للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ فَارَقَ الْمُفَوِّضَةَ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْوَطْءِ فَلَا عَوْدَ بِشَيْءٍ (وَإِنْ أَبٌ) وَإِنْ عَلَا (دَفَعْ) مِنْ مَالِهِ الْمَهْرَ (عَنْ طِفْلِهِ) الَّذِي زَوَّجَهُ ثُمَّ بَلَغَ وَفَارَقَ قَبْلَ الْوَطْءِ فَإِنَّ نِصْفَهُ يَعُودُ إلَى الزَّوْجِ لَا إلَى الدَّافِعِ، سَوَاءٌ أَمْهَرَهَا عَنْهُ عَيْنًا أَمْ دَيْنًا بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَهُ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ عَنْ الِابْنِ الْبَالِغِ أَبُوهُ فَإِنَّ النِّصْفَ إنَّمَا يَعُودُ إلَى الدَّافِعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَبَ يَتَمَلَّكُ لِطِفْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ، فَدَفْعُهُ عَنْهُ تَمْلِيكٌ لَهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْأَبُ مَعَ ابْنِهِ الْبَالِغِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَى الْمَدْفُوعِ عَنْهُ الدَّفْعُ عَنْهُ مُجَرَّدُ إسْقَاطٍ، فَتَعْبِيرُ النَّاظِمِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَإِنْ أَدَّى غَيْرُهُ الشَّامِلُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلِلْأَبِ مَعَ غَيْرِ الطِّفْلِ لَكِنْ مَا فَصَّلَهُ النَّاظِمُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَمَا فِي الْحَاوِي هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ، كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الَّذِي أَوْرَدَهُ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ، فَلَا يَغْتَرُّ بِتَصْحِيحِ غَيْرِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا فَصَّلَهُ الشَّيْخَانِ وَفِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِوَفَاءِ الثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ مَثَلًا، فَقِيلَ: يَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ؛ لِأَنَّهُ الدَّافِعُ وَقِيلَ: عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا رُدَّ الْمَبِيعُ رُدَّ مَا يُقَابِلُهُ إلَيْهِ وَبِهَذَا قَطَعَ الْجُرْجَانِيُّ وَكَالطِّفْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ.

(وَالْحَمْلُ) الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْإِصْدَاقِ (ذُو الْفَصْلِ) عِنْدَ الْفِرَاقِ (تَبَعْ) لِأُمِّهِ فِي الْعَوْدِ، فَلَوْ أَصْدَقَهَا أَمَةً، أَوْ بَهِيمَةً حَامِلًا، ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ بَعْدَ انْفِصَالِ الْوَلَدِ عَادَ بِنِصْفِ الْوَلَدِ تَبَعًا لِنِصْفِ أُمِّهِ، كَمَا قَبْلَ انْفِصَالِهِ، الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى (قُلْتُ) هَذَا (إنْ اخْتَارَتْ) أَيْ: الزَّوْجَةُ عَوْدَ نِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ فِي مِلْكِهَا بِانْفِصَالِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَخْتَرْهُ (يَعُدْ) أَيْ: الزَّوْجُ (بِالنِّصْفِ مِنْ قِيمَةِ يَوْمِ الْمَوْلِدِ) أَيْ: قِيمَتُهُ يَوْمَ وِلَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ وَمَحَلُّ عَوْدِهِ حِينَئِذٍ بِنِصْفِ الْأَمَةِ إذَا مَيَّزَ الْوَلَدَ، وَإِلَّا عَادَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا أَيْضًا لِئَلَّا يَقَعَ فِي التَّفْرِيقِ الْمُحَرَّمِ، فَإِنْ طَرَأَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عِنْدَ الْفُرْقَةِ فَكُلُّهُ لِلزَّوْجَةِ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهَا، وَعَادَ الزَّوْجُ بِنِصْفِ أَمَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ فَيَمْتَنِعُ الْعَوْدُ لِلتَّفْرِيقِ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا عِنْدَهَا فَهُوَ زِيَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَنُقْصَانٌ مِنْ وَجْهٍ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (كَأَرْشِ مَا جَنَى عَلَى مَا أَمْهَرَهْ غَيْرٌ) هُوَ فَاعِلُ جَنَى أَيْ:، كَمَا يَعُودُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَهُ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ، أَوْ دَفَعَهُ الْأَجْنَبِيُّ عَنْ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ وَلَوْ كَامِلًا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا إلَخْ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْمَذْكُورَ هُنَا لَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي فِي مَسَائِلِ السَّيِّدِ الْمُصَدِّقِ عَنْ عَبْدِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ فِي مَعْنَى وَلِيِّ الطِّفْلِ وَأَوْلَى، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ؛ لِأَنَّ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ تَمْلِيكَهُ بِخِلَافِ السَّيِّدِ عَلَى الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: إذْ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عِوَضَ الْبَيْعِ إلَّا مَنْ يَمْلِكُ مُعَوَّضَهُ، فَاحْتِيجَ لِتَقْدِيرِ الْمِلْكِ فِيهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ إذْ قَدْ يَمْلِكُ الْعِوَضَ فِيهِ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْمُعَوَّضَ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِسَبَبِهَا. (قَوْلُهُ: يَعُودُ إلَى الزَّوْجِ) إلَّا إنْ قَصَدَ الْأَبُ إقْرَاضَهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَعُودُ إلَى الدَّافِعِ) لِأَنَّ دَفْعَهُ كَانَ تَبَرُّعًا مُسْقِطًا لِلدَّيْنِ لَا تَمْلِيكًا بِخِلَافِ دَفْعِ الْأَبِ عَنْ مُوَلِّيهِ. اهـ. ع ش فَعَلِمَ أَنَّهُ يَعُودُ لَهُ وَلَوْ قَصَدَ التَّبَرُّعَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْحَوَاشِي عَلَى الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ فِي تَعْلِيلِ الْعَوْدِ إلَى الدَّافِعِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الْإِسْقَاطُ لَا التَّمْلِيكُ وَمِلْكُ الْمَدْفُوعِ لَهُ إنَّمَا قُدِّرَ لِضَرُورَةِ الْإِيفَاءِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ تَبَرَّعَ إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا زي أَنَّ دَفْعَ الثَّمَنِ كَدَفْعِ الصَّدَاقِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ دَفْعِ الْأَبِ عَنْ مُوَلِّيهِ وَبَيْنَ دَفْعِ غَيْرِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا م ر: يَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: إنَّ الْأَخِيرَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَّلَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ بِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ.

(قَوْلُهُ: كَأَرْشِ مَا جَنَى إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: صُوَرُ كُلٍّ مِنْ التَّعَيُّبِ وَالتَّلَفِ سِتَّةَ عَشَرَ بِآفَةٍ، أَوْ فِعْلِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ قَبْضٍ، أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَفِي التَّعَيُّبِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ يَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ كُلًّا، أَوْ شَطْرًا فِي خَمْسٍ وَهِيَ إذَا كَانَ بِآفَةٍ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَوْ بِفِعْلِهَا أَوْ بِفِعْلٍ أَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَلَا يَسْتَحِقُّ فِي ثَلَاثٍ وَهِيَ إذَا كَانَ بِآفَةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بِفِعْلِهِ مُطْلَقًا بَلْ عَلَيْهِ نِصْفُ الْأَرْشِ إنْ وَجَبَ التَّشْطِيرُ، وَفِي التَّعَيُّبِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ يَسْتَحِقُّهُ كَذَلِكَ فِي ثَلَاثٍ، وَهِيَ إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَوْ فِعْلِ أَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقَنَعِ بِهِ نَاقِصًا وَأَخْذِ الْبَدَلِ سَلِيمًا فِي ثَلَاثٍ، وَهِيَ إذَا كَانَ بِآفَةٍ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ بِفِعْلِهَا مُطْلَقًا وَيَأْخُذُهُ نَاقِضًا بِلَا خِيَارٍ فِي اثْنَيْنِ وَهُمَا إذَا كَانَ بِآفَةٍ أَوْ فِعْلِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِيهِمَا وَقَدْ رَضِيَتْ بِهِ، وَإِلَّا فَالنَّظَرُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي التَّلَفِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ يَسْتَحِقُّ الْبَدَلَ، أَوْ نِصْفَهُ فِي خَمْسٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ فِي ثَلَاثٍ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْبَدَلِ إنْ وَجَبَ التَّشْطِيرَ عَلَى نَسَقِ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّعْيِيبِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، أَمَّا التَّلَفُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ فَيَسْتَحِقُّ فِيهِ الْبَدَلَ كُلًّا أَوْ شَطْرًا فِي سِتِّ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ بِآفَةٍ، أَوْ فِعْلِ الزَّوْجِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِيهِمَا أَوْ فِعْلِهَا، أَوْ فِعْلِ أَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا فِيهِمَا وَيَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي صُورَتَيْنِ، وَهُمَا إذَا كَانَ بِآفَةٍ أَوْ بِفِعْلِهِ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>