يَرْجِعُ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الرُّجُوعِ (فِي نَخِيلٍ ذِي ثَمَرْ) بِأَنْ جُعِلَتْ صَدَاقًا ثُمَّ أَثْمَرَتْ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ فَارَقَهَا الزَّوْجُ وَلَوْ قَبْلَ التَّأْبِيرِ، فَلَوْ أَرَادَتْ رُجُوعَهُ بِالنَّخِيلِ، أَوْ بِنِصْفِهَا مَعَ إبْقَاءِ الثَّمَرِ إلَى الْجُذَاذِ لَمْ يُجْبَرْ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِيهَا خَالِيَةً وَلَيْسَ لَهَا تَكْلِيفُهُ التَّأْخِيرَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ، أَوْ الْقِيمَةَ فِي الْحَالِ، فَلَا يُؤَخِّرُ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا قَطْعَ الثَّمَرِ لِحُدُوثِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهَا، فَلَهَا تَبْقِيَتُهُ إلَى الْجُذَاذِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَقُولَ: ارْجِعْ وَاسْقِ لِانْتِفَاعِ مِلْكِهَا بِالسَّقْيِ وَلَا أَنْ تَقُولَ: ارْجِعْ وَلَا تَسْقِ لِتَضَرُّرِ مِلْكِهِ بِالتَّرْكِ وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الرُّجُوعَ وَالْتَزَمَ السَّقْيَ لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ؛ وَلِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ قَدْ يَأْبَى دُخُولَ الْآخَرِ لِلسَّقْيِ وَلَوْ رَضِيَ بِالرُّجُوعِ وَإِبْقَاءِ الثَّمَرِ إلَى الْجُذَاذِ، أَوْ رَضِيَتْ بِهِ مَعَ قَطْعِ الثَّمَرِ وَلَمْ يَمْتَدَّ زَمَنُ الْقَطْعِ، وَلَمْ تَنْقُصْ النَّخِيلُ بِانْكِسَارِ سَعَفٍ وَأَغْصَانٍ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْآخَرُ وَهُوَ وَجْهٌ قَوِيٌّ فِي الْأُولَى صَحَّحَهُ جَمَاعَاتٌ وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِيهَا وَجَزَمَا بِهِ فِي الثَّانِيَةِ إجْبَارُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ أُؤَخِّرُ الرُّجُوعَ إلَى الْجُذَاذِ لَمْ تُجْبَرْ هِيَ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهَا، فَلَوْ قَالَ ارْجِعْ وَيَكُونُ نَصِيبِي وَدِيعَةً عِنْدَكَ، وَقَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ ضَمَانِهِ لَمْ تُجْبَرْ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِ الْإِبْرَاءِ مِنْ ضَمَانِ الْعَيْنِ مَعَ بَقَائِهَا، كَمَا لَوْ أَبْرَأ الْغَاصِبَ مَعَ بَقَاءِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِهِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى تَأْخِيرِ الرُّجُوعِ إلَى الْجُذَاذِ، ثُمَّ بَدَا لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ عَنْهُ، فَلَهُ ذَلِكَ.
