(بَلْ مَهْرُهَا الدَّيْنُ، كَمَا مَرَّ لَغَا) أَيْ: سَقَطَ، كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ وَفِي حُكْمِهِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ بِالسَّهْوِ نَظَرٌ؛ لِوُضُوحِ الْمُرَادِ مِنْهُ وَإِنْ تَسَمَّحُوا فِيهِ فِي ضِمْنِ مَا لَا تَسَمُّحَ فِيهِ؛ رَوْمًا لِلِاخْتِصَارِ نَعَمْ لَوْ عَبَّرَ بِالتَّسَمُّحِ، أَوْ نَحْوِهِ كَانَ أَوْلَى.
(فَرْعٌ) .
لَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَنَظِيرُ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ وَصَحَّحَهُ الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْمَهْرِ جَانِبُهَا وَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ خِلَافَهُ وَنَظَرَهُ بِالْخُلْعِ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ فِي كُلِّ الْوَاجِبِ، أَوْ نِصْفِهِ بِالْفُرْقَةِ (إذَا بَقِيَ) بِعَيْنِهِ وَإِنْ تَغَيَّرَ وَصْفُهُ (كَجِلْدِ مَيِّتٍ دُبِغَا وَخَمْرَةٍ تَخَلَّلَتْ) فِي يَدِ الزَّوْجَةِ (فِي) نِكَاحِ (اثْنَيْنِ) مِنْ الْكُفَّارِ (قَدْ أَسْلَمَا، أَوْ مُتَرَافِعَيْنِ) إلَيْنَا فِي حَالِ الْكُفْرِ بَعْدَ الدَّبْغِ وَالتَّخَلُّلِ، وَقَدْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْوَطْءِ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِالْكُلِّ، أَوْ النِّصْفِ بِخِلَافِ وُقُوعِ ذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَصِحُّ بَلْ يَلْزَمُهَا رَدُّهُ وَيَثْبُتُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِهِ، أَوْ بِنِصْفِهِ أَمَّا إذَا دُبِغَ الْجِلْدُ، أَوْ تَخَلَّلَتْ الْخَمْرَةُ فِي يَدِ الزَّوْجِ، فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْهُمَا بَلْ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ هُوَ بِهِ، أَوْ بِنِصْفِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ مَهْرًا وَلَا عِبْرَةَ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ قَبْضٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، أَوْ التَّرَافُعِ.
وَقَوْلُهُ: أَوْ مُتَرَافِعَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ) كَانَ بَقَاؤُهُ فِي يَدِهَا (بِعَوْدِهِ) إلَيْهَا قَبْلَ الْفُرْقَةِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهَا عَنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ، أَوْ بِنِصْفِهِ، كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي هِبَتِهِ مِنْ فَرْعِهِ؛ لِاخْتِصَاصِ الرُّجُوعِ فِيهَا بِالْعَيْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَكَانَ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْبَدَلِ (وَ) كَذَا (لَوْ، أَوْصَتْ بِفَكْ) رَقَبَةِ الصَّدَاقِ إذَا كَانَ رَقِيقًا إذْ الْإِيصَاءُ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ، كَمَا سَيَأْتِي (وَ) كَذَا لَوْ (أَحْرَمَ) الزَّوْجُ (الصَّائِدُ) حَالَةَ الْفُرْقَةِ وَكَانَ الصَّدَاقُ صَيْدًا وَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِهِ إذْ لَا يُقْصَدُ بِهَا التَّمَلُّكُ بَلْ الْفِرَاقُ، وَالرُّجُوعُ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَيْهِ قَهْرًا، فَكَانَ كَالْإِرْثِ (وَالْكُلَّ تَرَكْ) أَيْ: وَكُلَّ الصَّيْدِ أَرْسَلَهُ الزَّوْجُ الْمُحْرِمُ وُجُوبًا إنْ رَجَعَ إلَيْهِ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ إمْسَاكِ الصَّيْدِ وَإِنْ رَجَعَ إلَيْهِ نِصْفُهُ لَمْ يَجُزْ إرْسَالُهُ لِحَقِّ الزَّوْجَةِ فِيهِ وَإِرْسَالُ مِلْكِهِ مُفَوِّتٌ لِمِلْكِهَا فَامْتُنِعَ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ، أَوْ بِنِصْفِهِ بِالْفُرْقَةِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ قَبْلَهَا زِيَادَةٌ، أَوْ نَقْصٌ وَإِلَّا، فَلَا بُدَّ مِنْ الرِّضَى.
وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهِ فَقَالَ (بِالِاتِّفَاقِ) أَيْ إنَّمَا
ــ
[حاشية العبادي]
يُبْقِ لَهُ عَلَقَةً، أَوْ دَيْنًا لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ رُجُوعُ أَحَدٍ فِيمَا فِي ذِمَّةِ نَفْسِهِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ قَصْرَ الشَّارِحِ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الدَّيْنِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِرُجُوعِهِ فِي الْأَخِيرَةِ فِيمَا إذَا كَانَ دَيْنًا إلَى أَنْ قَالَ: وَقَدْ اعْتَرَضَ النَّاظِمُ إلَخْ الَّذِي مِنْهُ تَقْيِيدُ الْمَهْرِ فِي قَوْلِهِ: أَيَرْجِعُ الْمَهْرُ بِقَوْلِهِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ.
وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَسَمَّحُوا فِيهِ فِي ضِمْنِ مَا لَا تَسَمُّحَ فِيهِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي فَإِنْ قِيلَ يُؤَيِّدُ مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: بَلْ مَهَرَهَا الدَّيْنَ إلَخْ قُلْنَا: هَذَا لَا يَقْتَضِي قَصْرَ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الدَّيْنِ سم. (قَوْلُهُ: بَلْ مَهَرَهَا الدَّيْنَ) هَلَّا اسْتَمَرَّ، فَإِنَّ السَّيِّدَ يُثْبِتُ لَهُ الدَّيْنَ عَلَى مِلْكِهِ إذَا تَقَدَّمَ الثُّبُوتُ الْمِلْكَ
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَهْرَ أَثْبَتُ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وُجُوبًا وَأَقْوَى لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ مَا لَمْ يَنْفِ فِيهِ بِشَرْطِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا) وَفَارَقَ الْخُلْعَ بِأَنَّ الزَّوْجَ هُنَاكَ هُوَ الْمُتَسَلِّطُ عَلَى الْفُرْقَةِ بِخِلَافِ رِدَّتِهِمَا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ خِلَافَهُ) وَعَلَى هَذَا فَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لَهَا حِينَئِذٍ مُتْعَةٌ؛ لِأَنَّهَا لِلْإِيحَاشِ وَلَا إيحَاشَ مَعَ نِسْبَةِ الْفِرَاقِ إلَيْهِمَا وَالشَّطْرُ هُنَا لِعَدَمِ إتْلَافِهَا الْمُعَوَّضِ، وَهُوَ بِرِدَّتِهَا مَعَهُ لَمْ تُتْلِفْهُ.
كَذَا حَجَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ، وَفِي كَوْنِ الشَّطْرِ لِعَدَمِ إتْلَافِ الْمُعَوَّضِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: كَجِلْدِ مَيْتٍ دُبِغَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: لَا إنْ تَلِفَ الْجِلْدُ فِي يَدِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَبَعْدَ الدَّبْغِ فَلَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ الْجِلْدَ مُتَقَوِّمٌ وَلَا قِيمَةَ لَهُ وَقْتَ الْإِصْدَاقَ وَالْقَبْضِ بِخِلَافِ الْخَلِّ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ. اهـ. فَانْظُرْ قَوْلَهُ: بِخِلَافِ الْخَلِّ إلَخْ فَإِنَّهُ كَانَ خَمْرًا عِنْدَ الْإِصْدَاقِ، وَالْقَبْضِ، وَالْخَمْرِ لَا اعْتِدَادَ بِهِ شَرْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ أَصَدَقَهَا عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ تَخَلَّلَ، ثُمَّ أَسْلَمَا وَجَبَ قِيمَةُ الْعَصِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهَ الْقِيمَةِ مَعَ أَنَّ الْعَصِيرَ مِثْلِيٌّ وَبَيَّنَ النَّظَرَ فِي شَرْحِهِ بِشَيْءٍ آخَرَ غَيْرَ هَذَا. .
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْإِسْلَامِ، أَوْ التَّرَافُعِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الدَّبْغِ وَالتَّخَمُّرِ فِي يَدِ الزَّوْجِ لَوْ قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالتَّرَافُعِ كَانَ، كَمَا لَوْ حَصَلَا فِي يَدِهَا. (قَوْلُهُ: حَالَّةً) مُتَعَلِّقٌ بِأَحْرَمَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ إرْسَالُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: وَلَكِنْ يَرْفَعُ يَدَهُ عَنْهُ وَلَيْسَ فِي الْعِبَارَةِ إفْصَاحٌ بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَوَائِدِهِ، وَهُنَا لَمْ تَمْلِكْ عَبْدًا ثَابِتًا لَهُ النِّكَاحُ لِارْتِفَاعِهِ بِالْمِلْكِ فَرَجَعَ الْمَهْرُ لِلدَّافِعِ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ:، كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ) الْمُعْتَمَدُ فِي الْفَلَسِ أَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فَيَنْتَقِلُ الْغَرِيمُ فِي الْفَلَسِ مَعَ الْعَوْدِ إلَى الثَّمَنِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ غَالِبًا مِنْ الْقِيمَةِ رِعَايَةً لِلْمُفْلِسِ وَهُنَا لَوْ انْتَقَلَ الزَّوْجُ انْتَقَلَ إلَى الْبَدَلِ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ لِمُسَاوَاةِ الْبَدَلِ لِلْعَيْنِ غَالِبًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ الرُّجُوعِ فِيهَا بِالْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ يَنْقَطِعُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْوَلَاءِ عَنْهَا وَحَقُّ الزَّوْجِ لَا يَنْقَطِعُ بِدَلِيلِ رُجُوعِهِ إلَى الْبَدَلِ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا) اعْلَمْ أَنَّ خِيَارَهَا فِي الْمُتَّصِلَةِ ثَابِتٌ عِنْدَ وُجُوبِ الشَّطْرِ وَكَذَا عِنْدَ وُجُوبِ الْكُلِّ إلَّا بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ فَلَهُ كُلُّ الْمَهْرِ قَهْرًا بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ وَإِذَا عَادَ