا قَطُّ، أَوْ أَنْ لَا يَطَأَهَا كُلَّ يَوْمٍ بَطَلَ الشَّرْطُ دُونَ الْإِذْنِ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ (كَالْأَبِ) إذَا زَوَّجَ فَرْعَهُ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ. (بِالْعَقْدِ) لِمَا مَرَّ. (وَمَا يَزِيدُ) هـ الْعَبْدُ. (مِنْ مَهْرٍ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي فِيهِ أَذِنْ) لَهُ سَيِّدُهُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ بِرِضَى مُسْتَحِقِّهِ لَا فِي كَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ لَهُ فِيهِ. (وَ) مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمَهْرِ (فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ) بِأَنْ نَكَحَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ نِكَاحًا فَاسِدًا (وَ) قَدْ. (وَطَيًّا) أَيْ: وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا.
(فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ) لَا فِي كَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ لِمَا مَرَّ، فَلَوْ نَكَحَ بِغَيْرِ إذْنِ مُسْتَحِقِّ الْمَهْرِ أَيْضًا بِأَنْ نَكَحَ أَمَةً بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا وَوَطِئَهَا فَطَرِيقَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ كَمَا لَوْ أَكْرَهَ أَمَةً أَوْ حُرَّةً عَلَى الزِّنَا وَثَانِيهِمَا: قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا عَلَى مَا قَدْ يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا يُمْكِنُهَا إسْقَاطُهُ فِي الْجُمْلَةِ بِرَضَاعٍ أَوْ رِدَّةٍ وَرَجَّحَ فِي النِّهَايَةِ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ وَجَرَى عَلَيْهَا فِي الْأَنْوَارِ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ، الْقِيَاسُ تَعَلُّقُهُ بِالْكَسْبِ كَمَا لَوْ نَكَحَ بِالْإِذْنِ نِكَاحًا صَحِيحًا بِمُسَمًّى فَاسِدٍ وَكَالْكَسْبِ فِيمَا قَالَهُ مَالُ التِّجَارَةِ، ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ فِيمَا قَالَهُ النَّاظِمُ آخِرًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَحَلُّهُ فِي كَبِيرَةٍ عَاقِلَةٍ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مُخْتَارَةً، فَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً طِفْلَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مُكْرَهَةً، فَالْوَجْهُ التَّعَلُّقُ بِرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ مَحْضَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً وَسَلَّمَهَا سَيِّدُهَا فَمَوْضِعُ تَأَمُّلٍ انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا، وَلَوْ مُكَلَّفَةً، فَالْأَوْجَهُ تَعَلُّقُهُ بِرَقَبَتِهِ
(وَحَدٌّ نُفِيَا) أَيْ:، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لِلشُّبْهَةِ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ بَابِهِ. (وَإِنْ يَقُلْ لِعَبْدِهِ) الْمُتَزَوِّجِ. (سَافِرْ مَعِي أَوْ أَمَةٍ) أَيْ: أَوْ يَقُلْ لِأَمَةٍ لَهُ (زَوَّجَهَا) سَافِرِي مَعِي. (لَمْ يُمْنَعْ) فِيهِمَا، وَإِنْ مُنِعَ الْعَبْدُ فِي الْأُولَى وَزَوْجُ الْأَمَةِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الرَّقَبَةَ فَيُقَدَّمُ حَقُّهُ وَلِلْعَبْدِ اسْتِصْحَابُ زَوْجَتِهِ وَالْكِرَاءُ فِي كَسْبِهِ وَلِزَوْجِ الْأَمَةِ أَنْ يُسَافِرَ مَعَهَا لِيَتَمَتَّعَ بِهَا وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّانِيَةِ الْأَمَةَ الْمُكْتَرَاةَ وَالْمَرْهُونَةَ وَالْمُكَاتَبَةَ كِتَابَةً صَحِيحَةً، فَإِنَّ السَّفَرَ بِهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَى الْمُكْتَرِي وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُكَاتَبَةِ قَالَ
ــ
[حاشية العبادي]
بَعْدَ مُوجِبِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إذَا اسْتَخْدَمَهُ سَيِّدُهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: هُنَا ثُمَّ الْمُرَادُ بِالِاسْتِخْدَامِ اسْتِخْدَامُهُ نَهَارًا فَإِنَّ حَقَّهُ فِي اسْتِمْتَاعِهِ لَيْلًا لَا بَدَلَ لَهُ فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا ضَمِنَ زَمَانَ نَهَارِهِ دُونَ لَيْلِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْوَاجِبُ) أَيْ: مِنْ نَفَقَتِهَا مَعَ الْمَهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَهَلْ لِلْعَبْدِ) شَامِلٌ لِلْمَأْذُونِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) قَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهَا تَصْرِيحًا وَلَا تَعْرِيضًا. (قَوْلُهُ: فِي الْأَنْوَارِ) وَكَذَا فِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَكَالْكَسْبِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: نَعَمْ إنْ عَيَّنَ لَهُ الْمَهْرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْكَسْبِ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْعَيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ التَّعَلُّقُ بِرَقَبَتِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ سَلَّمَ الصَّغِيرَةَ وَالْمَجْنُونَةَ وَلِيُّهُمَا بِخِلَافِ تَسْلِيمِ السَّيِّدِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَلَّفَةً) وَالْحَالُ أَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا بِإِذْنِهِ، وَإِلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةُ الطَّرِيقَيْنِ السَّابِقَةِ بِرّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ يَقُلْ لِعَبْدِهِ سَافِرْ مَعِي) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلِسَيِّدِهِ إذَا تَحَمَّلَ عَنْهُ مَا مَرَّ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ مَنْعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: مَا مَرَّ أَيْ: الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَيَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ أَصْلًا وَرِبْحًا مُطْلَقًا وَبِكَسْبِهِ الْحَاصِلِ بِغَيْرِ التِّجَارَةِ بَعْدَ الْإِذْنِ، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ الْفَرْضِ) أَيْ: أَوْ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ) ظَاهِرٌ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ فِي الْإِجَارَةِ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ: نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لَكِنْ يَوْمٌ بِيَوْمٍ. اهـ. ح ل أَيْ: وَلَا يُؤَجِّرُهَا مُدَّةً طَوِيلَةً فَرُبَّمَا احْتَاجَ السَّيِّدُ لِخِدْمَتِهِ قَالَ ق ل: وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَيُمْنَعُ السَّيِّدُ عَنْهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَنْ مَعَهُ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ مَا يُوفِي بِمَا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَيْهِ سم وَرَأَيْتُ بِخَطِّ سِبْطِ طب اعْتِمَادَ الْجَوَازِ مُطْلَقًا لَكِنْ نَقَلَ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ عَنْ م ر أَنَّ الْعَبْدَ يَلْزَمُهُ مُوَافَقَةُ السَّيِّدِ إنْ تَحَمَّلَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ، وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ أَدَّاهُمَا فَلَوْ جَوَّزْنَا لَهُ الْإِجَارَةَ مُدَّةً طَوِيلَةً فَإِنَّ غَرَضَ السَّيِّدِ إنْ تَحَمَّلَ أَوْ أَدَّى، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إيجَارُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُسْتَأْجِرِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَهَلْ لِلْعَبْدِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى بَيْعِ الْمُسْتَأْجِرِ إنْ جَوَّزْنَاهُ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا لِئَلَّا يُمْنَعُ الْبَيْعُ عَلَى السَّيِّدِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَالْوَجْهَانِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَأَمَّا إذَا الْتَزَمَ عَمَلًا فِي الذِّمَّةِ فَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِإِذْنِهِ) أَيْ: فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُمْنَعْ) أَيْ: إنْ تَكَفَّلَ السَّيِّدُ بِالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ أَوْ كَانَ كَسُوبًا لَا يَمْنَعُهُ السَّفَرُ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ مَعَهُ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ مَا يَكْفِيهِ أَصْلًا وَرِبْحًا لِذَلِكَ رَاجِعْ