(وَ) فِي (أَمَةٍ تُرْضِعُ فَرْعًا) بِأَنْ جُعِلَتْ صَدَاقًا وَلَوْ فِي حَالَةِ الْحَمْلِ ثُمَّ وَلَدَتْ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ وَلَدًا مَمْلُوكًا، ثُمَّ فَارَقَهَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِالْكُلِّ، أَوْ بِالنِّصْفِ بِاتِّفَاقِهِمَا لِئَلَّا يَخْتَلَّ أَمْرُ الْوَلَدِ سَوَاءٌ الْتَزَمَ الْإِرْضَاعَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَقَالَ الْبَارِزِيُّ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي
ــ
[حاشية العبادي]
مَا فِي الْإِرْثِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ السَّابِقُ فَكَانَ كَالْإِرْثِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ التَّأْبِيرِ) هَذَا سَهْوٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ لَا يَتَوَقَّفُ الرُّجُوعُ فِيهَا عَلَى اتِّفَاقِهِمَا، بَلْ لَوْ سَمَحَتْ الْمَرْأَةُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ وَسَائِرِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. بُرُلُّسِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبَرْ) وَلَوْ سَمَحَتْ لَهُ بِنِصْفِ الثَّمَرَةِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا نَخِيلًا بِلَا طَلْعٍ فَأَطْلَعَتْ عِنْدَهَا، ثُمَّ سَمَحَتْ بِنِصْفِ الطَّلْعِ مَعَ نِصْفِ الشَّجَرِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، وَظُهُورُ النَّوْرِ كَظُهُورِ الطَّلْعِ، وَانْعِقَادُ الثَّمَرِ مَعَ تَنَاثُرِ النَّوْرِ كَالتَّأْبِيرِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) إنْ صَوَّرَ بِالْإِبْقَاءِ إلَى الْجِذَاذِ أَشْكَلُ لِمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ هَذِهِ بِالْتِزَامِ السَّقْيِ لَا تَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، أَوْ بِدُونِهِ أَغْنَى عَنْهُ وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا إلَخْ فَلْتُحَرِّرْ صُورَةَ هَذِهِ مَعَ صُورَةِ مَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ) لَكِنْ لَهُ مُوَافَقَتُهُ فَيَمْلِكُ الزَّوْجُ إنْ وَفَّى، كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَتَرْكِ سَقْيٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ) وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُوَافِقْ الطَّالِبَ. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِيهَا إجْبَارُهُ) أَيْ: إذَا قَبَضَ النِّصْفَ شَائِعًا بِحَيْثُ بَرِئَتْ مِنْ ضَمَانِهِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا إجْبَارَ لِضَرَرِ الضَّمَانِ. .
(قَوْلُهُ: إجْبَارُهُ) أَيْ: الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ: ارْجِعْ) أَيْ: وَلَا أَقْبِضُهُ الْآنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِيَتَأَتَّى تَعْلِيلُ عَدَمِ الْإِجْبَارِ بِالْبِنَاءِ عَلَى بُطْلَانِ الْإِبْرَاءِ مِنْ ضَمَانِ الْعَيْنِ إذْ لَوْ قَالَ: ارْجِعْ وَاقْبِضْ النِّصْفَ أَيْ: بِقَبْضِ الْجَمِيعِ، ثُمَّ اجْعَلْهُ وَدِيعَةً عِنْدَك لَمْ يَتَأَتَّ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ؛ إذْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا لَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فَلَا حَاجَةَ بِهَا إلَى الْإِبْرَاءِ وَلَا إلَى الْبِنَاءِ عَلَى بُطْلَانِ الْإِبْرَاءِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي إجْبَارُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ ثُمَّ رَأَيْت مَنْ صَرَّحَ بِهِ سم
(قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ: صَاحِبُ
[حاشية الشربيني]
إلَيْهِ كُلُّ الصَّدَاقِ نَظَرَ فَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ قَارَنَ الْعَقْدَ كَعَيْبِ أَحَدِهِمَا فَيَتَّصِلُ مِنْ الزِّيَادَةِ مَعَهُ كَسَمْنٍ وَصَنْعَةٍ يَرْجِعُ الْمَهْرُ إلَى الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ كَفَسْخِ الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ وَبَحَثَ شَيْخُنَا أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ قَبْلَ الزِّيَادَةِ كَالْمُقَارِنِ فَتَسَلَّطَ الزَّوْجُ عَلَى الْفَسْخِ قَبْلَهَا وَلَا يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي التَّشْطِيرِ بَلْ يُسَلِّمُ الزَّائِدُ لَهَا مُطْلَقًا أَيْ فِي سَائِرِ صُوَرِ التَّشْطِيرِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِالْمُقَارِنِ يُوجِبُ الْكُلَّ لَا الشَّطْرَ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: فِي نَخِيلٍ ذِي ثَمَرٍ) أَيْ مَعَ إبْقَاءِ الثَّمَرِ لَهَا، كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ أَرَادَتْ إلَخْ أَمَّا لَوْ أَرَادَتْ تَرْكَ الثَّمَرِ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ لَهُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ سَهَا هُنَا الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فَحَكَمَ عَلَى الشَّارِحِ بِالسَّهْوِ فَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ أَطْلَقَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاتِّفَاقِ فَيَشْمَلُ جَمِيعَ الصُّوَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute